طباعة

نصرا للمدنية.. وهزيمة للظلاميين

الأربعاء, 12 آب/أغسطس 2015 20:58
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مقاومتنا الشعبية في الجنوب والشمال للمد الحوثي لم تكن بسبب مذهبه وعقيدته التي نحترمها بحكم إيماننا بالتنوع الفكري والسياسي والعقائدي واحترام الآخر المختلف، واننا دعاة دولة ضامنة للحريات وحقوق الجميع دون تمايز وإقصاء وتهميش ولسنا ممن يسعى لاختطاف الدولة ليجعل الجميع تحت طاعته وإمرته لتنفيذ أجنداته.

قاومناه لموقفه المعادي من الفعل الثوري ونحن نهد القديم لنؤسس لواقع جديد مبني على أسس مخرجات حوار توافق عليها الكل ودستور صيغ بمشاركة الكل بمن فيهم الحوثيون والنظام السابق كشركاء في عملية سياسية لا فيها منتصر ولا مهزوم ولا أعداء ولا خصوم، نتقارب في قواسم مشتركة وطنية مجردين من الأنانية والذاتية للصالح العام، رفضناه لعدم تجاوزه الماضي وصراعاته ويسعى لتصفية أحقاده وتلويث حاضرنا بالعنف والعنف المضاد ولم يتعامل بلغة الحوار وبيئة الأخذ والعطاء والطرح والرد بالكلمة والرؤى والفكر ليكون شريكاً ثورياً لمعالجة الاختلالات ومحاربة الإرهاب، يترك سلاح الموت جانباً ويرفع الكلمة والقلم سلاحاً لا يقتل، لكنه ينور الفكر ويصحح الاعوجاج ويحرج الخصم بالمعلومة والحقيقة.

قاومناه بمجرد ما كشف عن انه طوق نجاة للفساد والفاسدين في تحالف مريب تسلح بمخالب الطغاة والمستبدين، مخالب نهشت أجسادنا وقتلت أبناءنا تسلح بها لفرض كيانه المرفوض، لا يعي ان زمن الاستبداد والطغيان وتكميم الأفواه ولَّى، قاومناه لخطابه العنيف الذي يؤلب ثائريه للجهاد في سبيل الله في عدن ولحج وأبين وتعز ومارب لكسر مبدأ التعايش والتنوع فيها، خطاب متعصب بتحريض طائفي وحشد مذهبي سلالي للقتال ضد الشعب وباسم الشعب بمحللين وشهود زور، مثقفو ودعاة اليسار والتقدمية ارتموا في حضن مرجعية دينية أو سلالية وفرطوا في المبادئ والقيم الانسانية يروجون لقتل الفكر والثقافة المغايرة لفكرهم يؤججون إعصاراً من الصراعات المدمرة ويكيلون وابلاً من التهم تكفي لإقناع ممن فرطوا بعقولهم هدر دمائنا واستباحة أرضنا وعرضنا بتعبئة قبلية عشائرية حول القبيلة لقوة يقاتل الآخرين بها، معظمهم صغار لم تنم مداركهم بعد أخذوا من صفوف المدارس والمعاهد ليصنعوا منهم قتلة أو جثث هامدة في شوارع الجنوب والوسط تنهشها الكلاب الضالة.

ببسالة الأبطال وشموخ الرجال انتصرنا نصراً تحقق بتكلفة باهظة، روته دماء طاهرة من شرفاء ومناضلين ممن يطمحون لحياة سعيدة ورقي وتطور وازدهار، كسروا كل القيود والعقبات المعيقة. فهل يتصور الواهمون انهم بكل سهولة ويسر سيبددون هذه الآمال وسينقضون على هذه الأحلام والطموحات، الواهمون من انهم انتصروا مذهبياً وطائفياً ومناطقياً على نقيضهم بعقلية ظلامية، العقول التي ما زالت تعيش زمناً تجاوزه العصر وتخطاه التطور لأفق أوسع ونظرة أشمل، هو نصر مفيد لكل من يستوعب المرحلة وفارق الزمن. ان عجلة التاريخ لا تعود للخلف ولا تكرر مآسي الأمم، ومن لا يستفيد ويعتقد انه قادر على فرض مشروعه وفكره على الآخر المختلف، من يعيش وهم الاصطفاء الإلهي أو السلالي أو المناطقي وينظر بدونية واحتقار للآخرين يوزع صكوك المواطنة والإيمان بأهوائه المشوهة، إكتسبها من معاناة وأوجاع طالته ليسقيها بالمثل لغيره، فلا يختلف عن سلوك وثقافة المسيء له وما الفرق إذاً إن كان فيك الداء نفسه وقذارة النفس نفسها.

استعدت روحي بنصر مؤزر بدايته عدن التي لم تخيب يوماً أملاً وحلماً جميلاً وشغفاً للحياة الراقية والهنيئة، ولكنني مرعوب من الخيبة التي تطاردنا كلما اقترب النصر ممن لا يرى في هذه الأرض غير ذاته ومصالحه ومشروعه. هناك من يحمل في جعبته فكراً ظلامياً متعصباً وثقافة عنيفة وسلوكاً إرهابياً مؤشراته تتضح كلما تحررنا من الطغيان ليفرض نفسه طاغية بديلاً غير مستوعب الدرس وشركاؤه في النضال، يستخدم أسلوباً مرفوضاً كالتكفير والتخوين والشك والحقد، يطرد الآخر المساند له في مرحلة نضالية كانت صعبة على الجميع ليحتسب النصر له وحده ويستثمره لأهدافه وأجنداته، وحذاري من هؤلاء، فمصيرهم هو مصير من سبقهم نفسه لكن بخسارة مضاعفة لوطن وأمة نحن في غنى عنها.

القرار التاريخي للأخ الرئيس بضم أفراد المقاومة في إطار جيش وطني قرار هام يصب في المصلحة الوطنية الكبرى لتطبيع الحياة وتجريد كل كيان ميليشاوي من أسلحته المهددة للسلم الاجتماعي وحياة الناس لضمان عدم استخدام القوة المتراكمة التي اكتسبها في مرحلة الكفاح ضد شركائه في النضال لإخضاعهم لمشروعه الخاص ولا تحتكر القوة لغير الدولة المنشودة وجيشها الوطني.

النصر درس هام أثبت بأن الحق يزهو والباطل يزهق ولا خير في أمة لم توحد صفوفها وتسخر قدراتها لاجتثاث الظلم والطغيان أينما كان وان تتحرر من الماضي وقذارته وعفنه، وألا نعمم الخاص ولا نخصص العام ونحدد الجاني من المجني عليه لتجفيف منابع الظلم والطغيان والإرهاب، وان نقف ضد كل من يشوه نصرنا ويستغله لذاته ويحتسبه لنفسه، إنه نصر للجميع بوحدة الجميع ومن الله، وفتح قريب للمستقبل المنشود لتلبية طموحات وآمال شعب لم يذق سعادة الحياة واستقراراً وأمناً وأماناً منذ مائة عام ان لم يكن أكثر من ذلك، فالعين التي ترى الدنيا واسعة وأفقاً مستقبلياً أبعد خير من العين التي لا ترى غير تحت أقدامها والمساحة التي تستوعبها فقط.

 

قراءة 4455 مرات

من أحدث