طباعة

أمي في عيدها العالمي مقتولة؟!

الخميس, 21 آذار/مارس 2019 18:43 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

جراح أمي تنزف كل يوم، لا أم لي غير اليمن، أطفالها كل يوم يشرد ويقتل، أين ما بقاء من الابناء لإنقاذها؟!

"يا قريتي صيحي بصوت عالي..

قيمي الرقود بالسفل والعوالي

وخبريهم موجرى لحالي..

ثوري هلك وضيعوا نبالي

وأمي تموت دلى دلى قبالي..

وتلعن الأيام والليالي…"

وما بين أشواق وأشجان وحنين شاعرنا الكبير سلطان الصريمي للوطن المستقر الحر، وبين ما يعاني من مأسي يتجرع مرارتها الانسان اليمني والارض والمرأة اليمنية، ناتج عن قساوة الحياة في هذا البلد مع اغتراب الحبيب والهجر، ومرارة العيش مع خذلان الرجل للمرأة والبيئة وترك اليمن للعابثين، وما بين تغاريد فقيد الوطن محمد عبدالباري الفتيح، من لحن المعاناة، مخاطب الطير والحجر والشجر، عن هجر الانسان اليمني لبلده.

صدحت بها حنجرة المبدع عبدالباسط عبسي، والتراتيل الريفية المدمية للقلب قبل الفؤاد، المنعش للروح والمريخ البال، الصوت الشاحب والشجي، فنان اليمن- الارض والانسان.

ومن وحي قصة أدبية، للراوي والاديب اليمني/ محمد أحمد عبدالولي، نستلهم الكثير وتشرح لنا قضية، من قضايا عدة يعاني منها المجتمع اليمني، القصة بعنوان “الارض يا سلمى”.

في البداية تروي القصة عن جمال الريف في بداية فصل الربيع، المصحوب بتفتح الازهار والهطول للأمطار والجو النقي، وتصاعد لرائحة التراب مع حراثة الارض، واستبشار الفلاحيين بموسم زراعي قادم، وتأهبهم للمصالحة مع الارض، بعد شتاء أجدب.

تحكي القصة عن الهجر ومعاناة -ألم مع غياب الحبيب- إغتراب في دولة خارج البلد لفترة طويلة من السنين، متجاهل حد النسيان، شريكة حياته، وكأنه لا يدرك أن لها حقوق عليه، مثلما له حقوق عليها، أشبه بعاملة تحرس وتخدم الارض فقط، من هنا، بدأ السلب لحقوق المرأة، فالزواج هو الالتحام بين الجنسين والتكامل الذي يشكل أسرة، او الجلوس في بيت والدها لخدمة عائلتها معززة مكرمة أفضل، اذا كان الزوج بهذا الشكل المقرف، الذي يصور لنا أن المرأة لوحدها خلقت لخدمة الارض، وخذلان الرجل من البقاء معها والمشاركة في الحياة وإحياء الارض.

يوضح أيضا، حجم المعاناة التي تتحملها الأنثى من الاعمال الشاقة في الريف من (زراعة للأرض، ونقل الماء من مسافات بعيدة، وطحن الحبوب بالأحجار)، إضافة الى إجبار الفتيات على الزواج في سن مبكر -زواج صغيرات السن، وهذا يعد انتهاك صارخ لحقوق الانسان، وتزوجهن دون علمهن كما يرغب الاباء والأمهات، بمعنى الزواج التقليدي، ولم يكن زواج برغبة الزوجين أنفسهم وبقناعتهم التامة، والذي نتج على أن الزواج التقليدي خلف كثير من الكوارث على الأسر والمجتمع.

فاليوم الوعي يتراكم وللمرأة حق أن تخلع بزوجها في حال غيابه وهجره لها عدة سنوات، في حال عدم التزامه والوفاء بحقوق لها.

يدلل من القصة الارتباط الوثيق بين الارض والمرأة-أي استقرار الأسر في الريف، وإحياء الارض بدل من هجرها.

كتبت القصة في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، بعد أن كانت تعيش اليمن انغلاق عزلها عن العالم الخارجي بسبب سياسة الحكم الإمامي الكهنوتي المستبد، كما لبعض من سلبيات انفتاح اليمن عن الخارج في تلك فترة، وسافر الكثير من اليمنيين، التي كانت أشبه بهجرة من الوطن الأم الى دول الجوار بحثا عن  العمل، غادروا الارض كفلاحين، تركوها تتصحر، حملوا مسؤولية إحيائها وزراعتها -المرأة لوحدها، بعد أن كانوا شركاء في إحيائها وزراعتها (الرجل، المرأة) معا، وهنا حلت الكارثة على اليمن، بمغادرة الرجل للبلد، وعزوفه عن زراعة الارض الذي تعد حياته الأولى، وحياة الاجيال من بعده، وانسلاخه عن شريكة حياته -المرأة، وباغتراب الفلاحين، سلبت من الأرض حق عليه هو -زراعتها، وسلبت حقوق المرأة مع فقدان الأرض حقها.

يوضح نهاية القصة تضحيات المرأة-الزوجة من اجل الارض، وإهمال الزوج للأرض ومن خلفه أبنائه، وترك الارض الزراعية، تعقر وتتصحر.

كما يشرح أهمية الارض وزراعتها في تحقيق الأمن الغذائي الجيد، وان تكون حرا لتأكل ما زرعت يدك، وأنبتت أرضك.

من القصة نستلهم ايضا أن الارض هي الأم الكبير، الذي يجب أن نحبها ونخدمها وندافع عن حقها في الحياة جيلا بعد جيل.

قراءة 4820 مرات آخر تعديل على الخميس, 21 آذار/مارس 2019 18:45

من أحدث محمد هائل السامعي