طباعة

منطق مخاتل

الخميس, 19 شباط/فبراير 2015 15:47 كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

يحــــرص بعض البائسين بعناية على تذكيرنا بشهداء 2011، لصرف الناس عن مجابهة الحوثي، بحجة ان أي تضحيات جديدة لن تعدو عن كونها تكراراً لما حدث وبشكل حتمي تكرار للنتيجة ذاتها.

لدى البائسين الثقة بأن جماعة الحوثي لا تختلف عن الإخوان المسلمين اذا لم تكن أسوأ بما لا يقارن، يقرون بهذا ثم ينصرفون لمهامهم: الإخوان وصلوا للسلطة بفعل الثورة، لكنهم تنكروا للجرحى وقمعوهم بشدة عندما طالبوا بعلاجهم، وبالمجمل لم يحققوا شيئاً من أهداف الثورة، غير الإمعان في إقصاء الآخرين وفي أخونة الدولة.

البائسون بشدة ايضا لا ينسون ان يذكرونا بأن البديل حتما سيكون أسوأ؛ فصالح هو القوة الثانية، وأي ثورة تستهدف الحوثي ستعيد السلطة إلى يد صالح، وفي أحسن الأحوال اذا حدث ان الأخير لم يتمكن من السلطة لأسباب لا تبدو وجيهة حتى الآن، فإن السلطة ستذهب للإخوان مرة أخرى ولكن بشكل كامل هذه المرة.

بالطبع هم دائماً لا يتوقفون عن استدعاء القاعدة الى مسرح الأحداث باعتبارها قوة منظمة لا يستهان بها، وهي دائماً متوثبة للانقضاض على كل شيء، ولديها الاستعداد الكامل لاستلهام نموذج داعش، أو حتى نموذج أبين خلال العام 2011 عندما سيطرت على أجزاء واسعة من هذه المحافظة.

المنطق المخاتل ينصحنا بالبكاء على المآسي القديمة وترك الغول لشأنه حتى وان كان سيصنع مآسي جديدة لا طاقة لنا في حملها.

حسناً لطالما كان صالح وزمرته يتبنون هذا المنطق من قبل: نحن أو الفوضى من بعدنا. وكان وعدهم حقاً، ووعد الشعب حقاً عندما أصر على إسقاطهم.

لم يحصل الجرحى على العلاج، ولم يحصل العاطلون على عمل، لم ينته الفساد لكنه ازداد ولم تتبن السلطة اللاحقة للثورة أية رؤية لمحاربته، أو لوضعنا على أعتاب مرحلة جديدة. الناس يشعرون بالخيبة والمرارة كلما خطر على بالها ان أمر الثورة قد آل في النهاية الى يد حفنة من اللصوص، غير أن هذا لو وجد منطق حقيقي سيبقى يحثهم على الدوام في أن يتحلوا باليقظة الكاملة إزاء أي أخطاء أو محاولات جديدة لاستغفالهم.

يمكننا القول إنه الاستعداد الدائم، التوق الذي لا ينتهي لرفض الاستبداد، وربما هو الــدرس الوحيد الذي تعلمه اليمنيون بشكل جيد من ثورة فبراير، قبل أن ينصرفوا الى شؤون حياتهم.

لتذهب السلطة الى الشيطان الأزرق. ليس هذا بالشيء المهم، على الأقل الآن طالما وهناك مهام جديدة على جدول أعمال هذا الشعب، أبرزها: إزاحة هذه القتامة التي تنذر بمستقبل كارثي، إزاحتها من خلال المجابهة اليومية لهذه الجماعة.

قراءة 1946 مرات

من أحدث وسام محمد