طباعة

"سجينة طهران" سناريو يتكرر في اليمن

الإثنين, 19 شباط/فبراير 2018 15:08 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

عادةً ما تكون الثورات عبارة عن مخاض عسير لولادة حياة جميلة تؤسس لمبادئ عادلة تكفل للجميع الحريات والحقوق التي يستحقونها كبشر أولاً وكمواطنين..

ففي أي بلد جميع المواطنين وإن اختلفت دياناتهم وألوانهم لا يطيقون العيش بغبن وظلم.. وما إن يتحرر الناس البسطاء والذين ليس لهم في السياسة (لا فتات خبز ولا مرق) من قبضة الخوف التي كانت تطوق رقابهم، تصدح حناجرهم ب (لا) جهورية بعنفوان يشي بمدى الألم والمعاناة التي قاسوها.. تراق الدماء وتسقط الجثث أكواما فداء لكلمة الحق والحرية التي سيحصلون عليها في نهاية المطاف ومهما طالت الطريق أو ضاقت بأشواك النظام المرفوض وسكاكينه.

هذا السيناريو الذي ينبض بالأمل - بأن بعد الضباب سيتساقط حتماً مطر وتنبت الأزهار حيث سقطت قطرات دماء الثوار الفدائيين - يشد من أزري وتروقني هذه القصص الملحمية كثيراً إذ تمنحني أمل كبير في أن تتبدل هذه الأيام المليئة بشاعة إلى حال أفضل منها.. على الأقل أن تكون خالية من كل مظاهر العنف وكبح الناس وإصماتهم عن حقوقهم ، لذا وجدتني دوماً أحاول الدفاع عن ثورة انتميت لها بقلبي وعقلي وهواجسي رغم إني كنت قليلة الوعي بالسياسة إلا من حق بإننتقاد حكومة أخطأت  والمطالبة بالمساواة والعدالة الإجتماعية.. وكنت قليلة الحيلة أيضاً!

لازلت أتذكر روح الحماسة والانتفاضة التي طالتني من شباب الثورة في ساحات التغيير عندما حشدت صديقاتي وزميلاتي ونظمنا حينها وقفة إحتجاجية في فناء المدرسة ضد معلمة إحدى المواد رفضاً لأسلوبها السيء في تدريس المادة وعدم  أهليتها .. كنا وقتها في الثانوية العامة وكانت تلك أولى المرات التي ميزنا فيها الخطأ وعارضناه بكل شجاعة.. لكن لا شيء يتبدل.. هل الثورات والإحتجاجات عمرها قصير.. قصير جداً؟!.. تموت خلاياها من الداخل وشيء فشيء تتخثر دماؤها ويصيبها الخدر..  هذا الإحباط  الجاثم على قلبي الذي تمكن أخيراً من تطويعي إلى اليأس، وأنا التي كنت أحاول الفرار  إلى شيء أشبه ما يكون بالأمل، والقفز على الواقع وتجاوز المواقف التي تتسلل إلي عنوه رغم هروبي من الفيسبوك ووسائل الاتصال الإجتماعي التي كانت تسبب لي الضيق والحسرة بسبب الأخبار والآراء والصور التي تملأ حواسنا بشاعة وحزن..

"سجينة طهران" الرواية التي أخرجني مؤخرا من حالتي السيئة إلى حالة أسوأ بكثير ، واجهتني بواقعي الذي كنت أعرف أنه ليس مليح الوجه لكني لم أتوقع أن تكون الصدمة هذه شديدة الوطأة علي.. نعلم جميعاً تورط إيران في الأحداث العصيبة التي تمر بها اليمن بل كونها طرف بارز من أطراف النزاع، بعد التطبيع العجيب الذي إنساقت إليه جماعة ادعت انها تقود ثورة وكأنها التجسيد الحقيقي والحي لمراحل وتفاصيل بل وحتى شعارات داعية للكراهية والحقد .." أثناء الثورة الإيرانية التي أطاحت بالشاه ".. أدعياء الثورة المزعومة والتي بدأت بالمسيرة القرآنية في اليمن،  وبغطاء مذهبي عفن هم من ساقوا البلاد إلى هذه المالات وقادوا ثورة مضادة على ثورة الشباب في 11فيراير التي انطلقت في العام المطلق عليه بالربيع العربي.

غصة في القلب تنتابني بين الفنية والأخرى ، رفض وانتفاضه في الأعماق ضد هذا الواقع الأليم، شعوري (بالتوحد بالألم) الذي يشاركني إياه كل يمني حتماً

هل هو  الخوف الشعور بالاغتراب والشتات أم أنه الاستسلام؟!

 لا أدري ولكني أصلي لله من أعماق قلبي ألا تنتهي اليمن بما انتهت إليه إيران.. أتضرع إليك يارب  بأن تبث في أعماقنا قوة وشجاعة لنجابه كل هذا الظلام الذي نغرق فيه!.

قراءة 3354 مرات

من أحدث عبير محسن