طباعة

المقاومة كشكل من اشكال التحدي للإستبداد والفساد والتحرير.

الإثنين, 12 حزيران/يونيو 2017 01:38 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

المقاومة مبدأ سياسي وفعل تحرير اخلاقي إنساني، وسلوك ثوري  تقدمي ، سلوك يستدعيه عفن سياسي(داخلي/خارجي)والمقاومة لاتكون سوى حاجة موضوعية، و تعبير عن  إرادة عامة تأتي في سياق عملية تغيير إجتماعي، أو مقاومة لانقلاب دموي على شرط سياسي دستوري مستقر، او إنتقالي(،دولة قائمة/نظام حكم معبر عنها)وبهذا المعنى المقاومة حاجة سياسية ووطنية، وقومية تاريخية، هي حركة سياسية إجتماعية باتجاه إستعادة حق منهوب، او ارض، او حكم مسلوبين..، او هي عملية سياسية ثورية تقدمية تستهدف تغيير وضع داخلي وصل ذروة إنحطاطه واستبداده وفساده، إستعصى معه إستمرار تنمية المجتمع وتقدمه، لذلك كانت المقاومة عنوانا للاصلاح، او الثورة، ضد واقع نظام لم يعد بمقدوره الاستمرار سوى بالقتل ومزيدا من الدم و الحروب، ولم يعد بمقدور الناس القبول به وباستمراره كنظام للحكم.

والمقاومة قد تأتي كما سبق الاشارة ضد حالة داخلية مستبدة وفاسدة تحولت مع طول زمن بقائها في الحكم الى ظاهرة إستعمار داخلي(علي صالح / نموذجاً لها)وقد تأتي لمقاومة عدوان خارجي، وكلها مقاومة مشروعة، وبهذا المعنى المقاومة ، والثورة خيار ضرورة، ولكنها وهو الاهم مقاومة سياسية ثقافية اجتماعية، حقوقية، والاهم كذلك انها مقاومة اخلاقية عادلة، العدالة والحرية للجميع عنوانها العريض، على قاعدة القبول بالاخر واحترام حقه في الوجود، وليس استئصاله..، هي دعوة للحرية لناسها وللمجتمع كله، دعوة لعودة الحياة لسويتها.

المقاومة تعريفاً وحصراً هي تحرير للانسان، وللمجتمع من كافة الاحتلالات والإختلالات، هي مقاومة للإستبداد والفساد حين يتسيدان  على المشهد السياسي والوطني، ولسنا ولن نكون ابدا مع مفهوم وواقع للمقاومة يخرجها من حيزها السياسي والاجتماعي، والديمقراطي المدني، ومحاولة البعض إختصارها في حدود مقاومة بحجم القذيفة او المسدس، والطلقة، خلاصتها النهائية قتل المغاير ، او نهب الدولة .

