نشأت وتغذى عقلي وروحي وكل وجداني على إذاعة صنعاء.. إذاعة كل اليمنيين.. هذه الإذاعة التي تعد الهوية الجامعة لكل اليمنيين على اختلافاتهم السياسية والفكرية والدينية منذ نشأتها في 1947.. كأقدم إذاعة في التاريخ العربي..

منذ فترة، وخصوصاً هذه الأيام العصيبة.. أصبحت لا أعرفها.. للأسف وكنت أتمنى ألا أكتب إلا كل خير ومحبة عن إذاعتنا كما كتبت عنها مراراً.. لكني اليوم أصبحت أخشى عليها أن تتحول إلى عصبيات وعصابيات متفجرة متناحرة.. آلة للحرب والفرز والتعبئة والشحن، والكراهية والتحريض.. كلنا ضد العدوان الداخلي والخارجي.. لكن للأسف اختزلت الإذاعة -مؤخراً- لتمثل فقط جماعة صغيرة اسمها «المسيرة القرآنية»، بل ومن خلال متابعتي وجدتها لا تختلف عن منصة ساحة التغيير، الصراخ، والزعيق والتعبئة، ومشاريع الشهادة، والاحتفاء بالموت.. الصوت واللون الواحد الذي كنا وأخوتنا في خيمة الصمود ننتقدهم على الاحتكار للمنصة والثورة.. أخجل أن أسمع هذه الإذاعة التاريخية، وهي تغبق صفحة «أوراق ملونة» للرائعة عايدة الشرجبي «لصفحة» ورقة بلون واحد، لون مسبح، قلبي يوجعني وأنا أسمعها تبث «حيا بداعي الموت»، والياجوج والماجوج.. الخ.. من زوامل قادمة من أدغال العنف..

وأنا أسمع الإذاعة على مدار اليوم.. يمر في خلدي السيناريو الحميم «هنا صنعاء» إذاعة لكل الوطن، لثورة 26 سيتمبر، وحصار السبعين، وكل المناسبات الوطنية ضد الاستبداد.. تذكرت الرعيل الأول: السلام على أهل السلام، عبدالله البردوني، والدكتور المقالح، عباس الديلمي، وعبدالله حمران، والشرفي والحيفي، عبدالعزيز شايف، وإسماعيل الكبسي والرعيني، وعبدالقادر الشيباني، وعايدة الشرجبي، وفايدة اليوسفي، والسياني، وسامية العنسي وعبدالباسط المبرزي وووو.. الخ، إضافة إلى كوكبة رمز الفن علي بن علي الآنسي، والسمة، والسنيدار ومحمد حمود الحارثي وتقية الطويلية، ونبات أحمد.. الخ، من الكوكبة من الرموز الوطنية الجامعة لكل اليمنيين، لا فصيل جزئياً.. يختزل 28 مليون نسمة.. نتمنى ألا يمس ويعبث بأرشيف الإذاعة الذي يعد الارشيف الوطني.. المتحف الفكري والثقافي والوجداني لكل اليمنيين.. محبتي للجميع..

فكيف تشوفوووووا؟.