طباعة

عن عبدالوارث عبدالكريم (3)

الأحد, 28 حزيران/يونيو 2020 17:07 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

 

الليلة العاصفة

في منزل أحمد منصور أبو اصبع الكائن في الدائري الغربي. حضر اللقاء عبد الحفيظ بهران وعبدالله الوصابي واحمد قاسم دماج وزيد مطيع دماج. وهؤلاء جميعاً عباره عن اسره واحده تربطها ببعضها علاقات عضويه. وكل واحد منهم يعتبر قضيته قضيتي ومتاعبي هي قضيته ومتاعبه والجميع في حزب واحد بعد ان سمعوا مني شرحاً وافياً عن اللقاء بالرئيس. كان التربص والقلق وفرك الايدي سيد الموقف.

قال الوصابي قلنا تقييمك يا أخ يحيى ما سمعنا هو شرح لما جرى لكن ماذا تستنتج من مثل هكذا حفاوه واستقبال حار حتى نقدر نتكلم  

قلت لهم انا عليا الشرح وتوضيح ما جرى اما ما يكون خلف الاكمة وما بين السطور هذا عليكم، انتم اكبر مني سناً وخبره وتجربه وتواجداً في صنعاء، كان التركيز من الحضور على قول الرئيس أنه سيتقبلني في منزله وفي منزله سيجري الحديث حول كل شيء أما القصر الجمهوري فهو بيت الدولة، وهنا جرى النقاش والاخذ والرد بالصوت العالي تارة والهادئ تارة أخرى حتى كاد ان يسمع الصياح الى الشارع، وأما عبد الحفيظ فلم يقدر على الجلوس كان يلوي من رأس المكان الى سفله، وكاد يحصل على إجماع على عدم الذهاب "الى القدر المحتوم" فما زالت ضيافة الحمدي واخيه جاثمة بقوه في عقولهم وقلوبهم، وما زالت طازجة حاضره تملأ المكان ومن في المكان بضغط ثقيل يكاد يكتم الانفاس، أما احمد منصور فكان محملقاً الى السقف ويفرك بنانه ويحك انفه بعنف، ولم يبق أحد معي  في الذهاب الى الموعد الا زيد مطيع من منطلق أن عدم الذهاب سوف يدمر المنطقة تدميراً شاملاً.

واما من في هذا المكان سوف يتعرضون للاعتقال لان هذه اللقاءات لا شك أن الاجهزة الامنية ترصدها وسوف  نقيم على انفسنا حجه اننا وراء فرار الاخ يحيى من صنعاء، ثم ماذا نقول للشيخ محمد الغشمي وكان الافضل الا يأتي من البداية.

وصل عبد الوارث عبد الكريم ومعه علي مثنى جبران قائد سلاح المدفعية في حصار السبعين اليوم، تنفس الجميع الصعداء بمجيء عبد الوارث كونه صاحب الكلمة الفصل واما انا وعلى حد تعبير احمد قاسم مخزن ومسجر ومبلبل وكأني في زفة عرس، قلت له يا استاذ قالوا بالامثال (أقتله بين سبعة عرس)، و(اذا انزلت السماء فوق الارض ما يشل الانسان الا وطن رأسه)، تحدث الوصابي لعبد الوارث عن الرأي الغالب عند الحاضرين وهو ان الذهاب مخاطره نحو الهاوية وكلام كثير

 الان انت مسؤول الحزب والاستخبارات والامن قلنا رأيك قد احنا مشبوجين واقشين، سكت الجميع وعبد الوارث استمر في صمته ويأخذ اغصان قات من عندي فانفجر في وجهه الاخ عبد الحفيظ بهران بلهجته الابيه هيا للمو الترتاح والترخمة قل شيء قرحك قلوبنا، فأنفجر الجميع بالضحك..

 قال عبد الوارث ما هو رأي الاخ يحيى وتقديراته في ضوء لقائه بالرئيس وعاد عبد الوارث للضحك من تعليق عبد الحفيظ، قلت سوف اذهب الى بيت الرئيس وانا على ثقة انه لن يحدث لي أي مكروه واتوقع اني لن اخرج من لقائه الا وقد رفع الحملة العسكرية واطلق السجناء وعندي اعتبارات موضوعية سيراعيها الرئيس واذا ارادني بسوء فليس الان  وانما في غير هذا الظرف

 وقلت لهم شعرت والرئيس يستقبلني انه يريد مني شيء لن يجده الا عندي علق عبد الوارث هذا هو القرار الصائب وهو رأي منظمة الحزب وكان الاخ محمد الشيباني هو المكلف بإبلاغه اليكم الا ان مهمات مستعجلة ارغمته على سرعة التحرك الى الحديدة وتعز ولهذا اكتفي بهذا..

