فيما الأنظار تتجه الى الكويت: انهيارات كبيرة للريال اليمني أمام العملات الأجنبة والمركزي يعجز عن السيطرة مميز

  • الاشتراكي نت/ خاص -فؤاد الربادي

السبت, 02 نيسان/أبريل 2016 19:23
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في الوقت الذي تتوالى فيه التحضيرات لعقد جولة مفاوضات سلام جديدة بشأن اليمن, المزمع عقدها في ال18 من إبريل الجاري في الكويت, تتضاءل فرص نجاة المواطن اليمني وتتراكم الأزمات عليه من كل حدب وصوب يوما تلو الآخر منذ سيطرة قوى الانقلاب بقوة السلاح على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 وما استتبع ذلك من تدخل عسكري من قبل ما عرف بالتحالف العربي الذي تقوده المملكة السعودية.

تغول السلاح والمليشيا في كافة مفاصل مؤسسات الدولة وفي تفاصيل الحياة العامة والخاصة للناس تترتب عليه أولاَ هجرة دبلوماسية لبعثات وقنصليات الدول, وتاليا عزلة دولية ومن ثم حضر جوي وبري وبحري, وأخيرا  الحرب العبثية التي تدور رحاها منذ أزيد من عام على رأس اليمن واليمنيين.

صحيح أن اليمنيين أظهروا قدرا كبيرا على الصبر والتكيف مع  الأزمات, إلا أن هذا التكيف فاق حدوده, وتضاعفت ضريبة تكيفهم أضعاف مضاعفة, في الوقت الذي أثرت هذه الحرب وأزماتها أكياس مفتعليها وهم الآن في صدد البحث عن تسويات تحفظ لهم ما اكتسبوه من حربهم وتضمن لهم في ذات الوقت اقتسام كعكة ما بعد الحرب, دون مبالاة بما اضحت عليه حياة الناس وكيف أصبحت معيشتهم بالغة القساوة الى الحد الذي لا يطاق.

 لم تبالي مليشيا الانقلاب أو المواطنين, على حد سواء, بازدهار السوق السوداء التي راجت واستفحلت ولا تعطل حركة التجارة وهروب رؤوس الأموال المحلية إلى خارج اليمن, أوتزايد عدد العاطلين عن العمل في الفئة العمرية بين 30 و64 التي وصلت الى  اكثر من 64%,  أو مشاكل النزوح الداخلي واللجوء الخارجي وتحديد نحو الصومال, أو انعدام الدواء الذي تعانيه عموم مستشفيات اليمن, في بلد يعيش فيه قرابة 60% من سكانه تحت خط الفقر و50% منهم لا يحصلون على الغذاء الكافي.

فبعد مرور عام  على الحرب, في بلد تعصف به منذ سنوات اضطرابات سياسية واقتصادية ونزاعات اهلية لم تلفح معها تقارير وتحذيرات خبراء ومؤسسات دولية حول العالم من الكارثة الاقتصادية والإنسانية التي طالت اليمن ومنها على سبل المثال لا الحصر أسعار صرف العملة.

إذ شهدت أسعار صرف العملة اليمنية (لريال) انهيارات كبيرة أمام العملات الأجنبة, وسط عجز للبنك المركزي عن السيطرة على سوق الصرف ”سعر الصرف” رغم قيامه بخفض قيمة العملة المحلية.

ووفقا للمعلومات, فأن البنك المركزي اليمني  ما يزال حتى اليوم عاجزا على  السيطرة على سوق الصرف، إذ تتسع الفجوة بين السعر الرسمي للريال أمام الدولار وبين نظيره في السوق السوداء, فيما يقول مصرفيون، إن المركزي توسع في استخدام العصا بحق المخالفين، دون الالتفات لإجراءات حقيقية تُنهي الأزمة, بعيدا عن الحلول الأمنية التي تراها المليشيا.

ففي شهري مارس وفبراير الماضي نفذ مسلحون يتبعون جماعة الحوثي ، حملات مداهمة لمحال الصرافة في العاصمة صنعاء، وتم اعتقال عشرات الصرافين, لإجبار محال الصرافة على التعامل بسعر محدد للدولار عند 214.78 ريالاً للشراء و214.91 للبيع للدولار الواحد، فيما يقول مصرفيون إن القيمة الحقيقية للعملة حاليا تقترب من 290 ريالا للدولار.

وفيما أعلنت البنوك التجارية في العاصمة صنعاء التزامها بالسعر الرسمي الجديد الذي أقره البنك المركزي وقيامها بصرف الحوالات الواردة بالدولار أو بالعملة المرسلة، لا يزال الصرافون يتعاملون بسعر السوق السوداء.

وخفض البنك المركزي اليمني، منتصف مارس الماضي، قيمة العملة المحلية بحدود 8.6% دفعة واحدة، فأصبح الدولار الواحد يساوي نحو 250 ريالا يمنيا، مقابل 214 ريالا قبل القرار، ضمن مساعي المصرف لوضع حد لتهاوي الريال المستمر وتقليص المضاربة على العملات الصعبة في ظل شحّ مواردها.

