طباعة

صاحبة الجلالة في خطر.. والحوثيون الأشد فتكاً بها"تقرير"

  • الاشتراكي نت/ خاص - تقرير/ سامية الأغبري

الأربعاء, 22 نيسان/أبريل 2015 21:06
قيم الموضوع
(0 أصوات)

غالبا ما يغدو الصحفيون ضحايا حروب ونزاعات لا علاقة لهم بها وليسوا طرفا فيها ويدفعون ثمنها لمجرد أنهم صحفيون! إما أثناء تغطياتهم لها وقد يدفعون حياتهم ثمنا لنقل الحقيقية , أو إن أطراف النزاع تريدهم طرفا مطبقةً شعار (من ليس معنا هو ضدنا) وتتعامل  معهم على هذا الأساس, تحت هذا الشعار وكل من ليس معنا هو داعشي شنت جماعة الحوثي المسلحة حملة شعواء على الصحافة والصحفيين ,هجمة لم تشهد لها اليمن مثيلا , بدأتها بملاحقة الصحفيين في عمران بعد سقوطها بيدها واستمر عدوانها على وسائل الإعلام حتى اليوم, ومع بدء عدوان التحالف العربي على اليمن دعا زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطاب له إلى تشكيل جبهة إعلامية لمواجهة العدوان! دعوة كانت مثار تندر وسخرية الصحفيين, فجماعة الحوثي لم تبق وسيلة إعلامية لم تقتحمها وتنهب أجهزتها وتغلقها , لم تترك صحفياً دون أن تهدد حياته وتقطع راتبه, فممن ستتشكل الجبهة الإعلامية إذن؟

إن جماعة دينية طائفية مسلحة تؤمن بقوة  السلاح كهذه الجماعة لا تؤمن بالحقوق والحريات ,وتعمل على مصادرة أي صوت مناوئ لها ,لم ولن تهتم بالتقارير الدولية التي تدينها, ورغم المجزرة التي ارتكبها الحوثيون بحق الإعلام في اليمن, وتحريض صحفيين ضد زملاء لهم ومؤسسات إعلامية إلا أن غالبية المنظمات الإقليمية والدولية خصوصاً المتخصصة بمجال حرية الرأي والتعبير تجاهلت هذه الانتهاكات ولم يصدر عنها أي موقف إلا بعض مواقف خجولة  لم تدن الحوثيين صراحةً !

المتمردون الحوثيون ماضون باستهداف الإعلام

عنوان بيان أصدرته منتصف مارس الماضي منظمة مراسلون بلاحدود (مقرها باريس ) وقالت لايزال المتمردون الحوثيون في اليمن يضطهدون الصحفيين ووسائل الإعلام بعد ثمانية أشهر من سيطرتهم على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من البلاد, وتشمل أساليبهم التهديد بالقتل والاختطاف والنهب.

في إحصائية  لنقابة الصحفيين وقبل إعداد هذا التقرير بلغت حالات الانتهاكات لحرية الإعلام  منذ مطلع عام 2015م,15حالة اعتقال واختطاف ومحاصرة وحجز, حالتا قتل , و6حالات تشهير وتحريض, أما الإيقاف من العمل ومنع من دخول مقرات العمل طالت مئات الصحفيين , و9 حالات مصادرة آلات التصوير وإيقاف الصحف, 20 حالة اعتداءات واقتحام المقرات وإطلاق النار ,و7 حالات حجب مواقع ,و6 حالات إغلاق مكاتب القنوات والصحف.

مؤسسة حرية أحصت في شهر واحد أكثر من 52 انتهاكاً قام به  الحوثيون ضد الصحفيين ووسائل الإعلام بداية استيلائهم على العاصمة، حيث استهدف مسلحو الجماعة 33 صحفياً وإعلامياً و19مؤسسة إعلامية في صنعاء على وجه التحديد.

 الاتحاد الدولي للصحفيين ونقابة الصحفيين اليمنيين في الأول من ابريل الجاري عبرا عن قلقهما الشديد من موجة العنف المتصاعدة ضد الصحفيين ,ودعيا في بيان لهما الأطراف المتحاربة في اليمن بوقف فوري للاعتداءات على الصحفيين ووضع حد لحملة الترهيب التي يتعرضون لها ,وقال الاتحاد أنه مع تدهور الوضع الأمني والسياسي في البلد، يواجه الصحفيون تهديدات متزايدة من مختلف الأطرف المتحاربة, ونددا بإعلان المتحدث بإسم عاصفة الحزم بأن المؤسسات الإعلامية المرتبطة بالحوثيين أو الرئيس السابق علي عبد الله صالح هي أهداف مشروعة للتحالف. وحذرت نقابة الصحفيين من أي توجه يضر بسلامة وسائل الإعلام أو العاملين فيها، معتبرة ذلك انتهاكاً لحرية الرأي والتعبير وللقوانين والمواثيق والعهود الدولية والوطنية ،محملة مسئولي التحالف مسئولية أمن وسلامة وسائل الإعلام في اليمن من أي قصف أو اعتداء من قبل الطائرات المغيرة.

