طباعة

حرب الحوثي/صالح.. بين السياسة والايديولوجية والتاريخ (2-3)

الخميس, 01 حزيران/يونيو 2017 23:57 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن تجربة أئمة بيت حميد الدين، في السياسة، والسلطة(التحكم) لما يقارب الخمسين عاماً، لا تساعد اي باحث ،سياسي، أو اجتماعي، او اقتصادي، او تاريخي، أن يسجل فيها لهم اي منجز  يعتد به أو يستشهد به يدل على خبرتهم السياسية والوطنية في الحكم، وفي بناء الدولة؛ ثمة  فقط صحراء من الخراب، والفيد، والنهب، والتدمير، والإستباحة، للواقع وللانسان، والتاريخ، حتى بعض المنح والمساعدات الخارجية ، الاقتصادية والعسكرية، والتعليمية، لم يجر الاستفادة منها وإستثمارها بالشكل المطلوب، على محدوديتها ، بقيت في حدود الحفاظ على النظام، وشكلية، منها مساعدات الاسلحة التي بقيت محفوظة في صناديق، وظلت البعثات التعليمية، والعسكرية للخارج(العراق/مصر) في اضيق الحدود، ولم تدخل دائرة الفعل، للقيام بالدور الذي أهلت له، وبقيت المدينة صنعاء ،كعاصمة مدينة مفتوحة فقط للفيد والنهب للقبائل مع كل حدث  سياسي (انقلاب/او تمرد) عقاباً لها، وهو ما يمنع حتى اليوم من تحولها الى عاصمة مدنية حديثة، لاستمرار فرض طوق الحزام القبلي المسلح عليها ( القبل  السبع) وهو ما يفسر ممانعة الإمامة تاريخياً، والمشيخة القبلية، والعكفة الجدد، من تحول صنعاء إلى عاصمة مدنية، أما النتيجة الفعلية فهي   رفض وتعويق ميلاد الدولة الوطنية اليمنية الحديثة، وإستمرارهم في تجهيل ، وتسليح مناطق الطوق القبلي المحيط بصنعاء، بالجهل المسلح لإستمرار جعل العاصمة تحت قبضتهم، لمنع تبلور مشروع الدولة منها، ولما حولها، ولذلك فإن هذه المناطق بقيت تحتل من أعلى نسب المناطق في الفقر والامية، والتخلف العام، والتعلق بالسلاح والحرب، ومع ذلك يتحدثون من يسمون انفسهم، أهل البيت، عن مظلوميتهم، وعن استعادة حق مسلوب، وكل تاريخهم، ليس سوى اكثر من ذاكرة أثمة (تاريخ آثم) تاريخ حكم معفر بالسواد، ومكلل بعار من الدماء، والانغلاق، والركود، والانحطاط، ويمكننا القول أن طول الفترة التاريخية(قرون ممتدة)من حكم شمال البلاد، قد رسخ وعمق لديهم ( الأئمة) (احقيتهم) السياسية والتاريخية، في حكم الناس، واستتباعهم، والاستعلاء عليهم، وهو ما جعل من هذه الاستمرارية التاريخية في قمة السلطة، والدولة، مشروعية، جعلت من اي محاولة للاصلاح، او التجديد، أو التغيير، ناهيك عن  الثورة، عملية معقدة وصعبة، إن لم نقل مستحيلة، خاصة في ضوء ما واجهته بعض المحاولات من مجازر ومذابح، وسم خلالها تاريخ الإمامة،  بالقتل، أو بالحروب المستدامة ، تاريخ كله صراع على الإمامة، شكلاً، والملك من حيث الجوهر(قيام اكثر من ثلاثة واربعة دعاة