طباعة

عن الانهيـــار الكبيـــر

الأحد, 04 كانون2/يناير 2015 18:05
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

خلال عام تقريباً او اقل ستشرع اليمن في الانزلاق الى دروب الفوضى والفشل ،وسيفقد اليمنيون القدرة على السيطرة على مشاكلهم المتعددة والمعقدة ،وهذا لا يعني ان البلد لا يعاني –الآن – من مشاكل عديدة ومعقده ولكن ما اقصده هو ان هذه المشاكل ستتجاوز طبيعتها اللدنة وستميع في كل الاتجاهات نتيجة تغييب وتدمير "الدولة" بصفتها ادارة لتقسيط وتطويق الازمات كحد ادنى لوظيفتها.
ليست المشكلة في ان الحوثي سيستكمل سيطرته على المؤسسات ويستولي على ما تبقى من السلطة ، لكن الكارثة هي ان الحوثي يمشي بخطى حثيثة واصرار لتدمير وتصفية ما تبقى من الدولة ، وشتان ما بين الامرين ،اذ من السهل على شعب ان يستعيد سلطته من مغتصب لكن "الدولة "ستستغرق عشرات الاعوام لكي يعاد بنائها.
تبدو الامور للوهلة الاولى غير كارثية كما اصفها، وبإمكان شخص حالم او متحديٍ كـ وسام محمد مثلاان يمنحك قدراً من الامل وهو يكتب عن "هيلين" ويسالك عن شقة مناسبة للعائلة في الدائري او الرباط ويتحدث عن آماله في عمل مناسب في عاصمة ما زالت تحتكر كل ادوات الفعل السياسي ومؤسسات العمل الاعلامي والحقوقي و مراكز منظمات المجتمع المدني ،ولكن عند التدقيق في المعطيات على الارض ،وبقراءة معمقة لطبيعة القوى الممسكة اليوم بمحابس التحكم لهذا البلد فان كل المحابس مرشحة للإغلاق باستثناء محابس الزيت واللهب ، ويبدو بان صنعاء لم تعد فسيحة لطفولة "هيلين" بقدر ازدحامها بعصابات السيد و مخازن أسلحة "صالح" ولم تَعُد تَعِد وسام بالعمل بقدر وعيدها له بالخوف والبارود والموت.
قد يعتقد البعض بأن قدرة اليمنيين على التكيف مع حالات التردي وبالذات في السنوات الثلاث الماضية تمنح مثل هذه التقديرات السيئة طابعاً تنجيمياً ، وأن قدرة اليمنيين على مواجهة الانهيار الشامل في اللحظات الاخيرة هي لازمة تأريخية ،لكن هذا المنطق يسقط امام المعطيات الجديدة المتمثلة بـ "وضع الاقتصاد اليمني وطبيعة القوة الطارئة المسيطرة على المشهد اليمني الحالي" ، وانا هنا لا اتكلم عن الطبيعة السياسية والايدلوجية لجماعة الحوثي وحلفائها وما تمثله من استفزاز للداخل اليمني وللجوار الاقليمي وما يمثله ذلك من خطر على الاستقرار ،لكنني فقط اتكلم عن الطبيعة العسكرية والقبلية التي تتعامل بها جماعة الحوثي مع الدولة ، كما انني حينما اتكلم عن الاقتصاد لتأكيد انهيار البلد فذاك لان الانهيار الاقتصادي سيؤدي بالضرورة الى انهيار شامل تصل نيرانه حتى الى سلطة جماعة الحوثي الحاكمة.

الاقتصاد اليمني على حااااااااافة الانهيار والمؤشرات الاقتصادية كلها تنذر بالخطر ، وكل المعطيات على الارض تؤكد بان جماعة الحوثي لا تتجاهل خطورة عملياتها العسكرية على الاقتصاد فحسب ، ولكنها لا تمتلك أي مشروع غير العنف، كما ان مستشاريها الايرانيين لا يهمهم استقرار البلد بقدر اهتمامهم بنكز الخاصرة الجنوبية للمملكة ، فالسطو على مؤسسات الدولة وبالذات الانتاجية منها والسيطرة على المنافذ والمعابر والموانئ والمطارات ، بالإضافة الى الاستيلاء على مؤسسات ومصالح الخصوم التجارية ، واستخدام القوة لتوجيه القرار السياسي والقضائي للنيل من مصالح الخصوم ،كل تلك الاعمال اضرت بالاقتصاد الوطني ودفعت بعشرات المستثمرين الى مغادرة البلد.
عائدات النفط تراجعت اكثر من مليار دولار مقارنة مع العام 2010،وقطاعات اقتصادية عدة اصيبت بالشلل، الخليجيون علّـقوا مساعداتهم لليمن حتى تنفيذ اتفاق السلم والشراكة ، ومرجعية مران لن تنفذ هذا الاتفاق - مهما حصل -استناداً الى طبيعتها وتاريخها ، وهذا هو المسمار الاخير في نعش الاقتصاد اليمني.
خلال اشهر قليلة ستكون الحكومة اليمنية –ان تبقت حكومةعاجزة عن دفع رواتب الموظفين، ستسقط معظم القطاعات الانتاجية في يد ميليشيا الحوثي و "صالح" ، ستنهار البقية الباقية من مؤسسات الدولة وتتشظى السلطة الى عدة منظومات قبلية ومناطقية وايدلوجية يتوزعها الحوثي وصالح وهادي وقاسم الريمي وآخرين ، ينخرط فيها جزء كبير من الناس في العمل كمرتزقة او مقاتلين الى جانب احد هذه المنظومات ، ستتضرر مصالح الناس ويفقدون جزءاً كبيرا من قوتهم ، وتحضر المنظمات الاغاثية لتطعم وتأوي القليل ، فيما يبدأ موسم الهروب الكبير .. الانهيار الكبير

 

قراءة 2178 مرات