طباعة

مبادرة لإنقاذ صالح أم لوقف الحرب وانقاذ اليمنيين؟ "تقرير"

  • الاشتراكي نت/ تقرير: وسام محمد

الخميس, 23 نيسان/أبريل 2015 17:12
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يبدو أن المهمة الانقاذية لعلي صالح التي تكفل بها، ابوبكر القربي قد حالفها قدر من النجاح، واصبح ايقاف "عاصفة الحزم"، يفهم كمؤشر على أن صالح سينجو بجلده هذه المرة ايضا.

حمل القربي عند خروجه من اليمن قبل نحو 10 ايام، تنازلات صالح، وهي تنازلات لم تكن لتخطر على باله من قبل، لكنها اصبحت القشة الأخيرة التي سيتوجب عليه رميها، لإنقاذ نفسه قبل فوات الأوان.

مهمة القربي،  وهو الذراع اليمنى لصالح، وقيادي في حزبه، لم تتبين طبيعتها في البداية. كان قد قيل في وسائل الاعلام، انه سيسعى الى انقاذ أموال صالح التي في الخارج، وقيل ايضا أن صالح لم يفقد الأمل بعد في انقاذ حياته والخروج مع اسرته، رغم رفض مبادرة سابقة تقدم بها لم تخلو من التنازلات، بينها عدم ترشحه أو أيا من أقاربه في أي انتخابات قادمة.

تنقل القربي ما بين سلطنة عمان، ومصر، وأصبحت المعلومات تشير الى انه حمل مبادرة انقاذ صالح، مقابل الاستسلام الكامل، وسحب المليشيات والقوات من كل الأماكن التي تتواجد فيها، وتسليم الاسلحة للدولة، وأيضا ـ وهذا ما يبدو غريبا عند التفكير بعقلية صالح ـ مغادرة البلد واعتزال العمل السياسي.

مصادر مختلفة أشارت، الى ان جهود القربي، قد آخذت مسارين، الأول بحمل مسقط على تبني مبادرة بغض النظر عن كل التفاصيل الأخرى، تركز على انقاذ حياة صالح والسماح بخروجه، على أن تطرح هذه المبادرة على طاولة تحالف الدول العشر المشاركة عمليات "عاصفة الحزم"، بالتزامن مع قيام مصر ـ وهذا هو المسار الثاني ـ باقناع السعودية التي تقود التحالف بمنح المبادرة العمانية فرصة، علها تنجح في تحقيق جميع اهداف العاصفة، وايضا توفير مخرج سلمي للأزمة اليمنية.

في اليوم الثاني لمغادرة القربي صنعاء، قال وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، أن خروجه كان بشرط مسبق، يتمثل بعدم ممارسة القربي لأي نشاط سياسي، ولعل هذا أبرز تواطؤ يمكن فهمه من قبل هادي، لكي تتوقف هذه الحرب، التي اجبر على الذهاب اليها، دون أن يتخيل مقدار الدمار الذي ستخلفه، بينه دمار شخصي، سيتعلق بعدم عودة هادي الى كرسي الرئاسة مجددا، وهو ما كان قد بدأ فعلا، عندما نفذ للسعودية طلبا بتعيين بحاح نائبا، تحسبا لأي تسويات قادمة.

لقد ذهب القربي في مهمته السياسية أمام مسمع ومرأى الجميع، فيما صالح ظل متخفيا في صنعاء وربما في مكان آخر، يعيش قلقه من أن تلقي عليه "عاصفة الحزم" أحد صواريخها، فبعد قرار مجلس الأمن الأخير كانت كل مشاريعه الطموحة قد قتلت تقريبا، ولعل ابرزها ايصال نجله أحمد الى كرسي الحكم، بينما القرار، حدده كمعرقل، وفرض عليه مزيد من العقوبات المالية، واشترك في هذه العقوبات مع طموح عبدالملك الحوثي.

وكمؤشر على وجود متغيرات، يجري التحضير لها، يفهم بأثر رجعي، لماذا طيران التحالف كثف من عملياته في اليومين الأخيرين قبل وقف العاصفة؟ كان ذلك بهدف استكمال الأهداف الاستراتيجية، وهي القضاء على أي سلاح يمكن أن يشكل تهديدا للمملكة.

