طباعة

إشكالية الحرية العربية

الإثنين, 15 أيلول/سبتمبر 2014 20:37
قيم الموضوع
(4 أصوات)

 

الحرية شجرة مثمرة  ترمي الشعوب  ببذرتها بين التراب ، وتنمو  إذا أعتني بها  وحفرت  في عقول المجتمعات ،  لتصبح فكرة  تسير بفضلها نحو سلوك  مشرف وسمة تبنى بها الحضارات .

يان ماك إيوان يقول : الحرية تميل إلى التطور والتكاثر ولكن بشرط  هو السماح لها بذلك ..

يدل هذا على أن الإنسان حر غريزياً ؛ ولكن نظام الحكم السائد  والبيئة التي ينشئ فيها الفرد ، إما أن تكبت حريته فيصبح جزءً من قطيعٍ كبير  أو أن تطلق له العنان فيجرب ويخطئ ويبدع .

احتكار السلطة من قبل عائلة  أو حزب سياسي في الجمهوريات الملكية العربية أصاب المجتمعات بمرض الجهل ونقص الوعي بسبب التردي  المفتعل لنظام التعليم بالإضافة إلى السيطرة على وسائل الإعلام والتحكم في مضمون رسائلها  ، فكان ترياق المرض بالنسبة للشعوب  هو الصمت من أجل لقمة العيش ، أو الأمان كما يدعي العامة وخصوصا ً في المجتمع اليمني ، فرض الصمت نفسه وخلف الحرمان الذي يُعد سمة من سمات المجتمعات العربية قاطبةً. 

استيقظت الشعوب نسبياً  في عام 2011 من تنويم مغناطيسي ،  لتفرض سلطتها على الأرض ، كان الخط الأحمر بالنسبة للشعوب  هو المصطلح الشائع حينها ( الحرية ) ، كانت الحرية بالنسبة لمبتدئين كشعوبنا العربية هي الوقوف في وجه الظالم  وشتمه بحرية مطلقة .. نجحت في بادئ الأمر هذه الاحتجاجات أو الثورات البرتقالية والحمراء ، ونجحت بعض الأحزاب السياسية البراغماتية في الوصول إلى السلطة بفضل هذه الاحتجاجات ، وقامت بنفس الدور السابق لأسلافها    ، وبمساندة من الجماهير العريضة التي خرجت منتقمة ( وهذا هو ما يثبته الوقت ) ولم تكن باحثة عن الحرية والمصطلحات المبتذلة الأخرى ، بحثت الأنظمة الجديدة عن وسائل تبقيها متمسكة بسلطتها ، فأقصت حتى  شركاء احتجاجاتها ، يثبت ذلك  الواقع الذي نتعايش معه كل يوم ، فالحروب التي تشهدها الدول العربية  ليست سوى طريقة مجدية مع هذه الأنظمة للتحول لدور المستبد .

الحرية لا تعني الإضرار بغيرك  المختلف  فكرياً وسياسياً .. ؛ لآن هذا ينافي العقل ، ويؤسس لمرحلة جديدة غير مختلفة تماماً عن المراحل السابقة التي عاشها أجدادنا وأباءنا ونعيشها نحن ، وسينمو    أبنائنا فسيولوجياً  على أساسها ، ولا يطرأ عليهم أي تغير ...

إذاً ما الحل ؟  يبدو أنه سيكون   بإصلاح نظام التعليم  والوعي بمضمون القوانين الوطنية والاتفاقيات  العالمية وتوزيعها والحث على قراءتها وشرحها لعامة المجتمع ،   وتعزيز ثقافة الحوار  وتناول المشكلات الاجتماعية بموضوعية ومنطقية وفصلها عن أعراف المجتمع وتقاليده والمقدسات  الناتجة عن  أفكار وآراء متوارثة  لا تتناسب مع ظروف الزمان والمكان .  وإعطاء الفرد  (دستورياً ) الحق في التفكير ، وفرض عقوبات شديدة ( حتى يتم التغير الاجتماعي على الأقل ) لأي جهة تتطاول على هذا الحق وتمنعه ؛ لآن هذا يعتبر سيادة غير مشروعة تفرضها مثل هذا الجهات على القانون والدستور والفرد والمجتمع . .

قراءة 2336 مرات

من أحدث