طباعة

اصطلاح الأطراف المتصارعة:خطأ في القراءة.. ام حسابات صغيرة؟

الخميس, 29 أيلول/سبتمبر 2016 17:49 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

الإهداء: إلى صديق العمر الجميل عبدالباري طاهر (من المختلف يولد أجمل مؤتلف) هكذا علمتنا خبرة الحياة في تعدديتها وتنوعها.

(1)

المقاومة الصادقة قالت كلمتها، قالت كل الصدق فيما تريد قوله من ارادة الدفاع عن النفس، ومن ارادة التحرر من العفن السائد،&المركز السياسي العصبوي التاريخي&  في صورة تحالف ثنائي الحرب الحوثية/ الصالحية..، صدحت المقاومة الشعبية  بما في حنجرتها من نشيد إنشاد وطني نبيل، وكتبت بيقين الشعب بحريته، وحقه في الكرامة، والسيادة، والمساواة، ان ثمن الحرية يدفعه دائماً من يطلبها، ثمن يُدفع في حينه مقدماً، ثمن لا يؤجل، كما لا يوهب، والاهم انه ثمن لا يساوم عليه، تحت أي شعار سواء جاء باسم السلام، او ايقاف الحرب بين الاطراف المتصارعة، ثمن يجب أن يدفعه من يتصدر المشهد السياسي ويقبل أن يكون في صدارة القيادة، سواء كفرد، أو كحزب، حتى لا يقبل على نفسه أن يتحول إلى وسيط أو مصلح ، أو حكم بين الطرفين (الشرعية/ والأنقلاب) وكأنه غير معني بما يدور ويقف فوق مستوى الصراع السياسي، خارج التاريخ السياسي والوطني.

وفي تصوري أو تقديري الذاتي، وقد لا أكون موفقاً، أن تعبير أو اصطلاح الأطراف المتصارعة، هو نتيجة للفراغ السياسي الذي تركته المكونات السياسية، يأتي بمثابة تعبير عن استجابة سالبة لتحديات الفاشية الدينية، مدعية الحق الإلهي، بعد أن سدت الافاق السياسية، واغلقت المجال السياسي على ذاتها، وملئت الفضاء السياسي بالقمع، ومصادرة الحريات، وبالحرب كوسيلة ، وغاية ، صارت معه موازنة الأطراف المتصارعة، وطرفي الحرب، هما الوسيلة الوحيدة الممكنة والمتاحة للتعبير عن الرأي، تجسيد لمعادلة الحالة الاستبدادية الاستثنائية في التاريخ اليمني المعاصر.

بدأ معها وكأن الاستبداد الديني / الطائفي، قد تمكن -في شروط الحالة اليمنية الاستثنائية(الفارقة)- من تحويل الاستعارة إلى شبه حقيقة، وإلى واقع في المخيال السياسي، وفي الكتابة السياسية اليومية، ولذلك هو يسعى للاستيلاء على الذاكرة، والخيال، بعد أن استولى بقوة التغلب، والشوكة، على الدولة والسلطة, والثروة، وجعل من الحرب عنوان مركزي تعبير عن فشل إدارته السياسية، وتراجع السياسة بصورة عامة لصالح خيار الحرب. فلا شيء يكلل الواقع بالغموض سوى شدة وضوحه، والحالة السياسية الاستثنائية اليمنية اليومية تقول ذلك بوضوح.

  وفي تقديري الشخصي - وقد اكون مخطئاً - ان ما يسطره الناس اليوم في كل مواقع المقاومة الشعبية، هي استكمال لما بدأته ثورة 26 سبتمبر 1962م،التي نحتفل هذه الأيام بذكراها الرابعة والخمسين،  ومواصلة لمشوار ثورة 14 اكتوبر 1963م، والحراك الجنوبي السلمي 2007م، وثورة الشباب والشعب العظيمة في فبراير 2011م.  هي سيرورة في ذات الاتجاه السياسي، التاريخي، في محاولة دؤوبة لاستكمال صياغة جديدة لمعنى الدولة، ولمعنى الوطن، وهي كذلك صياغة جديدة للمعاني المضافة، لمضمون الوطنية اليمنية المعاصرة، في تجلياتها الابداعية الشعبية، الديمقراطية، والاجتماعية، والوطنية) وهو ما لا يدركه البعض جيداً إما بسبب انشغالهم في افتعال معارك ذاتية وهميه، وصناعة أمجاد شخصية صغيره، أو بسبب افقهم السياسي الحركي )التكتيكي( الذي لا يرى أبعد من انف مصالحه المباشرة، والسبب كما اتصور عائد - إضافة لما سبق - الى ضعف او قصور في الرؤية التاريخية لديهم،حول مفهوم وواقع الصراع الجاري، في عمقه التاريخي. أو الى مفهومهم السياسي الآني للتاريخ، بعد ليّ عنق التاريخ لصالح مجريات الشأن السياسي العابر. ومن هنا خطورة مثل هذا التفكير على الواقع الراهن، وانعكاساته السلبية على المستقبل.