واستطرد قائلاً وهذا المناضل علي مثنى جبران وصل امس من دمت ومعه رسالة للأخ  يحيى ولمنظمة صنعاء ثم التفت الى على مثنى وقال تحدث الحضور كلهم قادتنا وكبارنا فلا حرج بما تقول قال على مثنى جبران ان رئيس هيئة التعاون الاهلي للتطوير في دمت من بعد خروجه من السجن  انتخب بالأجماع من الهيئة العمومية للتعاون في دمت ثم فتح دفتر كان في جيبه وقراء منه رساله موجزة من ناجي محسن الحلقبي وهو عضو لجنة مركزية في الحزب ومسئول العمل الحزبي والعسكري في المنطقة الوسطى.. خلاصة الرسالة أنه غير مسموح ترك السلطة تستفرد بمنطقة جبله وجبل التعكر والربادي  بعد ان يتم لها سحق المنطقة وتشريد السكان سوف تنتقل وبكل ضراوة الى منطقة اخرى ولهذا قد جهزوا اعداد كبيرة من المقاتلين التابعين لمنطقة حبيش الشعب الثوري، للإنطلاق الى الربادي وينتظرون موافقة الاخ يحيى منصور قلت له الف شكر على الاهتمام والتعاون والتعاضد الا أنني في هذه المنطقة لديا قرار وسياسة منذ أول حمله عسكرية في 72 بعدم المواجهة العسكرية تماماً  مهما بلغت الاستفزازات والتحرشات لأنها منطقة حزبية من المخادر الى القاعدة والسياني وذي السفال ومديريات اب  وحبيش وبعدان وينبغي ان نستمر في ابعادها عن العمل العسكري..

جرى الحديث في  امور شتى ثم تفرق الجميع وفي اليوم الثاني وكان يوم جمعة ذهب احمد منصور للأخ حمود قطينة وهو صديقه الشيخ  محمد قطينة، والاخ  حمود قطينة هو قائد قوات الاحتياط اكبر لواء عسكري ووضعه في صوره الموقف وعبر له عن قلقه وخوفه عليا فالتزم له انه سيتواصل مع الرئيس وسوف يوصلني بنفسه الى بيت الرئيس، طبعاً حمود قطينة كان محل ثقة الحمدي وهو نفسه كان من رجالات الحمدي المخلصين ولكن ماذا يفعل وقد وقع الفأس بالرأس..

ثم جاء يوم الفصل إن يوم الفصل كان مشهودا، اخذني احمد منصور وعبدالله الوصابي الى منزل حمود قطينه، في الشارع قابلنا الإخوان احمد الكدادي وعايش النصيري وهما من أبطال السبعين اليوم ومن قيادة الحزب العسكرية، اعترضوا بشدة على ذهابي إلى الرئيس، وقالوا لقد قتلوا الحمدي وهو قبلة الجيش والشعب ومعبودهما، و علق عايش النصيري قائلا، انت بايدوا لك واحدة حبشية مش فرنسية، علقت عليهما وشكرتهما على خوفهما عليا و قلت لهم المثل الذي يقول من هم  الموت قتلته الفجايع..

وصلنا البيت وظلوا في حديث عن إب بحكم ان حمود قطينة قد تولى قيادة المحافظة عسكرياً لفترة قصيره وقد وصل الى قريتنا في الربادي اكثر من مره هو واحمد منصور واخيه الشيخ محمد قطينة والكثير من الشخصيات الاجتماعية ذات التأثير الواسع، وكان هو ومجاهد ابو شوارب ويحيى المتوكل على علاقة مباشرة بصدام حسين ومحسوبين على حزب البعث، ثم انطلقنا بطقم حمود قطينة وصلنا بعد اذان المغرب الى منزل الرئيس، جلسنا في غرفة الحراسة في مدخل البيت، كان موجوداً فيها الضباط والقادة احمد فرج، ومحسن سريع، وعلي عبدالله صالح قائد تعز، والشيخ احمد علي المطري، والشيخ مانع الصيح شيخ منار آنس واخرين والغرفة بسيطة ومؤثثة بأسرة تهاميه خشب سقف النخيل.

