طباعة

الفكر والفكر الآخر

السبت, 11 نيسان/أبريل 2020 23:55 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

الموروث الإنساني ونظرياته المختلفة تتجاور أفقياً مع بعضها البعض ولا تلغي إحداها الأخرى، وسنجد للآن أفكار ما قبل الميلاد متبناه، وتبرز حتى كديانات وضعية أو نظريات سياسية واجتماعية وفلسفية، وما أفكار اليوم إلا نتيجة تطور لهذا الفكر أو ذاك.

ومن المستحيل أن تلغي فكراً بالكراهية أو الحروب، ومن يقرأ التاريخ سيدرك بأن كثير من هذه الصراعات الايدلوجية قد تم توظيفها سياسياً، بغض النظر أكانت يمينية متطرفة أو يسارية،  ومن انتصر على الآخر عسكرياً أقصاه عن السلطة.. أما الفكر كفكر لازال موجوداً منذ القدم، وسيظل إلى أن تنتهي رحلتنا على كوكب الأرض.

ومحاولة صبغ الشمال بصبغة حوثية إمامية وطائفية ظلت كامنة عقوداً في عقول أصحابها، تثبت أن الفكر لا يحارب، ولكن عند أول فرصة تسنح له للظهور سيعود منتقماً حتى من أسماء المدارس، وستبرز رموزه ومناسباته على حساب رموز ومناسبات الجمهورية اليمنية.

وعلى أرض الواقع يتم على قدم وساق غسل عقول أجيال قادمة لن تعرف غير الحركة الحوثية وأثرها مذهبياً وسياسياً، وتظل خطورة فكرهم في محاولة فرضه بالقوة على أساس أنه الحق المطلق وربطه بإرادة الإله.

وأن ترى جماعة نجاحها في تغيير منهج أو إلغاء جزء من التاريخ إنجازاً عظيماً، وترى توفير الخدمات للمواطن وصرف رواتب الموظفين وإعادة الطلاب لمدارسهم، والاهتمام بالقطاع الصحي، وما يحافظ على كرامة الإنسان اليمني، مسألة فيها وجهة نظر وعدوان يتخذونه ذريعة لكل نقائصهم، ولكنه لم يردعهم عن النهب والفساد بكل أشكاله وصوره لينمو كيانهم الطفيلي ويتعاظم من دم الشعب ولحمه.

الفكر الذي لا يقدم الرخاء للمجتمعات ولا يساهم في تطورها، وإن بدت نظرياته ملهمة، لا يعول عليه، فنحن في زمن برزت فيه النزعة الفردية الإنسانية التي يكون فيها المواطن الفرد له قيمة استثنائية، وما الحكومات بكل توجهاتها إلا وسيلة لتسيير حياته وتذليل الصعاب أمامه، ولذا يرغب الكثير في الهجرة لمجتمعاتٍ يكون للفرد فيها كيان إنساني مستقل يجب أن يُحترم وإن كانت لا تطابقه فكرياً أو دينياً.

قراءة 3036 مرات

من أحدث نبيلة العبسي