أبو اصبع يؤكد ان كلفة السلام أقل كثيراً من كلفة الحرب شريطة أن تكون المصلحة الوطنية العليا هي أداة قياس مميز

  • الاشتراكي نت / خاص

الجمعة, 14 تشرين1/أكتوير 2022 17:47
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أكد الاستاذ يحيى منصور ابو اصبع، رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، ان كلفة إيقاف الحرب والذهاب إلى السلام أقل بما لا يقاس من كلفة استمرار نزيف الدم والمغامرة بمستقبل الوطن، شريطة أن تكون المصلحة الوطنية العليا هي أداة قياس الربح والخسارة، وليس مصلحة هذا الطرف أو ذاك من أطراف الحرب، موضحا ان والسلام الذي ننشده هو ذلك الذي يتحقق بشروط الوطن وليس بشروط المنتصر في حرب داخلية.

جاء ذلك في كلمته التي القاها يوم امس الخميس في الحفل الفني والخطابي الذي اقامته منظمة الشهيد جار الله عمر والقطاع الطلابي للحزب الاشتراكي اليمني بصنعاء، احتفاءً بأعياد الثورات اليمنية (26 سبتمبر - 14 اكتوبر - 30 نوفمبر) والذكرى الـ 44 لتأسيس الحزب الاشتراكي اليمني.

وقال:دعوني من هذه القاعة أن أخاطب كل أطراف الحرب بالحقائق التالية:

- إن المراهنة على القوة والسلاح لا يمكن أن تمنح أحدا منكم القدرة على الاستمرار، وتاريخنا القريب جدا مليء بالعبر والدروس. وكل استقواء بالسلاح ضد بعضنا البعض لا يدل على شيء مثلما يدل على الإفلاس وعلى البدائية والتهافت.

- إن نشوة الانتصار بالسلاح هنا أو هناك سرعان ما ترتد وصمة عار وجرحا نازفا. وأرشيفنا الوطني عامر بالأمثلة. وتاريخ الشعوب يعيد تقييم الأحداث ويعرف كيف ينصف وكيف يدين. وحتى قطاع الطرق يعرفون جيدا أن ما أخذوه بالسلاح يفتقر إلى أدنى مستويات المشروعية.

وإنني، أيها الإخوة والأخوات، لا أقول هذا من فراغ، وإنما لأننا كنا حزبا حاكما، ونعرف جيدا أعباء السلطة ومخاطر الشمولية وارتدادات الزهو بالقوة. وعلينا أن نكاشف أنفسنا وأن نكاشف المتباهين بأوهام السلاح، لعلَّ وعسى أن يفهموا، بأن السلطة التي لا يتم تحويلها إلى إدارة تتحول إلى مراكز قوى وتنقسم على نفسها عاجلا أو آجلا، والعاقل من اتعظ ويتعظ بغيره.

وأوضح رئيس اللجنة المركزية أن مصلحتنا جميعا، على اختلاف توجهاتنا ومشاربنا، تبدأ من تجاوز الماضي، وليس من إحيائه والتمترس به وتسويقه على أنه الهوية والحضارة والتراث. ولقد علمنا التاريخ وتجارب الأمم والشعوب أن ما ينتصر للحياة يجب أن يكون من روح العصر.إننا شعب في القرن الواحد والعشرين، نعاصر شعوبا كثيرة، ونعرف جيدا أن الطريق إلى العزة والكرامة والإباء يبدأ من احترام حقوق الإنسان وضمان الحريات المدنية لكل الناس. فالوطن الحر لا وجود له إلا حيث يوجد المواطن الحر، والوطن القوي لا يوجد إلا حيث يوجد المواطن القوي وليس حيث يوجد الحاكم القوي ولا حتى حيث يوجد الجيش القوي. فقوة المواطن قوة للوطن، وكل انتقاص من حقوق المواطن هو انتقاص من الوطن.

وأضاف: إن هذه المناسبات لا تأتي لكي نمدح الماضي، أو نشتم المختلفين معنا؛ وإنما تأتي لاستشراف لتقييم الحاضر واستشراف المستقبل والبحث عن القواسم المشتركة التي تجمعنا. إنها مناسبات للتعلم واستنهاض قيم التضحية من أجل الأهداف النبيلة.موضحاً أن استذكار أشياء من الماضي قد يكون ضروريا حين نأخذ منه مثالا على كيفية عبور التشرذم والتشظي. أما حين يكون لنبش الأحقاد فهذا يعني أن الماضي لم يمضِ، وأن النفوس المريضة لا تستطيع أن تتعافى من غبائها.فكل الشعوب التي جعلت الماضي أمامها وإمامها ظلت ومازالت تسافر في غبار التاريخ. ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين، ورياح العصر ستهب علينا، شئنا أم أبينا، وما لم يكن ولاؤنا لحقيقة العصر وروحه، فإن نصيبنا لن يكون الفشل فقط وإنما لعنات الأجيال.

وتابع: علينا جميعا تنقية معجمنا السياسي اليومي من مفردات الكراهية. فكل كلمة في السياسة يجب أن تكون من أجل الوطن أولاً. وكل طريق إلى الوطن يبدأ من احترام المواطن وحقوق المواطن وكرامة المواطن وحاضر المواطن ومستقبل المواطن.وصفحات التاريخ تشهد أن الأوطان لا يبنيها إلا الحب والتسامح والتفاهم وليس القطيعة والضغينة والوعد والوعيد. وإن المناكفات والمهاترات وتوصيف البعض للبعض لا يقدم ولا يؤخر في الأمر شيئا، وإنما يكشٍف عن ضغينة وعمى واستمرارٍ للعداء. وإن الذهنية الثأرية لا يمكن أن تبني وطنا ولا يمكن أن تستشرف مستقبلا، لأنها مشغولة بتصفية حسابات مع الماضي عالقة بوحل الأحقاد.