تقول معلومات متداولة، لا يعرف مصدرها، أن الطيران استهداف، خلال هذه اليومين، مخازن اسلحة الصواريخ في العاصمة صنعاء، ومنطقة ضلاع همدان التي لم يكن احدا متأكد من وجود صواريخ فيها، ويقال ايضا بأن صالح كجزء من اثبات حسن النوايا مع دول التحالف، كان هو من سرب احداثيات تلك المخازن.

 

لماذا اعادة الأمل

 

ساد نوع من الالتباس، بمجرد اعلان العميد أحمد العسيري، عن توقف عمليات "عاصفة الحزم" واستبدالها، بحملة أخرى تسمى، "اعادة الأمل"، وكان اللبس في الاشارة الى ترك مجال أمام أي جهود سياسية في التوصل الى حل، وايضا في ابقاء العمليات العسكرية، واستهداف أي تحركات لجماعة الحوثي على الأرض.

غير ان الحديث عن مبادرة عمانية، من 11 نقطة، بات يزيل جانب من هذا اللبس، فهذه المبادرة كما تقول كثير من المصادر السياسية، هي مبادرة صالح في الأصل لإنقاذ حياته، فيما الحوثي مضطرا للقبول بها، وقد اعطى موافقة أولية، ولأن السعودية مترددة، وتخشى من المراوغة، فقد سمحت للوساطة المصرية ان تقنعها في ايقاف العاصفة، لكن بعد استكمال الاهداف، وايضا فتح عمليات عسكرية من نوع آخر.

 

الوضع على الأرض

 

لا يبدو أن الوضع على الأرض قد تغير خلال الـ 24 ساعة الماضية، منذ ان دخلت "عاصفة الحزم" مرحلة التوقف الفعلية، فالمعارك اصبحت اشد عنفا في كل من تعز وعدن، كما ان الطيران والبارجات البحرية، لا تزال مستمرة في قصف التحركات وأماكن التمركز لقوات صالح والحوثي.

يرى مراقبون، ان جماعة الحوثي، لا تزال بحاجة الى استيعاب أن عليها القبول بالهزيمة والانسحاب من كل المناطق التي سيطرت عليها، بما في ذلك عمران وان بشكل تدريجي وفقا لما نصت عليه المبادرة العمانية، فيما صالح كان اكثر مرونة في التعاطي مع الوضع، وكان ظهوره الأخير، عندما قال ـ قبل يومين من وقف العاصفة ـ بأن الجيش ليس تحت سيطرته وانما تحت سيطرة الحوثيين، مؤشرا على وجود صفقة من نوع ما، على الأقل ستضمن له حياته مع اسرته.

 جاء تصريح صالح، بعد يوم واحد من اعلان قيادة المنطقة العسكرية الأولى، مساندة شرعية الرئيس هادي، بينما كانت هذه المنطقة، موالية للرئيس السابق صالح. ويفهم بنظر مراقبون، بأن ذلك كانت جزء من تلك التنازلات التي قدمها، والتي قد تستمر خلال الأيام القادمة، على شكل انشقاقات داخل الجيش، في حال لم يستجب الحوثي وينصاع للمبادرة.

وكان صالح قد كثف جهوده خلال الفترة الماضية للخروج من هذه الأزمة التي تورط بها مع جماعة الحوثي، وناور وقدم تنازلات كثيرة مقابل الخروج من اليمن، غير أن عدم قبول الجانب السعودي لتلك المطالب في الأيام الماضية جعله يكتب على صفحته في "فيس بوك" بأنه لن يغادر اليمن، ولم يخلو منشوره من التعريض بخصومه، عندما ذكر الشقق والفنادق في الرياض التي قال أنه لن يذهب اليها. كان يقصد هادي وبعض رجالات دولته المتواجدين في السعودية، بالتأكيد صالح لن يذهب الى هناك، لكن المؤكد في هذا الأمر، انه سيذهب الى فنادق مسقط، ومن هناك ستغيب اخباره عن عالم السياسة وإلى الأبد، وفقا لما حددته المبادرة.