إننا مع مقاومة لاتقتل من اجل  الثأر والانتقام، مقاومة لاتسرق، لاتعتدي على الحقوق الخاصة قبل العامة، مقاومة لاتتفيد الدولة وهي لم تصل بعد حد تحرير الدولة ذاتها، مقاومة لاتستثمر اوضاع سياسية إستثنائية لمزيد من مصادرة فكرة وقضية وجود الدولة، وتعويق حضور دورها الفاعل، على طريق بناء دولة مواطنة، وحقوق، ومؤسسات، هناك تاريخياً من اخترق المقاومة ، بعملاء ولصوص ثورة، وانتهازيين، لتمرير مشاريعهم الصغيرة ومصالحهم الخاصة جداً ، وهناك من اراد ويرغب بتحويلها إلى مصدر عيش ورزق، او مجال لتصفية حسابات ذاتية شخصية لاصلة بالهم العام، او الذهاب بالمقاومة في غفلة من الناس وزحمة الاشياء،  الى عملية تصفية ثارات عائلية او قبلية، يجري تمريرها في واقع غياب الدولة وتعمد الإمعان في مزيد من تهميش دورها بسبب الاوضاع الإستثنائية(الحرب/وخلط الاوراق) وقد سمعنا عن اعمال لا اخلاقية ولا إنسانية مورست من قبل بعض المقاومات في سياق التحرير..، ونحن اليوم في تجربتنا المعاصرة الراهنة علينا أن ننأ بانفسنا، وبمقاومتنا عن مثل تلكم الاعمال اللاخلاقية المنافية لابسط القيم العامة السوية، نسمع عن جرائم يرتكبها ويقف خلفها الطرف المعادي للتحرير وللمقاومة وقد نتفهم مثل هذا السلوك وان كنا لانبرره ونتحرك صوب مقاومته، ولكن غير المفهوم وغير المبرر، ان تقوم بمثل هذه الاعمال الاجرامية والفضائع الاخلاقية اطراف سياسية تدعي المقاومة، والانكئ انها موجهة ضد اطراف ورموز نبيلة من رموز المقاومة، وذلك حين نسمع عن قيادات محسوبة على مايسمى( الحزام الامني) او على قيادات بعض المعسكرات المحيطة بالعاصمة المؤقتة، عدن، او قيادات سلفية، تقوم بقتل الناشطين السياسيين والمدنيين، والحقوقيين، باسم الالحاد والكفر والزندقة، وهل يعقل ان تكون هناك مقاومة عنوانها الابرز  تكفير الناس والمجتمع والدعوة للجهاد ضدهم بل وقتلهم ، وتفرض منطقها الدموي الارهابي ضد الناس والمجتمع، بل وتقوم بنفسها بتنفيذ احكام الاعدام والقتل..، قتل مقاومين حقيقيين، جريرتهم أنهم معارضين لايديولوجيتهم التكفيرية/الجهادية، ولانسمع صوتا معارضا ورافضا وناقدا لمثل هذه الممارسات والسلوكيات وان وجدت فهي على إستحياء ، لتداخل مصالح صغيرة مع من يقف خلف هذه الجماعات الدموية باسم المقاومة الحامية للمدينة عدن، كما يفترون، مع ان خوف عدن الازلي هو من مثل هذه النماذج والمجاميع الميليشوية، المحمية والمدعومة -مع الاسف-من البعض في الداخل، والخارج..، وكلها بأسم المقاومة والتحرير، إنهم حقاً وفعلاً يمارسون ذات فكر وفعل وسلوك، القاعدة، وداعش، وان على نطاق صغير ومحدود، ولايستبعد ارتباطهم الايديولوجي، والامني، واللوجستي، بتلكم المخططات، وتعقد تشابك مصالحها الداخلية والخارجية، جماعات وافراد لاتسمية لهم سوى انهم ميليشيات تكفير وقتل، ونهب وفساد، وما يقومون به من قتل موجه خاصة وتحديدا ضد شباب الثورة ، إنما هي بروفات  او بالونات إختبارية لتنفيذ امكانية التمكين لمشروعهم السياسي القادم، تكفيراً ونهباً وقتلاً وبأسم المقاومة.

وهنا على الشرعية، وقيادات الاحزاب الموالية لها او القريبة منها ، عليهم جميعا ان يسألوا انفسهم هل ذلك ما جاءت وقالت به مخرجات الحوار الوطني؟!هل يتوافق ما تمارسه وتقوم به ميليشيات الشرعية(التكفيرية/الجهادية) مع ما تقول به الشرعية ، من دعوتها للشروع بانجاز قيام دولة مدنية اتحادية؟!هل يمكن ان يكون خطاب التكفير والجهاد والقتل، هو مدخلنا لبناء وقيام الدولة الاتحادية؟!اسئلة مفتوحة للشرعية والمواليين لها والسائرين في ركبها ، وقبلهم جميعا لبعض قيادات الحراك الجنوبي.

ان مثل هذه النماذج من الجماعات والافراد  والميليشيات، التي انتحلت اسم المقاومة ، في غفلة من الزمن، و ما تزال تستثمر اسم المقاومة-زوراً وبهتاناً-هي الاخطر على المقاومة، وعلى مشروع التحرير والتغيير، لانها الجيش الاول والطابور الخامس الذي بيده وبامكانه إغتيال المقاومة وعملية التحرير من داخلها، وهنا يبرز ويتجلى دور الشرعية والاحزاب المدنية في الدفاع عن  معنى و جودهم وشرعية تمثيلها لكل المجتمع والبلاد.