(2)

   قالت المقاومة، قصيدتها الشعبية الخالدة، مكذبة زيف أسطورة مقولة: الاطراف المتصارعة، وطرفي أو اطراف الحرب، والطرف الثالث، والطرف المستقل، والطرف المحايد، وهي الشعارات الفارغة من المعنى، والتي لم تجد لها سنداً في اوساط الشعب، وفي قلب الكتابة الحية المعبِّرة عما يجري. كما لم تجد ولن تجد لها مُعيناً لصدقيتها، أو مصداقيتها في الواقع، وفي الفعل السياسي المقاوم الجاري. كما أن قواميس اللغة العربية الثرية بالمترادفات، والمعاني العديدة للكلمة والمفردة الواحدة، بلاغةً، ونحواً، وصرفاً عجزت عن جعلها قابلة للصرف، وبقيت ممنوعة من الصرف، وما يزال البعض يكابر في التحدث عن "الأطراف المتصارعة" ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة والخمسين لثورة سبتمبر، مع أن ما يحصل هو ثورة مضادة على ثورة 26 سبتمبر 62، وثورة 14 أكتوبر 1963م وارتداد عن منجزات مخرجات الحوار الوطني الشامل، ومن هنا استنكارنا ورفضنا لشعار ومفهوم طرفي الحرب والأطراف المتصارعة، التي يحاول البعض تقديمها كخيار سياسي لهم في توصيف وتحليل وشرح ما يجري من خلال،  جعل هذا الشعار مغلقاً على ذاته، أي دون تفكيك وتحديد لمعنى ومضمون هذا الكلام أو الشعار، في جملة عربية، مفيدة، تقول الواقع في تفاصيله الصغيرة، والكبيرة، كما هي دون مواربة، ولا مداورة، ولا تقية، ولا مخاتلة، ولا تدليس.

   هل كنا بحاجة إلى كل ذلك القدر من الدم، والمقاومة، والتضحيات؟!هل كنا بحاجة إلى أن نصل لنرى كل هذا الفساد والاستبداد الثيوقراطي ، والافقار العام لكل الشعب "وتدمير الطبقة الوسطى لنصدق؟ وإلى كل ذلك الصدق الممهور بقوة ارادة الشعب في مقاومة التخلف، والاستبداد، والفساد، والتوريث، والعنصرية المقيتة، والجهل المسلح؟! على طريق محاولتهم استعادة دولة سلطنة المركز المقدس، لنقتنع ونصدق أن ليس هناك طرفي أو اطراف حرب، أو اطراف متصارعة، دون تحديد لماهية ولمضمون هذه الاطراف المتصارعة في الواقع، من هي؟! من تمثِّل سياسياً، واجتماعياً في اتجاهها التاريخي العام كمشروع؟! ما هو تاريخها السياسي، والوطني! ماهي ارتباطاتها الاقليمية ، وتحالفاتها الدولية؟! ما علاقتها بالمشروع السياسي الوطني القومي العربي؟!  واين تقف من المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية، ومن مخرجات الحوار الوطني الشامل؟، ومن قرارات الشرعية الدولية، وآخرها القرار (2216)،؟! ومن هو الطرف الذي انقلب على العملية السياسية، وعلى الحوار؟ ومن هي هذه الاطراف المتصارعة حسب تعبير البعض؟! أسئلة حائرة في عقل البعض والمطلوب الاجابة عنها، حتى يتضح معنى ومفهوم الاطراف المتصارعة أمام القارئ، أو المشتغل بالشأن العام، اما ترك الامور على الغارب هكذا، فتلك ليست مساهمة في قراءة الواقع، ولا هي دفاع عن 26 سبتمبر 62م وثورة14 أكتوبر 1963م وثورة الشباب المنسية، كما أن مثل هذا الخطاب لا يساعد في تقديم حل، بل دخول في التدليس، والمراوغة، والالتفاف على حقائق الواقع العملية، وتلكم هي مشكلة العقل التجريبي، والميكانيكي،والنفعي، وفي رواية أخرى مشكلة العقل المصالحي الصغير، في خطأ قراءته ، وفي حساباته الذاتيه الصغيره في متابعة  وتتبع أموره الشخصية، ومصالحه وأهوائه الذاتية، التي لا صلة لها بالسياسة الواقعية، ولا بحقائق مصالح الناس، والشعب.

