طباعة

ثمن باهظ تجنب دفعه اليوم

الإثنين, 12 أيار 2014 19:04
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

بينما تتواصل المعارك ضد تنظيم القاعدة في الأطراف؛ القاعدة تضرب في المركز مجدداً عبر ما يشبه فرق اغتيالات وخلايا نشطة تتمدد داخل عاصمة الدولة وفي العمق منها ليبدو الأمر أشبه بنزال ملاكمة لا ينتهي بالضربة القاضية بل بتسجيل النقاط، من يسجل النقاط الأعلى ينتصر الجـيـــش الــذي اكتفى بدور المدافع لفترة بدت كدهر بالنسبة للمواطن الذي يعيش يومياً موجات من الإرهاب المادي والمعنوي وقد أنهكته الفوضى وانعدام الأمن ويرى خط دفاعه الأخير المتمثل في الجيش تطاله هو الآخر عمليات القاعدة والمليشيات المسلحة دون رد فعل ويكتفي دفاعا حتى بدت الصورة كما لو أن الجيش غير قادر على حماية مؤسسته ومنتسبيه فكيف يمكن له الدفاع عن الوطن ومواطنيه.

هذه الصورة غيرتها مواجهات اندلعت الأسبوع الماضي بين الجيش وتنظيم القاعدة إثر تقدم للجيش في معاقل التنظيم، ففي تتطور نوعي في مسار المعركة انتقل الجيش لوضعية الهجوم على معاقل التنظيم نجح من خلاله في قلب الأدوار والتوقعات بعدما رأيناه طوال الفترة الماضية في دور المدافع عن النفس وفي حالة انكشاف واختراق مريعين. وعلى مدار أسبوع كامل واصل الجيـش عملياته العسكرية في محافظتي أبين وشبوة ضد تنظيم القاعدة فرع اليمن متمكناً في عمليات نوعيه وهجومات مباشرة من تكبيد القاعدة خسائر كبيرة في الأرواح لم يتلقها التنظيم من قبل في أي من جولاته السابقة مع الجيش إذا ما استثنينا من ذلك مواجهات تحرير أبين.

التنظيم الذي على ما يبدو أنه دفع ثمناً لحماقاته المميتة والتي نادرا ما يقترفها وذلك عبر احتفالاته الأخيرة في الهواء الطلق واستعراضات الحشد وفي تغيير تكتيكاته في المواجهات التي طالما استعمل فيها أسلوب حرب العصابات والتخفي في أوساط المجتمع قبل أن يلجأ لعمليات إسقاط المناطق والتحصن فيها والقيام بعمليات حربية كلاسيكية - طبعاً في بعضـها ضــد الجيــش - وهـو ما سمح للجيش في إنزال خسائر مادية ومعنوية كبيرة وإلحاق أضرار بالغة بالتنظيم، ومع ذلك، يبدو من مسار العمليات الأخيرة، أن التنظيم استطاع امتصاص الصدمة والانتقال مرة أخرى الى مربع تكتيكاته السابقة مع محاولة فتح جبهات في البيضاء وعودة الاعتداءات في آل شبوان على خطوط الطاقة وانابيب النفط للتخفيف من حدة جبهتي شبوة وأبين، كما أنه استطاع ان ينفذ عمليات داخل العاصمة.

ومع ذلك الحرب مستمرة ويجب أن تستمر مع الوقوف قليلا عند جملة حقائق أفرزتها أحداث المواجهات الأخيرة منها وجود اختراقات متبادلة بيـن الجيــش والقـاعدة في مستوى معين، والحقيقة الثانية هي أن التنظيم لديه حاضـن اجتماعي يوفر له سهولة الحركة والتخفي وحاضن سياسي وإعلامي يضغط بقوة من أجل إيقاف الحرب وتسويق فكرة الحوار في محاولات بدت حثيثة لإيقاف نزيف القاعدة المستمر على يد قوات الجيش والأمن، والحقيقة الثالثة أن لدى التنظيم منابع للتمويل على مستوى المال والسلاح.

جملة هذه الحقائق تجعلنا نقف أمام جدوى استمرار العمليات العسكرية الحالية دون الالتفات الى مصادر قوة التنظيم والعمل على ضربها وتجفيف منابعها، دون ذلك ستذهب تضحيات الجيش والأمن سدى وسيتمكن التنظيم من إعادة تنظيم صفوفه وانتظار فرصة الانقضاض مرة أخرى، بثمن سيكون من الباهض تجنب دفعه اليوم. بقيت حقيقة من الصعب عدم إدراكها أو الإشارة إليها، حقيقة هذا التأييد والشغف الشعبي الجارف والمنقطع النظير للجيش في حربه ضد تنظيم القاعدة هذا الشغف بالجيش اليمني وبمعاركه هو شغف اليمنيين وتوقهم للعبور لدولتهم الوطنية والتي تم هدر كل مشاريع استعادتها طوال العقود الماضية ولعلها المرة الأولى التي يشعر فيها اليمني بأن الجيش يصنع معالم هذا العبور.

قراءة 1994 مرات

من أحدث