وأكد أنالشراكة السياسية-وليس غيرها-هي الخيار الوحيد للخروج من دورات العنف وبناء دولة تتسع للجميع وتبني قيم المواطنة وترسخ التواصل والتكامل بدلا من التربص والاستعداء والاستعلاء.وإن الاعتراف بالآخر وتقبل الاختلاف مدخل رئيس لتجاوز كل ما يشدنا إلى الماضي ويجعلنا مجتمعا من الحمقى يتصارع أفراده وجماعاته على خرافات ودعاوى ينخرها الزيف والتدليس.ومن لا يستطيع أن يقدم التنازل لشركائه في الوطن لا ولن يستطيع أن يبني وطنا ولا أن يكون مستقبليا.

وقال: ومما يؤسف له أننا على امتداد سنوات الصراع الراهن لم نلحظ بين المتصارعين طرفا واحدا يحاول أن ينتصر لقيم المواطنة؛ فالجميع يمارسون الإملاءات ويتجاهلون حقيقة مأساة الإنسان اليمني جراء الحرب، والجميع يكشف عن خيال سياسي عقيم وغرائزية فاضحة، والجميع يريدون أن يفاوضوا بحقوق الشعب ليحسنوا شروط بقائهم.

وأضاف: أن حالة الانسداد التي يعاني منها العمل السياسي دالة على أن أطراف الصراع إما أنهم مرتهنون لا يملكون قراراتهم، وإما أنهم يفتقرون للحد الأدنى من الشعور بالمسئولية، وغارقون بالأنانية، ومتمرسون على التدليس. وإني هنا لن أسمي أحدا، ولن أذكر وقائع بعينها، فليس هناك ما يُنسى لنذكِّر به. ومما يزيد الطين بلة هو الخطابات الطافحة بالعنصرية والعنصرية المضادة، وبالطائفية والطائفية المضادة، وبالمناطقية والمناطقية المضادة، وكلها ممارسات تجسد منطق الاستعلاء والاستقواء ومعها يتلاشى كل أمل في أن يصحو ضمير المتسلطين.

وتابع:إننا في هذه الظروف الصعبة لا نبحث بين المتصارعين عن طرف أقوى وإنما عن طرف أفضل، وكم نتمنى أن تتسابق كل الأطراف على الأفضلية وليس على القوة. فالأفضل هو المؤهل سياسيا وأخلاقيا لإنصاف غيره من نفسه، والأفضل هو من يبحث عن الانتصارات الكبيرة في السياسة وليس في الحرب.

وقال: إننا في الحزب الاشتراكي اليمني لا نراهن على شيء مثل رهاننا على دولة لكل اليمنيين، ولا نعترف بوطنية تستثني أحدا في الوطن، كما لا نعترف بأي شعارات ترفع باسم الوطن وهي تقتل يمنيين.لقد تعبنا-أيها الإخوة والأخوات-من بيانات الإدانة وبيانات الشجب والندب، وتصريحات متابعة الأحداث بقلق وأسف. ولن نتحدث هذه المرة عن مسميات سلطوية، ولن نناشد أحدا أن يتحمل مسئولياته، فمن يشعر بالمسئولية لا يحتاج إلى مناشدة.ولن أسمي أحدا سوى الشعب اليمني، فالشعب وحده من يعاني من المأساة، وهو وحده من يقع عليه الرهان.

وخاطب الشعب اليمني قائلاً:يا شعبنا اليمني، وحدك تعرف جلاَّديك، وتعرف كيف لا تستمر تحت القهر، ووحدك تعرف كيف تضيف إلى 26 سبتمبر و14 أكتوبر مثلهما وأكثر، ووحدك تعرف كيف تصنع 11 فبراير أخرى غير قابلة للسطو والمصادرة، ووحدك تعرف كيف تعيد توحيد الهدف ومواجهة كل أشكال التحايل على اليمن الكبير.

وقال: لقد سئمنا-أيها الإخوة والأخوات-من الدعوة تلو الدعوة إلى ضرورة مراجعة الأخطاء وتصويب المسار وتوحيد الهدف وتنقية الوعي الجمعي من المزايدات والمكايدات. سئمنا من العنتريات التي تستنزف الدم اليمني. سئمنا من الخطب الرنانة والشعارات والمهرجانات. ولم يعد من سبيل نتطلع إليه سوى ثورة الشعب.فالثورة-أيها الإخوة والأخوات-آتية لا ريب فيها؛ ومهما كانت كلفتها فستكون أقل بكثير من هذا القتل اليومي لمعنى المواطن والوطن.الثورة قادمة نكاد نراها تتخلق ضد الحرب والمتحاربين الذين يتحولون إلى إمبراطوريات مالية، بينما الشعب يتضور جوعا ولا يكاد يجد قيمة أقراص الصداع وقيمة حليب الأطفال. ولا يضن المتكالبون على الوطن أن الشعب اليمني سيتمرس على ظلمهم وقهرهم وسيعتاد الذٌّل والهوان. فالشعب أعظم بطشاً يوم غضبته وأدهى من دواهيهِ.

 

قراءة 553 مرات

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة