طباعة

لماذا التشكيك في مقاصد الحملة الأمنية؟

الأحد, 24 آذار/مارس 2019 21:25 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

في مساء الاربعاء الماضي وبأمر من المحافظ نبيل شمسان ، تحركت ما تسمى بالحملة الأمنية للبحث عن مطلوبين للعدالة وفرض سلطة الدولة داخل المدينة القديمة، وهذا من حيث المبدأ شيء طبيعي ومعقول بل وواجب الحدوث في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده مدينة تعز، لكن ذلك يتوجب في الأساس وجود دوله أو حتى سلطة عامه تستشعر مفهوم الدولة بكونها سلطة عامة ومرجعية عليا في نظر الجماعة المحكومة التي تجد نفسها ملزمة بالطاعة والتسليم ليس لأشخاص أو أحزاب حاكمين بذواتهم بل لفكرة عامة تمثل دائما إرادة المجتمع وتسمى في مخيالهم السياسي وواقعهم المادي دولة، وهذا بلا شك يستدعي في أدنى الأحوال وجود سلطة عامة -مؤسسات مدنية وعسكرية- تمارس على الجميع دون إستثناء سلوك الدولة، التي لا تعرف سوى النظام والقانون كمعيار لممارسة سلطتها وتحركها على جميع الأفراد والمكونات الاجتماعية والسياسية الخارجة عن القانون والدستور، وذلك لن يكون إلا في حال أن يتربع على رأس تلك المؤسسات السلطوية رجالات دولة، أو من تم أعدادهم لمثل هذا المهام الوطني والنضالي، لا أشخاص صنعتهم الصدفة أو المحسوبية بكل أشكالها وابعادها (الحزبية أو المناطقية...الخ) أو حتى أتوا نتيجة الفراغ اللحظي الذي يحدث بفعل الانكسارات التي قد تصيب بعض المجتمعات التقليدية كالحروب وغيرها.

ما أقصده هنا أنه عندما تغيب الدولة بمعيار فكرتها هي وليس بفكرة الحائزين لسلطتها، أو لا تتأسس في واقع الناس إبتداءً على تلك المعايير الناظمة لمشروعيتها اولاً، وللعدالة بشكل عام ثانيا، أو تحاول تطبيق القانون بشكل إنتقائي تحت أي مبررات قد تبدو للبعض مقبولة من باب القصور أو المحظور، فإن الطبيعي والمتوقع في المقابل ليس التشكيك في مصداقية حملة أمنية فقط، بل يكون التشكيك طبيعي ومقبول في مؤسسات السلطة بذاتها وبسلوكها واهدافها دائما، مهما حاولت أن تقدم نفسها أو تقدم تحركها باسم الدولة التي تظل بالفعل غائبه، وذلك ما يحدث في تعز وسوف يستمر، حتى توجد الدولة بمعيار فكرتها السياسية والمجتمعية والقانونية وحتى الأخلاقية لا بمعيار الحائزين لسلطتها وهوائهم السياسي، وحتى ذلك الحين سوف يتضخم الملف الحقوقي والإنساني في هذه المدينة وبشكل يضع الجميع تحت طاولة العدالة والمساءلة القانونية وحتى تحت مساءلة الضمير الإنساني الذي سوف يتولى بلا شك كتابة التاريخ للأجيال القادمة.

قراءة 5873 مرات

من أحدث فهمي محمد عبدالرحمن