طباعة

نص كلمة رئيس اللجنة المركزية في فعالية تأبين الفقيد احمد السلامي

  • الاشتراكي نت / خاص

الجمعة, 02 تشرين1/أكتوير 2020 20:22
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله

رحل الرفيق القائد أحمد علي السلامي الذي عرفته منذ عام 1972م في مكتبه الكائن في معسكر الفتح جالس على كرسي متواضع واعتذر لي من غياب أي أثاث في مكتبه لأنها البداية، وهو يقود منظمة المقاومين الثوريين التي تخوض معارك عسكرية في الشمال رداً على عنف السلطة ومطارداتها للمناضلين في كل مكان بعد أحداث 23 و 24 أغسطس 1968. وأحمد علي السلامي مثل الكثير من رفاقه خرج للتو من السجن جزاء دفاعهم عن الثورة وانتصارهم في السبعين يوم وفك الحصار وتثبيت النظام الجمهوري إلى الأبد وظلت علاقاتنا الكفاحية دون انقطاع. وفي حرب 1979 نصحني بعدم التسرع وكشف كل أوراقنا حين أسريت له بأن هناك ضغوط عليا للذهاب إلى قعطبة وإلزام رفاقنا العسكريين القابضين على القوات المسلحة الشمالية لفتح قعطبة للمقاومة التابعة للجبهة الوطنية الديمقراطية وللقوات الجنوبية وقال لي عاد المراحل طوال احتفظ بأوراقك.

بعد عودته من القاهرة عقب حرب 1994 الكارثية ونحن جميعاً في مجلس النواب وبعد دورة اللجنة المركزية الموسعة في سبتمبر 1994 التي جعلت الحزب الاشتراكي يستقيم على قدميه، قدمت الحكومة موازنة لإقرارها في مجلس النواب وكان لدينا تيار قوي داخل الكتلة البرلمانية للتصويت ضد الموازنة، فكانت نصيحة القائد أحمد علي السلامي لا تجعلوا السلطة تعتقد أن الحزب سكينة في خاصرتها فتقطع نفسه، التسلح بالمرونة حتى يستقيم الحزب على أقدام قوية ونحن بأمس الحاجة إلى الوقت لنوظف كل طاقاتنا في استعادة قوة الحزب وفعاليته ولا نهدره في معارك أخرى تقطع علينا هذا التوجه.

في بداية ثورة فبراير 2011 كان المشترك متردد في الانخراط بالثورة في لقاء المكتب السياسي ولمناقشة الأمر كان هناك توجه للتريث وكنت أحاول إقناع المشترك للحاق بالثورة فماذا قال القائد أحمد علي السلامي، ان شباب الحزب جميعاً قد انخرطوا في الثورة في جميع المحافظات ولم يبق إلا نحن العجائز في قيادة اللقاء المشترك وقيادة الأحزاب المعارضة فإما اللحاق وإما سيتجاوزنا الزمن، القائد الراحل أحمد علي السلامي كان أكثرنا إلحاحاً على تفعيل نشاط الحزب بعقد هيئاته وعلى وجه الخصوص اللجنة المركزية، وله محاولات مستميتة لعقد اجتماع لأعضاء اللجنة المركزية في صنعاء على الأقل مع قيادة المحافظات حيثما أمكنها الحضور، وللأسف رحل قبل أن يتحقق طلبه الملح والذي لم يتوقف عنه حتى وفاته.

كان الحزب الاشتراكي هو كل معنى وجوده وحياته، نعم يا أبا خالد ماذا ستقول لصديقك الحميم ورفيق دربك الأبدي جار الله عمر الذي أحببته أكثر من نفسك والذي ذرفت الدموع بعد استشهاده، وسألته هل تبكي يا أبا خالد، لم يستطع الرد عليا ولسان حاله يقول يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً، نفس ما قاله يحيى المتوكل ونحن في موكب تشييع جار الله عمر قال لم يعد للحياة أي معنى ولن نرى إلا الفجائع من بعده، وهذا ما حدث.

