طباعة

لن أفقدَ الصَّبر "شعر"

الخميس, 13 أيلول/سبتمبر 2018 18:12 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)


إلى أطفال اليمن، الذين يُدفنون تحت الأنقاض، وتُمزَّق أجسادهم في حرب لا يفهمونها.

 

إبكِ الضَّحايا وجُدْ بالدَّمعِ يا وطني      واجمع بقاياهمُ في السَّهلِ والهِضَبِ

وكفِّنِ الطِّفلَ قبِّل وجنةً رسمَتْ              أيدي البغاةِ عليها أعمقَ النُّدَبِ

وابسطْ له بحنانٍ راحتيكَ إذا                حان الرَّحيلُ كمهدٍ ناعمٍ رطِبِ

وسرْ به نحو مثواهُ على مهَلٍ             لا تفزعَنْه بخطوٍ مسرع الخببِ

لا تجعلَنْه يعاني البعدَ عن حُضِنٍ         يأوي إليه إذا ما حسَّ بالسَّغبِ

وسِّده في القبرِ ورداً إذ تودِّعُه           دثِّره بالحبِّ لا بالصَّخرِ والتُرَبِ

وانثر دموعاً على قبرٍ به ملَكٌ           أضحى بديلاً له عن منزلٍ خربِ

يا قبرُ أودعتُ طفلي فيكَ مؤتمِناً    فاحفظه من فزعٍ وابعده عن صخبِ

كم منزل قد هوى واندكَّ ساكنُه            كم نائم لم يفق من نومِه العذبِ

كم بسمة جمدت في وجهِ صاحبِها     كم صرخة خُنقت في حلقِ منتحبِ

كم شهقة صعدت من جوف مرضعةٍ   كم غارة ألصقت طفلاً بجسم أبِ

من ذا يُلام على حربٍ تدمِّرنا        من ذا يُلامُ على ما حلَّ من كرَبِ؟

أحقُّ باللَّوم أنتم يا بني وطني           تسترخصون دماكمْ دونما سببِ

أين القلوب الرَّقيقات التي وُصفتْ       بالحبِّ والودِّ والإيثارِ والحدَبِ

أنتم يمانون من ينكرْ شجاعتَكمْ       أنتم أولي البأسِ والعلياءِ والرُّتبِ

شموخكم أذهل الدنيا ووثبتكم          تحير الخصم بين الأسر والهرب

لكنَّ بأسكمُ قد صار بينكمُ              هل هذه نخوةُ الفرسانِ والنُّجبِ

البأس إن يقترن بالجهل كارثة           ومحنة ما عدانا قطُّ لم تُصبِ

أوغلتم اليوم في تقتيل بعضكمُ        يا بئس من هدف يا سوءَ منقلبِ

غداً ستُفجع أجيال إذا ذُكرت          أفعالكم ورأت ما خُطَّ في الكتبِ  

لن نشتكي لطغاةِ الأرض محنتَنا              لن نستغيثَ بأفَّاقٍ ومُرتكبِ

نشكوا إليكمْ ومنكمْ فتنةً عصفت           أنتم وقودٌ لها بالجهلِ والغضبِ

أحالت السلمَ حرباً والورودَ دماً   والأرضُ ترزح تحت القصفِ واللَّهبِ

منحتم الطَّامع الباغي ذرائعه        صرتم له في أتون الحرب كالحطبِ

هاكم ترون طغاة الأرض قد وثبوا    وموَّهوا قصدهم بالزَّيف والكذبِ

لا يبتغون لنا خيراً وإن زعموا              فكلُّنا لهم بعضٌ من السَّلبِ

هل نرتجي الخير من أعداءِ أمَّتنا      ونصلهم سمُّه مازال في عصبي

في القدس مازال مغروساً له أثرٌ      في الرَّافدين وفي فزَّانَ في حلبِ

في كلِّ قطر لهم جُرمٌ نشاهده         رغم الأكاذيب والتعتيم والحُجُبِ

لا خير في دولٍ تبدي صداقتها   وتضمر الشَّرَّ، هل ينفيه غير غبي؟

فلتحترب إن أرادت في مواطنها     ما نحن بالتَّابع المأمور والذَّنبِ

ليتركونا نداوي نحن علَّتنا          ولينعموا هم بخير النفط والذَّهبِ

إمضوا إلى السِّلم يا أهلي فإن لكمْ   فيه انعتاقاً من الأوجاع والوصَبِ

لن تُحسَم الحرب بالصاروخ يحصدنا       ولا بفوضى وتقتيل ولا شغبِ

إمضوا إلى السِّلم سوُّوا الأمر بينكمُ         وابنوا بلادكمُ بالحبِّ والدَّأبِ

قراءة 25369 مرات

من أحدث د. أحمد قايد الصايدي