طباعة

معارك تعز أمام حقائق التاريخ والجغرافيا

  • الاشتراكي نت/ وسام محمد

الخميس, 10 آذار/مارس 2016 17:57
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في أوقات الصراع المسلح، يصبح لأحداث التاريخ خصوصا تلك القريبة دورا مهما في تبلور ملامح هذا الصراع سواء على الصعيد العسكري المسلح أو على الصعيد السياسي والمنحى الذي ستأخذه التطورات المتلاحقة.

عسكريا فإن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجغرافيا أو مدى الوعي في عملية سير المعارك لصالح هذا الطرف أو ذاك، فإن دور التاريخ يكاد ان يكون موازيا ومؤثرا بنفس القدر. وفي محافظة تعز لا يبدو أن التاريخ غائبا في التأثير على مجرى الصراع حتى وان فضل الجميع عدم الإشارة إلى ذلك.

مثلا مديريات صبر التي تقع على سلسلة جبلية شامخة بقدر ما ساعدتها الجغرافيا على تشكل مقاومة عصية بقدر ما ساعدها التاريخ أيضا، ففي نهاية سبعينات وبداية ثمانيات القرن الماضي كانت صبر إحدى المناطق الملتهبة فيما عرف حينها بصراع المناطق الوسطى بين الجبهة الوطنية وقوات السلطة التي كان صالح قد تربع على كرسيها للتو.

من بين مناطق المحافظة المختلفة كانت مديريتي شرعب (الرونة والسلام) الممتدة من حدود مدينة تعز الشمالية حتى حدود محافظة إب، الأكثر انخراطا في ذلك الصراع المسلح المدعوم من الحزب الاشتراكي في الشطر الجنوبي من اليمن، لهذا نمت ثقافة التسلح وأصبحت هذه الثقافة توظف فيما بعد بأشكال شتى.

لعل خبرة صالح وهو من يشارك على نحو مباشر في إدارة معارك تعز كما تقول المعلومات، تجعله حذرا إزاء إمكانية اندلاع معارك في مديريتي شرعب، كما أن المعارك التي كانت قد اندلعت في اغسطس من العام الماضي في مديرية ماوية شرق تعز وعلى حدود محافظة الضالع جرى إطفائها قبل أن تتوسع، لأن ماوية اشتركت في ذلك الصراع ولدى أبنائها نصيب من الثقافة الحربية.

وأمام حقائق التاريخ هذه، يرجح أن دخول مليشيات الحوثي وقوات صالح مديريات صبر رغم مناعتها، كان سببه وجود أعداد كبيرة من المتحوثيين وشخصيات نافذة ارتبطت بمصالح مع السلطة وتدين بالولاء لصالح، عوضا عن وجود عدد من الأسر الهاشمية الكبيرة والمؤثرة والتي تم استقطابها منذ ثورة فبراير وإغراء أبنائها في الانضمام إلى مشروع الحوثي ذو الصبغة الطائفية، لكن هذه التقديرات كانت ناقصة وكلفت المليشيات ولا تزال الكثير.

على العكس من ذلك، فقد ظلت مناطق الحجرية (8 مديريات تقريبا) بمنأى عن الصراع المسلح إبان تلك الأحداث (أحداث المناطق الوسطى)، لكنها كانت تشهد حينها نشاط سياسي محموم ساهم إلى جانب عوامل أخرى في تشكل الميول المدنية التي أصبحت تعرف بها محافظة تعز، كما أسس لثقافة تحترم التنوع والاختلاف.

كان النشاط السياسي في مناطق الحجرية بمثابة رديف للعمل المسلح في مناطق أخرى، لهذا ارتبطت عملية تسيس المجتمع بمزاج مقاوم. بينما ظلت مديريات الساحل على سجيتها بعيدة عن أي عمل عسكري أو نشاط سياسي معتبر طوال المحطات التاريخية الحديثة لليمن، لهذا تكون أول من يسلم لأول غازي مهما كان حجم قوته.

بوعي أو بدونه تستميت المليشيات من أجل محاصرة مناطق الحجرية والسيطرة عليها تدريجيا قبل أن يتوسع النشاط السياسي الذي بدأ في محيط مدينتي التربة والنشمة والذي أصبح ينعكس على أداء المقاومة والجيش الوطني المعسكر هناك.

نجحت المليشيات حتى الآن في السيطرة على أجزاء بسيطة من مديريتي جبل حبشي وحيفان بمساعدة مشايخ نافذين وقيادات في حزب صالح، ورغم أن قدرة المجتمع على التسليح تظل محدودة إلا أن هذه السيطرة تظل مهددة في ظل تنامي أعمال المقاومة.

وإذا كان يكفي مثلا إشعال الفتيل في شرعب لتتبلور مقاومة تلقائية صعبة المراس، فمناطق مثل الحجرية تحتاج إلى نشاط سياسي وجماهيري واسع وأيضا قوة نظامية لإحداث فارق ومنع تقدم المليشيات كمقدمة لهزيمتها، على أن النشاط السياسي والجماهيري لا يفترض أن يكون حكرا على الحجرية وحدها بل يجب أن يمتد إلى كل المناطق الخاضعة لسيطرة المقاومة أو حتى تلك التي لم تنخرط في الصراع بعد. أما المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات فيجب ابتكار أشكال أخرى من النشاط السياسي والتحرك بين الجماهير.

حاليا ليس هناك تواجد مطمئن للمليشيات سوى في المديريات الساحلية وشبه مطمئن في مديرية خدير الواقعة على طريق عدن كأول مديرية تتمركز فيها القوات الموالية صالح عندما قدمت من صنعاء ولاحقا عندما اندحرت من عدن. وهي أكثر مديرية يوجد فيها نافذين يدينون بالولاء لصالح.

قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية

للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة

@aleshterakiNet

 

قراءة 3697 مرات آخر تعديل على الجمعة, 11 آذار/مارس 2016 18:38

من أحدث