قل لأبي قيس إن وطننا اختلط فيه عشاق الدم بعشاق المال بعشاق الخراب أن الوطن الذي كنت تحلم أن تسوده قيم الجمال والفن والوطنية والحداثة والحرية وطن الحب والحلم والأصالة قد أخذته أعاصير الحروب في رحلة سريعة نحو المجهول.

قل له يا أبا قيس لم يعد هناك من يبني جسور التواصل عبر الوطن اليمني كله بل هناك من يبني جزراً منفصلة لأعراق  وطوائف ومناطق وأن بناء الجدران الطائفية والمناطقية والعرقية دليل الفشل الذريع لمد جسور الوطن.

أبا خالد بماذا ستجيب أبا قيس حين يسألك عن وصاياه الأخيرة السبع في مؤتمر الإصلاح لقد قطعوا نفسه بالرصاصات المرسلة من الأماكن التي كنت تستهدفها بوصاياك وأخر وصاياك الديمقراطية للأحزاب وللوطن لتجيبه أن التشظي والتفتيت وويلات العنف والحروب الخارجية والأهلية التي أنهت الديمقراطية والوطن، نعم يا أبا قيس نحن في قلب هذه الفواجع منذ ست سنوات، ألم تنادي في وصاياك إلى السلام بهدف خلق جبهة داخلية متماسكة تصون سيادة الوطن وتسخر كافة الجهود والموارد لتحقيق التنمية بدلاً من شراء الأسلحة.

نعم لم يعد هناك إلا الأسلحة والألغام والقنابل والصواريخ على الوطن الممزق من الأرض ومن السماء وشاعت ثقافة العنف والثارات وحتى المشترك الذي قلت أنه قد أصبح حقيقة في الحياة السياسية فلم يعد له وجود إلا في القاهرة والرياض وأبو ظبي ولأغراض أخرى، رغم جهدك في بناء هذه التجربة الفريدة على الصعيد العربي.

نعم أيها القائد الراحل أحمد علي السلامي إننا عبر مسيرتنا الطويلة في اليمن ما زلنا كلما تقدمنا خطوة إلى الأمام نعود القهقراء عشرات الخطوات إلى الخلف وتراكمت لدينا تجارب من الفشل في كل شيء وصار التمزق الجغرافي والسكاني المخيف عنوان هذه المرحلة بفعل إرادات خارجية تسربت إلينا عبر الشقوق والتصدعات في جدار وحدتنا الوطنية وبفعل فشل النخب اليمنية بكل مشاربها الفكرية واصطفافاتها السياسية في إنتاج دولة ضامنة لكل مواطنيها دون تمييز بينهم، رغم الخروج من مؤتمر الحوار الوطني بحلول ومعالجات لمشكلة بناء الدولة غير أن ذهنية الإقصاء والاستحواذ ظلت حاكمة وأخفقت الفترة الانتقالية وما الحرب الراهنة في أبعادها الداخلية والخارجية سوى التعبير العنيف لهذا الفشل الذي أصبح طوفاناً فتاكاً بوحدة اليمن أرضاً وسكاناً ومقدرات لصالح قوى خارجية متخلفة تمارس علينا فتوحات القرون المظلمة لن يساعدنا أحد إذا لم نساعد أنفسنا بالذهاب إلى حل سياسي يفضي إلى سلام مستدام وإحداث قطيعة مع الحروب والحروب المؤجلة، وما يتولد عنها من حروب مناطقية، والسلام المستدام يستحيل دون تقديم تنازلات متبادلة تقود إلى معالجة الأسباب الجوهرية المنتجة للأزمات والحروب الداخلية والتدخلات الخارجية، معالجة لا تقتصر على طرف يمني اياً كانت قوته ومساحة انتشاره، معالجة عبر خريطة طريق تفضي إلى دولة ضامنة وليس فقط لمجرد وقف الحرب إلى حين، خريطة طريق تكون من أولوياتها تسوية العلاقة بين الدولة والوحدة بإعادة بناء دولة الوحدة الاتحادية على قاعدة التوافق الوطني بين كل اليمنيين والشراكة المتكافئة بين الشمال والجنوب بما ينجز مصالحة وطنية حقيقية بين كل الأطراف ويحقق تطلعات أبناء الشعب اليمني إلى أمن شامل وسلام مستدام ودائم للوطن.