   اننا هنا لا ننكر على من يقول بشعار او مصطلح "الاطراف المتصارعة، أو طرفي أو اطراف الحرب" أن يقول ما يريد وما يشاء وفقاً لمنظوره في قراءة وتقييم، ما يجري، بل ومن حقه حتى كتابة الشعر غير العذري، في تدعيم وتأكيد صدقية هذا المفهوم أو المصطلح أو ذاك، ولكن من حقنا عليه كقراء ومشتغلين بالفكر، والسياسة، ان يقولو لنا في جملة عربية، مفيدة بعيداً عن الانشاء اللفظي الفارغ من المعنى، وفقاً لرؤيتهم، من هي هذه الاطراف المتصارعة؟ ولا اعتقد أن الامر صعب الى هذه الدرجة في تحديد هوية ومضمون الطرفين من منهما يمثل طرف الشرعية الدستورية والتوافقية التي جرى الانقلاب عليها، الذي تتجاهله بعض البيانات والتصريحات،والخطابات  قافزة الى شرعية التوافق السياسي، ومهملة بوعي قصدي الشرعية الاساس، وهي الشرعية الدستورية التي انتجت حالة نادرة من التوافق السياسي، مفرزة عملية سياسية متقدمة كان ممكناً لو فتح الباب أمام استمرارها ان تؤتي ثماراً ايجابية ، وبالمقابل من هو الطرف الآخر أو الثاني: هل هو حقاً من انقلب على الشرعية ، سياسياً وعسكرياً، وتمدد بالحرب الى كل الجغرافيا، والديموغرافيا اليمنية؟  - تحت ذرائع مختلفه ، مدمراً النسيج الاجتماعي، والوطني، ومفتتاً بالحرب، والفيد، والتغلب على كل ما تبقى من الدولة، ومؤسساتها، أو أن كليهما معاً، غير شرعي، أو انهما معاً شيء واحد، ولا فرق بينهما، وليس هناك ما يميز أحدهما عن الآخر، في الرؤية، والموقف، والتمثيل السياسي، والوطني، وهو ما جعل البعض يتحدث بخطاب او مفهوم: طرفي، وأطراف الحرب، ومصطلح الأطراف المتصارعة، وعلى من يطلقون الكلام على عواهنه، في اللعب بالمفاهيم، والمصطلحات في غير سياقاتها الموضوعية، والواقعية، والتاريخية، أن يدركوا انهم يتكلمون ويتعاطون في امر سياسي حساس، وخطير، وفي مرحلة استثنائية فارقة )في تاريخ اليمن المعاصر، مرحلة قد يتحدد في ضوئها نتائج عظيمة (سلبية او ايجابية) على كل الوطن  (المجتمع والدولة، ومن هنا قيمة، ودور المعرفة، والكلمة، والكتابة في التغيير للأمام، أو القهقرى للماضي.

   المسألة في تقديري ليس قصوراً في الوعي، وتدنيا في ادوات التحليل، وليست فحسب ضعفاً في ارادة القول قول الحقيقة كما هي، وخشية من قول ما يجب ان يقال في الوقت والمكان المناسبين، فهي الى جانب كل ذلك مراوغة، ومداورة، وتقية، ومخاتله وتدليس على الواقع، وهي عند البعض حالة من التماهي أو التكيف مع سلطة أمر واقع، تواؤم وتكيف غير مقبول، مع واقع لا معقول، "فنتازي" واقع تؤكد حقائق، ووقائع ما يحصل، أنه من أسوأ حالات الثورة المضادة في كل التاريخ السياسي العربي المعاصر، بدءاً من العراق، الى سوريا، الى ليبيا، الى اليمن.

