طباعة

الانتعاش الشعبي

السبت, 24 كانون2/يناير 2015 21:27
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

"كل صعود للفاشية هو شاهد على ثورة فاشلة" فالتر بنيامين

التفسير الأولي للانتعاش الشعبي الذي اصبح واضحا منذ تقديم الرئيس هادي لاستقالته، هو أن الشرعية الثورية التي وجدت منذ فبراير عام 2011، سقطت آخر أوراقها مع تلك الاستقالة، لتعود الشرعية مجددا للشارع.

بالطبع لم يكن هادي يمثل الثورة، ولم تكن العملية السياسية تضع اعتبارا للشرعية الثورية التي بفضلها اصبحت تمتلك افقا أوسع، حتى مؤتمر الحوار رغم انه جاء عقب الثورة فهو لم يكن ليعبر عنها تماما، ينسحب الأمر نفسه على المبادرة الخليجية وحكومة الوفاق.

بمعنى أن الثورة لم تمنح كل تلك الأشكال والمؤسسات الشرعية، وذلك لعدم وجود الدليل الملموس على ان اهداف ثورة فبراير يمكن تحقيقها أو جزء كبير منها، بناء على الوضع الجديد الذي وجد بسبب الثورة.

تم انتاج ما عرف بالتسوية السياسية، كتعبير متخفف للشرعية الجديدة التي اصبحت تدار بها البلد والعملية السياسية، ولأن التسوية ولدت من رحم الثورة، فإن الاطراف التي كانت محسوبة على الثورة، حاولت ان تحمل اهدافها ولو من باب المناورة السياسية، شكل هذا الوضع أن الثورة لم تمت، وايضا عدم تحملها مسئولية أي اخفاقات قادمة.

لم يتجاوز الفعل الثوري الوضع الذي تأسس لاحقا رغم عدم تمثله لأهداف الثورة، واعتقد بأن هذا كان بسبب حالة الانهاك التي كان قد اصيب بها الشارع نتيجة تعنت النظام ومحاولته المستمرة لإنتاج الفوضى وهو ما لم تقبل به الثورة.

انكفاء الفعل الثوري جعله يتواطأ بالصمت مع الوضع الجديد، وكان من شأن هذا أن الشرعية الثورية قد انسحبت وان بطريقة غير مباشرة على التسوية السياسية، الحكومة، الرئيس، مؤتمر الحوار الوطني.

كيف نعرف هذا؟

عندما تقدم الحوثيين كثورة مضادة، سواء من خلال تقويض مبدأ العمل السلمي، أو تقويض الوضع الذي انتجته ثورة فبراير، أو حتى التعاون مع بعض رموز النظام القديم الذين لا يزالون يحملون العداء للثورة، عندما حدث هذا، فإن الاخطاء التي كانت قد تراكمت ولم يكن من المقبول أن تتحمل الثورة مسئوليتها، لم تمنح الفعل الثوري السبب الكامل لكي يعود.

وحدث أن الطرف الجديد المتمثل بالحوثي، انتج وضعا مغايرا وقوض الكثير من الاشياء، ووصل به الأمر لتقويض الدولة، وهي الجامع المشترك بين التسلط والاستبداد وأي ثورة، وهذا يأتي بسبب أن الثورة لم تحقق أهدافها، وتركت المجال أمام صعود الفاشية، ومع ذلك كان الفعل الثوري لا يزال بحاجة الى استشعار خطر تقويض الشرعية الثورية على نحو ملموس، وهو ما حدث عندما وصل الأمر الى الشروع في الانقلاب على الرئيس هادي الذي اصبح رئيسا بفعل الثورة.

ما انتجته الثورة، ثورة فبراير، بكل تشوهاته أصبح يشير الى رمزية الشرعية الثورية، خاصة مع عدم انتاج أي شرعية جديدة متجاوزة، لهذا وجدنا أن أغلب الشباب الذين رفضوا انتخاب هادي باعتباره يمثل التسوية ولا يمثل الثورة، وجدنا أنهم يثورون ضد الانقلاب عليه، لاستشعارهم أن الثورة المضادة اصبحت على بعد خطوة واحدة من استكمال تقويض تلك الشرعية.

وهنا حدث الانتعاش الشعبي بشكل تلقائي، ومعزز بفضائع الثورة المضادة واعتمادها على العنف في جني المكاسب السياسية، وأكثر من ذلك محاولة محو أي اثر لثورة فبراير وفي الوقت نفسه محاولة ابتلاع الدولة، والقضاء على أي فرصة في استعادة الثورة أو في الخروج ضد كل ذلك.

في النهاية نجد أن الانتعاش الشعبي، والعمل على استعادة الفعل الثوري، وهو ما بدأ فعلا، تأخر كثيرا، لكن الوقت لم يفت بعد لكي يصبح هو الشرعية الوحيدة في ظل هذا الانفلاش والفراغ الدستوري، ثم ان القبضة الفاشية لقوى الثورة المضادة لم تتمكن بعد من احكام سيطرتها على المجال العام.

اذن الهدف الملح على جدول اعمال استعادة الفعل الثوري، هو مجابهة الفاشية (الثورة المضادة) ولن يتحقق هذا إلا من خلال الاستعادة الكاملة للثورة السلمية، واعادة طرح اهدافها بوضوح وواقعية، وايضا الشروع في تحقيقها.

قراءة 1914 مرات

من أحدث