طباعة

كحلان.. عنوان اخر لصلابة المقاومة

  • الاشتراكي نت/ خاص - تقرير راشد محمد

الجمعة, 01 كانون2/يناير 2016 18:17
قيم الموضوع
(0 أصوات)
مقاتلي المقاومة الشعبية في كحلان صبر مقاتلي المقاومة الشعبية في كحلان صبر

لا داعي للحسرة والشعور بالأسف، ولا نعتبرها خسارة، هذه ضريبة متوقعة، وكلفة بسيطة، كل شيء وله ثمن وضريبة، كنا نتوقع الخسارة بالعشرات وأكثر، والحمد لله انه استشهد شاب واحد من ابطالنا.

جزء بسيط من رد القيادي في المقاومة الشعبية بصبر عبد الحافظ عبدالاله الكحلاني لجملة المشيعين جنازة ابن اخيه الشهيد بكر عبد السلام عبدالاله الذي سقط شهيداً مساء الجمعة 25/ 12/ 2015م في جبهة كحلان التابعة لمديرية صبر الموادم والمطلة على مديرية المسراخ حيث تدور رحى المعارك بين مليشيات الانقلابيين وقوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وتحاول المليشيات من خلال تواجدها بالمسراخ الصعود الى قمة جبل صبر والسيطرة على موقع العروس الاستراتيجي الذي استعادته المقاومة منتصف اغسطس الماضي.

كحلان احدى قرى عزلة النجادة التابعة لمديرية صبر الموادم محافظة تعز بلغ عدد سكانها (1820) نسمة حسب احصاء 2004م، تتكون من سلسلة جبلية مرتفعة في نهاية جبل صبر من جهة الجنوب وتطل مباشرة على مديرية المسراخ.

بحجم المأساة التي روعت المدنيين في كحلان وبقية المدن والقرى اليمنية التي انتشرت فيها مليشيات الحوثي والمخلوع والحقت فيها الخراب والدمار، وبحجم البؤس الذي يعيشه الأهالي يستأسد رجال كحلان وشبابها بإمكانيات متواضعة وعزيمة استمدت صلابتها من قهر واستبداد سنوات حكم المخلوع ومراوغاتها، ومن رغبة المجتمع واستبساله في تحطيم خرافة التفوق وارادة الهيمنة في زمن الثورات.

كحلان صناعة المعجزة.

يقول بكيل الكحلاني احد شباب المقاومة في جبل ضحيح المطل على المسراخ: كانت ليلة مرعبة، قذائف الهاون التي اطلقها الحوثيين مثل المطر اشعلت بسببها النيران في كل هذه البيوت التي نزح ساكنيها مبكراً وفي كل الاتجاهات، لكن الحمد لله لم يتقدموا شبر واحد، صديناهم في كل جهة حاولوا التسلل منها.

يتكئ المقاومون على حق الدفاع عن النفس، وتحضر تعز بالنسبة لهم القلعة التي لن يسمحوا لأحد أن يصل اليها، فهي بصمودها ومقاومتها القبلة التي تعبر عن عزتهم.

يتحدث احد شباب المقاومة في المواقع الأمامية بجبهة ضحيح، فيقول: لا يمكن ان يدخل الحوثيين والعفاشيين تعز ونحن على قيد الحياة، نحن هنا من بداية المواجهات، وبعضنا شارك في أكثر من جبهة، في جبل جرة وفي الضباب وغيرها، ولن نسمح بدخولهم كحلان ليصلوا الى تعز.

المليشيات تستهدف كل شيء في كحلان

سبعة افراد وجنازة الشهيد على اكتافهم، يتحركون بخفة وبحذر بالغين لينقلوها الى المقبرة ويودعونه مثواه الأخير.

مقبرة خالية من المشيعين الذين توقفوا في ازقة القرية وممراتها على غير العادة، تخوفاً من قذائف الهاون التي تترصد أي تجمعات للأهالي تطلقها مليشيات لا تعرف سوى القتل ولا تحمل مشروع حياة.

المشهد اصبح كفيل بتوضيح المعاناة التي يعيشها الناس ويتجرعون مررتها كل يوم وبشكل مضاعف مع اقتراب الليل اضافة للمشهد اعلى يعيش اهالي كحلان وضع بالغ القسوة، حيث تترصدهم نيران المليشيات في كل مكان.

كما رأيتم تماماً هذا حال كحلان منذ اقتراب المليشيات من المنطقة واسرنا تعيش الخوف والقلق طوال الوقت، المدرسة اغلقت والناس القريبين من الوادي والتباب قد نزحوا، ومن تبقى يعيش يومه ينتظر الموت الذي قد يسقط من أي جهة، قبل يومين ودعت المنطقة طفلين استشهدا برصاص قناص حوثي.

بهذه الكلمات يختصر عبد الرقيب ويصف حالهم، فيما تحثنا احدى نساء القرية ونحن نتجه صوب مواقع المقاومة في جبل ضحيح: انتبهوا لأنفسكم، الله يحفظكم كما حفظ محمد في الغار. وتضيف بلهجتها العامية: هذن كلاب يا عيالي، ماهنش اوادم، انتبهوا لأنفسكم الله يحفظكم.

وامتداداً للمعاناة التي تحيط بالأهالي فإن جنازة الشهيد بكر عبد السلام وصلت القرية بعد أكثر من ثلاث ساعات قطعناها على متن احدى سيارات القرية من مستشفى الروضة بتعز التي نقل اليها، مروراً بطرق مختلفة ووعرة تمر عبر مشرعة وحدنان خشية تعرضنا للقنص من قبل المليشيات في طريق صبر الموادم.

خصمان وحصار مضاعف

جبل صبر ثاني اعلى الجبال في اليمن والجزيرة العربية بعد جبل النبي شعيب، اذ يبلغ ارتفاعه (3070م) عن سطح البحر، ويرتفع عن مدينة تعز الى قمته في العروس(1500م)، تبلغ درجة حرارته في الصيف 16درجة وفي الشتاء 1-9درجات.

يتحدث بسام الكحلاني عن صعوبة الوضع الذي تعيشه المقاومة وطبيعة التحدي الذي ينتصب أمامهم فيقول: اذا كنا نواجه الحوثيين فقط، فان وضعنا سيكون أفضل بكثير، رغم الفارق في الامكانيات بيننا وبينهم، فنحن الى الأن والحمد لله لم نفقد سوى شهيدين من المقاومة، وخسائر الحوثيين كبيرة يسمعها اغلب الناس اوقات المواجهات حيث يرتفع صراخهم وهم يبكون قاداتهم يا ابو ناصر لا تمووووت، يا ابو حسين لا تخلينا وحدنا.

لكننا نوجه خصم أخر وعنيد ايضاً، فالبرد شديد جداً وشباب المقاومة في المتارس يعيشوا معانات كبيرة جداً.

يضيف البرد لوحده عدو لدود، وإمكانياتنا صعبة، الشباب يتجمدوا من البرد في الجبل خاصة في الليل ومع ذلك لا احد يشتكي، وهذا يخلينا نزعل عليهم كثير، نستفهمه أكثر بكون الأمر ذاته ينسحب على الحوثيين ايضاً.

فيرد: الحوثيين عندهم امكانيات دولة ويوفروا لهم كل شيء، ونحن بين البرد!!

في الجانب الأخر تتضاعف معاناة الناس في صبر بشكل عام حيث اغلقت المليشيات بتوسعها الى مديرية المسراخ أخر سوق كان يعتمد عليه ابناء المديرية والمديريات المجاورة، اضافة لقطعها لطريق الشقب دمنة خدير، وبهذا تكون المليشيات قد ضاعفت من معاناة الناس الذين يضطرون لقطع مسافات كبيرة ووعرة للحصول على المواد الأساسية لعيشهم.

وبهذا الخصوص يتحدث احمد عبدالله عبد السلام فيقول: معاناة الناس تفاقمت بشكل كبير وخاصة افراد المقاومة الذين لا نستطيع علاج الجرحى منهم، حيث لا مستشفيات قريبة ولا مراكز صحية مؤهله، فنضطر لإجراء اسعافات اولية لهم وننقلهم الى تعز، وانتم تعرفون المسافة الكبيرة الى تعز.

