طباعة

المشاريع المؤسسة للدولة اليمنية المعاصرة

الخميس, 13 كانون1/ديسمبر 2018 20:00 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)


في خضم الحرب التي تدور رحاها في اليمن بين طرفين رئيسيين واطراف اخرى مختزلة او متضمنة في ثنايا الطرفين الرئيسيين، تتناوب اليمن عدة مشاريع سياسية- عسكرية (حاليا) لها منافذها وامتدادتها الخارجية بشكل او بآخر، وإنه من العجيب تناول موضوع الحرب في اليمن دون ان يتم تقييم تلك المشاريع وارتباطاتها وعلاقاتها، اضافة لما تنتجه على ارض الواقع من افرازات تعبر عن كنهها وجوهرها الفعلي، علنا او سرا، لذلك لا يمكن القفز على رؤية هذه وتقييمها، لنبحث في سراب اسمه استعادة الدولة، اذا كانت تلك الدولة قد اتهم بسرقتها سابقا عفاش ومنظومة حكمه، بينما استلقت المعارضة السياسية له بكل ثقلها على صدر الدولة في المرحلة ما بين تركه رئاسة الدولة وحتى نشوب الحرب، بالشراكة طبعا مع الجزء المنقلب على عفاش من منظومة حكمه السابق.

تدعونا هذه الخلفية السياسية للاحداث في مسارها التاريخي إلى السؤال الهام وبالتأكيد ليس الوحيد، حول ما هي الدولة التي يتحدث عنها البعض ليلا ونهارا والمطلوب استعادتها ولو بالحرب، في الغد القريب ستسعاد الدولة من الحوثيين، لاحقا سيتم استعادتها ايضا من خصوم اخرين قد يكونون الانفصاليين الجنوبيين، او غيرهم، هكذا ستستمر دورة الحرب في دوران لا نهائي لاستعادة الدولة، التي كان يقول ابطالها إنها لم تكن موجودة اصلا في ذات احاديث سابقة.

لنعرج الان مباشرة في المشاريع السياسية عن الدولة المتنازع عليها لننظر مدى مصادقية الحديث حول استعادتها، واين تكمن الحرب في كل ذلك وماهي اهميتها وإذا ما كانت هي الحل المفضل ولاغيره لاستعادة الدولة وعودة روح المواطنة وقوانينها وتشريعاتها التي لم ترى النور على المستوى التنفيذي الميداني من اصله.

1. مشروع الشرعية- السلطة:

عنوان المشروع هو الدولة اليمنية الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة، كاننا في حلم جميل لانريده ان ينتهي، بينما ببساطة يقف هذا المشروع على جماهيرية سياسية مشتتة ويعتمد في تمويله على دول التحالف التي هي في الأساس لا صلة لها ولا علاقة بدولة المواطنة ولها اهدافها الخاصة، ويرتكز في شعبيته على استقطاب الولاءات بسبل واساليب مختلفة تحت غطاء الدعم الدولي لشرعيته، ويتحرك بسيقان عسكرية متعددة تحت مسميات كثيرة، منها ماهو مزدوج الولاء والارتباط، واخر مايبحث عنه انصار هذا المشروع هو مخرجات الحوار الوطني، بدليل تكديسهم للثروات العائدة لهم من ولائهم، دون ان يعرضوا انفسهم لأي معترك حياتي جدي ومؤثر، هم ضد اي اضراب وليسوا مع اي تظاهر ولا يحترمون حقوق الانسان وحرياته، بل يمررون الاف الممارسات ويؤيدونها و التي لا تدل الا على مشروع سلطوي قادم ومتعجرف،إذن هم ليسوا سوى سلطة وهذا المشروع سلطوي ومتسلق يرهق رقاب الناس باعبائه الثقيلة والمقيتة، المشكلة الأكبر إنه يتضمن في أحشائه مشاريع متناقضة وجمة، منها ماتوظفه القوى السياسية الدينية لآمالها التاريخية بالدولة وحكمها بشتى تنويعاتها تحت شعار الدين، ومنها ما حاول ان يكون مستقلا باطروحاته الجهوية الجغرافية التي آلت على يديه لان تصبح رابطة دم عنصرية، ومنها ما هو انعكاس لديمومة بقاء النظام الفاسد والانتهازية بالتغذية على تناقضات الاطراف لخدمة لوبي فساد من الدرجة الأولى المتفوقة، وهذا ما وضحته وبينته السنوات الماضية، إذن اين ذهبت دولة المواطنة المطلوب استعادتها، اذا كان كل ما يتم ويحدث هو تكريس للقوى وأدوارها ونفوذها وموازينها، شئنا أم ابينا.

2. المشروع الانقلابي الشمولي الديكتاتوري الغاشم:

هذا المشروع لا يعدو له الا ان يكون اذا جاز التعبير لعبة بيد طفل يجيد القتال ولا شئ غيره، هذه اللعبة التي تحولت الى كابوس يجثم على صدور قطاع واسع من افراد الشعب، كلما وقعت نبرات كلماته في آذانهم استتباعا لتجربة تاريخية مأساوية ومقيتة، نجح خصومه في الترويج لها، مشروع انفرادي وفردي يخدم من يحمله على اكتافه من المستفيدين اكثر مما يخدم مبدأ المشروع القائم على فكرة المسيرة القرآنية، التي توضح طابع الحركة الايدلوجي الذي يعيدنا الى عصور سحيقة، اذن لا رهان لدى هذا المشروع سوى الموت، هذا واضح من عنوانه، لان الفاتحين الجدد ورطوا اكثر من 20 مليونا آخرين هم من يدفعون اليوم ثمنا لبقائهم احياء حيث لا يعيرهم طرفا الحرب الرئيسيين اي اهتمام او مقدار والا كانوا فكروا مليا ليمنعوا انفسهم عن الحرب وليس ليندفعوا فيها.

3. مشروع دولة المواطنة: هذا المشروع اليتيم الذي لا يحمل سلاحا ولايملك مالا ودعاته يغردون لوحدهم حيث تحتويهم الاطراف الأخرى بنسب متفاوتة، مشروع لا يمتلك سوى افكارا سرمدية لا تجد لها ارضا في الواقع تقف عليها، يبدو أن هذا المشروع خارج الزمان والمكان ولا يتجاوب ايجابيا مع تداعيات الحرب، قد يكون مستندا على إحدى المرجعيات لكنه يسقط قتيلا في كل لحظة عندما يقف ليراهن على طرف ما لا يمنحه مثقالا او اعتبارا يجعله يستأسد في الدفاع عن موقعه، يراهن بخسارة حين يربح الاخرون، شعاره اما المواطنة والا فلا، لكنه لا يحتضن الجميع لان عليه اولا واخيرا ان يقف في خانة سياسية من نوع ما لها حضورها الفيزيائي الصرف، كان نقول مثلا هو جزء من هذه الدولة التي يراد لها ان تستعاد بينما لما تكن موجودة، او ان يقف على عوامة الوطن كفكرة سابقة للمشاريع السلطوية التسلطية بكل انواعها ليطفو متجها حيث ما تأخذ الموجة هذا الوطن، لذلك يرى بعض انصاره ان ديمومة الحرب تمثل املا في تناقض صريح مع طبيعة المشروع ذاته..وللحديث بقية.

قراءة 8402 مرات

من أحدث وضاح اليمن الحريري