طباعة

المعافر.. المقاومة خيار جمعي

  • الاشتراكي نت/ خاص - تقرير/ راشد محمد

الثلاثاء, 15 كانون1/ديسمبر 2015 20:37
قيم الموضوع
(0 أصوات)
تصوير /عبد الحليم صبر تصوير /عبد الحليم صبر

وجدت مجتمع حافل بالثورة والرفض، مجتمع كله خلايا نحل منسجمة ومتجانسة همها الأول والأخير الإنتصار لفكرة المقاومة، وتأجيج الرفض ضد كل من يقف في وجه  الفكرة النبيلة.

هكذا يتحدث المصور والناشط الشبابي عبد الحليم صبر عن زيارته الأخيرة لمديرية المعافر اثناء نزولنا الأخير في مهمة صحفية، وأكثر من ذلك فمديرية المعافر أول من اشعلت الرفض وفي وقت مبكر، رغم سطوة النظام السابق ومضايقات اجهزته المختلفة والأمنية بشكل خاص مذ عرف اليمنيين عهد حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح..

المعافر احدى مديريات محافظة تعز تبعد عن مدينة تعز مسافة اكثر من ٣٠ كيلو متر وتعد المدخل الجنوبي الغربي لعاصمة المحافظة، مثلت العمق الثوري لتعز ابان ثورة الشباب السلمية التي اندلعت من محافظة تعز ليلة ١١ فبراير ٢٠١١م لتعم مختلف انحاء الجمهورية وتطوي صفحة المخلوع وتضع حد لحكمه وتحيله تاريخ، والتي يحاول في الأثناء عبثاً اعادة عجلة التاريخ للخلف بتحالفه الدموي مع مليشيات الحوثي، لكن المعافر لم تفقد بوصلتها بعد وها هي لهم بالمرصاد.

المدارس تزدحم بالطلاب.

تقول الطالبة ريم عبد الكافي الطالبة في مدرسة الفقيد النعمان بالنشمة: عدنا الى مدارسنا لنمارس حقنا في التعليم، رغم الحرب والأوضاع الصعبة التي تلاحظونها هنا وتعيشها محافظة تعز بشكل عام.

بهذه العزيمة والاصرار يرسم الأهالي ملامح الأمل القادم، رغم قسوة الظروف وقربهم من هدير المدافع ومسرح العمليات العسكرية التي تدور في مديرية المسراخ المحاددة للمعافر والتي يخوضها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مواجهة مليشيات الحوثي والمخلوع في تلال الضباب وقرى مديرية المسراخ، الا أنها تصيغ مفردات الحياة والنصر بروح متقدة بالوطنية وحماس ثورة فبراير الذي لم ينطفئ بعد.

رغم استقبال المديرية لأعداد كبيرة من النازحين القادمين من مناطق المواجهات المسلحة في تعز، وقبل ذلك محافظتي لحج وعدن، الا أنها صبغتهم بروحها.

حنين العريقي نازحة وطالبة في الصف التاسع تتحدث بروح المنطقة التي نزحت اليها وبحماسها ايضاً، حيث قالت: رغم النزوح الا اننا لن نتخلى عن التعليم، ولن نترك حقوقنا مهما حدث، وسنستمر هنا في ممارسة حياتنا بشكل طبيعي.

اضافة لحماس الطالبتين واستعدادهما التام للدراسة والبارز في ارتداء الزي المدرسي ولوازم الدراسة بشكل متكامل، بدت فصول مدرسة الفقيد النعمان بالنشمة مزدحمة بالطالبات، غير مكترثين بالمخاوف المحيطة بالمنطقة.

مجتمع المقاومة..

على خطى مشرعة وحنان وأكثر تتحرك مديرية المعافر في خضم المقاومة. وفي تجارب العالم المتشابهة الى حد التطابق الشكلي يبرز الفارق العميق في المضامين. هذا الفارق يصبح المحدد الأوحد لمدى ادراك الناس بطبيعة موقعهم من كل ما يدور حولهم، اذ يشكل مستوى الوعي وطبيعة المزاج المواقف والخيارات تباعاً، وهنا يبرز الفارق ويتجلى نموذج باهر للمقاومة الوطنية يجسد خيارات الناس وطموحاتهم، فمن الأنشطة الشبابية الى احتضان المديرية لأهم الألوية العكسرية اليمنية اللواء(٣٥) مدرع الموالي للشرعية، تنطلق هذه المديرية لتسجل اسمها كما في العادة في المقدمة حين يتعلق الأمر بالثورة والواجب الوطني.