عمق المقاومة.

يقول الرفيق عيبان السامعي في حديثه لـ "الاشتراكي نت" ان الفارق الذي يصنعه المقاومون في الأرياف عميق، ويستحق الاشادة به، فهو يستمد مشروعيته من قوة الحق الذي يمتلكه الناس، فحين يندفعوا للجبهات بصدق واخلاص فذلك يأتي انسجاماً مع الموقف العام في تعز والذي يرفض الانقلابيين ومليشياتهم، اضافة لذلك بحسب عيبان: فإنهم ينطلقوا من قناعة تعزز مواقفهم، وهي قناعة الدفاع عن النفس وعن قرأهم واهلهم من سيطرة المليشيات وبطشها وتنكيلها بهم كما تفعل في كل مكان تحكم سيطرتها عليه، لذلك لا نستغرب ان نجد المقاومة في الأرياف تقاوم ببسالة وشجاعة غير عادية.

كغيرها من ارياف تعز تقدم كحلان نموذج اخر في تلاحم المجتمع واصطفافه خلف المقاومة مهما بدت المخاطر محدقة.

<<ترابك طُهر من صلى وماءك من دمي اغلى ...>> بهذه الأغنية افتتح صباح الأحد الفائت في كحلان، تفاجأنا بنافذة احد المنازل وهي تطلق هذه الأغنية الوطنية، حاولنا الاستفسار عن الدافع لهذه الأغاني ومن يقف وراءها، فكانت الإجابة: أن نساء القرية يفتتحن الصباح كل يوم بأغاني وطنية لترفع من حماس الشباب في الجبهات، يضيف بسام الكحلاني: ان منطقته تتميز بارتفاع مستوى الملتحقين بالجامعات من الطلاب، ولهذا فالوعي مرتفع وهذه الأغنية وغيرها تقوم نساء القرية بتشغيلها كمشاركة منهن في المقاومة، رغم القصف والخوف الا ان الناس غير مباليين بشي وداعمين للمقاومة.

استبسال المقاومة في كحلان أمر يدعو للدهشة ويثير الاعجاب حقاً، ومع كل زيارة لمناطق جديدة للمقاومة تخبرك سواعد الرجال أنها تستمد قوتها من قوة الحق الذي تمتلكه، وبأن الأمر بات متعلقاً بالعيش الكريم ورفض الاذعان.

يضيف القيادي في جبهة كحلان عبد الحافظ فيقول: الحرب فرضت علينا ولم نكن نبحث عنها وبالعكس نحن خرجنا سلمياً لرفض الانقلاب والحرب، لكنهم اردوا لليمنيين أن يكونوا عبيد لهم، واليوم ندافع عن ارضنا واهلنا ولن نتراجع، وسنقدم المزيد من التضحيات حتى نستعيد دولتنا وحقوقنا، ولا نعتبر اننا خسرنا بسقوط الشهداء، فهذا ثمن يجب ان ندفعه وهي كلفة بسيطة حتى الأن ونتوقع ان ترتفع الفاتورة ومستعدين لدفعها ولن نتراجع.

ويقول ابو رائد : ما الذي يريده الحوثيين من الناس، طردونا من المدن وتوقفت اعملنا ومصالحنا، اصبحنا نازحين، ومع ذلك يأتوا الى قرانا ليخربوها كما خربوا علينا اعمالنا، لا يمكن التراجع عن المقاومة وما هو مكتوب لنا سنأخذه، والمقاومة قدر لابد منه.

وفيما الحشود تودع الشهيد امام منزله ارتفع صوت امرأة مسنة تخاطب الناس: ارجعوا مواقعكم، اصمدوا ولا تنشغلوا بشي، ولا تهموا شيء غير مواقعكم.

قناة الاشتراكي نت على التليجرام

https://telegram.me/aleshterakiNet

 
قراءة 4988 مرات آخر تعديل على السبت, 02 كانون2/يناير 2016 21:12

من أحدث