(3)

   ان ما نعيشه اليوم من تراجعات، ومن انهيارات كبرى، تطال كل المعنى الوطني "مجتمعاً، ودولةً وفكراً" له صله عميقة بالتاريخ السياسي الثيوقراطي، والاوتوقراطي، في صورة استبداد وهيمنه المركز المقدس العصبوي)  كما له سبب سياسي راهن متمثل في صمت "البعض" على الانقلاب (السياسي، والعسكري، والوطني، وفي أحسن الاحوال معارضته الاسمية الشكلية، والقبول به  في واقع الممارسة كسلطة انقلابية، ومجاراته فيما كان يذهب اليه،حتى القبول في الجلوس معه، وهو يؤسس لاستكمال عملية انقلابية، على الشرعية، وعلى كل البلاد، وجعل من البعض وسطاء لهم في اقناع الشرعية بالقبول بالانقلاب تحت غطاء العدول عن الاستقالة!!

   الى هذه الدرجة هانت علينا انفسنا،وتاريخنا السياسي، والوطني، وتماهينا ذاتيا، وموضوعياً مع الانقلاب، مع أن الامر لم يكن يحتاج أكثر من مقاطعة الانقلابيين، وهو اضعف الايمان، ان لم نكن قادرين على تحديد موقف سياسي وطني واضح مما حصل، ومما لا يزال يحصل، ولا ارى شخصياً في خطاب طرفي واطراف الحرب "والاطراف المتصارعة" سوى نتاج سياسي، وايديولوجي، لذلك المسار الخطأ الذي حددته نقطة البداية في الموقف من الانقلاب، العسكري، والسياسي، والفكري،وما يزال يسحب نفسه على مواقف وخطابات وتصريحات البعض اليوم، وبهذا المعنى فليس خطاب او مصطلح "الاطراف المتصارعة" سوى الابن الشرعي السياسي، والايديولوجي، لما افرزته سلطة الانقلاب، من وقائع سياسية كارثية، ومن تجليات وتعبيرات ايديولوجية، واصطلاحية فاسدة. هو تعبير ذاتي عن حالة من التوافق مع سلطة القوة، ومع من وضعوا القوة فوق الحق والعدل، والحرية والكرامة الوطنية، والإنسانية.

هو سقوط في الامتحان الاخلاقي قبل السياسي، وليس قصوراً في التحليل السياسي، أو خطأ في القراءة ، أنا على ثقة إن تعبير أو اصطلاح "الأطراف المتصارعة" لن يقوى على الاستتمرار بمثل قناعتي ، بالزوال الحتمي والموضوعي التاريخي ، لدويلة المركزية السياسية العصبوية التاريخية، التي استمرت في فرض مركزيتها المتخلفة على اليمنيين لقرون سحيقة، وحان آوان غيابها، وأفولها، لصالح دولة الشعب، والمواطن.

    ان وصف ما يجري بالثورة المضادة، هو الطف، واخف التعبيرات السياسية، لمن لا يدركون خطورة ما جرى خلال السنتين الماضيتين، على كل المستقبل الاتي لليمن، ومع ذلك ما يزال البعض مصراً على الحديث، عن الطرف الثالث، والاطراف المتصارعة" ودون حتى ادنى ردة فعل طبيعية، سوية، حول كل ما حصل وما يزال يجري. بل ان البعض ينصب كل همه وتركيزه في تصيُّد مثالب، واخطاء المقاومة في دفاعها عن نفسها، وفي بعض ردود فعلها، هنا او هناك، أو التذرع في جرائم التحالف التي تطال المدنيين، والتي يجب أن تدان بالفم الملأن، ويفتح حولها تحقيق دولي ، ولا أحد يبرر الجريمة والقتل من أي مكان صدر. خاصة على المدنيين منهم في كل مدن ومحافظات البلاد،  إن تسمية الاشياء باسمائها دون انكار لحقائق الواقع هو المطلوب، وهو ما يفسر تباطؤ البعض، في تقديم ادانه سياسيه وطنيه تاريخيه حاسمه ونهائيه للانقلاب، وعزوف البعض الاخر، عن الحديث عن المقاومة،في بياناتهم المناسباتية الميتة، وكأنها عار، ناهيك عن انتصاراتها في دفاعها عن نفسها، وعن وجودها، وتاريخها، "تاريخ الوطن، والشعب".  فضلاً عن مساواتهم، بين الشرعية، وبين المليشيا الانقلابية، الطائفية، السلالية وهم بذلك لا يختلفون عن حملة مباخر النظام القديم/ الجديد في شيء، المتماهين مع واقع، سلطة الامر الواقع فعلاً، والمختلفين معها شكلاً، واسماً.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة
@aleshterakiNet

 

قراءة 2260 مرات

من أحدث قادري احمد حيدر