طباعة

عبدالله المجاهد.. الانسان/ الفنان

الأربعاء, 06 أيلول/سبتمبر 2017 17:24 كتبه 
قيم الموضوع
(3 أصوات)

مثلك يا عبدالله (ابن المجاهد) لايموت ولاينسى ولايؤبن، ولا يورثى، مراثيك تركتها لنا ايقونات قيم، ولوحات خلدتك،  انت حقآ فوق كل ذلك ليس لانك فنان اختصر المعاني الاخلاقية والجمالية في سلوكه العملي/ والفني وانما لانك انسان بكل ماتحمله هذه الكلمه البسيطة العميقة الفريدة الجليله من معنى.

فما معنى للفنان والشاعر والاديب مهما علا شأنه كقيمة فنيه وإبداعيه، دون خلاصة الفرادة الانسانية التي كنتها، فلا معنى للحضور الفني الجمالي الا بشرطه الانساني وذلك ماجسدته وتمثلته في كل لحظه من توقك الانساني للاعلى للارقى للاسمى للاجمل..، اليوم وانت تغادرنا الى حيث شاءت الاقدار نراك اكثر بهاء وتألقآ وحضورآ، نجدك بيننا اكبر، بما كنت تعلنه وتجسده من قيم ومثل اخلاقيه عليا.

مثلك ياعبدالله المجاهد حضور لايتوقف في الغياب، ماحيا المسافة بين الموت، والحياة.

في أوأخر ستينيات القرن الماضي وبداية السبعينيات إن لم تخن الذاكرة، عرفته لاول مرة كان في منتهى الألق والحيوية وعنفوان فتوة العمر بصفاء سريرة روحه المعتاده..، في اقل من ساعتين في شارع جمال بوفيه/ مقهى قعدنا كان بيننا من عرفني به الصديق الفقيد عبدالرحمن بدر والصديق عبداللطيف الرفيد الاصبحي اطال الله في عمره، صديقي ورفيقي في العمل الحزبي (البعث)وابن عمي الفقيد محمد عبدالرحمن حيدر، كان عبدالله خجولآ لاتفارق الابتسامه محياه(مرتب المظهر) بعدها لم اره الا في دمشق منتصف العام 1981م حين عينت ممثلآ اعلاميآ وسياسيآ للحزب وللجبهه الوطنيه الديمقراطيه في لبنان وسوريا كان عبدالله حينها في عدن بعد طرده التعسفي من قبل الاجهزة الامنيه السورية وعودته إليها ثانية- بعد مراجعة الحزب للقيادة السورية في شأن عودته- لاستكمال دراسته، كان اسمه الحزبي(ناجي) اخبرته حينها بخبر قدومي الى بيروت قريبآ حيث كان مركز عملي على ان نلتقي في سوريا لاحقآ وهذا ماكان.

كان منزله في دمشق محجآ، وكعبه للزوار، يدهشك حضوره الانساني اللافت دون افتعال، بمثل ماتبهرك وتبهجك وتفرحك لوحاته البديعه التي تملأ المكان(الغرفة/المنزل) حتى انك تحس شعوريآ ووجدانيآ وتتصور انك في معرض فني، او في مرسمه الخاص به كان زملائه من الطلبه/ الاصدقاء، من النوع الخلوق والجادين في دراستهم منهم من يدرس الهندسه الصديق(جميل شمسان) والطبيب الصديق(عز الدين السروري) ومن يدرس في الاقتصاد والتجاره(محمد الحمودي) وهو الفنان/ التشكيلي المختلف، والمتميز، ولكنه الاصيل في إنسانيته والسؤال كيف استطاع المجاهد/الفنان بأسلوبه ونمط حياته المفتوحه، والمترعة بالفرح، وبهمومه  الانسانيه البسيطه بلا حدود، وبعلاقاته وصداقاته الواسعه، وروح الفنان فيه، كيف استطاع وهو المختلف عن ما حوله، ان ينسج تلك الصلات الانسانيه القوية والمضبوطه مع اصدقائه الثلاثه بأهتماماتهم وواجباتهم الدراسيه الصعبه، التي تتطلب خاصة في سوريا الكثير من الجدية والصرامة والمثابرة(النظام) هذا وحده يدلك على ان عبدالله المجاهد الانسان اولآ والفنان ثانيآ قد تمكن من ان يدير ويقيم حالة من الألفة الجامعة فيما بينهم داخل تلك الشقه/ في حي التجارة الجميل والهادئ، الشقة التي اتسعت للمجاهد وزملائه ولجميع محبيه، حين تزره تجد نفسك في مكان أليف قريب الى نفسك، تجد زملاؤه يستقبلونك بحفاوة الصديق، كان رغم اهتماماته الفنيه والحياتيه، والتزاماتها السياسيه(الحزبيه القياديه) في رأس منظمة سوريا يعرف كيف يجمع بين المتناقضات،ممسكآ بالجوهري، يذهب الى منتهى اللهو والمرح والجنون النبيل، حين يكون ذلك شرطآ لاستمرار الفنان في داخله، وينضبط حد الصرامه  في حدود مايجعله يستكمل دوره السياسي كقائد في واحدة من اهم منظمات الحزب الاشتراكي فعالية وقوة وتأثيرآ، تجد صدى الفعل السياسي والفني للحزب الاشتراكي والجبهه الوطنيه الديمقراطيه حاضرآ في جميع المدن المركزية السوريه(دمشق حلب اللاذقيه وغيرها) تشعر معها وكأنك في فعاليه فنية ثقافية سياسية من شدة حضور زخم حضور الفعل الطلابي السياسي اليمني والعربي في كل سوريا، احتفالا واحتفاءا بالمناسبات الوطنية والسياسية المتصلة بالحزب.

