طباعة

الدكتور المخلافي يكشف أسباب رفض قانون العدالة الانتقالية ويقول أن كل عمل سيأتي لتنفيذ مخرجات الحوار ستتم إعاقته

الخميس, 26 حزيران/يونيو 2014 17:49
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يواجه قانون العدالة الانتقالية معضلة الرفض والإعاقة داخل الحكومة ومع أن مشروع القانون قد تم إعادة صياغته عدة مرات، إلا أنه وبنسخته الأخيرة كان سبب خلاف أدى إلى رفع الحكومة جلستها الأسبوع الماضي. لمناقشة تفاصيل هذه الإشكاليات وأسبابها والجهات التي تقف خلفها ومعرفة البدائل المتاحة للحل، أجرت يومية  «المصدر» الحوار التالي مع معالي وزير الشؤون القانونية في حكومة الوفاق الوطني الدكتور محمد المخلافي..  إلى الحوار:

دعني أبدأ معك من حيث انتهيتم، أو على الأصح اختلفتم أنتم في الحكومة حول مشروع قانون العدالة الانتقالية، الحكومة لرفع جلستها الأسبوع الماضي بسبب خلاف حول مشروع القانون، ما سبب هذا الخلاف ومن يقف خلفه؟

القانون أو مشروع القانون التزم بالمُطلق بمخرجات الحوار الوطني، وبالتالي لم يكن أمام المؤتمر الشعبي إمكانية أن يُناقش الموضوع، وبالتالي اتخذ قرار ربما خارج جلسة مجلس الوزراء بالرفض المبدئي لمشروع القانون، لا توجد أي ملاحظات أو لم نستمع إلى أي ملاحظات عليه وإنما رفض مبدئي.

هناك من قال إن الخلاف أيضاً كان بسبب طلب رئيس الحكومة عدم مناقشة مشروع القانون وتركه لرئيس الجمهورية، هل هذا صحيح؟

نعم، هذا صحيح.

هل حدد أعضاء المؤتمر المعترضون نقاطاً معيّنة للاعتراض عليها أو رفضها؟

لا، بل كان الرفض مبدئياً ومطلقاً، ولم يتم تحديد أي نقاط على الإطلاق.

قُلت إنكم في مشروع القانون التزمتم – بالمُطلق - بمخرجات الحوار الوطني، إذاً لماذا الاعتراض ومخرجات الحوار الوطني هي إلزامية؟

واضح أن هناك قراراً لدى النظام القديم وليس المؤتمر الشعبي كحزب، هذا القرار يتمثل في الحيلولة دون نجاح العملية السياسية، وبالتالي الحيلولة دون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وهذا المشروع هو من أوائل الأعمال التي تقدّمنا بها إلى جانب قانون استرداد الأموال المنهوبة، واتخذ نفس الموقف لإعاقة هذا المشروع، وبالتالي أنا أعتقد أن كل عمل سيأتي لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني سوف تتم إعاقته، وموقف القوى المعنية بالتغيير متخاذل، بالتالي هذا الأمر شجع النظام القديم على مثل هذه المواقف، وربما ما يشجعه أكثر لتحدي الإرادة الوطنية والدولية في التغيير، كان الاختراق لهذا النظام من خلال تقاسم الحكومة، ولكننا الآن صرنا أكثر من النصف، وبالتالي أنا لا أعتقد بأن القوى التي ضحت من أجل التغيير ستظل مكتوفة الأيدي، ولن تسمح بأن تُعاق كل مخرجات الحوار الوطني، ونعود إلى المربّع الأول، فإما أن يتكمن النظام القديم من الانقلاب أو العودة إلى المواجهات المسلحة.

لازلتُ عند فقرة الاعتراض، المؤتمر الشعبي قبل بمخرجات الحوار والقانون التزم بها، فكيف يعترض  ؟

لأن المؤتمر الشعبي بالأساس قبل بالمخرجات من قبيل التكتيك، وبالتالي القرار الفعلي له هو ألا تنفذ مخرجات الحوار الوطني، وألا يتم التغيير، وبالتالي الاعتراض هو اعتراض على مخرجات الحوار الوطني.