قتل

أول من أمس قتلت عاصفة الحزم بغارتها على فج عطان كثير من الأبرياء , بينهم مراسل قناة اليمن اليوم والمذيع في (يمن إف إم) محمد راجح شمسان , أصابته شظايا قاتلة في الرأس, مات محمد وكتبت حياة أخرى لعبدالله الشاكري المصور الذي كان برفقته, قتل موظف إداري وحارسين في القناة.

 18 مارس الماضي كان اليمنيون يحيون ذكرى مجزرة الكرامة التي ارتكبها نظام علي صالح بحق ثوار 11فبراير في ساحة التغيير بصنعاء ,وفي نفس اليوم وبمكان أخر قتلة مأجورين ينهون حياة الصحفي عبد الكريم الخيواني حيث أطلق مسلحون مجهولون رصاصات غدرهم عليه أمام منزله, وكان الصحفيون اليمنيون قد ودعوا عام 2014م بمقتل المصور الصحفي الأمريكي من أصل بريطاني لوك سومر في 5 ديسمبر 2014م على يد تنظيم القاعدة بعد اختطاف دام لأكثر من عام وإثر عملية أمريكية فاشلة لتحريره, كريستوف ديلوار- الأمين العام لمنظمة مراسلون بلاحدود حذر من إن مقتل سومرز يعكس مدى تنامي الخطر الذي تنطوي عليه مهنة الصحافة ! قتل خالد الوشلي مراسل قناة المسيرة في محافظة ذمار يوم 4 يناير 2015م أثناء تصويره عملية تفكيك عبوة ناسفة.

جيم بوملحة رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين وصف جريمة اغتيال الخيواني بالعمل الشائن والجبان مؤكداً: لن يمر دون عقاب , وأدان الاتحاد ونقابة الصحفيين اليمنيين بشدة جريمة اغتيال الصحفي عبد الكريم الخيواني، وفي بيانين منفصلين طالبا بإجراء تحقيق سريع ومستقل وتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة , من جهتها أعربت  منظمة مراسلون بلا حدود عن صدمتها الشديدة لاغتيال الخيواني ,وقالت فرجيني دانغل، نائبة مدير المنظمة: لقد تلقينا ببالغ الأسى والحزن خبر اغتيال عبد الكريم الخيواني،هذا الصحفي الكبير والمدافع البارز عن حقوق  الإنسان, وطالبت بإجراء تحقيق مستقل واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية الصحفيين.

صيادوا الحريات

مطلع  مايو 2010م تصدر الرئيس السابق علي عبدالله صالح لائحة منظمة مراسلون بلاحدود لصيادي الحريات الصحفية, ضمن أربعين من السياسيين ومسئولين حكوميين, وزعماء دينيين وميليشيات من مختلف دول العالم ,والذين يعاملون الصحافة كعدو ويستهدفون الصحفيين بشكل مباشر , واحتفظ صالح في العام 2011م بمكانه ضمن 38 شخصية تشيع الرعب بين الصحفيين من صيادي الحريات حسب وصف المنظمة !

ولئن كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح من صيادي الحريات , والعام 2009م  وصف بالأسوأ بالنسبة للصحفيين اليمنيين - فإن مليشيا الحوثي المسلحة جعلت من العام 2015م الأشد قمعا  للحريات الصحفية وفتكا بها, انتهاكات لم يسجل التاريخ لها مثيلا, فمنذ اجتياح المليشيا لصنعاء في سبتمبر 2014 م ,لم تترك وسيلة إعلامية أو صحفي مناهض لها أو لم يكن مؤيد لمسيرتها دون تعرضه لانتهاك. واتهمت نقابة الصحفيين جماعة الحوثي بالقيام بـ حملة عقابية جماعية لم تشهدها الصحافة اليمنية من قبل, وطالبت في بيان لها الحوثيين بالتراجع عن إغلاق مؤسسات إعلامية وحجب مواقع إخبارية.

سلسلة اعتداءات

الانتهاكات كثيرة يصعب تعدادها هنا, لكنها كشفت حجم عداء جماعة الحوثي للسلطة الرابعة, بل انها عدوهم الأول, وجندوا كل ما يملكون من إعلام وسلاح ومليشيات ضدها ولإسكات الأصوات المعارضة !غير مدركين أن من يستقوي بالسلاح ليس كمن  يستقوي  بالقلم , ومن يملك القلم وبالكلمة يدافع عن هذا البلد وحقوق الإنسان هو أشجع و أقوى ممن يمتلك البارود والبندقية!