للإمامة في وقت واحد على منطقة مثل صنعاء القديمة) لقد كانت الإمامة في المضمون دعوة للملك ، أو اغتصابه بالغلبة، والحرب بعد ان تحولت فكرة وقضية (الخروج )على الإمام إلى قاعدة ذهبية للحكم، أو الوصول اليه-وهي احد شروط الإمامة الزيدية - وهو احد عوامل واسباب، عدم الإستقرار السياسي، والاجتماعي، وضعف وقصر فترة انظمة الحكم المستقرة في ظل حكم الأئمة، ومن عوامل، انعدام التراكم المعرفي، والسياسي، والإداري، والثقافي، ومن دواعي غياب تقاليد الحكم الآمنة والمستقرة والراسخة، في الإدارة، والسياسة، والنظام، والقانون،  وتراكم الخبرة..، تاريخ كله مؤامرات، وتغلب، وعصبية  جاهلة وقتل، وخراب،   ومركزية متخلفة، بقيت فيه البلاد، مغلقة على الداخل وعلى الخارج، بإسم الإستقلال الزائف، بلد على شهرته وعظمته التاريخية صار لا يعرف ولا يسمع به احد، إلا على أنه قبر متنقل لجثث حية، أو متحف فلكولوري متحرك للموتى الاحياء، يذكرك بأسوأ مراحل العصور الغابرة، حتى لا نقول العصور الوسطى، هي كما قال احد الاتراك  عن اليمن في ظل الإمامة (لا يعقلن، لا يفهمن، لا يكتبن، الداخل اليها مفقود، والخارج منها مولود) تدخل اليها بعلم الإمام، ولا تخرج منها سوى بتصريح اسمي، خطي منه، عالم خرافي (فنتازي) فوق قدرة العقل الإنساني على تصور بقائه مستمراً، حتى أوائل ستينيات القرن العشرين، لغرائبيته، وفجائعيته معاً، شر البلية في استمراره، ومن هنا قوة خلفية تحديات الإرث التاريخي المتخلف(الدولة العميقة)التي وقفت في وجه ثورة 26سبتمبر1962م حيث كان التاريخ بكل حمولته السالبة، وبعنف مستودعه الإستعلائي، الثيوقراطي، والاوتوقراطي، هو من كان يقاتل ويواجه ثورة سبتمبر 1962م، في صف الإمامة، والملكية، والمرتزقة الاجانب، والعدوان الخارجي (تاريخ متراكم من التخلف) وكأن اليمن الإمامي، كان بحاجة إلى اكثر من ثورة، كما اشار احدهم مرة إلى هذا المعنى، ثورة واحدة لا تكفي، ومن هنا طول حرب الثورة، والجمهورية-حتى إفراغها من مضمونها السياسي الوطني، والتقدمي،  إلى جانب عوامل ذاتية وسياسية أخرى- ماتزال مستمرة حتى اللحظة، وصدق الشاعر الكبير عبدالله البردوني، حين قال، في بعض قصائده (لماذا الذي كان مازال يأتي/لان الذي سوف يأتي ذهب) او قوله عن استمرار حضور الماضي في الحاضر ومحاولة فرض نفسه على المستقبل، التالي (لا أنثنى الماضي/ ولا الآتي، أتى) حيث الماضي بكل ثقله وعفنه، وعنفوانه مازال، يطاردنا، ولم يغادرنا، وما يزال يفرض وجوده وحضوره، الكئيب  في مشهد حاضرنا كله، وكآنه ظلنا، وصورة آتينا،   وليست الحرب الجارية، ومفرداتها، وخطابها، ومعطياتها، ومسمياتها التي تعلن عن نفسها، في اكثر من مشهد وفصل من فصول الحرب الحاصلة، سوى شاهد حي على ذلك.

