طباعة

بالأغنيات.. تنتصر الحياة

السبت, 14 تشرين1/أكتوير 2017 17:34 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

تفحصت صوت "أكاذيب" كان عدني بامتياز..

 صورتها ..بدت محجبة ترتدي عباية سوداء تسمح بالنفاذ لقراءة ساقيها بحذاء فضي يشع بهجة ونظارة..على اناملها لمعت خواتم نحاسية كخاتم عرافة تطالع الكف وتجيد قراءة الفنجان..نظارتها السوداء بدت تحجب ملامح وجهها لكني طاولت الحشد لينفذ لملاحظة أحمر شفاتها كان عدني النكهة والمساء يبث البخور وصوت قادم من أعالي البحور..بدت معالم الزمن الماركسي على تجاعيدها وموسيقى زمن بن عوذل وتكرير ..قدمت الفرقة تجسيد فني لمدينة تقدمية تقدس الفن وتنتصر بالأغنيات..

 تتالت الأغاني بينما كنت يستغرب اللحظة ليعيد السؤال متى ستندلق القذائف لتبعثر الرقصة الآخيرة بحياتي.?

 استمر الغناء ..انشرحت لأغنيتين ليست على إيقاع وطني كوني مللت هذا اللون لتروقني الأغاني الراقصة والذاوية مواطن الحنين لتجاعيد الأنثى التي تتبعثر دواخلي.. كانت صورتين من مادة الخزف تحملان ملامح الرئيس وملاحمة إذا جاز لي القول.. تذكرته محاصر ومقيد ..تمنيته مات ولم يعد كونه لم يفد ..

 كان وكيل وزارة الثقافة الرفيق عبدالهادي العزعزي يرتدي ربطة عنق بلون الشفق بينما يصفق بحرارة لفقرات الغناء.. يلوح الشباب بشارات تحمل العلم الوطني.. يتوزع أفراد يرتدون زي محارب شعبي وسط الحشد الذي اصطف خلف منصة لكبار الضيوف ..أمام المنصة تقف "أكاذيب" التجاعيد بادية والضفائر ممنوعة كون التنظيم لا يسمح بممارسة الرقص على أحكام الشريعة..

 شارع جمال اختزل المدينة التي احتوت الملايين الخمسة الذين ينتمون لها..نصف الرصيف تحتله القمامة وقد التقيت صباح اليوم مدير النظافة ليؤكد لي انه يبذل وعماله جهد جبار رغم شحة الامكانيات وتصاعد حجم المتكدس ..

 البنك فرع بث الفرح واخباره تتصدر المجموعات لتنتشر اكثر من تداولاته النقدية لتتجاوز شهرته شهرة مادونا مغنية البوب وربما الجاز الامريكي..

 المحافظة اعلى الشارع بمقر مؤقت ..ساحة العروض والاحتجاجات.. مقرات القيادات الحزبية والنقابية والمنظمات المانحة والعاملة.. المساجد الدعوية.. الباعة المتحولين.. الناشطات المتبرجات.. المقاهي.. مراكز الإيواء وإغاثة النازفين.. معاهد البرمجة اللغوية والعصبية ..معاهد اللغات والتقنية.. مكاتب الخدمات الحكومية والأهلية.. المدارس والمتارس.. البنوك الاهلية والحكومية.. شركات الصرافة.. البريد.. الاكشاك ويقابلها مكتبة تعز. مقر النقيب مالي كمال شعلان ليمد هذا الشاسع بابتسامة تربك البؤس ليهمس بضعة سطور يترجم ما استعصى ليؤكد أن القات أوله شجن وآخره سلطنة ودندنة..

 على ايقاعات اكتوبر انزلق المساء تمام العاشرة دوت قذيفة رجت المكان الذي انتصر للذكرى الرابعة والخمسون لثورة وجدت لتبقى بحسب شعاراتها التي رفعت يومها لكنها تعرضت لتجريف مزق الراية لتعود منهكة يتقاذفها الموج وقد تهالكت اشرعتها ..تبعثرت القلوب لتغادر الفرقة الوطنية المنصة وقد استمرت "أكاذيب" تلوح بأناملها للمحتفلين بالميلان لترعش خلاخيل الروح ليرقص الرفاق صغارهم والكبار.. احتشدت قنوات تليفزيونية وصحافة وناشطون اكثر من المستهدفين بالحفل وهم سكان المدينة وشعبها المجبول على عشق الاغنيات.. تعز مدينة الفن بمختلف انواعه وألوانه ليؤكد وكيل الثقافة التقدمي أن الاغنيات عزائم وتمائم واحجيات وحروز وصكوك مغفرة ومعذرة..

 يغادر الحفل بهدوء ليجدد موعد مع اكتوبر الصبح القادم من صهوة البحر ليعاود الفن رسالته على قاعة "السعيد" مرتين وكرتين تغني "أكاذيب" وفرقتها المعتقة لصباح المدينة موعد ووعد لترقص الناهدات على ناصية الفرح تحت سارية العلم..

 كاد المساء يحبل بخيال العتمة لتولد رحم الذاكرة ثورة شبقة تجتاح الجهات لترفع أعلى درجات الوعي الثوري.. لتكتب على السطور والصدور بالبنط العريض "الأغنيات.. تنتصر للحياة"

قراءة 10539 مرات

من أحدث احمد النويهي