في24-10-2014م  أعربت مراسلون بلا حدود عن قلقهاٍ العميق حيال توغل الحوثيين وسيطرتهم على أجزاء كبيرة من البلاد ، وقالت :انه وبرغم توقيع اتفاق سلام برعاية الأمم المتحدة (اتفاق السلم والشراكة) يواصل المتمردون تقدمهم باتجاه وسط وجنوب اليمن ، ويواصلون استهداف وسائل الإعلام , ونددت بما اعتبرته هجمات متعمدة ضد وسائل الإعلام والصحفيين، ونبهت إلى أن ما يقوم به الحوثيون يشكل تهديداً حقيقياً لحرية الإعلام وعملية التحول السياسي التي تعيشها البلاد, مطالبة بإجراء تحقيق ومعاقبة المسئولين واتخاذ إجراءات لحماية الصحفيين.

مع اجتياح صنعاء وليومين "الخميس والجمعة"18-19 سبتمبر قصف الحوثيون بالمدفعية مبنى  الفضائية اليمنية "الرسمية" ويضم قنوات أخرى وهو ما عرض حياة مئات الصحفيين والموظفين في القناة للخطر ,كما قصفوا في 17 أكتوبر مبنى إذاعة إب بعد سيطرتهم على المحافظة , ومطلع ابريل الجاري تعرض مبنى إذاعة المكلا للقصف ما أدى إلى احتراقه؛ واقتحم الحوثيون مكتب قناة الجزيرة وعبثوا بمحتوياته ودمروا كاميرا المراقبة , كما اقتحموا مبنى قناة سهيل وحوصر الصحفيين وأغلقت وأوقف بثها, ونهبت أجهزتها وقبل أيام اقتحمت للمرة الثانية, كما تم احتلوا صحيفة أخبار اليوم في صنعاء, ونهبوا أجهزتها ومطابعها واعتقلوا بعض من موظفيها وإيقافها ,وسيطر المتمردون على صحيفة الثورة الرسمية , وحجبت عدد من المواقع الصحفية, وأغلقت صحيفة المصدر وحجب الموقع, ونهبت أجهزة حاسوب لـعدد  من صحفييها وموظفيها, كما اقتحم مقر الاشتراكي نت واختطف احد الصحفيين! وفي عقاب جماعي  للصحفيين  المناوئين  لجماعة الحوثي ومحاولة إذلالهم عملت الجماعة على إيقاف رواتب عدد من الصحفيين , كما تعرض المراسلون للاعتداء و للتهديد بالتصفية, واقتحام بعض مكاتب وسائل الإعلام ,واحتجز لعدة ساعات  أفراد طاقم قناة بي بي سي –الذين كانوا يعدون تقرير في احد المساجد بالعاصمة صنعاء بحجة انه عليهم الحصول على تصريح من الحوثيين للتصوير في الأماكن العامة, وأوقفوا الخدمات الإخبارية عبر الرسائل القصيرة (الثوري موبايل, وناس موبايل والصحوة.. الخ) ولم تبقِ إلا على خدماتها الإخبارية ! ومع بدء عدوان التحالف العربي بلغ التحريض والهستيريا من قبل المليشيا على الإعلاميين أشده واتهامهم بالخيانة وتأييد عاصفة الحزم وقال عدد من ناشطيها على صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي أنهم سيضعون قائمة بأسماء الصحفيين والناشطين الخونة لمعاقبتهم! واتهمت منذ تسليمها صنعاء كل من يعارضها بالدواعش وعملاء أمريكا وحرضت على استهدافهم وتهديد حياتهم, ما حدا بكثير منهم الى مغادرة  صنعاء او الاختباء في مكان آمنٍ خوفاً من بطشها.

صحفيات في مرمى الاستهداف

لم يستطع صالح بما يملك من ترسانة مالية واعلامية وهو يستهدف  الصحفيات والكاتبات المعارضات لحكمه كسر أقلامهن ولا إسكات أصواتهن, وحتى حين أسس صحفاً صفراء بهدف النيل من معارضيه بينهم صحفيات, وجند أقلاماً للتشهير بهن والنيل من أعراضهن لكنه لم يحقق هدفه ! ولم يستفد الحوثيون وهم يسعون لإسكات النساء من التجارب الفاشلة لمن سبقهم من المؤتمر والإصلاح ,وابتكار طرق جديدة ,بل إن تفكيرهم وأسلوبهم لم يختلف عمن سبقهم, فمضوا في ذات الطريق السيئ, وبنفس الأدوات بل وبصورة أسوأ  وأكثر قبحاً من سابقيهم , ظنوا وهم يشهرون بالصحفيات انهم سيحققون ماعجز مطبخ صالح عن تحقيقه!