ويقول مصرفيون، إن خفض قيمة العملة من شأنه أن يشجع اليمنيين في الخارج على زيادة قيمة تحويلاتهم من العملة الصعبة، فضلا عن تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز موقف الصادرات التي تعطلت بفعل الحرب، وكلها خطوات من الممكن أن تصب في صالح ميزان المدفوعات وبالتالي دعم احتياطي النقد الأجنبي للدولة.

لكن خفض العملة رسميا خيّب آمال المسؤولين في السيطرة على سوق الصرف، إذ استمرت السوق السوداء على نشاطها، وسجل الدولار فيها نحو 275 ريالا يمنيا في المتوسط خلال الأسبوع الماضي.

وجاء قرار المركزي بعد اجتماع طارئ مع مسؤولي البنوك الخاصة وشركات الصرافة، حيث اعتمد المصرف سعرا رسميا جديدا، وعرض الإفراج عن الصرافين المعتقلين مقابل التزامهم بالسعر الرسمي الجديد.

كما أقر المركزي اليمني، إلغاء القرار السابق الذي أصدره بداية الحرب بشأن تسليم الحوالات الواردة بالعملة المحلية، ونص قرار البنك على إلزام البنوك وشركات الصرافة بتسليم الحوالات الواردة من الخارج بعملة التحويل، دون إرغام المستفيد على استلامها بالعملة المحلية كما كان معمولا به في السابق.

وعد اقتصاديون  قرار المركزي اليمني بخفض سعر الريال أمام الدولار الأميركي بمثابة  عجز عن السيطرة على سوق الصرف وخضوعه لإرادة تجار السوق السوداء.

وكان البنك المركزي, وفقا لنشرات اقتصادية صادرة عن البنك,  يضخ نحو 40 مليون دولار أسبوعيا للبنوك المحلية التي تقوم بضخها في السوق، لكنه أصبح عاجزا عن تزويد السوق بالدولار منذ أغسطس الماضي.

وفيما استمر المركزي اليمني بتدخلاته لدعم سعر صرف العملة المحلية عبر مد السوق المحلية باحتياجاتها من العملات الأجنبية, اعتبر اقتصاديون, هذه التدخلات بمثابة تعــويما .

إذ أن البنك المركزي طبقا لخبراء في الإقتصاد, لم يقم بخطوات حقيقية وفاعلة لمواجهة الاختلالات القائمة بالإضافة إلى ضعف دوره الرقابي على المتغيرات في السوق المحلي، بل إن إجراءات البنك المركزي انعكست بصورة سلبية على الوضع القائم وفاقمت اضطرابات سوق الصرافة, في ظل الأزمة الحادة في البلاد؛ التي أدت بشكل أو بآخر، إلى نضوب الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية؛ تضاءلت تدريجيا قدرات البنك المركزي اليمني في مد السوق باحتياجاته من العملات الأجنبية حتى وصلت حد التوقف؛ فتلاشت قدرته بالتحكم والسيطرة في السوق النقدي اليمني, بالتوزي مع التزم البنك بتوفير العملة الصعبة لتلبية طلبات استيراد السلع الأساسية والاستراتيجية (أغذية أدوية مواد خام تصنيع)، ولم يقم بالإجراءات العملية المناسبة للوفاء بما التزم به.

وتشهد السوق اليمنية مضاربة شديدة على النقد الأجنبي في ظل انخفاض المعروض النقدي بسبب الركود الاقتصادي وتوقف الاستثمارات فضلا عن عجز البنك المركزي عن التدخل في سوق الصرف واعتماده على آليات لم تُجد في تحقيق الاستقرار النقدي.

ويطرح عددا من خبراء الاقتصاد  جملة مقترحات متاحة أمام البنك المركزي اليمني من شأنها السيطرة على سوق الصرف وإيقاف او الحد من تهاوي الريال اليمني  منها طرح شهادات إيداع بمليار دولار أميركي – على أقل تقدير- بعائد مجز نسبيا، توجه للمغتربين اليمنيين، وهذا الطرح يكون متدرجا خلال العام 2016، ويجب أن ترافقه برامج دعائية وتعريفية مناسبة يتم تنفيذها في أوساط الجاليات اليمنية بالخارج، حسب تعبيره.

ومن ضمن المقترحات، التوجه بطلب قرض طويل الأجل بمبلغ مليار دولار أميركي؛ من المؤسسات النقدية العالمية، لاسيما منها مؤسسة البنك الدولي.

كما ينبغي تخفيف السياسة النقدية المتشددة التي ينتهجها البنك المركزي اليمني منذ التسعينيات؛ لاسيما الإجراءات ذات العلاقة بودائع البنوك بالعملات الأجنبية، وذلك من خلال تخفيض نسبة الاحتياطي القانوني على العملات الأجنبية إلى مستوى ودائع الريال، فضلا عن تحديد الحد الأدنى لسعر الفائدة (معدل العائد) لصالح ودائع العملات الأجنبية بما لا يقل عن 10%.

قراءة 2603 مرات

من أحدث

المزيد في هذه الفئة : « الحوثيون يعلنون ذهابهم لمحادثات السلام في الكويت بدون شروط مسبقة تعز..استمرار القصف العشوائي على الاحياء السكنية ومعارك متواصلة في الجبهات »

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى