طباعة

داعشـ«ـهم» أم داعشـ«ـنا»....

الأربعاء, 25 شباط/فبراير 2015 19:45 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

«داعش» كثيراً ما بتنا نسمع بهذا الاسم في جميع وسائل الإعلام. بمجرد سماعنا لهذا المصطلح نشعر بالقشعريرة تسري في اجسادنا لتكريسه في مخيلاتنا صور الجنود «المذبوحين» في حضرموت و«معاذ الكساسبة» الطيار الاردني الذي أحرق بطريقة بشعة، والمدنيين الذين ذبحوا في العراق وسوريا وآخرهم 21 مصرياً تم إعدامهم في ليبيا وكل تلك الجرائم التي ارتكبت بكل وحشية في هذا العالم.

والسؤال الذي يطرح دائماً هو: هل فعلاً ذاك التنظيم «إسلامي»؟. هل حقاً هذا هو الوجه الآخر للإسلام؟ هل تلك هي قيمه ومبادئه؟، ان كان الجواب «نعم»، إذاً السؤال المنطقي الذي سيجول في البدهية «ما هو الدين الذي أعتنقه الآن!!». لذا من منطلق ديني الذي أعتنق أولاً وثانياً كإنسانة تميزت بالعقل أميل الى رفض هذا المنطق تماماً.

فمن منطلق ان حقيقة ومنطق الاسلام وبمحاولة جعل الآخر يستجيب لدعوته أي انه دعوة له وليس حرباً عليه حتى «يؤسلم».

نجد السؤال الذي سيطرح هنا هو من يكون هذا التنظيم ومن أنشأه وأوجده ومن الذي ساعده بالانتشار في المجتمعات العربية والتغلغل فيها مستفيداً من الفهم الخاطئ والمحصور للإسلام في مجتمعاتنا. مستغلاً الصراعات المنتشرة بشكل كبير في هذه المجتمعات وجعل تلك الصراعات تلخص كمرجع فلسفة ميتافيزيقية غير متناقضة مع موقع الدين بل تنطلق منه.

فكما أكد ابن خلدون في مقدمته على ان «الدين لا يفسر الدين» والايديولوجية لا تفسر الايديولوجية حتى ولو أعطوا «الأولوية». وتلك الصراعات بحاجة الى تفسير دوماً ما يكون اجتماعياً وتاريخياً إلا إذا نُظر للدين من موقع الدين نفسه. لذلك نلاحظ نشوء علاقة سيطرة يختلف شكل العامل المسيطر فيها باختلاف الشروط التاريخية التي تمارس فيها القوى الاقتصادية تجديدها للعوامل الاجتماعية الأخرى وتظهر بمظهر القوى الاستبدادية والتي ينقصها الكثير من الفهم للايديولوجيات وجعلها تحتاج لتطوير فكرها السياسي سلباً والتي تتبنى بشكل أساس الأساليب والطرق التي تسيطر من خلالها تلك القوى والتي تستطيع بها ان تربي التعصبات الدينية والاختلافات الطبقية في المجتمعات، وهذا بالضرورة سينتج عن مخاضه ولادة صراع طائفي ومجتمعي قد يؤدي بالنتيجة الى نشوء تطرف ديني وجماعات إرهابية.

والسؤال الأهم هنا هو من يدعم ويغذي تلك القوى الاستبدادية ويغرس جذورها في المجتمعات العربية ويجعل هذه القوى الداخلية المستبدة والمسيطرة تسعى لزرع مستويين من الثقافة. يكون المستوى الاول لتمجيد النظام الراهن والمستبد والموروث والثاني ثقافة التناسل والأكل. وهذا بدوره وبكل أسف يحصر المجتمع العربي في مستوى الآلات والحيوانات ويجعله عاجزاً تماماً وغير قادر على الرقي وصولاً الى الحياة الإنسانية. بالتالي لا يستطيع ان يمارس جوهره الانساني والذي يتمثل في الحريات ومجالات الإبداع والفن والفلسفة والعمل وكل جوانب الخير التي جُبل الإنسان عليها.

وذلك بدوره سيؤدي الى نشوء فكر «متأسلم» حديث يروج للعنف وينشئ ثقافات ومصطلحات وفكراً جديداً. فكراً يفسر الماركسية على انها امتداد للفكر الليبرالي. وبطريقة أخرى يجري فهمها على انها تتقاطع وتتطابق مع المنحنى الاستعماري العام للمشروع الغربي في هجومه على الاسلام والمسلمين. وهي بذلك تشكل احتياطياً ايديولوجياً وسياسياً كبيراً استخدمته وما تزال تستخدمه المؤسسة السلطوية الغربية المتمثلة بالمنظمات «لماسونية» التي تتحكم في كبرى شركات العالم واقتصاده بالكامل. لا يمكن لأحد إنكار حقيقة ان القوى الاقتصادية هي القوى التي تسيطر على جميع القوى الأخرى ولا يخفى على البعض بأن السياسة والسياسيين هم مجرد «ديكور» فقط اخترعته تلك المنظمات «الصهيونية» لبلورة وتشريع اعمالها الإرهابية ولتصل للعالم بشكل عام ولفكر الفرد بشكل خاص بشكل متسلسل وسريع، محاولة بذلك تدمير واستعباد الشعوب الإسلامية والعربية من خلال تشويه صورة «دينهم» وفكرهم بأنفسهم أولاً قبل تشويهه أمام العالم أجمع وجعل تلك الأوطان تفقد هويتها وتفقدها القدرة على الاعتماد على ذاتها اقتصادياً مما يجعلها تنتمي بالنتيجة الى «العالم الثالث» أو الى «الرأسمالية المشبوهة والمشوهة» وكل ذلك سيمكن تلك المنظمات من التغلغل أكثر في «فلسطين» بالذات باعتبارها الأرض الموعودة لهم. وجعل تلك المنظمات أو الدولة الاسرائيلية المكونة منها تظهر بمظهر «الضحية «وصاحبة الحق» والأرض.

ولكن ما لا يختلف عليه بأنها الى هذه اللحظة ما تزال فاقدة لتلك الشرعية وما تزال تحيك المؤامرات وتنشئ المنظومات الإرهابية وتروجها للعالم على انها تنتمي للمسلمين وستظل كذلك حتى تصل الى مبتغاها وهنا ستظهر علامة استفهام كبيرة. ترى لتكتمل تلك الكلمة «داعش» هل يجب ربطها بالضمير المتصل «هم» أم بالضمير المتصل «نا»؟!.

قراءة 2482 مرات

من أحدث رئام مختار الاكحلي