طباعة

اكتمال مسارات الشرعية مميز

  • الاشتراكي نت / فؤاد محسن

الجمعة, 19 نيسان/أبريل 2019 19:44
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

خلال مسيرة الدم والدمار التي دشنتها ميليشيا الحوثي في سبتمبر 2014, ضد اليمن واليمنيين,  وهي بالتأكيد مسيرة حافلة بشتى صنوف المآسي والمعاناة في كافة مناحي الحياة ومختلف الصعد, لكنها مع ذلك هذه  لا تخلو من خطوة ايجابية, هي بلا ريب الحسنة الوحيدة التي يمكن أن تحسب لمليشيا الانقلاب: عدم السماح لمجلس النواب حينها بالانعقاد وقبول استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي.

وأيا كانت حسابات الميليشيا وقتئذ, فقد وقعت بوعي اوبدون وعي بشر اعمالها. إذ سمحت لأهم هيئة سيادية في البلاد من الفكاك من عقابيل  تآمرها على مؤسسات الدولة بشقيها المدني والعسكري علاوة علي  محاولاتها الخبيثة تفكيك اطر النسيج المجتمعي ومسخ اواصر المجتمع اليمني الواحد تحت هويات مذهبية لا تمت الى اليمن الأرض والإنسان بصلة, ولا تخدم سوى المشروع الايراني الطائفي, ربيب ومول مشاريع التفتيت والكراهية في المنطقة.

لم تكتشف مليشيا الانقلاب أنها وقعت في شر أعمالها بمنعها مجلس النواب من الانعقاد وقبول استقالة الرئيس هادي، إلا مؤخرا, وتحديدا السبت الماضي (13 ابريل 2019) في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت, حيث انعقد مجلس النواب اليمني بنصاب شرعي فاق كل توقعات المرجفين بعد شتات اربعة اعوام.

ربما كان وقع هذا اليوم البرلماني على رأس الانقلاب وحاشية طهران في صنعاء كالصاعقة, فلو أنهم سمحوا لبرلمان ما قبل الانقلاب لانتهت رئاسة هادي وشرعية الحكومة التي تنافح على مدى اربع سنوات لاستعادة الدولة وانتزاع مؤسساتها من بين فكي الكهنوت والطائفية.

فمنذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء في ايلول الأسود من العام 2014, اصدرت كتائب الموت على الفور ما سمته ب "الإعلان الدستوري" الذي وفقا لحساباتها, ألغى الدستور ومجلس النواب، واسلمت مصائر البلاد والعباد لما وصفتها ب"اللجنة الثورية العليا" التي يرأسها محمد علي الحوثي، ومن ثم وضعوا الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي تحت الإقامة الجبرية، تحت ذريعة واهية، هي حرصا على حياته من القاعدة والدواعش، وهي الحجة ذاتها التي قمعوا بها المتظاهرين في جامعة صنعاء، بعد دخولهم العاصمة، بمبرر الخوف من أن ترسل القاعدة وداعش للمتظاهرين انتحاريين وأحزمة ناسفة.

خلال مراحل التحضير لانعقاد البرلمان أخذت المليشيات تتابع ذلك بمبالاة من يجلس على الجمر, وحالما افتضحت لا مبالاتهم حيال الخطوة السيادية التي كانت الشرعية بصددها, ابتدعوا مسرحية الزيف الانتخابي في الدوائر التكميلية, كيما تصبح الفضيحة فضيحتين سياسيتين بامتياز. الأولى بأن جلساتهم التي كانوا يعقدونها تحت مسمى البرلمان لم تكن سوى تسويف وخداع لا أكثر, ذلك أن إعلانهم الدستوري كان قد ألغى مجلس النواب فيما حلّت ما يسمونها اللجنة الثورية محل المؤسسات التنفيذية والتشريعية.

