طباعة

وعد عرقوب

الأحد, 22 شباط/فبراير 2015 22:46 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

غاب زمن سيادة القانون وغدا بمثابة وشاحاً بالياً لا يرتديه سوى من غرست في أعماقه مفهوم الوطنية الخالصة.. بينما واكب ذوي المصالح والنفوذ موضة "التمرد" على الدولة والقانون وعلى مصالح الشعب.. كلٌ منهم له موديل خاص به يميزه عن غيره فيغدو نجماً متألقاً في ساحة العروض السياسية والذي من خلالها يعمل على خطف أنظار أكبر قدر من الجمهور "الشعب".

كلٌ يصعد إلى المنبر ويخطب خطابه المنمق والذي يحمل في طياته العديد من المفردات العاطفية التي يفتقر إليها الناس.. فأكثر ما يركز عليه ذوي المصالح والنفوذ في خطابتهم هو حاجة الناس ومن ثم تقديم الوعود لتلبية هذه المطالب والتي سرعان ما تبدو كـ"وعد عرقوب".

هذا النوع من الخطاب الذي ركز عليه صالح خلال فترة حكمه إلى أن أطاحت به ثورة 11/فبراير .. وهو ما ركز عليه الساسة في ظل الثورة ومن يعدهم الحوثي الذي أستغل معانات الناس وحاجاتهم في مخاطبتهم وبدأ بتقديم الوعود لهم وسرعان ما غدت هي الأخرى كوعد عرقوب.

ما هو أسوأ من التمرد على الدولة والقانون هو استغلال حاجة الناس والدفع بهم إلى حافة الخطر في سبيل تحقيق غاية وأهداف ذوي المصالح المقنعة بخدمة الفرد.

الناس ليست بحاجة لوعد عرقوب الذي لا يخلو منه أي خطاب سياسي أو ثوري كما يزعم البعض ما هم بحاجة إليه فعلاً هو احترام عقولهم بالدرجة الأولى والعمل على تلبية حاجاتهم التي تضمن لهم العيش الكريم وتنتشلهم من مستنقع الجهل والجوع والمعانات...

حتى الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية في أحسن حالتنا نقف أمام خيارين:

إما أن تحصل على الحرية السياسية أو العدالة الاجتماعية وفي النهاية لا تحصل على أي منها وكأن الخيارين الذين وضعا أمامك سراباً حسبه الضمأن ماءاَ  فقط لوهمك أن هناك ديمقراطية وعدالة اجتماعية.

إن غياب مفهوم العدالة الاجتماعية وانعدام الحرية السياسية  وحرية التعبير هما الأسباب الرئيسية فيما وصلنا له من حال.. فهما البيئة الخصبة التي تنمو فيها الدكتاتورية المقنعة بالديمقراطية.

هذا سيء ولكن الأسوأ هو غياب الوعي الذي يعمل بدوره على رفع مستوى الإدراك عند الفرد بكل ما يحيط به والذي من خلاله يتمكن من مواجهة الواقع الذي يعمل على استغلاله.. كما أن الوعي هو العامل الأول في تقدم المجتمعات وتطورها. فكيف لنا أن نبني مجتمع متقدم ونحن نفتقر لأهم عامل من عوامل التقدم وهو الوعي؟. لذا إن أردنا حقاً بناء الدولة المدنية والشروع في عملية البناء والتنمية علينا أولاً أن نسعى وبقوة لبناء الفرد.

وهذه مسؤولية تقع على عاتق الجميع وواجب وطني سنحاسب عليها يوماً أمام الناس والتاريخ والأجيال القادمة.. ولاسيما وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة والتي من المفترض أن تعمل بدورها على نشر الوعي بين الناس بدلاً من تضليلهم فهذه مسؤولية تقع على عاتقهم قبل أي شخص أخر.

قراءة 2157 مرات

من أحدث أسيا الصراري