إنني أدعو كل القوى السياسية والمدنية كل أبناء الوطن للنضال من أجل وقف الحرب بصورة شاملة وكاملة وفك الحصار عن الموانئ والمطارات لتوصيل المواد والمشتقات والعلاجات، هذا الحصار الظالم وهو جزء من العدوان جعل اليمن يعيش أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، وسرعة تبادل الأسرى وإطلاق سجناء الرأي والصحافة كانوا في صنعاء أو في عدن والتأكيد على يمنية سوقطرى.

وأخيراً أيها القائد الراحل أحمد علي السلامي إليك ما نقل عن السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن مصادر عديدة، قال السلطان: لم أرى في حياتي أفجر من حليف يمنحك المال ويسلبك إرادة الدفاع عن نفسك ويجبرك على أن تهزم قضيتك التي تحالف معك من أجلها وأن تتخلى عن مكاسبك وتبيع أرضك وتخون شعبك وأن تتنازل عن سيادتك وثرواتك لِيؤُثْر بها نفسه وتمنحه جزءاً من أرضك دون حق ثم يقول أنه لا يريد إلا مساعدتك.

وأخيراً أرجو أن تتسع صدوركم لكلمة أخيرة وقصيرة للسفير مصطفى النعمان موجهة للقيادات السياسية في الخارج.

تعيش خارج اليمن الأغلبية العظمى من المنادين بشعارات استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب وهزيمة المشروع الإيراني وهم لا يخجلون من دعوة الذين يعانون ويلات الحرب في الداخل ببذل المزيد من التضحيات والدماء وتحمل الفقر والمرض والقصف واستعجال النصر وتقديم حياتهم فداءً للوطن وبعدها فهم مستعدون للعودة من الخارج ليحكموا البقية من الأحياء.

لا أحد من الذين يعيشون مع أسرهم ويستلمون مرتباتهم في الخارج راغب في العودة إلى الداخل ليعيش مع الناس ويعاني معهم، لذا فهم يرفضون وينددون بأعلى الأصوات   بكل من يدعوا  إلى وقف سفك الدم قبل الانتصار ورفع العلم في مران وفي سبيل استمرار عيشهم الآمن المريح مدفوع الراتب شهرياً وبالعملة الصعبة، يعرقلون كل مساعي التواصل إلى سلام ما لم يضمن لهم العودة إلى الحكم، هذه المجاميع من قادة الاحزاب والتنظيمات السياسية  تناست أنها لم تتمكن خلال خمس سنوات وأكثر من أن تحقق إنجازاً واحداً من 80% من الأراضي التي تسميها محررة وكلها بلا خدمات ولا أمن ولا تواجد لهم على الإطلاق. إنهم مرتاحون في غرف فندقية فارهة وأسرهم تعيش معهم بأمان وأولادهم وذويهم موزعون في السفارات والمدارس والجامعات.

من أراد استمرار الحرب فليتفضل ويحمل السلاح، أما النداءات بالواتساب ومن فناق خمسة نجوم أو شقق مملوكة ليست سوى زيف وادعاء ودعوة للناس لينتحروا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ـــــــــــــــــ

* كلمة القاها الأستاذ يحيى منصور ابواصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الإشتراكي اليمني في فعالية تأبين الفقيد احمد علي السلامي، التي نظمتها منظمة الشهيد جار الله عمر يوم الخميس 1 أكتوبر 2020 ، في مقر الحزب الاشتراكي اليمني بالعاصمة صنعاء.

قراءة 2377 مرات آخر تعديل على الجمعة, 02 تشرين1/أكتوير 2020 20:33

من أحدث