جرى السلام فقدمني حمود قطينة للحضور هذا الشيخ يحيى منصور ابو اصبع، فز علي عبدالله صالح قائد تعز من مكانه هو هذا يحيى منصور الذي دوخ بنا أدى لنا الدوار كنت اتصور انه طويل عريض بدقن مثل كاستروا واذا هو هذا الحبة والربع (سيارة تيوتا صغيرة الحجم سريعة الحركة) واضاف ذلحين رجال الذي وصلت عند الرئيس.. واضاف عاد الجماعة في إب بيبعثوا تقارير فيها تهويل انك بعت التعكر لسالم ربيع علي وعندك خبراء كوبيين بس أنا ما صدقت هذا التهويل.. وتدخل الشيخ احمد علي المطري قائلاً لا تصدقوا هذه الدعايات والتلفيقات على بيت ابو اصبع في اب انا ضامن على يحيى منصور في حال ومال، اعقلوا هذا من صبيان ذو محمد، احمدو الله انه  قدر يدخل ويتزعم في هذه المناطق وهو في الاصل من برط هيا بطلوا هذه الخزعبلات.. ارفعوا العساكر من بيوت ذو محمد في الربادي..

هذا الحديث من الشيخ المطري اراحني ورفع معنوياتي وبعد عشرين دقيقة جاء محمد الانسي وطلبني انا والشيخ المطري فقط وعلى الاخرين الانتظار وقدمت الشيخ احمد علي المطري قبلي دخلت وقلت له انت بمقام ابي ولا يمكن أن ترتفع العين على الحاجب.. دخلنا الديوان قام الغشمي واستقبلني بالاحضان الى درجة لفت انتباه الحضور وقدمني هذا الشيخ يحيى منصور ابو اصبع.. كان حاضراً كلاً من عبد العزيز عبد الغني، وعبدالله الاصنج، وعبد السلام مقبل، والشيخ حمود عاطف، و محمد أحمد الجنيد، ومحمد احمد الكباب اطال الله في عمره واخرين

 اجلسني بجانبه وقال لحظة نشوف موجز الساعة السابعة.. استمع لموجز الانباء وقام واخذ بيدي نحو الداخل ومرينا بحجرة طويلة ثم حجرة صغيرة حتى وصلنا الغرفة كانت المسافة طويلة رتيبه وكأنها دهر وقد اخذ الرعب والخوف وتوقع النهاية الحتمية اثناء المشي، كان ماسكاً بيدي دون حديث ولا أشعرني بأنه سيؤخذني الى مكان جانبي حتى لا يشاركنا الحديث أحد.. وصلنا غرفة اللقاء غرفة مربعة منارة بلمبة حمراء وقفت في باب الغرفة والرئيس ذهب لإنارة الضوء فرأيت الغرفة مكتظة بالمسجلات وأجهزة التصوير وكانت هذه الأجهزة ذات أحجام كبيرة في تلك الأيام..

 فأردت أن أخرج عن وضعي الصعب وأعصابي المقبوضة الموتورة  فتماسكت وتذكرت بيت الشعر (واذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن تموت جباناً) وقلت هذه الاجهزة  والغرفة يظهر أنها حق التسجيل رد عليا الرئيس نعم، لكن أنا لا أسجل عليك أنت، أنا مش مثل صاحبك كان يسجل لقاءاتك معه (عرفت أنه يقصد الرئيس الحمدي)..

قلت في قراراة  نفسي إذاً فهي محاكمة سوف يفتح الشريط حق اخر لقاء بالحمدي الذي حذرته من الغشمي وتحاملت عليه وقلت في نفسي يرحمك الله يا يحيى منصور فقد حاول الاخوان يمنعوني من هذه الضيافة.. المهم طار عقلي وذهني في شتى المضارب والمقالب والافاق..

فجلس الرئيس على الكرسي وطلب مني الجلوس أمامه، وقال هيا هات ما عندك أشتي أنجز أمورك حتى ندخل بالحديث وأنت مطمئن بلا هموم عن البلاد.. فتنفست الصعداء وقد ذكرت نصيحة عبد الوارث واختي نورية حول رباطة الجأش.. قلت له عليا حملة عسكرية عاثت فساداً في البلاد وفي بيوتنا وأخذوا عباد الله الى المعتقلات فهل يرضيك تشرد عوائل ونساء ذو محمد في ضل رئاستك.. فأستفز وقال أكتب إلى المحافظ وإلى القائد يرفع الحملة فوراً وإطلاق المساجين..