هل كافة أعضاء المؤتمر في الحكومة يقفون ضد مشروع القانون؟ وهل هناك من القوى الأخرى في الحكومة تعيق أو تتواطأ لإعاقة إقرار القانون؟

ليس المؤتمر بأكمله، هناك جناح هو جناح النظام القديم في المؤتمر في الشعبي العام وهم الأغلبية. هناك وزراء من المؤتمر الشعبي داعمون للقانون لكنهم - كما قلت-  أقلية، كما اعتقد أن هناك اشخاصاً من قوى أخرى، وفي الحكومة أيضاً يتواطأون مع الإعاقة، والتواطؤ قد يكون بالصمت.

في المرات السابقة التي حدث فيها خلاف حول مشروع القانون كان يتم إحالته إلى رئيس الجمهورية، وهو ما نصت عليه المبادرة الخليجية (الأشياء التي لا يتم التوافق عليها تُحال إلى رئيس الجمهورية ليتخذ بها قرار)، لماذا هذه المرة لم يتم الرفع وتم تأجيل مناقشة القانون فقط؟

الرفع إلى رئيس الجمهورية هو تخلّي الحكومة عن مسؤوليتها، وهذا التخلي لا بُد أن يكون سببه واضحاً؛ لأن هذا التخلي هو إسهام مباشر في إعاقة التحول وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وبالتالي يجب - في حالة الإحالة- تحديد الأشخاص والأطراف السياسية التي تعيق تنفيذ المخرجات المتمثلة هنا بمشروع هذا القانون، والأطراف التي تقف مع تنفيذ هذه المخرجات، بعد ذلك يتم الرفع على ضوء وضوح مواقف الأطراف والأشخاص تجاه مخرجات الحوار وتنفيذها ودعم العملية السياسية.

كان هناك اعتراض واضح في الجلسة السابقة للحكومة ولكن لم تتم إحالة مشروع القانون إلى الرئيس؟

بما أن الأمر يتعلق بالقبول بمخرجات الحوار الوطني أو عدم القبول بها، فالإحالة يجب ألاّ تتم إلا بعد أن يُجرى التصويت في الحكومة ومعرفة موقف كل شخص وأن يبيّن الطرف، الذي يعترض، أسباب اعتراضه.

بحسب التأجيل السابق، ستُعاد مناقشة القانون في الجلسة القادمة، وربما يستمر الرفض والإعاقة؟ ما هي البدائل التي ستتخذونها؟

بالتأكيد تجب مناقشة مشروع القانون في الجلسة القادمة مرّة أخرى مع قانون استرداد الأموال المنهوبة وسنواجه بنفس الموقف. البدائل المتاحة، هناك أمران؛ الأول: يجب أن يقف الطرف السياسي المعني بالتغيير أمام هذا الأمر، وأن تأتي الإحالة على ضوء مواقف محددة داخل وخارج الحكومة، وبالتالي تأتي الإحالة والأمر جلي لا لبس فيه. ما أريد في الجلسة الماضية هو الإحالة دون أن يكون معروفاً من الذي يقف مع تنفيذ مخرجات الحوار ومن الذي يقف مع الإعاقة، هذا الأمر لا  يجب أن يستمر، وإذا استمر في  الحكومة يجب على الأطراف السياسية لاسيما القوى التي مثلت الثورة أو الثوار لأنها ملزمة قانوناً وأخلاقاً أن تقف ضد كل  عملية لإعاقة  العملية السياسية أو لإعاقة التغيير.

لنفرض جدلاً أن الحكومة أقرّت المشروع، هل ستتم إحالته إلى مجلس النواب وخلافات جديدة وانتظار أكثر؟

بالتأكيد، في حال أقرّت الحكومة مشروع القانون ستتم إحالته إلى مجلس النواب، لكننا نكون كحكومة قد قُمنا بواجباتنا وحققنا ما يجب علينا القيام به، وهو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وأيضاً وفّينا بالتزاماتنا تجاه من ضحّوا بالنيابة عن الجميع، تجاه شباب الثورة، تجاه من ضحّوا منذ الستينيات من أجل التغيير، وفي مقارعة النظام التسلطي.