إن كل أهداف ثورة 26سبتمبر1962م، تركزت سياسياً، وعملياً، في قضيتين، أو هدفين مركزيين: إقامة دولة وطنية، وجيش وطني حديث، وفي تحقيق توزيع عادل للسلطة وللثروة، تحت شعار أو هدف (إزالة- وليس حتى  إذابة- الفوارق بين الطبقات) كما تضمنتها اهداف الثورة الستة ..، ثروة وسلطة ، يشارك في إنتاجها وصناعتها  وإستثمارها، والاستفادة منها، جميع أبناء الشعب اليمني-كما كان حلمهم الذي انكسر- وكان الرد من بعد قيام الثورة مباشرة، بالرفض، وإعلان الحرب على الثورة، ولا تخرج الحرب الجارية، سوى عن أنها إستمرار في الواقع الراهن لرفض تلكم الاهداف في لبوس، واردية جديدة، هي عنوان لذات المسمى القديم/الجديد(لماذا الذي كان ما زال يأتي/لان الذي سوف يأتي، لا يريدونه أن يأتي) -سؤال الدولة، ومشروع المواطنة المتساوية-  مع الإعتذار للبردوني، وذلك هو ما نسميه معاندة مجنونة وعبثية للتاريخ، ولا يخرج الإنقلاب، والحرب الجارية، في احد ابعادها العميقة، عن تلكم المكابرة، والمعاندة، للواقع، وللسياسة، وللتاريخ، ولإرادة الناس في الاصلاح، والتغيير، ولا تفسير سياسي، وواقعي لها سوى تلك المعاندة للتغيير، ومع ذلك يأتي البعض ليقدم لنا اطروحته او غوايته حول الاطراف المتصارعة، وأن المشكلة كامنة في طرفي الحرب، مزوقاً، ذلك في خطاب غواية، ومرواغة عن السلام وعن ايقاف الحرب، ،  ومن يعود للتاريخ السياسي اليمني القريب، من الحرب على ثورة 26سبتمبر1962م سيجد هذه الإسطوانة، أو الايقوانة ذاتها وبحذافيرها، هي من كان يرددها اصحاب، ودعاة الكتلة الثالثة، والمصالحة بدون رؤية سياسية ووطنية للمصالحة، من جماعة المنشقين عن الصف الجمهوري، والطرف الثالث، بين الجمهورية والملكية (الدولة الإسلامية) من دعاة الذاتية اليمنية، والهوية الوطنية، الذين حولوا الدور المصري المساند لثورة سبتمبر، الى عدو، وغزو اجنبي، وإستعمار، واحتلال، في صورة المؤتمرات القبلية التحشيدية، ضد المعنى الثوري والتقدمي لثورة 26سبتمبر1962م وتحديداً، بدءاً من مؤتمر خمر ودستوره،2/5 مايو 1965م ومؤتمر الطائف31يوليوحتى 10اغسطس ،1965ومؤتمر الجند اكتوبر 1965م، ويمكنكم العودة لوثائق هذه المؤتمرات،وتحديداً، خمر، والطائف، والجند، علما انه في مؤتمر الطائف  جرى فيه التنازل عن خيار الدولة الجمهورية،  تحت شعار السلام وايقاف الحرب، ووقف الخراب، وستجدون ذات الاسطوانة، في حينه حول الوحدة الوطنية، والسلام، وايقاف الحرب - حتى تحول شعار السلام، وضرورة ايقاف الحرب، إلى لازمة، وديباجة تسبق كل خطاباتهم ، وتحشيداتهم القبلية، المعارضة، لمضمون معنى الجمهورية، والدولة الوطنية الحديثة، ودور مصر في اليمن، وكأن ثورة 26سبتمبر، هي من فجرت العدوان والحرب ، ومن اعتدت على كل دول التدخل الخارجي، ومن استقدمت العدوان على الثورة واليمن  - وسنحاول في تناولة لاحقة مستقلة، تخصيص فقرة، لبحث هذا الموضوع في صلته بالحرب الجارية، لمن يريد ان يتعض، ويبتعد عن خلط اوراق الحرب الجارية، بغير ما يقود الى بحث دواعيها، واسبابها، المسكوت عنها، المهم أننا وفي صورة الحرب الجارية اليوم، أمام محاولة، هي في الجوهر ليست اكثر  من إستعادة موهومة، لدولة المركز السياسي التاريخي، في صورة محاصصة طائفية، كما يحاول رسمها، واخراجها اللاعبين الكبار في الخارج، استمرارً ، وإستكمالاً، لايديولوجية، خارطة التقسيم الشرق اوسطية المرسومة للمنطقة، إنطلاقا، من الحرب على العراق وإحتلاله ابريل،2003م، وتقسيمه الطائفي، الذي تستكمل اليوم حلقات تقطيعه النهائية، بعد خروج الامريكان منه وتسليمه لقمة صائغة لايران لتعبث به كما تشاء، ويحاولون مد هذا الانموذج إلى سوريا، وإلى اليمن إن امكن، وهو ما يجب مقاومته، ورفضه، لأننا بذلك لن نعيد إنتاج ما كان، بل ما هو أسوأ وابشع مما كان، وفي شروط عصر مغاير.

