طباعة

الخوف من ثمار الكراهية

الأحد, 08 تشرين2/نوفمبر 2015 22:34 كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

ما يحدث في الجنوب ليس وليد اليوم بل هو نتاج لثقافة رسخت على مدى فترة صراع سلبي لم يعبر عن روح وتطلعات الجماهير بل عبر عن تطلعات القوى المستبدة والمتناحرة بشقيها في الجنوب والشمال تشترك معا في الفساد والتخلف والجهل والعصبية.

والثقافة المجتمعية هي ثقافة إنسانية تعبر عن روح الجماهير وهمومها وتطلعاتها فهي ليست ترفاً فكرياً مراهقاً هي وسيلة وغاية معاً . فالثقافة الملتزمة بهموم الوطن والأمة هي ثقافة مبدعة ومتفاعلة مع الثقافات الأخرى في عملية تغيير الواقع المتخلف المفروض على شعبنا الذي يمتلك إرثاً ثقافياً غائراً في أعماق التاريخ موسوماً بإرث الحضارة العربية الإسلامية , و ونقيضها ثقافة رجعية متخلفة ترسخ كل الأمراض الاجتماعية من عصبية وكراهية . وهنا يبرز دور المثقف اليمني الفاعل المتفاعل في هذه المرحلة التاريخية والاستثنائية التي مر بها شعبنا  الصابر في شماله وجنوبه معا , إننا نؤمن بالثقافة الإنسانية التي تتجاوز ما هو كائن لما يجب أن يكون  نعم نؤمن أن ثقافة المستقبل يجب أن تكون إنسانية بقيم وهوية ومبادئ.

الصراع  الحقيقي بين مشروع وطني لتغيير الواقع نحو الأفضل بدولة مدنية منشودة ضامنة للحريات والعدالة مهما كان شكلها يلبي قناعات الجميع  تقوده القوى الوطنية في الجنوب والشمال معا ومشروع متخلف عصبوي طائفي يهدف لإفساد الواقع وتأصيل القيم السلبية في البناء العقلي للأفراد لتغيير الصورة الحقيقة للنضال الوطني حول مشروع الدولة الحلم المنشود لمشروع طائفي مناطقي يرتكز على الصراع عن الثروة والأرض , خلال هذه الفترة رسخت قيم سلبية من الصعوبة  انفكاكها من عقول وأفكار الشباب  مهما بلغت درجة تميزه المعرفي ومن ذلك قيم التطرف والعصبية على سبيل المثال وعاش البعض صراع داخلي حول الهوية , وكان للتهميش والحرمان والفساد القائم دورا فيما حدث.

تمكنت القوى المتخلف والتقليدية لحماية نفسها من المشروع الوطني الجامع وتكتلاته لتجر الجميع لتكتلات طائفية مناطقية مقيتة لتبقى تعيش تنخره بفسادها وجهلها وتخلفها مترابطة المصالح متوافقة المواقف في الشمال والجنوب يحمون بعض ويخدمون بعض بمضلة المناطقية والطائفية وانجر الجميع لهذا الوحل غير أبهين بتداعياته وما يترتب عن ذلك من سلبيات اليوم تلسعنا نارها وتشوه واقعنا, ظل النظام يرسخ المناطقية والطائفية في الوسط الاجتماعي ممارسة وفعل بهدف إرساء الكراهية ليغذي الصراعات ونجح بتقبل البعض للكراهية كسلاح ضد الأخر ,فأصبت البعض لعنة الكراهية , و وجهوا غضبهم على كل ما هو شمالي حتى وان كان من القوى الوطنية ورفاق السلاح في الكفاح المسلح لثورتي سبتمبر وأكتوبر والنضال على مدى 50 عاما ضد القوى التقليدية , بهذا فككت القوى الوطنية وضُربت في داخل أحزابها والمستفيد من ذلك هي ذات القوى التقليدية المتخلفة والمستبدة والفاسدة , وذهب البعض بعيدا ليحلل دون مرجعية علمية ليحاكم الماضي والتاريخ للحركة الوطنية ليعيد الروح لقوى الماضي من إمامة وسلاطين ليعود بنا لما قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر والجمهورية ,سقط من ذهن البعض المشروع الوطني الجامع واعتبروه مؤامرة وتشوهت الثقافة المجتمعية والهوية الوطنية وصار مناضليها متهمون لخدمة من  ؟ !.

وقفنا ضد هذه الثقافة المدمرة للقيم والمبادئ وكتبنا كثيرا عن الكراهية والمشروع الوطني الجامع و واجهنا جملة من الاتهامات ممن كانوا  بالأمس في الطرف الأخر المعادي لمشروع الدولة والوحدة ممن ساهموا بشكل مباشر في القضاء على الوحدة الوطنية بقول نعم لإفراغ دستور الوحدة من الشراكة الحقيقية والفاعلة وتشريع حكم الفرد والديكتاتورية هم اليوم يبكون على جنوب كانوا أدوات استباحته.

اليوم ما يجري هو نتاج لهذه الثقافة , شبابا حرم وظلم وهمش وجاع وشاهد العبث والثراء الفاحش في صفوف الفاسدين ,وشبع  بالكراهية والمناطقية والطائفية الأمراض الاجتماعية التي لا تُثمر أشياء صالحة بل ترسخ الأنانية والمشاريع الصغيرة وتقضي على أي  مشروعا وطنيا جامع , شباب انجر لفكرة تحرير الأرض والثروة من متنفذ شمالي هو أحق بها ليكون متنفذا جنوبيا , وصار البعض يسعى ليكون ذلك المتنفذ وتاه مشروع الدولة في هذه المتاهة بين صراع القيم والمبادئ والهوية والمصالح الأنانية الضيقة المناطقية والطائفية وعندما تسقط القيم وتتوه الهوية في هواية البعض الخاصة والضيقة يكون الوطن ومشروعه الوطني الدولة الحلم المنشود هو الضحية.

قراءة 4171 مرات

من أحدث احمد ناصر حميدان