طباعة

أطفال اليمن جنود في جبهات القتال .. براعم مفخخة

  • الاشتراكي نت/ خاص- تقرير- سامية الأغبري

الأحد, 05 نيسان/أبريل 2015 17:03
قيم الموضوع
(1 تصويت)

أطفالنا أكبادنا فلذاتنا تمشى على الأرض... هكذا يلخص الشاعر مشاعره تجاه أبنائه

وأكبادنا تكبر قبل الأوان, تحمل السلاح, تواجه الموت في جبهات القتال..في النقاط العسكرية في المدن, وفي الجبال, أطفال لكنهم أصبحوا جنودا وقتلة.

يوهمون بأنهم يقاتلون أعداء الله, يقاتلون الكفار, يقاتلون إسرائيل وأمريكا, يقاتلون الدواعش, وفي حقيقة الأمر هم بحاجة للمال والطعام, إنهم الفقراء وقود الحروب, والموعودون بجنة القاعدة وحور عينها ,وفردوس الحوثي بحدائقها.

تعرف الأمم المتحدة الطفل الجندي: على انه أي شخص دون سن الثامنة عشرة من العمر ولا يزال أو كان مجنّداً أو مُستخدَماً بواسطة قوة عسكرية ,أو جماعة عسكرية في أي صفة, بما في ذلك على سبيل المثال وليس الحصر الأطفال والغلمان والفتيات الذين يتم استخدامهم محاربين,أو طهاة, أو حمّالين ,أو جواسيس, أو لأغراض جنسية.

يقول ناشطون في محافظة عدن التي تشهد مذابح منذ أيام ترتكبها مليشيات صالح والحوثي أن غالبية المقاتلين مع هذه المليشيات هم من الأطفال.

ومثلما تجند جماعتا الحوثي والقاعدة الأطفال في مليشيات, خارج القوات النظامية, فقد فعلت ذلك من قبل الفرقة الأولى مدرع بقيادة الجنرال علي محسن الأحمر والحرس الجمهوري, وهذا ما أكدته منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها للعام2011م حيث صادفت العشرات من الجنود المسلحين يبدو أنهم أصغر من 18 عاماً، في العاصمة صنعاء، منذ فبراير 2011،عندما بدأت المظاهرات ضد الرئيس السابق علي عبد الله صالح, ". ووثقت المنظمة في تقريرها لـ2014م حالات لمشاركة أطفال في القتال مع الحرس الجمهوري. في يونيو/حزيران 2012, وطالبت بالوقف الفوري لاستخدام الأطفال كجنود أو في أي أجهزة أمنية أخرى، سواء طرف الحكومة اليمنية أو المعارضة.

"اليمن واحدة ضمن ثمان دول أدرجت قواتها الأمنية الوطنية من قبل الأمين العام على قائمة الدول التي تجند وتستخدم الأطفال " بحسب بيان للأمم المتحدة.

وقد زارت اليمن ليلى زورقي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشئون الأطفال والنزاع المسلح, ضمن حملة تنفذها الأمم المتحدة تحت عنوان " أطفال لا جنود " بهدف إنهاء تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة بحلول العام 2016م، لكن تسارع الأحداث في اليمن واتساع رقعة الحرب حال دون ذلك بل أدى إلى تزايد  تجنيد الأطفال واستخدامهم في هذه الحروب ومن مختلف أطراف الصراع اليمني.

حكومة باسندوة وقعت خطة عمل مع الأمم المتحدة لإنهاء تجنيد الأطفال من قبل القوات المسلحة اليمنية, تضمنت الخطة  عناوين عديدة، لكن الحرب كعادتها تأتي بما هو اكثر رعبا.

في زيارتها التقت زورقي بعبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، وعلي محسن الأحمر قائد الفرقة أولى مدرع, وناقشت معهما مسألة تجنيد الأطفال ووصفت اللقاء بالإيجابي, موضحة أن زعيم الحوثيين تعهد بالمساعدة في حماية الأطفال من الصراعات, لكن الواضح ان تعهده هذا ذهب مع الريح كأي اتفاق وأي تعهد لا يلتزم به, فغالبية المنخرطين في جيشه المليشوي هم من الأطفال.

