طباعة

من سيرة المناضل الوطني عبد الحفيظ علي جازم مميز

الأربعاء, 24 تموز/يوليو 2019 21:41 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الاعبوس منطقة شامخة القمم.. انجبت كوكبة رائعة من القادة السياسيين والاداريين ورجال الاعمال والمبدعين اكثرهم سطوعا الكاتب القصصي والروائي الذي اضاء المكتبة اليمنية وعالم الثقافة بشكل عام ؛ بباقات من الاعمال الادبية الرائعة :- محمد عبدالولي ..

كما أنجبت صفا واسعا من المثقفين والكوادر العلمية والاكاديمية وفي مجالات الهندسية والطب والادارة والاقتصاد وفي المجال العسكري والأمني.

وابنائها العمال المهرة في مختلف المهن الفنية ينتشرون في مختلف مناطق البلاد ، ينتشرون للبناء والاعمار في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ولم ينتشروا للغزو والنهب والتهريب والفساد..

في هذه المنطقة المبدعة والبناءة تنفس الصبح واشرقت الشمس في حارات عن عبسي جديد :-

اسمه عبدالحفيظ علي جازم.

في آواخر1948م تقريبا ايقظت حارات عددا من القوارح ابتهاجا بولادة العبسي الجديد..

تشامخت القمم واخضرت الوديان وانهمر المطر غزيرا مدرارا على حارات وعلي جبال حيفان ووادي الغدير احتفالا بولادة (مارد) ومارد هو الاسم الكفاحي (الحركي) ل عبدالحفيظ.. وقد لازمه على امتداد حياته الكفاحية..

زمن "الطاسة" كانت ولادة فقيدنا في الزمن الامامي البائس زمن الجن والقطران والمسرجة الحجرية ، زمن الجدري والطاعون والمجاعات والعسكري البراني المسكين الذي يحفظ عن ظهر قلب جغرافية اليمن اكثر من الهمداني.

زمن "نعرة الحمير" "ومحي النعر"، زمن "المدومي" والسودي" زمن الظلمة والشعوذة والخرافة .. كان عبدالحفيظ مثله مثل معظم ابناء هذا الشعب يرفض انظمة الظلم والقهر الاستبداد والفساد سواء أتت بمسوح القاضي او ببدلة العسكري او بقرون الامامة ..

الشعب اليمني تواق الى الحرية الى التقدم الى الديمقراطية والمواطنة المتساوية الى النور والعلم والثقافة والابداع . من اجل ذلك كافح عبدالحفيظ على امتداد اكثر من نصف قرن من الزمان .. كافح كفاحا ممنهجا ، مبرمجا منظما لم يكن عشوائيا اوعفويا ..

كافح متحدا مع غيره من ابناء الوطن ولم يتوانى عن تطوير وتوسيع معارفه تنظيميا وفكرا وسياسيا واخلاقيا وكان على خلق جميل ..

في مطلع الستينيات اتخذ عبدالحفيظ علي جازم وهو في مقتبل العمر مع غيره من الشباب في اطار حركة القوميين العرب في مدينة تعز وكانت المهمة الرئيسية حينها هي الدفاع عن النظام الجمهوري وهزيمة نظام الحكم الامامي القائم على تسلط الفرد والعائلة والسلالة المذهبية المغلوطة الموظفة للسياسة..

كان عبدالحفيظ عضوا نشطآ في تنظيم حركة القوميين العرب في تعز وقد أسهم مع رفاقه في تنظيم وحشد الجماهير الشعبية في الدفاع عن ثورة 26سبتمبر 1962م والنظام الجمهوري ..

وفي مؤتمر الحزب الديمقراطي الثوري اليمني , الذي انعقد في محافظة أبين في نوفمبر 1972م انتخب عبدالحفيظ الى اللجنة المركزية للحزب.

وواصل نشاطه الحزبي في اطار منظمة الحزب في العاصمة وفي اطار اللجنة النقابية العليا التابعة لمنظمة الحزب في صنعاء .

وكان له دورا مهما الى جانب رفاقه في اعادة تنظيم الحركة النقابية بعد أن تعرضت لعمليات قمع واسعة من قبل اجهزة الحكم بعد أحداث اغسطس 1968م المشؤومة التي استهدفت الحزب والحركة النقابية والقيادات المدنية والعسكرية والامنية والمقاومة الشعبية والشخصيات الاجتماعية بسبب الدور الأساسي الذي اضطلعت به في الدفاع عن العاصمة وهزيمة جحافل الاماميين وفك حصار ال70 يوما الشهيرة.

كان عبدالحفيظ من مؤسسي المقاومة الشعبية أبان حصار صيف 1967-1968م واحد قادتها الأساسيين في مصنع الغزل والنسيج في العاصمة .

