طباعة

نقد ذاتي - أزمة الوطنية اليمنية

الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 22:40 كتبه 
قيم الموضوع
(1 تصويت)

مثل كل شيء، يمكن نقد الحزب الاشتراكي اليمني من اليسار او من اليمين، نقدا رجعيا او نقدا تقدميا، وحتى لو كان لاستقالة الأخ شفيع العبد فائدة من حيث أنها تشكل ضغطا على قيادة الحزب لأخذ مواقف أشد وضوحا ومبدئية، إلا أنها تعكس الطابع اليومي و الجزئي للممارسة السياسية داخل الحزب، كما تعكس أزمته النظرية المتطاولة، لأنها تفشل في تحديد طبيعة الخلاف والصراع داخل الحزب وتكتفي بالتذيل للأحداث والمواقف المتغيرة، ولأنها في الواقع تفشل في فهم طبيعة تاريخ وتكون الحزب ودوره في السياق الوطني والاجتماعي، ما رأينه في الممارسة السياسية للحزب والحزبيين بشكل اكبر منذ كارثة 13 يناير وسقوط المنظومة الاشتراكية وصولا للوحدة وكارثة حرب 94، والتي ساد بعدها سلوك سياسي اختار عدم مواجهة استحقاقاتها والاكتفاء بإدارة التناقضات والمناورة لتخفيف الأضرار و محاولة المحافظة على وحدة الحزب بأي ثمن، وبالتالي عدم حسم الموقف في كثير من القضايا الأساسية لتجنب أي انشقاق، وبدلا من حل المشاكل التنظيمية والسياسية، والأزمة النظرية -التي كان لها طابع عالمي في الواقع - تم التوجه لمحاولة تحسين شروط النشاط السياسي العام ما كان يسميه جارالله عمر بتسوية أرض الملعب..

وبرز سلوك سياسي مياوم ( ينطلق من رد فعل لحظي دون أي رؤية استراتيجية) وغالبا ما يتسم بغياب الأفق و الانتهازية السياسية من المواقف والأحداث، بل وانخراط قيادات وقطاعات حزبية في مواقف ومواقع معادية للحزب ومشروعه السياسي والتاريخي، نستطيع أن نجده في مواقف حتى قياديين في أعلى الهرم القيادي الحزبي، فمن التواجد داخل قطاعات الحراك الجنوبي المعادية للحزب وتاريخه ومشروعه والتي هي تشكلات تقودها اساسا بقايا الأسر و التكوينات المشيخية و السلطانية -ليس كل قطاعات الحراك -إلى التذيل للإصلاح، إلى المطالبة بالتذيل للحركة الحوثية بادعاء ان موقفها يستهدف القوى التقليدية!! - موقف شفيع في الواقع الذي انخرط في حملة قادها بعض الصحفيين الإلهيين ضد الاشتراكي و الناصري وتنظيمات أخرى بقصد دفعها للتبني الكامل للموقف الحوثي!!... كانت تلك المواقف لا ترى في التوسع الحوثي بالحديد والنار والدم ولكن خصوصا بالتحشيد السلالي والطائفي والمناطقي - المتجلي خصوصا في طبيعة التحالف مع علي صالح - خطرا على الجنوب بل ربما فرصة!! كما أنها كانت ترى أن ذلك ربما هو طبيعة الأوضاع في الشمال -يمكن مراجعة موقف عيدروس النقيب مثلا من سقوط صنعاء وتوسع وتغول الحوثي مثلا -.. وصولا إلى سقوط الأوهام بالغزو الحوثي الصالحي الجنوب كما كل اليمن.

الظريف ان بعض أصدقائنا طلب من شفيع التبرؤ من قبيلته ومحافظته، بحجة عدم مقاومتها للحوثي، مثلما فعل بالاستقالة من الحزب، الأمر الذي يعكس عدم القدرة على التمييز بين الانتماءات الحزبية الاختيارية، وبين الانتماءات الأهلية العضوية و غير الاختيارية، وهو وعي ريفي منتشر.

أزمة الحزب الاشتراكي اليمني، في الواقع هي أزمة الوطنية اليمنية، فالحزب وبعيدا عن ادعاءاته وشعارته اليسارية والاشتراكية، هو حزب الحركة الوطنية والذي تشكل تاريخيا من حركة تحرر وطني ضدا على المستعمر البريطاني في الجنوب، والقوى الأكثر جذرية في معادة الإمامة و نظامها الاجتماعي في الشمال، لا من حركة عمالية او نقابية، والمهام الجدية التي طرحها على نفسه هي مهام التحديث والمقرطة الإجتماعية ولبلورة الوطنية في أفق العروبة - خروجا من الانتماءات العشائرية والطائفية -... وكونه مع سائر مكونات الحركة الوطنية، قد فشل في ذلك، لا يلغي هذه المهام من جدول أعماله وخصوصا من جدول أعمال المجتمع الذي من الممكن -والمرجح - أن يتجاوزه.. كما ان أزمة هذه الوطنية اليمنية اليوم هو إضافة إلى سؤال قدرتها على تجاوز المشاريع والتكوينات قبل الوطنية -الحوثية تجليها الأبرز -، هو أمكانية ان تبقى هذه الوطنية مشروع تحرر إنساني واجتماعي... أي بالذات الأفق التحرري والاشتراكي!!!

 

قراءة 2420 مرات

من أحدث معن دماج