إن خطاب الاطراف المتقاتلة والمتصارعة، في تقديرنا ليس اكثر من دفاعات نفسية هي تعبير عن حالة عجز عن مواجهة الواقع الإنقلابي منذ البداية والصمت عليه من قبل قيادات المكونات السياسية، وهو الذي صادر العملية السياسية السلمية، وفرض قهراً، تمديد خارطة الحرب على كل الجغرافية الوطنية، ولذلك لا خيار امام دعاة الاطراف المتقاتلة سوى إنكاره( إنكار الإنقلاب، وعدم مساءلته، ناهيك عن ضرورة نقده)وبهذا المعنى لا نرى في حديث الاطراف المتصارعة، سوى تبرير وشرعنة للانقلاب، لوضع الشرعية، والإنقلاب، في مقلب واحد، على كل ملاحظاتنا على خطايا الشرعية، التي يتغذى منها موضوعياً، وذاتياً، الانقلاب ،مع الاسف، ولكن تبقى اطروحة الاطراف المتصارعة تغريدات ذاتية، خارج سرب الحقيقة ، التي تعلن عن نفسها، في مضمون  وتفاصيل حرب، الحوثي ، وصالح الجارية، على كل المشروع السياسي، الوطني اليمني، بصرف النظر عن التعارضات الذاتية فيما بينهما حول شكل اقتسام السلطة، وهي تفاصيل ذاتية/تكتيكية، تحكمها وحدة حركة المصالح فيما بينهما، اتفاق على المضمون، إستعادة دولة المركز السياسي، العصبوي التاريخي، او  إعادة إقتسامه مع كل اليمنيين : جميع مكونات السياسة، والمجتمع، والشعب في كفة، وهما في الكفة المقابلة، وهنا يلتقي ويتقاطع الحوثي، وصالح، مع خطاب الاطراف المتصارعة، محاصصة، طائفية، سلالية، وهنا يتوحدان، مع المشروع التقسيمي الإستعماري، الشرق اوسطي.

