طباعة

القبيلة، السلاح، الحوار الوطني

الجمعة, 06 أيلول/سبتمبر 2013 15:43
قيم الموضوع
(0 أصوات)

القبيلة، السلاح، الحوار الوطني 

بقلم/ ثابت المرامي

 

من خلال قراءة المشهد السياسي والأوضاع التي نعيشها في اليمن وما توصلت إليه المبادرة الخليجية في تشكيل الهيكل السياسي متمثله في حكومة الوفاق لقيادة المرحلة الإنتقالية وما ترتب عليها من اتفاقيات  وتغيرات في المراكز السياسية.. وبإجماع محلي ودولي بتكوين لجنة حوار وطني من جميع فئات المجتمع كمؤسسات سياسية ومدنية وقبلية وثورية للخروج بالوطن إلى بر الأمان وتحقيق دولة ديمقراطية أساسها العدل والمساواة وتكافؤ الفرص و.و.و.الخ.. وأن تكون سيادة القانون هي العليا . ومناقشة قضايا وعوائق المرحلة الحالية والمراحل القادمة .ووضع الخطوط الرئيسية لمستقبل اليمن الجديد ...

ولكن غاب عن الوعي وعن طاولة الحوار موضوع مهم له دور كبير وفعال جداً فيما جري وما سيجري في الأيام القادمة هو مشكلة (القبيلة والسلاح)

القبيلة هنا ليست الموقف السلبي ممن ينحدر من القبائل. ولكن تعني الفكر القبلي الذي يعزز الشيخ والتعصب للقبيلة كقوة صلبة لها تأثير صلب في الواقع يوازي قوة الدولة.. وزاد من قوة نفوذها مشكلة إنتشار السلاح بجميع فئاته.. ومراكز القوى القبلية هذه وما تمتلكه من عتاد حربي وشرعية مستمدة من الواقع ومن أفراد القبيلة التى أعطته هذه الشرعيه وما تمتلكه ايضاً من تحكم سلطوي في الدولة وخارجها.. لم تتحمل أدنى مسؤلية سياسية أو معنوية أو مالية أمام قبائلهم وأمام القانون وأمام الوطن ورغم إتفاق البنى الإجتماعية والثقافية بشكل عام وملفت في اليمن على أن هذة القوى التقليدية (المشائخ) هي سبب رئيسي في هذة الأحداث وما ترتب عليها من فساد وتفكك مالي وإداري ورغم وضوح هذة المشكلة بلسان حال الواقع والتأثير الكبير لها في البلاد وما لها من أهميه عضمى لا تقل أهميه من هيكلة القوات المسلحة ومشكلة القضية الجنوبية وقضايا أخرى كثيرة ..

ورغم حجم هذه القوى التقليدية وما يترتب عليها من تبعات الأمن والاستقرار وبناء الدولة.. ألا أنه لم يتم الإعتراف بهذه المشكلة أو طرحها كعائق أساسي وتاريخي أمام لجنة الحوار الوطني ولم يتم الإعتراف بأنها قوى فعلية مؤثرة ومسيرة للبلاد ولم يتم تعرية هذا النظام التقليدي أمام الرأي العام بصراحة وشفافيه..

 والسؤال هنا. لماذا لا تناقش بشكل صريح وواضح هذه المشكلة ومدى تأثيرها في تعزيز الظواهر السياسية الإجتماعية القبلية التي صعدت في جميع جوانب الواقع اليمني سياسة ودولة وحيـــــــــــاة ؟؟

الإجابه هي أن هناك تغييب متعمد ومقصود لمناقشة هذا العائق الذي يعاني منه الوطن منذ القدم، أضف إلى ذلك الحضور القوي لهذه القوى التقليدية في المشهد السياسي في الماضي أو الحالي والسيطرة عليه ..الآمر الذي يجعلنا نرجع إلى التاريخ والنظر في أسباب هذه العله أو المشكله وما فعلته هذه القوى التقليدية منذ عقود مضت في تفسخ مجتمع الثقافة والعلم وفي التغلغل في تكوين الدولة والأنساق السياسية كصناع قرار في هذا البلد..

هذا النظام التقليدي وحضوره الطاغي ودورة في تشكيل البنى الإجتماعية والسياسية في اليمن ترتب علية تراكم ثقافي قبلي يدعم ويحلل شرعيته .. أضف الى ذلك ما عمله النظام السياسي السابق في الحفاظ علية وإستمد أسباب بقاءه منه.. حتى أصبحت هذه القوى التقليدية هي أصل التركيبة الإجتماعية بل أن نظام الحكم السابق الذي كان يدعي الديمقراطية إعتمد في جوهرة على هذه القوى وقيمها ثم كرسها ورسخها حتى أصبحت أساس الدولة.. وفي الثورة وضحت الأمور أكثر في كشف تجذر هذه الثقافة التقليدية في الذهنية اليمنية وترسخها في أنساق التفكير الإجتماعية والسياسية حين عبرت كثير من الممارسات والخطابات بتنوعها عن ذلك..فإذا كانت الثورة نفسها هي ثورة قوى تقليدية أو يفترض بها أن تكون كذلك . الأمر الذي يؤكد أن للنظام التقليدي خصائص وسمات تتجلى في السلوك الإجتماعي والسياسي أو الثوري إن صح التعبير . والذي تحول إلى ممارسات سلطوية من خلال الهيكلة التي إنتهت إليها الأحداث والساحات . بل أن هذه المرحلة بدت مدى قوة هذه الأنساق التقليدية وصلابتها في مقاومة التغيير ..

من هنا ومن خلال التاريخ والمشاهدة في الواقع السياسي الحالي يتجلى لنا أن نعرف بشكل واضح ملامح الفترة القادمة.. وكل من يهون من عظمة هذه القوى وتأثيرها في الماضي والمستقبل وعدم الإعتراف بها كمشكلة رئيسية لها المقام الأول في صدارة المشاكل اليمنية فهو من قبيل ذر الرماد في العيون أو من قبيل رأي شخصي أو حزبي بقاءه من بقاء تلك الأنساق التقليدية ..

وعليــــه وبالرغم من إيماني الشديد والقاطع بأنه لن تكون دولة بالمعنى الحقيقي التي توصلت إليه البشرية كنظام حكم إلا إذا إستبعدت هذه المنظومة التقليدية وخلخلتها أينما تجسدت سواء في الدولة أو القبيلة أو في الواقع.. وهذا كأعلى مستوى لإقامة دولة . أوتحميلهم مسئولية أساسية ورسمية أمام كل لأمور التي تجري في الوطن. وهذا كأدنى مستوى لإقامة دولة..

وأنه إذا لم يضع المتحاورون بما فيهم الدولة هذه المشكلة نصب أعينهم بل هدفهم الأساسي لتصحيح الوضع في اليمن فمن المستحيل الضارب في فضاء الخيال أن تنتهي الأوضاع إلى ما نريد .. وإنه إذا استمرت هذه القوى في الواقع اليمني دون تغيير . فالتاريخ سوف يعيد نفسه وستؤول الأوضاع في الفترة القادمة أسوأ مما ألت إليه في الواقع ..

وسيكون التاريخ والمستقبل هو هذه القوى التقليدية .....

 
 

 

قراءة 2911 مرات آخر تعديل على السبت, 28 أيلول/سبتمبر 2013 17:47