طباعة

شرعنة لقتل العمد

السبت, 11 نيسان/أبريل 2020 23:14 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

لكأنَّ اليمن واليمنيين لا يكفيهم حرب أهلية مركبة ومدغمة في الصراع الإقليمي والدولي الذي حول اليمن إلى ميدان قتال بين إيران والسعودية والإمارات، ومعهم تجار الحروب الدوليين: أمريكا وبريطانيا وفرنسا. حرب الخمس السنوات شردت ما يزيد عن أربعة ملايين داخل بلدهم، وقد تكرر تشريدهم أكثر من مرة، وهناك مجاعة تطال غالبية السكان، وأوبئة فتاكة كالكوليرا والملاريا وحمى الضنك والتيفود، وبداية انتشار وباء الكورونا في ظل غياب أي إمكانية للرقابة والمستشفيات، أو المعدات الطبية، أو الفحص، أو التطبيب، أو العزل لشعب جائع لا يملك جزءاً من قوت يومه إلا بعد جهاد  أربعة وعشرين ساعة في شوارع المدن وأزقة الأرياف.

قتلى الحرب الأهلية والعدوان يتجاوز المئتي ألف، والمعاقون مئات الآلاف. كل ذلك لا يشبع القلوب المتعطشة لرؤية الدماء، وقتل النفس المحرمة التي قتلها في القرآن والإنجيل والتوراة يعني قتل الناس جميعا.

قبل أربعة أعوام اختطف أكثر من ثلاثين صحفياً، وأخفوا قسرياً لبضعة أشهر. خلال الأعوام الأربعة ظلوا معتقلين أو مخفيين؛ وهو ما يتنافى مع الدستور والقانون، وإعلان حقوق الإنسان، والإعلانات الدولية، وقبل ذلك القرآن الذي حرم الظلم.

يقدم للمحاكمة في محكمة أمن الدولة- وهي محكمة خاصة لا يقرها الدستور، ولا القانون- عشرة صحفيين يحكم على أربعة منهم بالإعدام، وهم: عبد الخالق أحمد عمران، وأكرم سالم الوليدي، وحارث صالح حميد، وتوفيق محمد ثابت المنصوري، بينما يحكم على الباقين بالاكتفاء بحبس الأربعة أعوام، مع وضعهم تحت المراقبة اليومية لتمر ثلاثة أعوام؛ مما يعني عدم البراءة، واستمرارهم وبقائهم في دائرة الجزاء، واستمرار العقوبة، مع التخفيف فقط، فالجريمة هي الأصل! وبراءة الذمة هي الاستثناء، والمحكومون بالبقاء تحت رقابة الشرطة لمدة ثلاثة أعوام مع مصادرة المضبوطات هم: هشام طرموم، وهشام اليوسفي، وحسن عناب، وصلاح القاعدي.

نؤمن بأن معنى الآية الكريمة (فلا وربك لا يؤمنون، حتى يحكموك فيما شجر بينهم، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت، ويسلموا تسليما ). ( النساء:  65). نؤمن بأن معنى الآية عام لجميع المسلمين بشرط توفر العدالة، وهي هنا غائبة؛ لأن الإجراءات التي سبقتها باطلة وجائرة، وقد جرت الأحكام في ظل غياب أو بالأحرى تغييب محاميهم. إنها محاكمة جائرة لا تتوفر لها الحدود الدنيا من شروط العدالة والإنصاف. إنها شرعنة للقتل العمد وللظلم.

قراءة 3327 مرات آخر تعديل على الأحد, 12 نيسان/أبريل 2020 20:01

من أحدث عبدالباري طاهر