قلت له هل أكتب أنا؟ قال نعم.. أكتب الذي تريد وأنا أوقع وأختم..

 أشار على القلم والبياض فبدأت الكتابة وأنا مش مصدق (نقلة من الموت إلى الحياة) هل أنا في حلم.

كتبت الأخ / محافظ إب      المحترم                   

الاخ / قائد إب               المحترم

بعد التحية،،،

إرفعوا الحملة العسكرية من الربادي وأطلقوا كافة المساجين من أهالي الربادي وجبلة وعلى الفور، والاخ يحيى منصور يتحرك حيثما يريد بحرية فقد التقيت به وسوينا كل الأمور.

رئيس مجلس القيادة

القائد الاعلى للقوات المسلحة

أحمد حسين الغشمي

قرأتها قال لا مش هكذا بل اكتب أرفعوا الحملة العسكرية عن بلاد يحيى منصور أبو اصبع فوراً وأطلقوا كل المساجين من آل أبو أصبع من دون خسارة أو تكاليف

فقلت له المساجين أكثرهم ليس من بيت ابو اصبع..

قال المنطقة والمساجين كلهم بيت أبو اصبع،

وقلت له نريد اضافة

قال ما هي؟

 قلت له اي قضايا أو دعاوى يتركوها على القضاء

قال لا أكتب وأي قضايا أو مشاكل داخلية عسكرية أو مدنية أحيلوها على الرئيس دون أي مسائلة على الشيخ / النقيب يحيى أبو أصبع

 قلت له نكتفي بواحده شيخ أو نقيب

قال شيخ على إب ونقيب هنا عند القبائل

وقع الأمر وختمه بالختم وقال هل أطمئنيت الأن؟ أنا اريدك  وتحدثنا كثيراً استغرق الوقت ساعة كاملة سأتناوله في الحلقة القادمة

  المهم خرجت من عنده وكأني قد صعدت الى السماء الرابعة وحلقت فوق الارض، شيء لا يصدق خرجت وسائق حمود قطينة في انتظاري، مشينا قليلاً واذا اخي احمد منصور خلفنا ومعه عبد الرحمن عز الدين.. نزلت من سيارة قطينة وطلعت سيارة احمد اخي..

قال عبد الرحمن عز الدين ليش تأخرت هذا الوقت كله؟ أحمد اخوك قد مات أكثر من مرة واعتقدنا انك قد لحقت بالحمدي

* * *

أعود للجلسة السرية الخاصة مع الرئيس ومفاجآتها السرية وقال الرئيس يا أخ يحيى أنا با أكون صريح معك وصادق ولا أريد أحد يعرف ما يدور بيننا وعهد الله بيننا من أي خديعة أو خيانة حتى نبني دولة القبايل لمائتين سنة أنت من جانبك وأنا من جانبي.. وتوقف لحظة يبحث عن شيء وضغط مفتاح الجرس وأطل الآنسي.. قال له اعطني الدفتر الصغير وفتح صفحات من الدفتر.. فقلت له وأنا من جانبي ما الذي أقدر عليه؟

قال عليك مهمات كبيرة أولاً أريدك تمسك الجبهة القومية من رقبتها (وأشار بيده على رقبة الكوت ورفعه عن الرقبة) هكذا وأنا أمسك الشمال ونلتقي على بناء دولة قبلية وطنية قوية تقود اليمن الواحد الموحد وسيكون دورك مهم في مسك الجنوب والجنوبيين عندما تمسك الجبهة القومية أنت بنفسك.

أصابني الذهول وطار عقلي في كل اتجاه وصرت في حيص بيص ماذا أقول ما هو الرد أنا فين والرئيس فين وبسرعة البرق تذكرت نصيحة عبدالوارث (تصرف برباطة جأش ولا تخرج منك الكلمات إلا محسوبة ورصينة وهادئة)

قلت له يا فخامة الرئيس هذا الموضوع مهم وخطير ويحتاج إلى تفكير وتدبير فأرجو أن تترك لي فرصة لأرتب عقلي وفكري، فقد أخذتني المفاجأة في كل منعطف مع احترامي الكامل للثقة الغالية التي منحتها لي بهذا الكلام..

