طباعة

11فبراير.. إرادة شعب ومسيرة وطن

الإثنين, 11 شباط/فبراير 2019 17:15 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

يصادف يوم الاثنين 11 فبراير 2019م  الذكرى الثامنة  من عمر ثورة فبراير الشبابية السلمية  التي ستقرأ عنها الأجيال الناشئة والقادمة كأبرز حدث تاريخي في عصر اليمن الحديث صنعه شباب وشابات اليمن بعرقهم ودمائهم بعيدا عن الفوضى والتخريب والانتقام وبعيداً عن العنف والإقصاء والتهميش.

لم تكن ثورة الـ 11 من فبراير مخطط تآمري كما يصفها البعض؛ ولم تكن مجرد صدفة عابرة لربيع عربي ساخن كما يظن البعض؛ بل إن ثورة فبراير كانت استجابة حتمية لحصيلة من التراكمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية أثقلت كاهل اليمنيين وعصفت بهم على مدى عقدين من الزمن كأقل تحديد منذ ولادت أمل اليمانيين المغدور به في الـ 22 من مايو 1990م.

عشرون عاما منذ إعلان ميلاد الجمهورية اليمنية كانت اليمن تمضي من منزلق خطير إلى منزلق أخطر تحت قيادة نظام لا يأبه بخطورة الوضع منشغل في الانتقام من الخصوم السياسيين والاستحواذ على خيرات ومقدرات البلاد؛ نظام يرى في كل صوت رافض للظلم والفساد ومناهض للإقصاء والتهميش يرى فيه العمالة والخيانة والارتهان للخارج ليس إلا.

لقد مر اليمن واليمنيين خلال عشرين عاما منذ إعلان مشروع الوحدة بعدد من المنعطفات الخطيرة بدأت حدتها بإعلان حرب صيف 94م الظالمة ضد شريك الوحدة الأساسي وهو الحزب الاشتراكي اليمني والتي تحولت هذه الحرب سريعاً إلى حرب جهوية ومناطقية استهدفت الجنوب أرضاً وإنساناً وفكراً وثقافةً وتحول الجنوب إلى اقطاعيات خاصة بهوامير الحرب الملعونة من عسكريين ومشايخ وسياسيين وتجار من أبناء الهضبة.

وحين رأى البعض من القادة الوطنيين - جلهم  اشتراكيين - أن اليمن يذهب في منزلق خطير قد يهوي إلى الأسفل حينها يكون من الصعب انقاذه؛ عادوا إلى الوطن وكرسوا جهودهم في سبيل إصلاح  الأوضاع  بالعمل والنصح والمشورة  ولكن كانت هذه الجهود تنصدم دائما بتعنت النظام الحاكم ظنا منه أنه يسلك الطريق الصحيح وأن كل من حوله ليسوا سوى ثعابين مسمومة يجب تجنبها وعدم النظر إليها.

بعد كل هذه الأحداث تبنى النظام الحاكم بقيادة علي عبدالله صالح خطوة جنونية مدمرة لا تقل في خطورتها عما سبق ولم تكن في مصلحة الوطن والشعب ولا في مصلحة الحاكم نفسه؛ تمثلت هذه الخطوة بالتخلص من الخصوم إما بالقتل والاغتيال أو بشراء الولاءات أو بالمواجهة العسكرية، ولقد كانت حادثة اغتيال الشهيد جارالله عمر رحمه الله أواخر عام 2002م رسالة واضحة من رئيس النظام لمعارضيه بأنه سيمضي باليمن حسب رغباته ونزواته وأنه فوق الدستور والقانون؛ الأمر الذي أدى إلى تصاعد الوضع وأُدخلت البلاد في حروب عسكرية متفاوتة في شمال اليمن بينما في ذات الوقت كان الجنوب في مواجهات عسكرية ضد كل من يقول أنا مظلوم أنا بلا مرتب أنا بلا وظيفة أنا بلا أرض ومسكن.

يستمر نظام صالح القمعي في إشعال وضع البلد المنهك دون اكتراث بالعواقب الوخيمة التي قد تحصل جراء ذلك.

