طباعة

الطائفية والإرهاب (الحلقة الخامسة والأخيرة) مميز

الإثنين, 24 نيسان/أبريل 2017 18:00 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

فشل الدولة في محاربة الإرهاب-البدائل:

   قبل أحداث 11 سبتمبر2001م كانت الأنظمة في العالمين العربي والإسلامي مطمئنة للتنظيمات الإرهابية ولاسيما الأجيال الثلاثة الأولى من الجهاديين، لأن مقاومة الاستبداد ورفض الطغيان لم تكن هدفاً لتنظيمات التطرف، بل العكس كان الإرهاب يستهدف منع التغيير وموجهاً للدفاع عن الأنظمة ضد التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان والتعددية الحزبية والمواطنة المتساوية، بل أشاعت خطاب (طاعة ولي الأمر). وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م تقاطعت أهداف هذه الأنظمة مع الولايات المتحدة الأمريكية في (مكافحة الإرهاب)، لكن الغاية النهائية لم تكن القضاء على الإرهاب، وإنما استعادة السيطرة عليه والتحكم به، واُستخدام محاربة الإرهاب لتحقيق مآرب أخرى، ومن ذلك:

1- استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية هذه الحرب لغزو العراق، ولكنها أدت في الوقت نفسه لازدياد عنفوان الإرهاب ووحشيته، باستخدامه بالشراكة مع إيران الطائفية لإشعال الحروب في العراق وما جاورها.

2- واتخذت الأنظمة الحاكمة الحرب على الإرهاب مصدراً لشرعيتها.

3- واستخدمت الأنظمة الحاكمة الحرب على الإرهاب للتنصل من التزاماتها الدستورية بتحقيق انتقال ديمقراطي.

4- استخدمت الأنظمة الحرب على الإرهاب مصدراً لجمع المال وشراء الذمم وتكريس نظام الولاءات والمحسوبية التي يدور حولها الحكم.

5- الحصول على دعم للتأهيل الخاص والتسليح للقوة العسكرية والأمنية الموالية للحكام باسم قوة مكافحة الإرهاب.

6- استخدام الحرب على الإرهاب لاتخاذ إجراءات تحد من حقوق الإنسان وتمنع من ممارستها.

7- وظفت الأنظمة الحرب على الإرهاب للحد من نشاطات مؤسسات المجتمع المدني وخاصة الأحزاب والتنظيمات السياسية، وتحويل التعددية السياسية إلى تعددية شكلية ومسيطر عليها.

8- لم يرق النشاط السياسي والإعلامي وحتى الأمني في مواجهة الخطاب التكفيري والجماعات الإرهابية إلى مستوى التحدي، إذ كان محدوداً وجزئياً ومناسباتياً، وكان في الغالب إعلانياً دعائياً دون رؤية سياسية فكرية استراتيجية شاملة لمواجهة ومكافحة الإرهاب.

   وكانت النتيجة أن التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب زاد الإرهاب توسعاً للأسباب السالفة، علاوة على إشعال النزاعات الطائفية ولاسيما في العراق ومحيطها.

   إذن يعيش العالم العربي اليوم بأقطاره المختلفة أعلى درجات العنف، وهي الحروب الشاملة في اليمن وسوريا والعراق والسودان وليبيا، وحروب جزئية مع الإرهاب في معظم الأقطار العربية: تونس ومصر ولبنان وفلسطين والسعودية، مما يجعل دور المفكر والمثقف الفردي والجماعي في محاربة التطرف والإرهاب بنشر ثقافة التسامح كأولوية من أولوياته عبر خطاب اللاَّعنف باعتباره مفردة أساسية لثقافة التسامح، باعتبار ثقافة التسامح رؤية شاملة دلالاتها متعددة، وخطاب اللاَّعنف دلالته مادية عملية مباشرة محسوسة تنصب على الممارسة في الواقع والمجتمع، وله مهمة وظيفية مباشرة في تفكيك خطاب الاستباحة ومصدر الصراعات السياسية والاجتماعية والدينية انطلاقاً من الأفكار والمفاهيم والقيم والمعتقدات المشمولة بثقافة التسامح والتي يصيغها المفكر والمثقف المنتج الفردي والجماعي للمعرفة والفكر والأدب والفن كنتاج فكري، ويقوم المثقف الحركي الفردي والجماعي بنشرها عبر خطاب التسامح والتصالح وخطاب اللاَّعنف، ومن خلال هذا الجهد بإنتاج ثقافة التسامح وخطاب اللاَّعنف كعنصر جوهري من عناصرها، يكون المفكر والمثقف قادراً على صياغة وبناء المجتمع ومؤسساته المدنية الحديثة بإنتاج ثقافة توسع وتعمق من دائرة اللاَّعنف وإعمالها لمناهضة ثقافة الكراهية وخطاب العنف ومنع ممارسته ضد المجتمع ومشروع الدولة الوطنية، وممارسة ذلك كله من خلال مؤسسات الدولة والمجتمع وخاصة من خلال ما يلي:

