طباعة

ضريبة الصراع الداخلي في تعز

  • الاشتراكي نت/ خاص - تقرير: وسام محمد

الأحد, 11 حزيران/يونيو 2017 06:47
قيم الموضوع
(0 أصوات)
عارف جامل اثناء اقتحامه مبنى الضرائب بتعز عارف جامل اثناء اقتحامه مبنى الضرائب بتعز

طوال الوقت، على مدى أكثر من عامين، كان على الناس في تعز أن تخوض معركتين في وقت واحد، الأولى مع مليشيا الحوثي وقوات صالح، والثانية مع مشاكل داخلية وتناقضات ظلت ضمن حدود السيطرة لصالح المعركة الأولى، لولا التطورات الأخيرة التي آخذت تعصف بالمشهد الداخلي.

وتصاعدت حدة الخلاف بين أطراف العمل السياسي خلال اليومين الماضيين، على خلفية قيام نحو ثلاثين مسلحا، باقتحام مكتب الضرائب في مدينة تعز يوم الخميس الماضي، وهي الحادثة التي جاءت بعد يومين من تهديد وكيل المحافظة عارف جامل ومدير مكتبه، لمدير الضرائب بالتصفية الجسدية إذا لم يتوقف عن العمل.

يقول شهود عيان أن نحو ثلاثين مسلح، قاموا يوم الخميس الماضي باقتحام مكتب الضرائب، بعد يومين من تهديد وكيل المحافظة عارف جامل ومدير مكتبه لمدير مكتب الضرائب بأن "رأسه سيقرح" إذا لم يتوقف عن العمل.

مصادر ميدانية أكدت أن المسلحين بعد أن أكملوا مهمتهم في اقتحام المكتب وإتلاف محتوياته وتوجيه السلاح إلى رؤوس موظفيه، عادوا أدراجهم ووصلوا إلى بيت عارف جامل. الأمر الذي أثار سخطا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

طابع سياسي

من جهتها، أصدرت أحزاب اللقاء المشترك في تعز، بيانا يدين الحادثة ويطالب الرئيس عبدربه منصور هادي بسرعة اتخاذ إجراءات حاسمة بحق جامل لكون المسلحين الذين اقتحموا مكتب حكومي يتبعونه، ووقعت الحادثة بعد يومين من تهديده لمدير مكتب الضرائب بالتصفية الجسدية إذا لم يتوقف عن العمل.

لم يكن بيان المشترك هو ما سيعطي الحادثة مدلولا سياسيا، وان كانت تفاصيل إصدار هذا البيان قد أوحت بالتطورات التي ستتصاعد بعد ذلك، وستأخذ منحى سياسي.

مصادر سياسية في تعز، أوضحت أن التنظيم الناصري، تعامل مع حادثة اعتداء مسلحين على مكتب الضرائب بتململ، ولم يكن له موقف واضح، فممثله في اللقاء المشترك لم يحضر الاجتماع الاستثنائي المنعقد على خلفية وقوع هذه الحادثة، وعند التشاور حول إصدار البيان، طالبت قيادة الناصري بإضافة فقرات لا علاقة لها بالحادثة، تريد أن تحمل محافظ تعز المسئولية وتطالب بعودته. وهذا موضوع آخر مستقل بحسب ما ستشير هذه المصادر.

من جهته اصدر عارف جامل، بعد منتصف ليل الخميس، بيان ينفي صلته بالحادثة، مفسرا حدوثها بوجود تنازع إداري، بين مدير مكتب الضرائب المعين من قبله، ومدير مكتب الضرائب المعين من قبل المحافظ علي المعمري، وهو الأمر الذي كان قد أكد مسئولية جامل عن الاقتحام.

وفي البيان الصادر عنه، وصف عارف جامل نفسه بالرجل الأول في المحافظة، لافتا إلى انه سيشكل لجنة للتحقيق في حادثة الاقتحام.

لكن التطورات الأخيرة تمثلت في إصدار بيان من قبل المؤتمر الشعبي العام الموالي للشرعية والذي يتزعمه عارف جامل في تعز، يستنكر استهداف جامل من قبل أحزاب اللقاء المشترك، في إشارة إلى بيانهم الصادر يوم الخميس الماضي.