وفي الجانب الآخر من المقلب هناك من بأسم المقاومة يدعو للقتل، ولنهب اموال الدولة، مستثمرا وضع اللادولة القائمة، بفرض فساده الخاص،بأسم المقاومة في اهم المدن الوطنية الكبرى(تعز)التي يجري بقصد تعثير وتعويق إستكمال مشروع تحريرها، ويتم فيها سرقة علنية فاضحة لأموال الدولة ، ومحاولة الهيمنة على المصادر الايرادية فيها بقوة الميليشيا، من قبل بعض حاملي شعار لواء المقاومة، بعد ان يسعى البعض(اقول البعض، والقلة) لتحويل المقاومة الى ميليشيا خارجة عن القانون وضد هيبة ومكانة الدولة..، ميليشيات تسرق، وتنهب، وتعتدي على رموز الدولة الشرعية، وباسم الشرعية، والمقاومة، شخصيات ميليشوية تمارس فعليا عملية تهميش واقصاء واستبعاد لوجود الدولة ، بعد فرض نفسها دولة بديلة عن الشرعية التي اوجدتها من العدم بعد ان عينتها هي، لتجد هذه الاسماء الميليشوية فكراً وسلوكاً تضع نفسها في مقابل الشرعية، وبديلاً عن المحافظ ، رمز الشرعية، والدولة المطلوب إستعادتها وليس الامعان في تغييب دورها، ومعنى وجودها في واقع الممارسة وهذا تحديدا ما يقوم به البعض، مستغلاً ومستثمراً حالة الحرب القائمة، لهدف جباية موارد الدولة لصالحه وطغمته الميليشوية الصغيرة، وهي ممارسات لاتعني سوى مزيدا من اضعاف وتدمير لمكانة الدولة وهيبتها، بالاعتداء على حرمات اسمها و مكانتها ومقومات بنائها المادي والسياسي، والمؤسسي.

إن المقاومة تضحية وشرف وفداء ونداء للعدل، والحرية، والكرامة الإنسانية.

المقاومة هي جنين مشروع سياسي بديل لانظمة الاستبداد والفساد، والميليشيا، والارهاب.

المقاومة شكل ومعنى سياسي اجتماعي، يخطئ ويصيب، ويجب ان تخضع في سياق الممارسة للقراءة النقدية، وللمسائله والمحاسبة، ولاتترك هكذا إعتباطاً للغفلة، وما يمارسه البعض سلبا بأسم المقاومة سيعود عليها بالكواراث والنكسات..، هي شروط سياسية وعملية لاضعاف روح المقاومة، وتدمير لمشروع الدولة قبل الثورة.

المقاومة ليست مشروعا للقتل باسم التكفير والالحاد والجهاد ، ولاهي مدخلا للانتهازيين للسرقة ونهب الدولة وافسادها قبل إستكمال عودتها كدولة ماتزال حتى اللحظة ممنوعة من الصرف.

المقاومة مشروع عدل، وحرية، وسلام، وكرامة للجميع، دون اقصاء ولاإستئصال.

المقاومة مشروع للدفاع عن الآخر والمختلف، والمغاير..، مشروع تنمية لقيم الحق ، مشروع تنمية انسانية  على طريق بناء حياة مدنية سوية  للعيش المشترك، وليس فقط لمجرد التعايش والتجاور في المكان كيفما اتفق، بل مشروع للحوار مع الجوار، والقصي في المكان.

وبهذا المعنى نرفض ونقاوم ما يمارسه البعض في بعض المناطق باسم المقاومة.

ولذلك علينا في سياق التحرير والمقاومة ان نطهر المقاومة مما يعلق بها من الادران والشوائب، ومما يلحق بها من عبث ومن استبداد وفساد ونهب ولصوصية وقتل للاخر.

ان مقاومة الانقلاب والحرب، والميليشيا لايكون بصناعة ميليشيا بديلة لها، بل ما ينقض موضوعياً كل ذلك، وهنا يأتي دور الشرعية وقيادات الاحزاب في تصحيح الاخطاء قبل ان تستحيل خطايا وجرائم يتعذر تقويم اعوجاجها وعنف فسادها الا بحرب موازية.

هل نتعض قبل فوات الآوان.

ولله الامر من قبل ومن بعد.

والله ولي التوفيق.

قراءة 1739 مرات