هذه هي قراءتنا، ورؤيتنا ، للحرب الجارية وتداعياتها، التي افرزت، واقعياً تفكيك للمتحد الإجتماعي الوطني، واحترابه مع بعضه البعض، والى حالة الإفقار والتجويع العمومي لكل الشعب.

 

اليوم هناك ملايين من العامليين في جهاز الدولة (مدنيين، وعسكريين) بدون مرتبات لاكثر من ثمانية اشهر- لأول مره في تاريخ الدول- حيث تجري مصادرة حق الناس في رواتبهم، بالتزامن مع غنيمة الاحتياطي النقدي من العملة الاجنبية الى جانب نهب ايرادات الدولة لصالح جماعتهم(المشرفون ومن فوقهم) بعد ان ربطوا الحق في الحصول على الراتب بالالتحاق بالميليشيا ،والانخراط في حربهم الخاصة الجارية، وبالمقابل رفض طرف الشرعية صرف مرتبات الناس  بحجج  غير واقعيه، وهي توريد الانقلابيين لايرادات المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وهم يعلمون مسبقا أن ذلك لن يتم، او بحجة نقص السيولة، او ذريعة عدم قدرة الشرعية على ايصال مرتبات الواقعين تحت سلطة الانقلاب، للاعتداء عليها من قبل البعض، وجميعها حجج سياسية فارغة من المعنى، نتيجتها الواقعية والعملية: جوع واوبئة وانعدام ادنى الشروط الصحية، والطبية، والدوائيه، ومجاعات يتسع حجمها ونطاقها، ويزداد خطرها، على كل الشعب وتوقف شبه كامل للحياة التعليمية، وشلل كامل لمعظم مؤسسات الدولة، وغياب للامن ،والاستقرار، وجميعها كوارث حياتيه وانسانيه يتحمل مسؤوليتها، الانقلاب، بدرجة أساسية ، إن موقف الجماعة الانقلابية، واضح وصريح في موقفها من حياة الناس، مرتباتهم، ومصائرهم في توصيف اغلبية الشعب، بأنهم (طابور خامس) ،وانهم مع العدوان، وهنا يبقى أين هو موقف الشرعية، السياسي، الدستوري، والقانوني والوطني، من حياة الناس، ومن مرتباتهم المصادرة، بأعتبارها صاحبة المشروع السياسي  المعبر عن كل اليمنيين، والمجسدة لمصالحهم والمسؤولة دستوريا عن كل الشعب، والبلاد، وهي لحظة اختيار، واختبار للشرعية، تكون، أو لا تكون، في موقفها من الناس، على قاعدة مسؤوليتها السياسية كرمز للدولة، وللشرعية المنشودة، فالشرعية مسؤوليه، وواجبات تجاه الناس.

إن استمرار مصادرة الراتب هو ابشع اشكال الحروب فداحة، والتي تطال حياة ملايين الأسر الجائعة، وهو الوجه الاخلاقي، والانساني الغائب عن البعض (انقلاب، وشرعية، وقيادة مكونات ،ودعاة السلام) كما أن استمرار الحرب دون افق سياسي للحل، أو إنتظار لتسوية سياسية اممية على قاعدة القرارات الدولية، وهو أمر  مستبعد في واقع معادلات موازيين القوى الاقليمية والدولية، ولا يتبقى في الممارسة الواقعية سوى خيار الحسم العسكري والتسريع بوتيرته، باتجاه فرض حل سياسي، يتسق مع القرارات الدولية، ومخرجات الحوار الوطني ، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، او خيار المحاصصة الطائفية، لان حالة المراوحة الراهنة، بين لا تسوية سياسية، ولا حسم عسكري، لا يعني سوى استمرار غياب الدولة، وتغييبها، وانهيار ما تبقى من مؤسساتها، نحو مزيد من تفكيك لمكونات المجتمع، وتناحره مع بعضه البعض(مذهبيا، وطائفيا، وقبليا، وجهويا وهو واقع لن يستفيد منه سوى الميليشيات، والعصابات، وامراء الحرب، وتجار السلاح، واقع لن يخدم سوى اهداف ومصالح الجماعة الانقلابية في التحليل الاخير..، مصالح واهداف من قام بالانقلاب، وفجر الحرب ومشعل الحرب لا يعنيه أمر ايقافها وليس من مصلحته اطفائها، حتى لو اراد البعض منهم ذلك، لان الحرب طيلة العامين والنصف قد شكلت جماعة مصالح خاصة بها، ولها حساباتها الذاتيه، وطرائقها في فرض منطق استمرار الحرب، ولان ايقاف  الحرب، يعني بداية زوال مشروع الجماعة الانقلابية ،وزوال هيمنتهم وهيلمانهم السلالي/الطائفي، لان الانقلاب هو عنوان الحرب ومقدمتها المفسرة لاستمرارها. ِامران لا يمكن ان تقبل بهما الميليشيات الانقلابية: الأمر الاول وقف الحرب، إلا ضمن شروطهم السياسية الخاصة، باعتبارهم  طرف في مقابل طرف، وهو ما يروج له بعض كتبة السياسة والتاريخ تحت عنواني (الاطراف المتصارعة) و(طرفا الحرب) تخرج به ومنه الجماعة الانقلابية المستفيد الاعظم، والرابح الوحيد؛ رابحين بالانقلاب، ومستفيدين بالتسوية السياسية للحرب، على حساب عموم الشعب، بفرض شروطهم الخاصة من قيامهم بالانقلاب والحرب، من خلال تسوية هم يبحثون عنها، وتحقق الجزء الكبير من مصالحهم ومن اهدافهم السياسية النهائية، تسوية وحل على قاعدة الانقلاب، ولا تجبرهم على العودة للعملية السياسية الدستورية، والتوافقية، التي كانت، وفق منطق، عفى الله عن ما سلف، و على قاعدة جنيهم للثمار السياسية للانقلاب والحرب معآ، في صورة محاصصة سياسية طائفية جهوية (نموذجها العراق، وما يراد له في سوريا) تضعهم في مركز الصدارة كممثلين للمركز السياسي العصبوي التاريخي (المقدس)، في قمة السلطة الجديدة.