في كل ذلك كان عبدالله المجاهد الانسان والفنان هو الحاضر الكبير والكثير - الى جانب رفاقه ومااكثرهم- كان عبدالله شغوفآ بالفن وبالحياه وبمحبة رفاقه وفي للصداقه الى منتهى لحن الوفاء في اعماقه، وفاء لم تكسره مصاعب الحياة، معه تأمن على نفسك، تنام مطمئنآ دون غطاء، لم اسمعه يومآ يغتب او يذم احدآ في غيابه، رأيته نادرآ جدآ يكاشف البعض باشياء انسانيه في حضورهم، وبصورة ودية رقيقة فيها كل الرفق،  كان يوصل رسائله لمن يريد بشجن الاخ الكبير وحرصه الودود، كنت وغيري لا نأمن على اشيائنا الخاصة الا معه مثل الصندق الاسود في كتم الاسرار كان،  لذلك بقي مركز ومحور ثقة الجميع.

على شغله بالعمل السياسي المبكر، لانجد له عداوات سياسية حزبية مع احد كان في دمشق مثل الاخ الكبير(الاب) كان الجميع يأمنه على نفسه بعض الطالبات(الرفيقات) وغيرهن يستشرنه في بعض مايحتجن اليه من إجابات على اسئله تحيرهن وتخصهن.

كان ابن المجاهد نبيلآ في صداقاته ودودآ تجاه من حوله، معتزآ بنفسه، كرامته الشخصيه فوق كل اعتبار، عانده الزمن طويلآ وكثيرآ، ووقفت ضده احوال الدنيا، اتعبه المرض فوق قدرة اي انسان على الاحتمال ومع ذلك بصبر ايوب احتمل، لم يشكوا او يتذمر قابل مصيره بارادة قل نظيرها، بشجاعة الرجال الكبار كابر وعاند مصاعب الحياة، ولكنه ظل مهموما بالناس، و منشغلآ بفنه ورسوماته متعدد الاهتمامات في مجال الفن: الرسم، النحت ، الكاريكاتير الذي ابدع فيه بصورة بديعة و مثيرة  للانتباه ،ماتركه من فن وابداع تشكيلي، ورسوم كاريكاتيرية هي تصوير بالحبر واللون واللوحة، كتابة بالرسم هي روح دم المجاهد الانسان، هي كتابة تدخل في تاريخ الاجتماع والسياسه، والثقافة، يمكنك من خلال-فقط- رسومه الكاريكاتيريه ان تعيد قراءة التاريخ السياسي والاجتماعي للانسان، والوطن في اليمن المعاصر، لان كل مااشتغل عليه المجاهد فنآ وابداعآ، متصل بكينونة وذاتية الانسان والوطن اولآ واخيرآ، ستجد سفر ذاتية الانسان، همومه الصغيرة والكبيرة، هي ماتحكيه رسوماته ولوحاته وفنياته الكاريكاتيرية، هو حقآ الاب الروحي للكاريكاتير السياسي اليمني الناقد بروح الفنان الثائر، وليس الموظف العموي، في الجريدة الرسمية.المطلوب اليوم هو جمع هذا الانتاج الفني/ التراث الجمالي السياسي في مضمومة واحدة، وفاء وتخليدآ ليس فحسب لذكرى رحيله الفاجع وإنما تسجيلآ سياسيآ وإجتماعيآ وثقافيآ لتاريخ مرحله تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في تاريخ اليمن السياسي والاجتماعي المعاصر.

قبل حوالي خمسة عشر سنه سجلت عنه كتابة/تحية له في صحيفة التجمع الوحدوي اليمني قلت له حينها ياعبدالله كتبتها خشية ان يدركني الموت/ القتل وانا لم اكتب عنك شيئآ يقول بعض ما لك عندنا،فضحك بتنهيدة طويله مازحآ وقائلآ: لك العمر الطويل والله انني سابقآ لك في ماتقول(الموت) وهاهو في موته /حضوره في الغياب، يقودنا نحو ضميرنا، نحو ضرورة الاهتمام بالناس، هكذا هو عبدالله المجاهد الانسان والفنان يؤكد حضوره اكثر في الغياب العابر.

الله ماأنبلك، واجملك أيها الانسان الفنان والصديق.

المجد والخلود لك انسانآ وفنانآ.

قراءة 7119 مرات

من أحدث قادري احمد حيدر