تأتي فترة الانتخابات البرلمانية لعام 2009م التي تم تأجيلها لمدة سنتين إضافيتين لكون اليمنيين خارج الحزب الحاكم  بمختلف أحزابهم السياسية ومكوناتهم الاجتماعية رأت أن إجراء انتخابات دون عملية إصلاح سياسي لن يجدي نفعا بل سيزيد الوضع الداخلي تعقيدا على ما هو عليه؛ وعلى ذلك تم تأجيل الانتخابات إلى حين يتم إجراء بعض الإصلاحات الانتخابية وإجراء حوارا سياسيا يمثل كل القوى السياسية في الساحة اليمنية؛ إلا أن ذلك لم يحدث رغم موافقة رئيس النظام صالح على مضض بعد إقناعه من قبل نائبه حينها عبدربه منصور هادي والراحل عبدالكريم الإرياني كانت هذه المجريات قبل اندلاع ثورة الشباب السلمية بأشهر قليلة.

إذن فقد اندلعت ثورة الحادي عشر من فبراير عام 2011م في وقت كان رئيس النظام السابق الراحل علي عبدالله صالح قد أغلق كل نوافذ الأمل فيما يخص الوضع السياسي المعقد في اليمن.

وفي الوقت الذي كان الوضع السياسي يزداد تعقيدا عاما بعد أخر؛ كان الوضع الاقتصادي والمعيشي والتعليمي في توازي يزداد هو الأخر سوءا وتدهورا يوما بعد أخر.

إذ أستفحل حجم الفساد في نظام صالح إلى درجة أنه صنف كأفسد نظام حاكم في العالم؛ وأصبح اليمنيون تحت وطأة الفقر والمعاناة وغلاء المعيشة إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة وسط الشباب لاسيما خريجي الجامعات الذين وجدوا أنفسهم على قارعة الطريق؛ وحين رأى هؤلاء الشباب كل الأبواب مؤصدة أمامهم لم يكن بوسعهم سوى فتح نافذة جديدة للإطلال على المستقبل تجلت شكلها في ثورة فبراير الشبابية السلمية التي رسمت أفقاً جديداً يلبي تطلعات وآمال كل أبناء اليمن بمن فيهم صالح وحزبه وحاشيته الذين أثخنوا جراح الوطن والشعب لعقود طويلة.

جاءت ثورة فبراير كومضة مضيئة أزالت عتمة شديدة حجبت عن اليمنيين نور المستقبل لسنوات كثيرة.

جاءت ثورة فبراير الشبابية السلمية لتؤسس عهدا جديدا لكل أبناء اليمن شمالا وجنوبا وشرقا وغربا يكون فيه الجميع متساويين في الحقوق والواجبات؛ جاءت لكي تعيد مجد سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر الذي ضاع في معاطف الفاسدين والعابثين دون رحمة أو خجل.

لم تأت ثورة فبراير لكي تذهب؛ ولم تحيا لكي تموت؛ لقد أشرقت ثورة فبراير الشبابية دون غياب ومازالت حتى اليوم في أشد سطوعها رغم محاولة أعدائها حجب نورها من خلال غبار فوضاهم المتعجرفة إلا أنهم فشلوا وهزموا بعد أن تاهوا وتخبطوا في غبار فوضاهم.

لم تكن ثورة فبراير "نكبةً" إلا على الفاسدين والمستحوذين والمتلاعبين بخيرات هذا الوطن. 

لم تكن ثورة فبراير "مؤامرة خارجية"  ولو كانت كذلك لفشلت؛ بل إنها إرادة شعب حطمت المتآمرين عليها ودفنتهم تحت التراب.

لم تكن ثورة فبراير "ضعيفة" ولو كانت كذلك لقُتلت أمام بندقية القوى الرجعية الظلامية المتخلفة؛ بل إنها قوية وشامخة تستمد قوتها من إرادة الشعب وتكمن قوتها في أهميتها الوطنية والشعبية التي تعد للوطن والشعب بمثابة الدرب والمسلك الوحيد نحو المستقبل الأفضل الذي يحلم به الجميع.

أجزم أن الحرب الدائرة حاليا في بلدنا ستنتهي عما قريب وسنعود جميعا إلى طريق الحادي عشر من فبراير نهتدي بعلاماتها البارزة المتمثلة بمخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور؛ سنعود حتما حين يدرك المتغطرسين أنهم مهزومين لامحالة وأنه لا سبيل أمامهم إلا أن يكونوا مع الشعب وجزء من الشعب لا حكام  وأسياد عليه بالقوة والغلبة والقهر.

الرحمة والخلود للشهداء

المجد للوطن 

الحرية للشعب

النصر للثورة والمستقبل

 

10 فبراير 2019

قراءة 4761 مرات آخر تعديل على الإثنين, 11 شباط/فبراير 2019 17:17

من أحدث محسن فضل