الأمر الثاني: هو رفضهم من حيث المبدأ، لفكرة وعملية تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والعودة للعملية السياسية الدستورية التوافقية، باستعادة الدولة، وتسليم سلاحها وصولا لقيام الدولة الوطنية الاتحادية، وهو ما يفسر جوهر موقفهم السياسي الحقيقي مما كان قائما قبل الانقلاب، لماذا اصلا قاموا بالانقلاب؟! هل كان ذلك عملاً مزاجيا عبثيا، هكذا طرأ على رؤوسهم فنفذوه؟! وليس تبريرهم لقيامهم بالانقلاب، بذريعة رفضهم وعدم قبولهم للستة الاقاليم، وللجرعة السعرية، وتغيير حكومة باسندوه ، سوى الغطاء الظاهري، بدليل تعميمهم لخارطة الحرب لتشمل كل الجغرافيا الوطنية اليمنية (شمالا وجنوبا)، على خلفية وهمهم الايديولوجي بأحقيتهم في حكم اليمنيين، وفق منطق العصبية، والمركزية القديم (المركز السياسي التاريخي) وإلا كيف نفسر توسيعهم لجغرافيا الحرب، ورفضهم لشراكة الاخرين (شمالا وجنوبا) إلا باعتبارهم تابعين وملحقين (فرع) ضم وإلحاق، بدولتهم (الاصل) باعتبارهم الورثة الشرعيين لدوله المركز المقدس (الإمامة) وهنا علينا ان نسأل انفسنا كيف لمن يدعي حقاً الهياً (البطنين، الولاية، الإمامة، وصولا للولي الفقيه) ويقاتل (مجاهدا) في سبيله وهو ما يعلنه صراحة، دون مواربة، ان يقبل بشراكة الاخرين، وهو الذي رفض في الممارسة العملية تنفيذ(اتفاق السلم والشراكة) الذي فرضه هو بالقوة، لمجرد تضمنه فسحة من شراكه معينة للأخرين في السلطة والثروة، في مرحلة كانت حرجة بالنسبة لهم، لانهم كما يبدو لم يتوقعوا ذلك الصمت المهين والمذل من قيادات المكونات السياسية، وهو ما يشرح تاريخياً، وراهناً، عدم قبولهم بقيام دولة وطنية مدنية اتحادية(ديمقراطية) تؤسس لتكريس اقتسام للسلطة والثروة على اسس وقواعد سياسية وطنية جديدة، نقيضا لدولة الفردية، والعصبية، والمركزية، دولة المركز السياسي التقليدية التاريخية، في صورة الإمامة، أو في صورة مضمون حكم ورثه الامامة الجدد الذي جاء الانقلاب، وتحالف الحرب لاستعادته.

د .علي عبدالرحمن الخليدي/القاهرة

 

قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet

قراءة 2102 مرات

من أحدث د. علي عبدالرحمن الخليدي