البيان الصادر أمس السبت، قال أن أحزاب المشترك تعمل على إقصاء باقي الأطراف الفاعلة في تعز، ما يدخل المحافظة التي لا تزال تواجه حرب المليشيات وحصار وقصف متواصل، في أتون صراع داخلي، آخذ في التصاعد، في ظل غياب أية رؤية يمكن لها أن تحتوي الموقف.

تجاوزات "الوكيل الأول"

من المتوقع أن ينعقد اليوم الأحد، اجتماعا سوف يضم، مدراء المكاتب التنفيذية في المحافظة ومدراء المديريات، برئاسة وكيلي المحافظة محمد عبدالعزيز الصنوي ورشاد الأكحلي، للوقوف على تجاوزات عارف جامل، الذي عادة ما يصف نفسه بالوكيل الأول (وهو شيء لا وجود له في القانون).

طوال الأشهر الماضية، أصدر عارف جامل قرارات بتعيين مدراء في مكاتب تنفيذية في المحافظة وأيضا مدراء مديريات وحتى مدراء أمن، رغم أن قانون السلطة المحلية لا يخول له ذلك، ثم أن المحافظ كان قد أصدر تكليفات لشغل المواقع الإدارية الشاغرة في المحافظة بعد التشاور مع مختلف القوى السياسية والتوافق على أسماء محددة.

حاول عارف جامل، أكثر من مرة أن يفرض من قام بتعيينهم بقوة السلاح ومن خلال الاعتداء على المدراء المعينين من قبل المعمري وتهديدهم، وهو الأمر الذي حدث مع مدير إدارة الموارد المالية في مطلع مارس الماضي، ومع مدير مكتب المالية، ثم مع مدير مكتب الضرائب، بينما مدير مكتب الجمارك، كان نجله قد قتل أمام منزله مع اثنين آخرين من زملائه من قبل مسلحين مجهولين قبل نحو شهرين، ولم يتضح من المسئول عن الحادثة وما إن كان لها علاقة بالصراع الدائر ومحاولة جامل السيطرة على المكاتب الايرادية في المحافظة وتفعيل العمل فيها.

يتركز الصراع بين عارف جامل من جهة وبين محاولة تفعيل مؤسسات الدولة من جهة ثانية، حول المكاتب الايرادية، بهدف تعطيلها واستمرار عملية تحصيل الموارد بطريقة غير قانونية. بحسب ما تفيد مصادر في السلطة المحلية.

ما يتجاوز التقويض

غير أن مصادر سياسية تحاول أن تنظر إلى ما هو أبعد من ذلك، وتصر على القول أن المسألة تتجاوز الرغبة في التعطيل والاستئثار بالموارد المالية، "لكون هذا تفسير سطحي لظاهرة تتنامى وتسعى إلى بث الفوضى في المناطق المحررة من المحافظة مستغلة انشغال الجيش والمقاومة الشعبية بمواجهة مليشيات الحوثي وصالح".

وتؤكد هذه المصادر أن الموارد المالية عادة ما تغري الجماعات المسلحة المنفلتة، والتي أصبحت مؤخرا تتجمع حول عارف جامل، وتتقاسم معه مغانم النهب والتحصيلات غير القانونية، لكن تورط أطراف سياسية في هذه العملية، "يطرح ألف سؤال وسؤال".

وألمحت هذه المصادر إلى أن هناك تنسيق بين أطراف عدة، تهدف إلى تقويض محاولات تفعيل المؤسسات الايرادية، لما يمثله هذا المسعى من مقدمة لربط تعز ماليا بالبنك المركزي والإسراع في صرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ تسعة أشهر، "هناك من لا يريد لمعاناة الناس أن تنتهي، ومن يسعى لفرض البلطجة كسلطة أمر واقع، أما الهدف من ذلك فيكاد أن يكون مفضوحا".

وترتبط مختلف المشاكل التي تواجه محافظة تعز التي تصاعدت حدتها في الفترة الأخيرة، بحقيقة وجود أزمة بين أطراف العمل السياسي، الخاضعة لكل الحسابات الداخلية والخارجية، باستثناء تلك الحسابات المتعلقة بالمجتمع.

قراءة 10515 مرات آخر تعديل على الأحد, 18 حزيران/يونيو 2017 06:25

من أحدث