طباعة

سبتمبر كما لم يتوهج من قبل

الأربعاء, 11 تشرين1/أكتوير 2017 19:58 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

كان من اللافت حقا بل والمبهج في ذات الآن، هو هذا الاحتفاء غير المسبوق بالذكرى الـ55 لثورة السادس عشر من سبتمبر، وهو احتفاء عبر عن ذاته بأكثر من طريقة، وشمل أوسع الفئات والشرائح الاجتماعية.

وقد بدأ احتفاء اليمنيين بذكرى ثورة سبتمبر، من مطلع الشهر، وازداد توهجا، مع إشهار الجماعة الحوثية لآخر وهم كان لا يزال في جعبتها، وذلك من خلال انتشار لافتات عملاقة في العاصمة صنعاء، تتحدث عن الولاية التي هي بمعنى ما جوهر التسلط الأمامي الذي ثار ضده اليمنيين عام 1962 وتمكنوا من إسقاطه ليبدأ عهد الجمهورية الذي أعاد للولاية للشعب وحرر اليمنيين من ربقة الاستبداد والجهل.

درجت جماعة الحوثي طوال السنيين الماضية على الاحتفاء بيوم الغدير، وهي مناسبة دينية تأتي بعد أيام من عيد الفطر المبارك، وتخص المذاهب الشيعية التي تدعي بعضها أحقية السلالة الهاشمية بالحكم الإلهي، لكن تزامنها هذا العام مع مطلع شهر سبتمبر، في ظل وضع الحرب التي يعيشها اليمنيين وهي الحرب التي شنتها جماعة الحوثي وصالح منذ ثلاثة أعوام، فإن هذا كان قد لفت انتباه اليمنيين إلى أهمية الاحتفاء بثورة السادس والعشرين من سبتمبر. في وجه المشروع الإمامي الجديد المعادي للجمهورية وقيمها.

وازداد توهج الاحتفاء بثورة سبتمبر خلال العامين الماضين، بعد الانتكاسة التي عاشتها اليمن، بسقوط العاصمة صنعاء في يد الحوثي والمخلوع في 21 سبتمبر من العام 2014، فمنذ تلك اللحظة أدرك اليمنيين ماذا تعني لهم ثورة سبتمبر، بعد أن كانت قد تحولت على مدى عقود إلى مناسبة رسمية مفرغة من قيمتها ومضمونها ولا تعني غالبية اليمنيين في شيء. ولعل هذا كان أحد أبرز ملامح معاداة نظام صالح الذي أوصل البلد إلى حافة الهاوية وأفرغ الجمهورية من كل محتوها، ليبقى فقط أسمها بينما أصبح جوهر الحكم وطريقة إدارة الدولة لا يختلف كثيرا عن دولة الإمامة.

مظاهر احتفالية

كان أبرز ملامح احتفاء اليمنيين بثورة سبتمبر هذا العام، هو احتشاد الذاكرة الوطنية كما لم تحتشد من قبل، فعوضا عن عودة الرموز الوطنية التي ظلت مغيبة إلى الواجهة، فإن أسماء جديدة من مناضلي الرعيل الأول ممن لم يكن أحد يسمع عنهم شيئا، عادوا أيضا إلى صدارة الذاكرة المحتشدة. ونشر كثيرين صور هؤلاء الرموز وتاريخهم النضالي وارثهم، في تكريم شعبي، صحيح أنه تأخر كثيرا، لكنه تكريم لا مثيل له.

كما أن الأغاني الوطنية عادت للتوهج، وأصبح الجميع يسمعها ويتداولها، بعد سنين من همود الأغنية الوطنية لصالح تسيد أغاني هابطة هي خليط بين النشيد الديني والأداء الموسيقي الركيك، فرغم عودة الأغاني الوطنية مع ثورة فبراير إلا أن محاولة تغيبها من جديد كانت جزء من إستراتيجية محاولة تصفية الثورة. لتتسيد في السنوات الأخيرة مع صعود الجماعة الحوثية وانقلابها على الحكم، ما يعرف بالزوامل والزوامل المضادة، وهو فن شعبي يتعلق بالبيئة القبلية لكن الحوثية حولته إلى أداة تحشيد وهذا الوضع ناسب جماعات دينية على الضفة الأخرى تعادي الحوثية وتشترك معها في معادة الأغاني والفن.

عشية ذكرى الثورة، اشتعلت النيران فوق أسطح المنازل في قرى ومناطق واسعة من الريف اليمني، وشهدت بعض المدن المحررة عروض عسكرية وكرنفالية، كما هو الحال مع مدينة تعز التي قدم إليها عدد من الوزراء لإيقاد الشعلة فيها والمشاركة في الاحتفال الشعبي غير المسبوق.

 منطلقات مختلفة

يرى البعض، احتفاء اليمنيين بثورة سبتمبر بهذا الشكل، لم يكن مبعثه الفرح بقدر ما هو اعتذار متأخر على طريقة الشعوب ليوم الخلاص العظيم، "اعتذار للثورة المجيدة، مبادئها وأهدافها، واختيار لقيم الجمهورية، حرية ومواطنة متساوية وعدالة اجتماعية". كما أن هذا الاحتفاء كان بمثابة تجديد "الانتماء للوطنية اليمنية" حيث "السيادة للشعب والكرامة للوطن".

من جهته أعتبر الباحث السياسي أيمن نبيل، في حديثه لـ"الاشتراكي نت" أن الاحتفاء بثورة سبتمبر مختلف هذا العام الأسباب كلها تلتقي عند الحركة الحوثيّة، خصوصا أن هناك قطاعات لها منطلقات ليس هي نفسها منطلقات القطاعات الشعبية الواسعة.

فبينما "القطاعات الاجتماعيّة الواسعة من جيل ما بعد سبتمبر 62 تحتفل بالثورة لإدراكها عظمة حلمها وإنجازها بعد ما رأوه الآن وخبروه من فظاعات الحركة الحوثيّة" يوضح نبيل بالقول أن "قواعد المؤتمر الشعبي العام تحتفل بالمناسبة خوفًا من الحوثيين وكنوع من المعارضة لهم في حدود المتاح أمامهم كقواعد نظام قمعي متحالف مع حركة طائفيّة".

أما "قواعد الإسلاميين -الإخوان المسلمون تحديدًا-  فتحتفل بالثورة لأسباب مختلفة؛ فالقواعد الأكثر حداثة تؤمن بالجمهوريّة كمدخل للمواطنة، أما "القواعد الأكثر تشددًا تعرّف ثورة سبتمبر بأنها منع للحكم الطائفي الزيدي، ولكن لا مشكلة مع الحكم الديني بحد ذاته ولا أهميّة خاصة للجمهوريّة بحد ذاتها، والاحتفال الآن يتم كنوع من المعارضة للحوثيين أكثر منه وقوفًا مع الثورة".

قراءة 4604 مرات

من أحدث وسام محمد