وقبل أيام وتحديدا  31-مارس 2015م  نشر بيان على موقع الأمم المتحدة حذرت فيه  زورقي من تزايد تجنيد الأطفال من قبل جماعة الحوثي, و جماعات أخرى مسلحة -  (لم تسمها)

حروب وقودها الفقراء

 يرى البعض إن الانتماء الديني والمذهبي والتعصب لهذا الانتماء يدفع بعض الآباء إلى تجنيد أطفالهم مع هذه المليشيات أو تلك, لكن  التقارير الدولية والمحلية  تؤكد إن غالبية الأطفال الجنود هم من الفقراء!

تقول إحدى المنتميات لجماعة الحوثي على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك إن ولدها عاتبها لأنها لم تسمح له بالذهاب إلى المسجد لصلاة الجمعة؛ فقد كان يود أن ينال الشهادة في ذلك اليوم الذي فجر فيه إرهابيان جامعي الحشوش وبدر وسقط عدد كبير من الضحايا بينهم أطفال. وشكرت الأم قناة المسيرة التابعة لجماعة الحوثي على دورها في تشجيع الأطفال على حب الشهادة، كما شكرت الإعلام المحرض, لكن الحقيقة تقول أن هذه الأم لن يكون ولدها مشروع شهيد, فمثل هؤلاء  فقط يحتفون بالشهداء الأطفال من أبناء الفقراء.

كان كثير من الحقوقيين المنتمين لجماعة الحوثي ينددون معنا بمشروع شهيد "الإصلاحي" أثناء الثورة، واليوم لم نسمع لهم صوتا، ونحن نرى الأطفال يسقطون في معارك الحوثي العبثية.  كانوا يسخرون من رئيس الحكومة محمد سالم باسندوة وهو يتحدث عن بناء مقبرة تليق بشهداء الثورة, لكنهم اليوم صامتون أمام اكبر مقبرة للصغار يشيدها زعيمهم!

حبر على ورق

صادقت بلادنا عام 2004م على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة. ويحظر القانون رقم 67 لسنة 1991 م بشأن الخدمة في القوات المسلحة واﻷمن وسواه من التشريعات تجنيد اﻷطفال دون سن الثامنة عشر 18 في القوات المسلحة واﻷمن. إلا إن هذه القوانين في الواقع  مجرد حبر على ورق ولم تمنع تجنيد الصغار بل تزايد عدد المجندين منهم مع اتساع رقعة الحرب ومن قبل جميع أطراف النزاع المسلح بما فيهم القوات المسلحة والأمن.

ومنذ اجتياح الحوثيين لصنعاء, أصبحت رؤية "الجنود" الأطفال ما دون سن السابعة عشر في كثير من الشوارع والنقاط الحوثية ملفتا ومستهجنا من قبل الكثير.

لماذا؟

تتعدد الأسباب والعوامل التي تجعل من الطفل  جنديا محاربا مع الجماعات الإرهابية وجماعات العنف المسلح أو قوات الحكومة, فالجماعات المسلحة, خاصة الجماعات الدينية المتطرفة, تعمل على تجنيد الأطفال لسهولة تجنيدهم والتأثير عليهم  وسهولة إدارتهم, وغسل أدمغتهم, باسم الجهاد والحرب المقدسة, والاستشهاد, وقلة طلباتهم وحبهم للمغامرة والتعلم, بالإضافة إلى استغلال عاطفة  الانتماء الديني, والمذهبي  أو القبلي,  وبمبرر قتال الكفار وأمريكا وإسرائيل وعملائهما والروافض والنواصب.. الخ.

ويكون الأطفال من أبناء الفئات الأشد فقراً في مجتمعنا أكثر عرضة لخطر التجنيد وحتى الكبار منهم, بسبب البيئة والوضع المزري الذي يعيشون فيه.

