طباعة

عندما يغدو التهريج مشروعا سياسيا

السبت, 21 تشرين1/أكتوير 2017 17:09 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

“أن كل تحول انقلابي هو في آن واحد، غناء بجعة تحتضر، ومطلع قصيدة رائعة جديدة، تشرع من خلال الوان الماضي الزاهية التي تتباعد أن تأخذ تدريجيا شكلها”. كارل ماركس

"ليس جديا أن تفكر في السياسة دون أن تتحلى بتفكير سياسي" بير بورديو

تبدو القومية اليمنية حتى الآن نوع من التهريج المؤذي. لا توجد مقالة واحدة يمكن العودة اليها وتقديم راي نقدي حولها وحول واقع الحالة التي آخذت تتفشى في هذا الوسط الافتراضي.

وعندما نوجه النقد لهذا التهريج الذي يستثمر مستوى الوعي السائد بمزاج منفلت من اي مسئولية, ينبع لنا أولئك المحبطون وقد تراءى أمامهم وهم الخلاص اخيرا ليقترحوا علينا تقديم نقد موضوعي بدلا من السخرية والتهكم.

أحد أوجه العجز المرتبط بالنخب اليمنية هو انهم يظلوا خاضعين لهيمنة مراكز النفوذ وما تبثه لهم من وجبات خفيفة. لكن هناك ايضا تلك المشاريع العابرة التي تتولد من نفسية هابطة ثم تأخذ هذه المراكز في دعمها. فهي الأخرى تعاني من أزمتها وتبحث عن وهم الخلاص.

غير ان ما يحز في النفس هو أننا في مرحلة فاصلة, حيث لا توجد هيمنة مباشرة كما ان الطبقة المسيطرة عاجزة عن لملمة أوراقها من جديد, لهذا أصبحت فرصة التأسيس لبديل حقيقي قائم على دراسة وفهم الواقع أمر متاح اكثر من اي وقت مضى. لكن بدلا من ذلك تهرع نخب العجز والضحالة الى استنهاض اوهام في مقابلة اوهام أخرى. بينما المطلوب تجاوز كل الاوهام.

كنت أعتقد ان ثورة فبراير قد منحتنا طاقة للمجابهة لخمسين سنة على الاقل. لكن كثير ممن كنا نعتقد انهم ثوريين أظهروا هشاشة صادمة. وكأن ما يحدث اليوم هو نهاية التاريخ.

قبل التفكير بخلاص علينا أن نفهم واقعنا وكيف تشكل, حتى نستطيع بناء تصور اولي لتغييره على أسس صحيحة تآخذ على عاتقها منع تكرار الاخطاء وكل ما يؤدي بنا الى احضان الوهم.

لكن ما يجري هو أن طاقة التدمير الذاتي تفعل فعلها عند كل أولئك الذين لم يسبق لهم ان تعاملوا مع السياسة بجدية ولو مرة واحدة في حياتهم. فهم يعتقدون ان دورهم يفترض انهم لاعبين من الدرجة الثالثة, مجرد جوقة لترديد الهراء أو كل مطلع أغنية بائسة.

أما عندما يتوعك المغني ويحتجب ترى الجوقة هذه وقد انفعلت وأظهرت رغبة في ترديد الزوامل التي هي في الاساس رمز يتعلق بتعبيرات الخصم. واذا كانت الزوامل تشير الى جماعة الحوثي وأوهامها, فإن القومية اليمنية تريد اقناعنا ان زواملها مختلفة لأنها نشيد الانشاد الذي ضاع في دهاليز التاريخ وآخذ الأثرين الجدد مهمة البحث عنه لاحياءه.

قراءة 5899 مرات

من أحدث وسام محمد