قال طبعاً خذ راحتك وفكر بالأمور وكيف وما هي البداية والإمكانيات، وأضاف ما رأيك خذ لك أسبوع واذهب إلى إب وسافر البلاد واطمئن على كل أمورك وتعود إليا وخذ الرقم الخاص من الآنسي..

قلت له هذا عين الصواب، ثم أضاف الرئيس بعد أن قلب بالدفتر صفحات قليلة وقال عندي أسئلة ما أحد يعرف يجوب عليها بصدق إلا أنت، فقلت له تفضل تحت أمرك، قال متى عرفت الجبهة القومية، قلت من يوم ما تشكلت وانطلاق الكفاح المسلح في ردفان في أكتوبر 1963

 قال الرئيس أنا أعرف يوم تشكلت في صنعاء في وزارة الإعلام وكنت مجند وأمرونا أنا ومحسن سريع والقاضي من بني حشيش وآخرين نحرس الاجتماع في باب الوزارة وعرفنا قحطان الشعبي وكان كبير المجتمعين وسمعنا أن هؤلاء با يحرروا الجنوب من بريطانيا التي تحارب ثورتنا..

 قلت له أنا عرفتهم شخصياً في إب في بيت مطيع دماج (كان محافظ إب) قال خلاص قد جزعوه (قحطان).. الآن اخبرني عن معرفتك بالذي يحكمون وذكر أسماء سالمين وعبدالفتاح وعلي ناصر ومحسن الشرجبي وعلي عنتر وصالح مصلح وآخرين، واستمر يسرد أسماء من الجبهة القومية حق الشمال ويسمون أنفسهم الجبهة الوطنية وأخطرهم الهمزة وجار الله عمر وسلطان احمد عمر  أريد منك توضح لي عنهم في لقاءنا القادم، وعاد مرة أخرى ليقول شوف عبدالفتاح هذا خطير وهو ذي يعلمهم الفلسفة والشيوعية حق الروس والصين وكوبا وسالمين زعلان على صاحبه الحمدي إنما عليك إقناعه أني با أكون معه أحسن من الحمدي وهو قبيلي من أبين وأضاف كيف تعرفت عليهم كلهم؟

 قلت له من جبلة كانوا يترددون على جبلة أيام الكفاح المسلح وبعد الاستقلال لما اختلفوا مع قحطان جلسوا عندنا بعضهم في بيتنا وآخرين في بيت عبدالله الوصابي وبعضهم في النقيلين في بيت دماج.

قال من جلس في بيتكم قلت له سالم ربيع علي وعادل خليفة وعبدالله الخامري وآخرين من الضالع

 قال إذاً علاقتك بسالمين جيدة

 قلت له نعم وبالآخرين فقال جهز نفسك للقاء القادم.

وخرجت دون المرور على الديوان اتبع الآنسي وكما ذكرت سابقاً كنت قد طلعت سيارة أحمد منصور والذي بدا السرور والفرحة على وجهه ووصلنا منزل أحمد قاسم دماج وكان موجود الوصابي وبهران وبدأت أخزن لأني لم أتعاطى القات من أجل لقاء الرئيس عرفت نورية أختي بوصولي وسلمت عليا وهي تضحك من شدة الفرحة والدموع تنهمر من عينيها مثل المطر وأضافت هؤلاء الجماعة قد أدو لي الجنان، اعيوك اطمنهم حلفت لهم أنك راجع سالم غانم، وبدأنا الحديث قال عبدالحفيظ سأذهب لأخبر عبدالوارث قد بعث برسول بعد رسول يسأل عن المصير..

وصل عبدالوارث مع عبدالحفيظ وقال الحمد لله لقد تنفست الصعداء وأضاف يا أمان الخائفين أيش من بلاد وأيش من رئيس وأيش من جنان إلى متى بلادنا ستظل رهينة الخوف والفجائع هكذا؟