وكشفت تقارير لمنظمات مجتمع مدني محلية عن عشرات لحالات اختطاف واختفاء لأطفال يرجح أن تكون الجماعات الإرهابية وجماعات العنف هي وراء الاختطاف لتدريبهم وإجبارهم على القتال في جبهاتها.

 ومن العوامل التي تدفع بالطفل وأسرته للانخراط مع هذه الجماعات هو فقر الأسر, فقدان عائلها, وتفككها وانفصال الوالدين, وتشرد الأطفال وعدم حصولهم على التعليم. وقد لايدفع للصغير المجند مالاً , لكن يمكنه الحصول على الأقل على وجبات طعام  تقيه شر الجوع.

الحكومة والحوثيون والقاعدة

تتهم الأمم المتحدة الحكومة والحوثيين "أنصار الله"  والقاعدة " أنصار الشريعة" بأنهم من معتادي ارتكاب الانتهاكات, وهي الأطراف التي تجند وتستخدم الأطفال في النزاعات المسلحة. وفي معلومات  استندت إلى تقرير الأمين العام  للأمم المتحدة لعام 2013, والصادر في 15 مايو 2014 والمقدم إلى مجلس الأمن تحققت الأمم المتحدة من تجنيد 106 أطفال، جميعهم صبية تتراوح أعمارهم بين ست سنوات و 17 سنة.

وجند السلفيون 57 صبيا لمحاربة الحوثيين/ في دماج، بمحافظة صعده. وفي محافظتي صعده وعمران، شوهد اثنان وثلاثون صبيا يعملون في نقاط تفتيش أقامها الحوثيون  وكان هؤلاء الصبية يحملون أسلحة نارية ويقومون بتفتيش المركبات. وقال صبي يبلغ من العمر 11 عاما إنه تلقى تدريبا عسكريا وإيديولوجيا دام شهرين.

وجند تنظيم القاعدة في جزيرة العرب/أنصار الشريعة 14 طفلا في محافظة أبين، واستخدم حزب الإصلاح واللجنة الشعبية، وهي جماعة مقاومة محلية الجذور انحازت إلى الحكومة لمحاربة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب/جماعة أنصار الشريعة في أبين، ثلاثةَ أطفال. وعلاوة على ذلك، واصلت القوات المسلحة اليمنية استخدام 10 أطفال في أداء أدوار الدعم في عام 2013، وكان هؤلاء الأطفال جُنِّدوا قبل الفترة المشمولة بالتقرير، لأسباب منها تقديمهم لوثائق هوية مزورة.

متطوعون

التقت شبكة إيرين الإنسانية بعدد من الأطفال المجندين, منهم الطفل (احمد) وعمره 15 عاما ويتولى حراسة حاجز أمني في العاصمة صنعاء، مؤكدا أنه لا يحصل على أجر من الحوثيين، وهو عضو متطوع في اللجان الشعبية ؛ فقط يحصل على الطعام والقات, وتمنى أحمد تجنيده في الجيش أو الأمن بعد سيطرة الحوثيين على البلاد. 

(صادق ) طفل آخر التقت به الشبكة في الرابعة عشر من عمره انضم إلى الحوثيين أثناء الحرب في مدينة عمران , معتقداً  الحرب ضد أمريكا وإسرائيل وأنصارهما في اليمن, وانه انضم للحوثي لأنه يقاتل من اجل تحرير اليمن من المحتلين ,هو الآخر قال  انه لا يتقاضى أجراً.

وحذرت الشبكة في تقرير نشر قبل شهرين حول (تجنيد الأطفال في اليمن ) من أن وصول الحوثيين سيؤدي إلى عرقلة الجهود التي تبذل للحد من تجنيد الأطفال, وأفاد تقرير إيرين المستند إلى تقرير الأمم المتحدة عام 2010م وعدد من اللقاءات التي أجرتها في الميدان إن " ما يقرب من نصف العدد الكلي للمقاتلين من متمردي الحوثي تقل أعمارهم عن 18 سنة.

