طباعة

ذكرياتي وحزني على الراحل السفير علي عبدالله السلال(1)

الخميس, 14 كانون2/يناير 2021 22:34 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أول معرفة مباشرة ووجهاً لوجه كان في عام 1964م وكان مع أحمد قاسم دماج يعملان أو يشرفان على إذاعة صنعاء ويتناوبان كتابة التعليقات السياسية بعد نشرات الأخبار، أعجبت بتواضعه وحبه للفرفشة والنكتة وكان يتابع رغم مشاغله النكات والطرائف المتبادلة بين إب وجبلة وبين يريم وذمار. أخبره أحمد قاسم دماج أن سبب وجودي محاولة السفر للدراسة في القاهرة بعد أن تخلفت عن السفر في العام الفائت 1963م عن زملائي حسن بن قايد دماج وعلي محمد عبدالواحد دماج على نفقة القيادة المصرية لأنني التحقت بأبي في منطقة جبل برط (ذو محمد) أثناء تواجده مع قبائلنا من ذي محمد أصحاب إب للدفاع عن الثورة والجمهورية في جبل برط الجمهوري والمقاوم لحصار الملكيين. وعلي السلال صديق لأخي أحمد منصور من قبل الثورة، لهذا اهتم بي من حيث المعيشة والمبيت في منزل المناضل السبتمبري علي الشعبي، حيث في تلك الأيام لم يكن في حوزته هو او أحمد قاسم أي إمكانية مالية وغيرهم من المناضلين في تلك الأيام لاستئجار منزل. ولما لم تتحقق المنحة إلى القاهرة أقنعني هو و أحمد قاسم بالعودة للدراسة في تعز وقد صادف وجود الأستاذ الكبير أحمد دهمش وكان يشغل رئيس تحرير صحيفة الثورة ومدير مكتب إعلام تعز فطلب منه علي السلال وأحمد قاسم أخذي معه إلى تعز في سيارة عسكرية مشقدفة ما وصلنا تعز إلا بعد أربعة عشر ساعة وقد أفادني أحمد دهمش أن أسكنني في مقر الصحيفة الكائن آنذاك جوار ميدان الشهداء وظل أحمد دهمش ومعه المناضل عبدالله الوصابي يرعياني ويهتمان بي.

وتشاء الأقدار أن يخرج المناضل السبتمبري علي عبدالله السلال من اليمن مع والده دون عودة بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967 على إثر هزيمة يونيو 1967 وعودة القوات المصرية إلى مصر وعند حلول أيام السبعين يوم في حصار صنعاء أجبرت على الرحيل إلى القاهرة للدراسة من منطلق تقديرات كانت سائدة بسقوط صنعاء بيد المحاصرين الملكيين وأنه ينبغي أن يذهب الطلاب المستهدفين للدراسة خارج اليمن حتى يواصلوا المشوار الثوري، وهناك كان لقائي الثاني بالمناضل السبتمبري علي عبدالله السلال ومصر تعيش ظروف حرب الاستنزاف التي يديرها جمال عبدالناصر بنفسه استعداداً لمعركة تحرير سيناء ومن منطلق مقولة عبدالناصر (ما أخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة) وكانت القاهرة مقراً لشعلة متوقدة من الطلبة اليمنيين المستعدين بالغالي والرخيص للدفاع عن الثورة والجمهورية. وقد سائني الخلافات والانتقادات والاتهامات المتبادلة بين القادة السبتمبريين الموجودين إجبارياً في القاهرة وهم علي عبدالله السلال ووالده المشير عبدالله السلال من جهة واللواء عبدالله جزيلان من جهة أخرى وكل من المشير عبدالله السلال واللواء عبدالله جزيلان يدعي أنه قائد الثورة الحقيقي ومفجر ثورة 26 سبتمبر المجيدة، وهي خلافات متشعبة وخرجت إلى العلن في كتابات ومذكرات الطرفين، وكذلك أعضاء تنظيم الضباط الأحرار، وكنت في غاية الاستياء وكان علي عبدالله السلال يشاركني استيائي ويقول لي كلم ابن عمك عبدالله جزيلان وكلما أفاتح جزيلان بالتهدئة يصرخ في وجهي أن ما يجري سطو على دوره الحاسم في قيادة الثورة وفشلت فشلاً ذريعاً في مسعاي إلا أنني وطدت علاقتي بعلي عبدالله السلال ورتبت له لقاء مع القائد اليساري عبدالله عبدالرزاق باذيب بجهدي أنا وجهد حسن علي مجلي.  وعدت إلى اليمن منتصف 1968م لأواصل دراسة ثالث ثانوي في تعز وتحمل مسؤولية المشيخة التي جاءت لي من بعد وفاة والدي، وكانت لي صور فوتوغرافية مع المناضل علي السلال في القاهرة  إلا أنها ضاعت أثناء اختفائي من عام 1972 حتى عام 1977 في فترة حالكة من الحملات العسكرية والمطاردات والاعتقالات والإعدامات ضد الوطنيين في النصف الأول من السبعينات.

أما لقائي الثالث بعلي عبدالله السلال فكان في الجزائر عام 1988 واستمر في اليمن من بعد الوحدة إلى آخر يوم من عام 2020م وتشييعه في أول يوم من عام 2021م، فكيف تم اجتماعنا وعملنا معاً في الجزائر وهي فترة هامة في حياة علي عبدالله السلال وكيف جمعتنا الأقدار لنكون مع بعض لمدة سنة ونصف تقريباً في الجزائر، وإليكم التوضيحات حول انخراطي في العمل الدبلوماسي حتى وصولي إلى الجزائر.

البداية كان اتفاق الرئيسين علي ناصر محمد وعلي عبدالله صالح في تعز حول إحلال السلام ووقف أعمال العنف والنشاطات العسكرية من جانب الجبهة الوطنية الديمقراطية وأجهزة السلطة العسكرية وملحقاتها من التنظيمات المسلحة مثل الجبهة الإسلامية ودخول الحكومة إلى مناطق الجبهة الوطنية في مختلف نواحي البلاد كأجهزة مدنية وأمنية وقد أعلنت الجبهة الوطنية وبضغط من حكومة عدن على قبولها اتفاق تعز والدخول في حوار مع نظام صنعاء، لكن أي من ذلك لم يتم والذي جرى هو نكوص النظام على جميع التزاماته والقيام بأعمال عسكرية واسعة واعتقال أعضاء الجبهة الوطنية والحزب حيثما وجدوا وتشديد حملات الاعتقالات والمطاردات والإعدامات وعلى أوسع نطاق ومن المناطق التي تعرضت لهجمة النظام العسكري الشرسة منطقة الربادي والشراعي والثوابي والمكتب ومختلف مناطق مديرية جبلة وكانت أشرس حملة عسكرية وأمنية عرفتها المنطقة تدميراً للقرى وخراب البيوت واعتقال وقتل كل من يقع في يد السلطة، وبعد هذه الفاجعة وكنت حينها في موسكو لمعالجة العائلة كما سبق وشرحتها في تناولي لعبدالوارث عبدالكريم ودخلت مع علي عبدالله صالح بحوار أفضى إلى تعييني وزير مفوض في سفارتنا في الصين الشعبية بتوجيه وموافقة الحزب الاشتراكي وقيادة الجبهة الوطنية قضيت خلالها  أربع سنوات في الصين  ثم تم  نقلي إلى السودان بعد مراجعة كثيرة باعتبار الصين منطقة صعبة..

.................يتبع


 

قراءة 2904 مرات

من أحدث يحيى منصور أبو اصبع