يستعرض نائب رئيس  مجلس دعم واسناد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية محمد علي سعيد انجازات المجلس الذي تشكل كمشاركة مجتمعية في المقاومة، فيقول: من الانشطة التي قمنا بها:

1- تشكيل المستشفى الميداني بالنشمة والتربة والاشراف المباشر عليهما وتزويدهما بالإمكانيات والادوية.

٢- متابعة الجرحى واسعافهم مباشرة من المعركة الى المستشفى الميداني والحالات الخطيرة يتم نقلهم الى عدن ومن ثم الى الخارج. وقد تم تسفير عدد منهم الى الاردن ونواصل تسفير البقية المحتاجين الى السفر للخارج.

٣- توفير ١٠٠٠ سلة غذائية وتوزيعا لأسر الشهداء والجرحى والاسر الاشد فقراً وقد تم تدشينها وتوزيعها وهي مقدمة من الهلال الاحمر الاماراتي.

٤- البحث عن جهات تكفل اسر الشهداء والجرحى

٥- تقديم الدعم اللازم للواء ٣٥ وجبهة الضباب

٦- انشاء المركز الاعلامي للمجلس

٧- تشكيل لجان الاسناد على مستوى ٧ مديريات وكذلك التشكيل على مستوى العزل والمراكز.

٨- نقوم بنشاط الحشد الاعلامي للمحافظة على متانة وسلامة الحاضنة الاجتماعية

٩- تقديم بعض الدعم اللوجستي من خلال تشغيل بعض المعدات والاليات لتسوية وشق الطرقات

١٠- تنسيق جهود الاغاثة الواصلة للمديريات من الجهات الداعمة والمؤسسات والجمعيات ولجان الاغاثة بما يضمن عدالة ايصال الاغاثة وعدم تكرار حالات الحصول عليها لبعض الجهات والوحدات والافراد وحرمان اخرى.

اسناد المقاومة

مجلس اسناد ودعم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية احد اهم الاشكال الواعية التي انتظم فيها المجتمع، وأول مشاركة نوعية ينتهجها الناس في تعز، فرغم التقدم الكبير والوسائل المتوفرة في المدينة وبقائها تحت القصف اليومي لمدافع مليشيات الحوثي والمخلوع الا انها لم تنتظم في شكل نضالي مجتمعي كالذي حدث في الجبهة الغربية، وهنا يتضح الفارق الذي اشرنا اليه سابقاً.

يضيف عبد الحليم صبر فيقول: الباعث على الدهشة والتفاؤل أكثر بكون المقاومة خيار وطني، رغم كونها خيارنا الذي لا رجعة عنه، هو هذا الوعي والمشاركة الحافلة من قبل الناس في المقاومة بشكل منظم وواعي في المعافر، اغلب الناس هنا قريبين من الحدث وفي عمقه، على غير المدينة حيث تشعر بالغربة الملموسة بين الشارع والمقاومة!!

اضافة الى احتضان المعافر لقيادة عسكرية تقود المقاومة، وتوفيرها كل ما تستطيع لتهئية الظروف المناسبة لنضالها، فهي تتحرك وفي مجالات مختلفة غايتها الأساسية استمرار نشاط المجتمع وحضوره بالشكل المعهود في الصدارة كما اسلفنا.

تضيف الطالبة ريم: عودتنا للمدارس هو جزء من المقاومة للجهل الذي يحاول الحوثي والمخلوع فرضه على الناس، لكننا سنواجههم بالعلم والوعي، ولن يهزموننا.

فيما تضيف الطالبة حنين العريقي والنازحة من مناطق المواجهات المسلحة في تعز: رغم اننا نعتبر نازحين لكن لن نتخلى عن التعليم، ولا يستطيع الحوثي أن يهزم تعز واليمن، لأننا متعلمين ونذهب الى مدارسنا كل صباح.