 أما الفضيحة الثانية أن انتخاباتهم التكميلية لا تستند الى اي مسوغ قانوني اودستور, مع العلم أن كل ما فعلوه ويفعلونه الى اليوم لا يستند الى اي شيء عدا ما تقوله طهران وما تريده.

ظلت الميليشيا تراقب, كمن يحتضر, الزخم البرلماني الذي احتضنته سيئون وتوافد البرلمانيين ورئيس الجمهورية واعضاء الحكومة وسفراء الدول الراعية للمبادرة الخليجية وممثلي الأمم المتحدة والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي, هذا الحدث الذي اظهر مسرحية انتخاباتهم الهزلية في صنعاء كأنها مسخ وشذوذ سياسي لا لون ولا تاريخ له .

لا ريب أن ميليشيا الأنقلاب باتت على قناعة تامة ويقين مطلق, حتى وإن لم تظهر ذلك, بإنه بإنعقاد مجلس النواب يكتمل بنيان مؤسسات الشرعية وتتعزز فاعليتها في ترسيخ الاستقرار والبناء، واستكمال مسار إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة، وبناء دولة النظام والقانون.

وبعيدا عن التشكيك في مدى نجاح أوفشل المجلس وتأخر انعقاده  كثيرا والذي كان يفترض أن يباشر البرلمان مهامه منذ صدور قرار نقل مقره إلى العاصمة المؤقتة عدن في يناير/كانون الثاني 2017, بعيدا عن كل ذلك في تحقيق ما يصبو اليه السواد الأعظم من جموع اليمنيين الا إنه سيكون بمثابة تأكيد على التوافقات السياسية التي تعد أساس المرحلة الحالية، وسيشكل خطوة مهمة في سبيل استعادة المسار السياسي.

كما ان استئناف جلسات المجلس في هذه المرحلة - خطوة إيجابية، كونها ستسحب البساط من تحت الانقلابيين، وتفقدهم ورقة المؤسسة التشريعية بما تمثله من رمزية مهمة للدولة، إضافة إلى أنه سيساهم في وضع حد للكثير من الاختلالات في الحكومة الشرعية، عبر تشريع عدد من القرارات، والتصديق على الكثير من الاتفاقات، وممارسة الدور الرقابي والتشريعي على أداء الحكومة عبر المساءلة والاستدعاءات, علاوة على اعادة الثقة بالشرعية، وتشجيع بقية مؤسسات الحكومة على العودة إلى الداخل وممارسة نشاطها, واستئناف العمل على تنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني واستكمال الانتقال السلمي للسلطة.

واكثر من اي وقت مضى, يدرك اليمنيون اليوم  في كل المناطق بما فيها الواقعة تحت سيطرة الانقلاب حجم المخاطر وطبيعة التحديات الناجمة عن انقلاب مليشيا الحوثي العنصرية وحربها المدمرة على الشعب اليمني وما أحدثته من دمار في مؤسسات الدولة, وهو الأمر الذي يضع  الجميع شعبا وحكومة أمام خيار وحيد هو النجاح في إنقاذ الوطن ومستقبل أجياله وإنجاز المهام الوطنية الجسيمة والانتصار لحق الشعب في الحياة والحرية والكرامة ما يتطلب توحيد كل الطاقات والجهود وبذلها في سبيل غاية واحدة،  هي إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة بكامل سيادتها وسلطاتها.

وما التئام البرلمان مطلع الأسبوع الماضي في مدينة سيئون والاعلان عن تشكيل تحالف سياسي جديد يضم مختلف التيارات السياسية,  سوى محطة من محطات النضال الذي يخوضه الشعب اليمني ضد جماعة دمرت الدولة وأنهت كل مؤسساتها, وعلامة لتوحد كافة اليمنيين بكل احزابهم واتجاهاتهم واطيافهم على قاعدة الشرعية والثوابت الوطنية وفي مواجهة المشروع الفارسي المدمر.

قراءة 2869 مرات

من أحدث