خطورة الإعلام والمسجد

الإعلام الديني المتطرف والمسجد يلعبان دوراً خطيراً في تشجيع الأطفال للانخراط مع الجماعات المسلحة تحت مسمى الجهاد, ونوهت الأمم المتحدة في تقريرها المذكور آنفاً إن الأطفال في اليمن " جُنِّدواَ بالأساس خلال حملات نُظِّمت لهذا الغرض في المساجد وأماكن التسوق في محافظات أبين وعدن والضالع ولحج الجنوبية، وعمران في الشمال وتلقوا، في بعض الحالات، التدريب العسكري".

تزايد عدد وسائل الإعلام الدينية المتطرفة تعمل على غسل أدمغة الشباب خصوصاً من هم في سن المراهقة, تحرض على الكراهية, تحشد الأطفال وتحثهم باسم دينها ومذهبها على الجهاد وقتال الأخر (العدو). والأخطر ما تبثه وسائل الإعلام خصوصاً (الإعلام الجديد)  من مشاهد الذبح والدم تؤثر على سلوك الأطفال والمراهقين وهو في الأصل عمل غير أخلاقي لا يحترم المشاهد ونفسيته , ولا اسر الضحايا.

نشر فيديو وصور فيها مشاهد قتل ودم أو كما تفعل داعش مثلاً، ونشر فيديو لجز الرؤوس      أولأطفال وهم يقومون بقتل أسير أو ذبحه. أو تلك الأناشيد الجهادية الحماسية التي يبثها الإعلام الديني المتطرف وتتحدث عن الاستشهاد والجنة وحور العين التي تنتظر المقاتل أو الانتحاري. يؤدي كل هذا إلى التعود على مشاهد القتل ويدفع بالمراهقين للانضمام للمليشيات المسلحة وخاصة الدينية و القيام بأعمال إجرامية وانتحارية.

ويؤكد مختصون نفسيون على أهمية مراقبة الأسر لأطفالها ومن هم في سن المراهقة, لمعرفة ما يشاهدون, وما يلعبون، وما يتعلمونه في المساجد والمعاهد والمراكز الدينية, التي أصبحت احدى مراكز استقطاب تجنيد الاطفال!. ومن أمثلة ذلك التأثير السلبي ما فعله فيديو إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة, فعلى إثره قام أطفال في محافظة اب" وسط اليمن"  بتقليد حرق الطيار الأردني بحرق صديقهم!

ضحايا لا مجرمون

الأطفال الجنود هم في الأساس ضحايا.. ضحايا الفقر والعنف والتهميش والتطرف, ضحايا تفكك الأسر وتشردها, ضحايا التمييز وسوء المعاملة, ضحايا الإعلام المحرض, ولا يمكن منع تجنيدهم طالما وأسباب الفقر باقية, وعمليات غسيل الدماغ للمراهقين  التي يقوم بها رجال الدين في المساجد والإعلام.

الذاهبون إلى  الموت من المقاتلين الأطفال ليس بينهم نجل للسيد أو للزعيم أو للشيخ أو الجنرال هم أبناء الفقراء, ومجرد رقم في حسابات تجار الحروب, ليسوا أبناء احد منهم, فأبناؤهم ً لاتليق بهم جبهات القتال, إنهم في أفضل مدارس وجامعات العالم, أما هذه البراعم فهي وقود حروبهم, هذه البراعم التي تذهب إلى محارق الموت خلقت وترعرعت في أسر فقيرة, والأسر الفقيرة حسب قانون تجار الحروب لاتستحق الحياة وعلى أطفالها أن يكونوا جنودا لهم.

اتركوا الطفل يحيا فقيراً, لاتستغلوا فقره, اتركوه يحيا كأطفالكم, ستلعنكم  أشلاؤه  ودماؤه, ودموع ولعنات أمه.

 

قراءة 3457 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 نيسان/أبريل 2015 19:41

من أحدث

1 تعليق