طباعة

الحرية للصحافة اليمنية.. الحرية للصحافة السودانية!

الأربعاء, 20 حزيران/يونيو 2018 19:15 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)


     في سبعينيات القرن الماضي كان هناك ما يشبه السباق والتباري بين الصحافة السودانية واليمنية أيهما الأسوأ حالاً وتعرضاً للقمع والمصادرة. كنا كثيراً ما نلتقي في اتحاد الصحفيين العرب في عهد رئيس اتحاد الصحفيين العرب أحمد بهاء الدين والأمين العام كامل زهيري وصلاح الدين حافظ، وهم ألمع الصحفيين والنقابيين العرب الذين عرفتهم الصحافة العربية واتحاد الصحفيين العرب.

كان اليمنيون والسودانيون هم الأكثر شكوى من القمع والمصادرة والاعتقال والرقابة. وفي الثمانينات انتقل الاتحاد إلى بيروت، وكان رئيس الاتحاد سعد قاسم حمودي والأمين العام حنا مقبل، وبدأت العراق تتصدر قائمة الانتهاكات. أتذكر لقاء في تونس للاتحاد بعد نقله إلى بيروت، وبحضور سعد قاسم حمودي، وكامل زهيري، ونقيب الصحفيين العراقيين الصاحب حسين، وهو رئيس صحيفة الجمهورية العراقية. حينها قابلنا الحبيب بورقيبة. قدمت نقابة أو جمعية الصحفيين التوانسة تقريراً عن أوضاع الصحفيين في العراق، وأن المعتقلين يصلون إلى 69، فردت عليه ممثلة الصحافة التونسية: «إذا زعلان على بقاء صحفي خارج المعتقل، فأكمل  به العدد واعتقله».

وتراجعت شكاوى اليمنيين والسودانيين ليتباري العراقيون والسوريون في رصد الانتهاكات لبعضهما في حمى الصراع العراقي- السوري.

كان سامي المنيس نائب رئيس الاتحاد شوكة ميزان في إطفاء حرائق الخلافات ذات الطابع الحزبي، وكان محل احترام الجميع، وكانت دولة الكويت هي الممول للاتحاد بعد نقله من مصر إلى لبنان بعد عودة اتحاد الصحفيين إلى مصر بعد 1995، وكثيراً ما كان يحضر الزميل يوسف الشنبلي وهو نقابي شهير وصحفي شجاع، ومعه آخرون.

منذ انقلاب النميري في 1969، وبعد قمع الحريات الصحفية والصحفيين أصبحت قيادة الاتحاد الصحفي السوداني تُعقد في الخارج، وبالأخص في مصر، وكنا نشعر أحياناً أن الجمعية العامة السودانية والجسم الصحفي السوداني جله خارج السودان. ربما في التسعينات بدأ النقيب محمد سعيد معروف يحضر بانتظام اجتماع الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين، وكان الرجل عاقلا ومتزناً؛ ولعل هذا ما ساعده على البقاء والعمل في ظروف الإرهاب والقمع ضد الصحافة.

نتابع باهتمام القمع السافر في عهد "البشير"، ومصادرة الصحف، وقمع الصحفيين، والإيغال في التكفير، والتخوين للزملاء الصحفيين والصحفيات السودانيين، ولكننا اليوم، وبكل صدق، أسوأ حالاً منهم بما لا يقاس؛ فاليمن المحروبة المفككة والموزعة بين أطراف الحرب يتعرض فيها الصحفيون للاعتقال الكيفي والاختفاء القسري، والحكم بالإعدام، وإغلاق الصحف بالجملة، والحكم بالإعدام، وإغلاق الصحف الحزبية والأهلية المستقلة وحتى الرسمية بالجملة.

يحرم الصحفيون، وهم بالمئات، من الراتب الذي لا مورد لهم غيره، وهناك الاعتقالات في الأماكن الخطرة. قتل صحفيان في قصف جوي في ذمار في الاعتقال، وهناك اثنا عشر صحفياً ومعتقلاً في صنعاء، والانتهاكات في المناطق كلها. ويبدو أن الأطراف كلها تتنافس وتتبارى على قمع الصحفيين والحريات الصحفية.

نحن اليوم نتفوق عل الزملاء السودانيين في صدارة البلدان الأخطر على حياة الصحفيين والحريات الصحفية، وربما لو استمرت الحرب سنتتبوأ الرقم (1) في قمع الحريات الصحفية، وسنتقدم على كل دكتاتوريات العالم بدون استثناء.

تضامننا مع الزملاء "السومانيين" المصطلح الذي نحته شيخ الصحافة اليمنية الراحل صالح الدحان، وتحيةً لـ (مراسلين بلا حدود) والتي رصدت وتضامنت مع الزملاء في السودان.

قراءة 3455 مرات

من أحدث عبدالباري طاهر