وفي بادرة على استجابة الحوثيين، وهي استجابة غير معلنة حتى الآن، اُطلق امس الاربعاء، سراح وزير الدفاع محمود الصبيحي، وناصر منصور هادي، شقيق الرئيس، والقائد العسكري الموالي للشرعية فيصل رجب، وهؤلاء القادة الثلاثة، كان قد نجح الحوثي وصالح في اسرهم، بعد ترتيب خيانات داخل الجيش، في ثاني أو ثالث ايام المعركة التي دارت في محافظة لحج، أواخر مارس الماضي.

وقد نشهد خلال الأيام القادمة، انسحاب تدريجي لجماعة الحوثي، من المناطق التي تسيطر عليها، كما ستتضح ايضا كثير من الخطوط فيما يتعلق بالمبادرة العمانية، وموقف الأطراف السياسية منها في الداخل وايضا المساحة التي سيحتفظ فيها الخارج لنفسه، لكي يلعب عليها ادوار قادمة، وكيف ستتوزع تلك المساحة.

 

المبادرة العمانية

 

حملت المبادرة العمانية، التي كشف عنها، مصدر مقرب من الرئيس هادي، بحسب جريدة "اليوم السابع" المصرية، 11 بندا، اتفق حولها، قبل وقف الضربات العسكرية لتحالف الدول العشر، وهذه البنود 7 منها سياسية، و4 عسكرية.

وتتمثل هذه البنود، في "عودة الرئيس عبد ربه منصور هادى لصنعاء، وخروج صالح وأفراد عائلته إلى سلطنة عمان وعدم مزاولة أي عمل سياسي، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت، وإنشاء حزب سياسي لجماعة أنصار الله الحوثي، والتوافق على حكومة جديدة تضم جميع أطياف الشعب اليمنى وأحزابه، وعقد مؤتمر دولي للمانحين بهدف مساعدة الاقتصاد اليمنى، وتقديم اقتراح بإدخال اليمن ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي".

 اما البنود العسكرية فهي "انسحاب الحوثيين في المرحلة الأولى من عدن وتعز والضالع ولحج وأبين وإب وذمار، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والذخيرة للقوات المسلحة المؤيدة للشرعية، وانسحاب مليشيات صالح من العاصمة صنعاء ومدينة عدن بدءا من يوم الخميس المقبل، ومن جانبهم يقوم الحوثيون بالانسحاب من محافظات عمران وحجة والعاصمة صنعاء بعد 3 أشهر، ويتم تسليمها لقوات الأمن والجيش، التي ستكون خاضعة لسلطة حكومة الوحدة الوطنية التي سيتم تشكيلها.

يرى مراقبون، أن أهم نقطتين، كانتا في منع صالح من مزاولة السياسة، وفي اجبار الحوثيين على تشكيل حزب سياسي، وتأتي أهمية ذلك من كون الاتفاقات والمبادرات السابقة، لم تعبر عنهما بشكل واضح، وبالطبع فإن هذه المبادرة لا تزال بحاجة للكثير من العمل وفقا للسياق الذي جاءت فيه، لكي تشمل معالجات لجميع القضايا التي أدت الى وصول الأمور في اليمن الى مرحلة الانفجار في وجه الجميع.

عدم وجود الاطراف السياسية الداخلية، كفاعلين رئيسيين ضمن الجهود التي حملتها المبادرة، يجعلها تتسم بالضعف، بحسب ما يشدد المراقبين، "فالمبادرة بدون ذلك ستعبر عن نفسها بكونها مبادرة لإنقاذ صالح فقط، فيما كان الأجدر ان تكون مبادرة لإنقاذ اليمن واليمنيين".

كما أن آخذ المبادرات المقدمة من الأطراف السياسية المحلية، وابرزها مبادرتي الحزب الاشتراكي، والتنظيم الناصري، بعين النظر، والاستفادة منها عند وضع الاتفاق النهائي، من شأن ذلك، الى جانب المشاركة في وضع الصياغة النهائية للاتفاق من قبل الجميع بما في ذلك الاصلاح، أن يعطي المبادرة العمانية، بعدا وطنيا بالنسبة للشعب اليمني، لا أن تظل في نظرهم شأنا يخص صالح ويتعلق بإنقاذه.

 

 

قراءة 3689 مرات آخر تعديل على السبت, 25 نيسان/أبريل 2015 01:30

من أحدث