طباعة

الوحدة المهدورة

الخميس, 22 أيار 2014 17:52
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في الذكرى الرابعة والعشرين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية لا شيء يشي بملامح هذه الوحدة التي لم تكتف بالتجمد عند لحظة تحققها بل تأخرت عنها بسنوات للخلف لتعيد إنتاج الجمهورية العربية اليمنية في تجليها الأسوأ (الجمهورية ما بعد 5 نوفمبر 67) والتي لم تكن سوى تعبير عن هدر جديد لمشـروع كبير كان بإمكانه العبور باليمنيين نحو الدولة وتأتي دعوة رئيس الجمهورية للاحتفال بها رسميا أشبه بمحاولة رقص محموم لإحياء جثة ميتة من مرقدها. حد تعبير الدكتور عبدالله العروي.

 الوحدة التي تحققت في مايو 90 في أبرز تجلٍ للثورتين سبتمبر وأكتوبر وللوطن بشطريه والتي ساهمت العاطفة الشعبية جنوبا وشمالا في الوصول إليها وذهاب قيادات الشطرين نحو تملق هذه العاطفة الشعبية والذهاب نحو التوقيع على اتفاقية الوحدة دون وجود أرضية صلبة يمكن أن تتحمل هذا الحدث التاريخي العظيم لشعب دائما ما كان موحداً في بنيته. حضرت الوحدة يقودها توق الجماهير وشغفها وانقياد سياسي أعمى لهذا التوق والشغف دون مراعاة للعوامل الاجتماعية والسياسية والفكرية والتي لم تكن تقف على أرضية واحدة وإنما متنوعة الاتجاهات والأهداف والأسباب في ظل غياب ناظم أو حامل حقيقي يدير هذا التنوع للدولة الوليدة. ولم نكن نحتاج لكثير من الوقت لملاحظة تشوه الجنين وصعوبة استمراريته بالعاهات نفسها، وكان ان تحول هذا التنوع الى صراع واضح بين قوى مختلفة انتهى بحرب صيف 94 الذي كانت بمثابة الإعلان الرسمي لنهاية دولة 22 مايو 90، وسقوط هدف من أهداف الثورتين أكتوبر وسبتمبر. وطوال سنوات ما بعد الحرب وفي ظل غياب الشرط الاجتماعي عن برامج ورؤى الأحزاب السياسية بدأ المشروع الوطني الذي تعرض للكثير من الضربات في الخفوت لصالح مشاريع النظام من قبلية ومذهبية ومناطقية أعاد من خلالها إنتاج نفسه وعمل على الزج بالوحدة في معارك الاستحواذ والسيطرة والتهميش جنوباً، والأنكى  من ذلك تدمير كل ما له علاقة بالدولة الوطنية وما أنجزته في جنوب الوطن وإحلال الأشكال العصبوية والمناطقية فيه.

ونجح في تحويل حياة المواطنين جنوباً وشمالاً الى جحيم حقيقي دفع المواطن في الجنوب والذي ما زالت ذاكرته حاضرة في ان هناك من كان يمثله ويعبر عن مصالحه حتى عام 94، وتحت وطأة الشعور بالألم تحولت الوحدة الي خصم للجنوبيين في لحظة منفلتة من العقل تربعها الألم. ومع مجيئ العام 2007 وبداية الحراك السلمي الجنوبي وصولاً الي لحظة الانسداد السياسي في 11 نوفمبر لحظة تدخل الشعب لإنقاذ البلد واستعادته، كل ذلك والقضية الجنوبية الحاضر الأهم في المشهد السياسي وفي التناول اليومي لكل النخب والقوى السياسية تقريباً، ولكن يبدو أن فقر الرؤى وغياب التصورات لدى هذه القوى يجعلها بلا أفق للحل كذلك محاولات بعض القوى تجيير القضية الجنوبية كشأن تحتكر تمثيله وتتحدث باسمه. وفي محاولة أخيرة ذهبت القوى ذاتها لتقسيم الجنوب الى اقليمين في عملية من الواضح أنها تهدف لضرب الحراك وتحويل الصراع إلى صراع جنوبي جنوبي لتعيد إنتاج مصالحها غير المشروعة جنوباً.

واليوم في الذكرى الـ24 للوحدة تتأجج عاطفة جديدة من الكراهية ضد الوحدة في الجنوب يقودها الألم ويتملقها مجدداً قيادات حراكية كانت جزءاً من تاريخ دولة الوحدة وساهمت في صنع ذلك التاريخ .كما يساهم في تكريس ما يحدث جنوباً تباطؤ الدولة في إعادة الحقوق وتعويض المبعدين والمسرحين عن وظائفهم حتى الآن. إجراءات حكومية كان من شأنها أن تعدل المزاج الشعبي في الجنوب في مقدمة لإيجاد حلول عادلة وضامنة للقضية الجنوبية تنحاز للشعب وليس للنخب في الجنوب. كي لا يتكرر سيناريو الوحدة العاطفي بانفصال عاطفي لا تُعرف مآلاته..

قراءة 1965 مرات

من أحدث