1- العنف والصراع الذي يعيشه اليوم العالمين العربي والإسلامي عنصره الأساس التطرف الديني، ومحركه الخطاب الأيديولوجي الديني أو المذهبي أو المناطقي أو القبلي الذي كرس خلال عقود مضت من خلال وسائل مختلفة ومنها التعليم الذي كان مصدراً أساسياً لتغذية التوتر واللاَّتسامح ونشر ثقافة الكراهية للآخر، ومن ثَّم، يعد تغيير مناهج التعليم أولوية لأبد لكل مفكر ومثقف من العمل عليها، وهي مهمة لن تنجز إلاَّ بالشراكة مع الدولة. وعلى المفكر والمثقف العمل على صياغة القيم الإنسانية الكبرى: الكرامة والعدل والحرية والمواطنة وكل قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والتأكيد على قيم التسامح والقبول بالآخر والعمل على أن تكرس أولاً في التشريعات الوطنية وفي مناهج التعليم وفي أداء السلطات القضائية والإدارية.

2- مواجهة النزعات العدوانية المتوحشة التي غذاها التطرف والإرهاب من خلال المدرسة والجامعة والمسجد ووسائل الإعلام العامة والخاصة، باستخدام نفس الأدوات والوسائل لنشر ثقافة التسامح وخطاب اللاَّعنف وبمفرداتها الأساسية منها:

أ‌- القبول بالآخر والاعتراف بحقه في الوجود والاختيار والحرية والكرامة والشراكة في السلطة والثروة.

ب‌- النسبية والتخلي عن ادعاء امتلاك الحقيقة والمطلق والقبول بالتعددية السياسية والحزبية وحرية الفكر والمعتقد والرأي والتعبير والتداول السلمي للسلطة، والعمل على تكريس ذلك في الخطاب والممارسة، وغرس هذه القيم والمفاهيم عبر الفنون التشكيلية والموسيقية والرسم والنحت وغير ذلك، لكي يصير مدركاً بالوعي والعقل.

جـ- غرس قيم المواطنة المتساوية وعدم التمييز بين البشر، وإحلال خطاب السلام واللاَّعنف محل خطاب الدعوة للكراهية والحرب، وجعل ثقافة التسامح مسألة جوهرية في بناء السلام المستدام.

د-جعل ثقافة التسامح وخطاب اللاَّعنف موقفاً إيجابياً لمناهضة الاستبداد وقواه سواء كانت سياسية أو دينية ومن أجل التغيير الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان.

3- الشراكة مع الدولة لمواجهة التطرف والإرهاب من خلال:

أ‌- توفير شروط التحول الديمقراطي، بما يحقق تداول السلطة فعلاً، والشراكة في السلطة والثروة، وتحقيق تنمية عادلة وشاملة.

ب‌- توسيع مجال الحريات العامة والخاصة والفضاء الوسيط بين الدولة والمجتمع؛ حتى تتسع للنقاشات العامة، وتتنافس الأفكار بما يؤدي إلى تبارها وتطورها.

جـ- إيجاد استراتيجية وطنية وقومية لمحاربة الإرهاب، تشارك فيها كافة الأطراف السياسية والفكرية لمناهضة التطرف والإرهاب، لتشمل هذه الاستراتيجية التدابير القانونية والثقافية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية التي من شأنها تجفيف منابع الإرهاب.

د-إضعاف البنى والعلاقات التقليدية، لأن هذه البنى تمثل بيئة حاضنة لجماعات التعصب والإرهاب، كون هذه البنى من المصادر الأساسية لتوليد المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتساعد في إيجاد عوامل الشقاق في المجتمع.

   وسواء توفرت إمكانية التعاون بين المفكر والدولة أو لم تتوفر، فإن المفكر والمثقف الفرد والجماعي يحتاج إلى أُطر وأدوات ووسائل وإمكانيات مادية لمواجهة فتاوى التكفير (خطاب الاستباحة) بنشر قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وثقافة التسامح واللاَّعنف على وجه الخصوص ومن ذلك:

1- إيجاد إطار جامع لتيار ثقافي فكري، تنضوي فيه شخصيات تنتمي إلى مختلف القوميات في العالم العربي من عرب وكرد وأمازيغ ومن الديانات والمذاهب المختلفة.

2- إقامة تكتل للأحزاب السياسية المدنية والتقدمية على صعيد الإقليم.

3- تعزيز شبكة التسامح وتوسيع عضويتها.

4- توفير مصادر مالية لإقامة مؤسسات ثقافية وإعلامية لنشر ثقافة التسامح واللاَّعنف..

قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet

قراءة 2148 مرات آخر تعديل على الجمعة, 02 حزيران/يونيو 2017 22:50

من أحدث أ.د. محمد أحمد علي المخلافي