مصنع الغزل الذي كان يمثل هدفا اساسيا للإماميين حيث كانت خطتهم في اقتحام صنعاء مهاجمة المصنع أولآ واحتلاله والتمركز فيه ومن ثم الانطلاق منه الى اهداف أخرى عسكرية ومدنية. ولكن فشلت خطتهم بفضل صمود المقاومة والقوات المسلحة والأمن هزمت جحافل (الغزاة) الامامية وفي مقدمتهم دافيد إسمايلي اخر قائد للمرتزقة الأجانب في اليمن . وانتصر عبدالحفيظ ورفاقه وزملائه عمال وعاملات مصنع الغزل والنسيج ، ولكن وللأسف بعد هذا الانتصار فقد اتسعت اعمال القمع من قبل الحكام الجدد الذين تولوا الحكم بعد انقلاب 5نوفمبر1967م ضد قوى الانتصار المدنية والعسكرية ..

فقد امتلأ سجن القلعة بالقادة السياسيين في 1973-968م والعسكرين والنقابيين والمثقفين والقادة الإداريين في الجهاز المدني للدولة ومؤسسات القطاع العام وكانوا من مختلف مناطق اليمن ، وفي وقت لاحق جرى إغتيال بعضهم وكان في مقدمتهم ابطال الدفاع عن الجمهورية وكسر الحصار الامامي :"عبد الرقيب عبد الوهاب" والشيخ الشاعر والمقاتل احمد عبدربه العواضي ، والشيخ عبدالله القوسي ، ورميت جثثهم في ساحة ميدان التحرير في صنعاء ، وامتد القمع إلى ميدان الثقافة اتبع الحكام وحلفاءهم سياسية قمعية مسعورة ضد الثقافة الوطنية والقومية والإنسانية الحديثة والقديمة تحت شعار : "مكافحه الأفكار المستوردة" وبهذه الذريعة تعرض عبدالحفيظ علي جازم للاعتقال والتعذيب والضرب بسياط في (فيلا هادي الحشيشي) التي حولتها المخابرات العسكرية الى مكان لجلد المعتقلين في مارس _ابريل 1975م )..

كان فقيدنا حلو الشمائل شهم وكريم وامين نظيف اليد والعقل والضمير ، متمسكآ بكل القيم الإنسانية الايجابية ، محبوبا من كل من عرفه ..

وفي ميدان السياسة كان ديمقراطيآ حقيقيآ سواء في الحياة الحزبية الداخلية او في المجتمع كان ديمقراطيا في علاقاته مع الجميع يؤمن ايمانآ راسخآ بالعمل من أجل اشاعه الديمقراطية في الحياه السياسية والفكرية والثقافية وفي مختلف جوانب الحياة .

وكان يرى ان تسود مبادئ وقيم الديمقراطية في الحياه الداخلية لمختلف الأحزاب والقوى السياسية والاجتماعية وفي العلاقات الأحزاب وبالذات بين الأحزاب والتنظيمات السياسية لما لذلك من علاقه مباشره بالمجتمع وبمستقبل الوطن والشعب وبناء الدولة اليمنية الديمقراطيه الحديثة .. كان يرفض التعصب الحزبي والمناطقي والمذهبي والقبلي ويرى في القبيلة انها مكون اجتماعي طبيعي انجبته ظروف وقوانين تطور المجتمع البشري وكذا المكونات الاجتماعية والسياسية الأخرى .

كان يرفض التعصب سواء كان تعصبآ سياسيآ أو إجتماعيآ أو فكريآ وثقافيآ وكل الوان واشكال التعصب..

كان يرى في الحوار نهجا صحيحآ لمعالجة القضايا السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية وفي نفس الوقت كان يؤمن بحق الشعب في رفض الحكام المستبدين والفاسدين وحقة في انتخاب مؤسسات الحكم بالطرق الديمقراطية أي بواسطة الانتخابات الحرة النزيهة ويرفض المحاصصة السياسية والإدارية لصلة ذلك بالفساد السياسي والمالي والإداري وإنتاج الخلافات والصراعات بين القوى السياسية المختلفة على مستوى القمة والقاعدة ويخلق بيئة ملائمة لبشاعة الانتهازية والوصولية وعدم الكفاءة .

كان عبدالحفيظ علي تعزي المولد . ولكنة كان وطنيآ نموذجيآ ، كان صنعانيآ وعدنيآ وتهاميآ وحضرميآ وإبيآ ولحجيآ وذماريآ وأبينيآ وحجيآ وكان شبوانيآ وماربيآ وامهريآ وجوفيآ وسقطريآ وصعديآ وعمرانيآ وكان يناضل من اجل مواطنة متساوية ومن اجل امن واستقرار اليمن وازدهارها ، يرفض التعصب المناطقي والمشاريع المناطقية السياسية الصغيرة ، وكان يؤمن ايمانآ مطلقآ ان المشروع الوطني الكبير ، مشروع الدولة اليمنية الديمقراطية الحديثه القائمة على المواطنة المتساوية والعدالة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي هو المنتصر..

الراحة والسكينة والمجد ، لعبدالحفيظ علي جازم .

* كتب هذا الموضوع عن فقيدنا المناضل عبدالحفيظ علي جازم في ذكرى ال40 يوما لوفاته عام2016م ولكنه لم يجد النور لنشره.

قراءة 3195 مرات آخر تعديل على الجمعة, 26 تموز/يوليو 2019 18:52

من أحدث أ. محمد احمد سالم الشيباني