وعلى الرغم من افتقار المدارس للكتب الدراسية والمستلزمات الأخرى التي يطرحها اساتذة المدارس بوصفها اشكالية تواجههم وتواجه الطلاب، فإن شباب المنطقة ينشطون بالتوازي لنشاط المدارس، حيث تشكلت المبادرات الشبابية لتذليل العوائق امام طلاب المدارس، فقد تكفلت مبادر( عودة قلم) بتوفير الكتاب المدرسي من خلال طوافهم لتوفير الكتب من المنازل، وتقديمها لطلاب المدارس.

تقول الناشطة وداد العبسي منسقة المبادرة: (عودة قلم) مبادرة شبابية ينشط اعضاءها لخدمة طلاب المدارس من خلال توفير الكتاب المدرسي، اضافة الى نشاطات اخرى منها تفعيل الجانب الرياضي والتوعوي في المدارس، ومساعدة الطلاب في تحسين مستوى ادائهم التعليمي.

يبدو السرد حول انشطة طلابية وتفعيلها في المدارس أمر غريب في فترة مثل التي تمر بها اليمن عموماً وتعز على وجه الخصوص، وتبدو الغرابة أكثر حين يتعلق الأمر بمديرية تعد من اسخن مناطق ادارة المعارك الحربية، وتقع على احد أهم المنافذ العسكرية لقوات الشرعية، لكنها المعافر..

ولكي تكتمل الصورة عن دور المجتمع المساند للمقاومة يضيف القيادي بمجلس دعم واسناد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية محمد علي سعيد:

وفق الهيكل التنظيمي لمجلسنا ان هذه الانشطة تحتاج الى تمويل نقوم حالياً بتغطيته من مصادر محلية بالغالب تشمل اسهامات المواطنين التي يتم تجميعها من خلال حملات جماهيرية في المدن والعزل والقرى تشرف عليها اللجنة المالية وفروعها في هذه المناطق

وكذا التواصل مع رجال الاعمال من ابناء المحافظة بطريقة شفافة وغير معلنة في المدن التي تسيطر عليها المليشيات المعادية ونظراً لاتساع نشاطنا فإننا نواجه ضغوط كبيرة على هذه الموارد بسبب شحتها من ناحية وازدياد الطلب على مخرجات نشاطنا بالذات عند احتدام واتساع المواجهات المسلحة مع العدو.

لا يجد الأهالي متسع للمخاوف أكبر من مخاوفهم من انكسار المقاومة، والى ذلك فإنهم يحتاطوا لكل شيء قد يقلق هواجسهم من المستقبل.

يقول الشاب اسكندر الشداد من ابناء النشمة: أن همنا وهدفنا الأول والأخير هو انتصار المقاومة بمشروعها الوطني، ولذلك فنحن لا نلتفت للشائعات التي قد تعطل حياتنا بمبررات مختلفة.

ويضيف: العودة للمدارس أمر لا يمكن التفريط به، مهما قيل عن كونه قرار صادر من الشرعية ام من الانقلابيين، فمدارسنا لن تكون خالية من طلابها لمجرد ان الشرعية لم تقرر الدراسة من عدمها، هذا الترويج ينطلي على من يتعاملوا مع الأحداث بعواطفهم وتحكمهم المخاوف والحسابات السياسية، وهذه حسابات لا تتعلق بالحق في التعليم ولكنها بالعكس تسمح بأحداث الشلل في مؤسسات الدولة وفي المجتمع.

الى أن ينخرط ابناء بقية مديريات وعزل محافظة تعز في المقاومة بالنموذج الذي تخطه المعافر، فلن يعود هناك مبرر للمخاوف التي تثار بين وقت وأخر، فالمجتمع بوعيه يمثل الضمانة الحقيقية لاستقراره وعدم انزلاقه في المجاهيل التي قد تنتظرنا جميعاً.

قناة الاشتراكي نت على التليجرام 

https://telegram.me/aleshterakiNet

قراءة 4228 مرات آخر تعديل على الجمعة, 18 كانون1/ديسمبر 2015 01:00

من أحدث