شرحت لهم دون أن أفصح عن الأمور الخاصة التي قال الرئيس تظل بيني وبينه ومن وجهة نظري حتى أنزل وأرتب الأمور وأعود إلى صنعاء واتخذت قرار أن لا أحدث أحد إلا عبدالوارث ومحمد سالم الشيباني وعبد الحميد حنيبر  وقناعتي ليس بالضرورة أن تعرف قيادة منظمة صنعاء كلها  وغيرها بما جرى بيني وبين الرئيس حتى لا تتسرب وتخرج عن النطاق المحدود أضف إلى ذلك أن ما يريده الرئيس لم نستكمل الحديث حوله فالوقت في تلك الليلة العاصفة كان متوتراً للغاية أثناء الحديث والدهشة من وقع المفاجأة باستقبال الرئيس والمواضيع الخطيرة التي حدثني بها ثم استعجالي على حل مشاكل المنطقة ورفع الحملة العسكرية وإطلاق السجناء من خلال الأمر الرئاسي الذي صار بجيبي بمعنى لم أكن متأكد أني سأخرج من اللقاء وأنزل إب وأتحرك بحرية فالحالة النفسية والعصبية والذهنية كانت تسبح في آفاق شتى ولهذا حاولت أوحي للرئيس أن لقائنا اليوم فاتحة فقط ولقاءاتنا القادمة سوف تتوسع وتطول اللقاءات كما يرغب الرئيس وما كان عالقاً في رأسي هو أن ردودي الواضحة ستأتي بعد استشارة قيادة الحزب.

أعود إلى منزل أحمد قاسم وجلستنا، كان أكثر الحضور سروراً بسلامتي ومفاجأةً بصيغة الأمر الرئاسي إلى مسؤولي إب ليس الإشارة إلى رفع الحملة العسكرية وإطلاق السجناء إنما العبارة الواردة في الأمر التي تقول (بأن أي قضايا أمنية أو عسكرية أو اجتماعية على الشيخ يحيى منصور ابواصبع  احيلوها على الرئيس ولا تتدخلوا فيها إلا من باب العلم) كان عبدالحفيظ يضحك حتى يتمدد على الأرض والوصابي يعلق قائلاً لي إذهب واقتل من تريد واعمل كل (العبيطريات) وادخل مراكز الدولة دون خوف.. يا إلهي أين وصلنا!!

صاح عبدالحفيظ أين زيد مطيع يجي يكتب قصة أو رواية أحسن من طاهش الحوبان عن الفنطسية التي معنا.

في هذه اللحظة وصل زيد وبعد قليل جاء عبدالرحمن عزالدين وأخبرني أنه قد صور الأمر عشرات الصور وأرسلها شرقاً وغرباً وهذا عمل متسرع قبل وصول الأمر إلى إب..

علق زيد مطيع بعد أن قرأ الأمر الرئاسي هذا نصر للأخ يحيى والمنطقة إنما أن يصور الأمر ويوزع قبل وصوله للمسؤولين فهذا غلط وحماقة إذا تسرب الأمر للاستخبارات وأبلغوا الرئيس فلا نعرف ردة فعله..

قال عبدالوارث هذا عمل متهور مدفوعاً بالفشرة والهنجمة وحسن النية ولذلك اقترح أن يتحرك الأخ يحيى فوراً بحيث يقابل المسؤولين في إب من بدري وحتى قبل الدوام وبالتالي نبطل مفعول أي ردود سلبية في هذا الموضوع وعند عودته سوف نناقش موضوعات الرئيس والأخ يحيى.

 تحركنا إب على سيارة الأخ علي قاسم علي البود الذي كان قد وصل مغرب ذلك اليوم مرسل من عمي عبدالواحد أبو اصبع وقيادة المنطقة الذين هم في حالة قلق وهم يحسبون الدقائق والساعات بحساب السنين لتقديراتهم أن من دخل صنعاء أكلته الكلاب وقال علي قاسم أن لقاءاتهم في أحد المنازل في عرض جبل التعكر ضم عدد كبير من قيادة المنطقة بحضور عبدالواحد أبو اصبع ونعمان علي العفيف وعبده غالب سلام ومحمد عبده علي وعبده سعيد إسماعيل (الأشبط) ولم يحضر الآخرون حتى لا نضع البيض في سلة واحدة

 وأضاف علي قاسم أنه لو جرى مكروه ليحيى منصور فإن منظمة جيش الشعب الثوري التابعة للحزب الديمقراطي ستفجر الوضع برمته بما في ذلك مدينة إب..