كانت البداية ترغيب ومحاولة تجميل المسيرة الحوثية والظهور بشكل أخلاقي مختلف عن الإصلاح والمؤتمر, ومع أول اختبار سقط القناع وظهر وجه لا أخلاقي ,كتبوا المقالات ودعوشوا الكاتبات , ثم وجهوا لهن تهم الخيانة والعمالة لإسرائيل وأمريكا , ثم توسعت حملات التشهير والقذف والتحريض ضدهن , وكانت الكاتبة أروى عبده عثمان إحدى الكاتبات اللاتي نالهن تدعيش وتخوين وقذف وتهديد المسيرة القرآنية ,ولم يكتفِ ناشطيهم بإرسال رسائل تهديد بالتصفية ولا بالتشهير من على مواقع التواصل الاجتماعي وتهديدهن , بل كانت تتصدر صورهن الصفحات الأولى لصحفهم الصفراء ,كما حدث مع الكاتبة أروى عثمان.

اختطاف واعتقال

قبل أيام أطلق سراح الصحفي النرويجي ريمون ليدال"28" عاما والذي اختطف في العاصمة صنعاء أواخر مارس الماضي من قبل مليشيا الحوثي, المعلومات تفيد انه احتجز في سجن الأمن القومي, يبدو تغريده كتبها على صفحته في تويتر تسببت باختطافه ,قال في تلك التغريدة يوم27 مارس: ماذا يفعل الحوثيون بتقدمهم نحو شبوة ألم  يكتفوا بما فعلوه حتى الآن ؟ماذا لديهم في شبوة؟

الخارجية النرويجية على لسان المتحدثة بإسمها كانت قد أكدت حادثة الاختطاف, وحملت السلطات اليمنية مسؤولية أمن وسلامة مواطنها ,كما أكدت صحف نرويجية في أوسلو إن ريمون أوقف ليل 28 مارس بصنعاء، وقتما كان يلتقط صورا لغارات التحالف العربي, لعدم حمله تأشيرة ,وأعلنت قناة " N.R.K" وهي واحدة من وسائل الإعلام التي كان يعد لها تقارير من اليمن أن ليدال كان يجري تحقيقات لصالح وسائل عدة منذ 2013 في اليمن.

 اعتقلوا سام الغباري في ذمار, واختطفوا بدر القباطي الصحفي في الاشتراكي نت, ومحمود الشرعبي الصحفي في وكالة سبأ وغيرهم.

تتذيل منطقة شمال أفريقيا – الشرق الأوسط ترتيب احترام حرية الإعلام حسب التصنيف العالمي للحريات الصحفية لمراسلون بلاحدود  الذي نشر مطلع العام 2015 م، ووفقا للمنظمة فقد شهد هذا العام ظهور(ثقوب سوداء) على المستوى الإعلامي ، حيث أصبحت مناطق بأكملها تحت سيطرة جماعات غير حكومية لا وجود لإعلام مستقل فيها. ويشهد اليمن منذ سيطرة الحوثيين على البلد  تراجعاً وتدهورا مخيفاً في حرية الصحافة ,ففي الوقت الذي احتلت 3دول اسكندنافية أعلى قائمة التصنيف العالمي للحريات الصحفية لعامي 2014م-2015م , تتذيل اليمن وعدد من الدول العربية ترتيب احترام حرية الإعلام ,حيث أتت في المرتبة 168 من أصل 180 بلد لتصنيف العام 2015م, في حين كانت قد احتلت المرتبة 167 للعام الماضي 2014م. وأكدت المنظمة إن أداء  ثلثا الدول الـ180  التي يشملها تصنيف 2015 من بينها اليمن كان أسوأ من العام الذي سبق! وعزت أسباب هذا التدهور الذي وصفته بالمقلق إلى النزاعات والحروب ، منبهة إلى أن وسائل الإعلام باتت هدفاً وسقطت ضحية الهجمات والاعتداءات وحملات تكميم الأفواه, إضافة إلى أن الجماعات غير الحكومية لاتخضع لأي إطار قانوني في سعيها إلى تحقيق مصالحها الخاصة على حساب الحقوق الأساسية, وزادت: تختلف الدوافع وتتعدد لكن السبيل واحد-  تكميم أفواه الصحفيين والمدونين الذين يجرؤون على التحقيق في أعمال تلك المجموعات وإكراه أولئك الذين يرفضون الدعاية لها، تحت طائلة التخويف أو الاعتداء.

قراءة 3832 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 22 نيسان/أبريل 2015 21:26

من أحدث

1 تعليق