طباعة

طربوش الانسان

السبت, 08 نيسان/أبريل 2017 11:33 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ﻻ أستطيعُ أن أصفَ حالة الأسى والحُزنِ والألم التي انتابتني جراء الخبرِ الذي استقبلتُه بوفاةِ الرفيقِ المُناضلِ مُحمَّد طربوش سلام .. يوم الأربعاء المُوافق 8 مارس 2017؛ عندما رنَّ الهاتفُ منْ أحدِ الرفاقِ قائلا: ً عظمَ اللهُ أجرَكم يا رفيق بوفاةِ مُحمَّد طربوش سلام؛ اعترتْ جسميَ حرارةٌ شديدةٌ، كأن ماءً ساخناً غمرَني من فروةِ الرأسِ الى أخمصِ القدمين.

فمُحمَّد طربوش كان حُلم الوطن ..حُلمَ الحِوارِ الديمقراطي .حُلم المرونةِ والاعتدال والقبول بالآخر واحترام قناعاته .. وبالأخص الاقتناعاتُ المُعبرة عن تطلعاتِ جماهيرِ الشعبِ اليمني العظيمِ نحوَ التغييرِ. وقدْ فارقَنا غماً وكمدا؛ لأنَّ هذه الأحلامَ لم تتحقق.

مُحمَّد طربوش الانسانُ عرفتُه قبلَ ثورةِ السادسِ والعشرينَ من سبتمبر. عندَما كان لأسرتينا تبادلُ صلاتٍ. فأمُّ والده وأمُّ والدي ابنتا عم، ولهذا كنا أسرةً واحدةً  ..توطدتِ العلاقةُ أكثرَ عندَما كنا نلتقي في إطارِ حزبِ البعث قبلَ 68م ، وتمتنتِ العلاقةُ أكثرَ عندَ الانعتاق منَ الفكرِ القومي للبعثِ إلى الفكرِ الانسانيّ الاشتراكية العلمية ..فقدْ كان هو وعبد العزيز عون يعمِّمانِ نظريةَ الاشتراكيةِ العلميّة ..إن هذا الانسانَ الذي تحوَّل من قضيةٍ الى قضيةٍ، كان رجلا استثنائيا في فكرِه الانساني ..عندَما يوجِّه رفاقَه إلى الأهدافِ العظيمة ..لخيرِ الانسانِ وتقدمِه الاجتماعي .. فمُحمَّد طربوش طيبُ المعشر  .. ترى فيه صرامةَ العسكريةِ فتهابها، ولكن عندَما تجالسُه تشعرُ أنه مدنيٌّ بكلِّ ما تعنيه المدنيةُ منْ بساطةٍ ووئام ٍوحبٍّ يغمرُ الجميع.

كما عرفتُه في أيامِ عبدالله عبد العالم عندَما كان يتواجدُ في المنطقةِ، وكان يرى أنه يجب ألا توجَّه البندقية لمُجابهةِ الفكرِ. وعندَما لم يُتقبلْ رأيه جنب المنطقةَ الدمارَ والخرابَ، حيثُ تقدم على عبدالله صالح بجيش مُعسكرِ النجدة، وفضل الفقيدُ طربوش تجنيب المنطقة خراباً ودماراً.

واتجهنا معاً الى عدن ولكن من طرقٍ مُختلفةٍ، وهناك تبوأ مُحمَّد طربوش دوراً بارزا في العمل الحزبي والتربوي والجبهوي .. فقد كان يرتبُ أوضاعَ أسرِ وأبناء الشُّهداءِ ومُناضلي حربِ التحريرِ ويثبتُ لهم معاشاتٍ تعينُهم على مُواجهةِ قسوةِ الحياة ..وكان يتجه الى المناطقِ التي فيها عملٌ جبهوي مُوجهاً ومُسدِّداً الجاهزيةَ العسكريةَ والفكرية ..تماماً كما كان في شمالِ الوطنِ يعملُ على توطيدِ الصِّلاتِ بالجمعياتِ التعاونيةِ، ويريدُها ان تتبنى مشاريعَ يعودُ نفعُها على أكثرِ من عزلةٍ ،وكان يطلبُ منَ الجمعياتِ أن تكونَ لها أولوية في اصلاحِ ذاتِ البين ،بأن ينص في برامجِها أن تكونَ فيها مادةٌ تنصُّ على تشكيلِ لجانِ تحكيمٍ لفضِّ المُنازعاتِ المُتعلقة بينَ أبناءِ المنطقةِ وبينَ أخوانهم من أبناءِ المناطقِ المُجاورةِ ..وأن تكون هناكَ لجنةُ تنسيقٍ لجمعيةِ "الشمايتين" تتداولُ الخبرةَ والتجاربَ وتوطيدَ الصِّلاتِ فيما يهم المُحافظة .وكان يطلبُ من الجمعياتِ أن تتبنّى مشاريعَ مياهٍ تدرُّ دخلا على هذه الجمعيات .وقد التقط الأستاذُ عبدالرحمن أحمد مُحمَّد نعمان الفكرةَ واسس هيئة َتطويرِ الحُجرية كأولِ هيئةِ تطويرٍ في اليمن.

وكان فقيدُنا إذا علم أنّ أناساً اختلفوا اختلافاً كبيراً كان يتوسَّط بحلِّ هذا الخلافِ أو يرشدُهم أن يتوجهوا ويحكموا أناساً خيرينَ لحلِّ الخلافاتِ بالطرق السِّلمية.

ومُحمَّد طربوش كان أيام الانتخاباتِ يوجِّه رفاقَه في اللجانِ ويقولُ لهم: ﻻ تجلسوا الى بعضِكم البعض تقنعوا المقتنعينَ، بل وجهوا جلَّ اهتمامِكم الى الجماهير .. فحيثُ يغيب دورُكم سيوجد دورُ خصمِكم، وكان يحذرُ منَ المسألة الدينية بأن يتعاملَ معَ الرفاقِ المُتدينينَ تعاملاً انسانياً وﻻ يستفزُّ أحداً في اقتناعاته الدينيةِ، ويقولُ بالحرفِ الواحد .."إنك عندَما تحاولُ الضغطَ على المُعتقِدِ الديني تكونُ كالذي يهوي بالمطرقةِ على المسمارِ وسيزيده عُمقاً.

رحم اللهُ الفقيدَ المُناضلَ مُحمَّد طربوش وأسكنه فسيحَ جناته.

عزائي لأسرةِ الفقيدِ وأهلِه ورفاقِه ومُحبيه والوطنِ عامَّة.

وأوصي أن تكونَ سيرتُه العطرةُ البوصلةَ التي يتجه بها المُناضلون.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

@aleshterakiNet

 

قراءة 1833 مرات