 وصلنا السحول خارج مدينة إب قبل الفجر، اتفقنا أن ننام قليلاً لأن يومنا سيكون مليء باللقاءات والاستقبالات والضجة ستكون هائلة على كل المستويات.. أي رفع الحملة وإطلاق المساجين مجاناً ووصول يحيى منصور إلى مدينته ويستقبله المسؤولون الذين قد اتخذوا قرارات باعتقاله أو قتله كمخرب وشيوعي وعميل للجنوب.

لم يترك لنا علي قاسم فرصة للنوم وهو المعروف بالفرفشة والنكات وزاد معه محسن عبده حسن لا يكفان عن الضحك والنكات على كل شيء

 طردتهم من السيارة وذهبوا بعيداً بحيث لا أسمعهم وفعلاً حصلت على ساعتين من النوم. أصبحت وأنا بكامل طاقتي وهدوئي أخذنا عبدالرحمن عزالدين إلى منزل عبدالله البشيري قائد محافظة اب في المنضر بمدينة إب، اطلع على أمر رئيس الجمهورية.. ارتاح وضحك ودعاني للفطور

 اعتذرت له وقلت له من الأفضل أن نقابلك في مركز القيادة في مكتبك وفعلاً قابلنا في مكتبه الساعة الثامنة وعنده عدد من ضباط الجيش بعضهم رفاق أعزاء أمثال محمد عزيز البرح وعبدالله محرم، وكنت مسؤول عنهم حزبيا، إلا عبدالله البشيري قائد اب فكان في حزب الطليعة الشعبية الذي انفصل عن حزب البعث وأصبح مع بقية فصائل اليسار جزء من الحزب الاشتراكي اليمني في مارس 1979 وهو صديق ورفيق لعبدالرحمن عزالدين

 رحب عبدالله البشيري بتوجيهات الرئيس ووجه السكرتارية بصياغة أوامر رفع الحملة وإطلاق المساجين من أجل يوقع عليها المحافظ وهو باعتبار الأمر الرئاسي موجه لهما معاً، وودعني بعد أن اتصل إلى المحافظ وقال أن المحافظ ما زال في بيته لا يرد

 قلت له سوف أمر على مدير أمن إب محمد قايد العنسي وهو قريب من الحركة الوطنية ومتأثر بإبراهيم الحمدي وصلت إدارة الأمن فهب الضباط من كل جهة للسلام عليا لأنهم قد اطلعوا على أمر رئيس الجمهورية وإلا ما كان أحد ليجرؤ على السلام عليا لأنني مطلوب حياً أو ميتاً وهذه الملاحظة قالها الرفيق العزيز محمد علي طه النزيلي أطال الله في عمره وكان في حينه مسؤول القطاع العسكري للحزب في مدينة اب وهو شخص مثقف ومطلع ومتابع ومن أفضل الرجال وطنية ونزاهة وكفاءة.

بعد برهة من الوقت وأنا في مكتب مدير الأمر الذي لم يكن موجوداً وقيل أنه في تعز واستقبلني نائبه إبن عبدالمغني بحفاوة زائدة عن اللزوم وفجأة تغير الموقف وتغيرت ملامح وجهه ومعه عدد من ضباط الأمن وكلهم معروفين وأخذني على جنب وقال صدرت تعليمات من محافظ إب بإلقاء القبض عليك وإيداعك الزنزانة، قلت له عادي جداً خذ هذه جنبيتي وهذا مسدسي وقودني إلى الزنزانة، شكرني وقال ستبقى في هذا المكتب حتى عودة مدير أمن إب سيعود من تعز هذا اليوم وأضاف أنه نبه المحافظ إلى أمر الرئيس ولم يسمع أو يتراجع بل أكد على وضع الحراسات المشددة والكثيرة والاستعانة بالجيش والشرطة العسكرية لأن أصحابه يمكن يهجموا على الحبس وإطلاقه بالقوة..

حدث انزعاج وربكه وبلبله، لها  أول وليس لها آخر وهناك من يقول أن الرئيس الغشمي هو من أمر مسؤولي إب باعتقالي.. والإخوان في صنعاء وقعوا في حيص بيص ومنظمة الحزب وكل الوطنيين والطيبين استعدوا لتظاهره وكنت أخشى من تسرع الرفاق في الربادي وجبلة

 طلبت من علي قاسم التحرك ويقول لهم أن في الموضوع سوء فهم وينتظروا دون عمل شيء وستتجلى الأمور بسرعة.

 

......يتبع

قراءة 2841 مرات

من أحدث يحيى منصور أبو اصبع