القانون تأخّر كثيراً من خلال ما يواجهه من اعتراضات وتباينات في المواقف تجاهه سواءً في الحكومة أو البرلمان، كيف يؤثر هذا على العملية السياسية في البلد؟

العدالة الانتقالية من مهامها توفير شروط الانتقال الديمقراطي، ومن مهامها خلق جو من الوفاق والوئام وخلق مصالحة وطنية كنتيجة للتدابير التي تُتخذ لإرضاء الضحايا وأهالي الضحايا، سواء كانوا أفراداً أو مناطق أو تيارات اجتماعية أو سياسية أو دينية. ومن مهمتها أيضاً تحقيق السلام، وبالتالي الحيلولة دون تنفيذ العدالة الانتقالية هي حيلولة دون تمكين اليمن من توفير شروط الانتقال الديمقراطي.

وبالتالي قد تكون هناك تداعيات أو مخاطر  أخرى لعرقلة هذا القانون، ما هي أبرز هذه التداعيات؟

بالتأكيد، مخاطر الإعاقة ستُوصل جزءاً من المجتمع إلى الإحباط واليأس من إمكانية التغيير السلمي، وربما يعيدونا إلى مربع ما حدث في 2011؛ لأن السبب الرئيسي لما حدث في 2011 هو وصول جزء من المجتمع إلى الإحباط من إمكانية التغيير،الأمر الثاني أنها يمكن أن تتسبب في إعاقة حل الأزمة الاقتصادية، وبالتالي تجعل استمرار هذه الأزمة وأيضاً استمرار الإحباط في إطار  المجتمع، الإحباط من التغيير السياسي، الإحباط من التغيير الاقتصادي، وبالتالي الاجتماعي، وهذا قد يعيدنا إلى المربع الأول. وهذه استراتيجية بالنسبة للنظام القديم، استراتيجية الفشل اعتمدها منذ اللحظة الأولى، فهو يستخدم كل إمكانياته بما فيها هيئات الدولة الأخرى لإفشال الحكومة، وبمقابل اللااستراتيجية للطرف الآخر، وهو القوى المعنية بالتغيير. هذا الطرف صار مخذولاً وخاذلاً لنفسه وغيره، وبالتالي هذا أمر رئيسي أخشى أن يعيد الأمر إلى الشارع، واليمن لم تعد تحتمل مزيداً من الصراعات والمواجهات عندما يصدر القانون من مجلس النواب، هذا فيما يتعلق بالضحايا، فيما يتعلق بالمنتهكين، العفو يتوقف عند يناير 2012، أي انتهاكات بعد هذا التاريخ سيسري عليها قانون الجرائم والعقوبات.

في حال تم التوافق على مشروع القانون وتم اقراره، هل سيكون للجنة صياغة الدستور دور في الإشارة إليه أو اعتباره أحد قوانين دستور البلد القادم؟

فيما يتعلق بالعلاقة مع الدستور من حيث المبدأ، هذا القانون كان يجب أن يصدر عندما صدر قانون الحصانة، وكان يجب أن يكون قانون الحصانة أو العفو جزءاً من هذا القانون وليس العكس.

وإن كان يتعارض معه؟

نحن نتعامل مع أمر قائم، وبالتالي كان يفترض أن يأتي في سياقه وليس سابقاً له. الأمر الثاني، أُلزمت الحكومة بإصدار هذا القانون طبقاً للنقاط العشرين قبل انتهاء أعمال  مؤتمر الحوار الوطني، والحكومة فقط أرجأت  الإصدار بقرار لكي تستطيع أن تستوعب مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، الأمر الثالث فيما يتعلق بالدستور، هناك مبدآن فقط يتعلقان بالعدالة، وهذان المبدآن واضحان في المخرجات: المبدأ الأول هو الحق في الحقيقة، وهذا مبدأ مُطلق لا يستوجب الانتظار حتى يصدر الدستور، أما المبدأ الثاني فهو عدم سقوط  الحق في الدعوى الجنائية أو المدنية في جرائم أو انتهاكات حقوق الإنسان، هذان المبدان فقط، ما عداهما غير متعلق بالقانون.

الدستور أيضاً إطاره ومرتكزاته تقوم على مخرجات الحوار الوطني، الدستور لن يأتي بشيء جديد في هذا الجانب طالما القانون التزم بمخرجات الحوار الوطني، بالضرورة لن يتعارض مع الدستور وإنما سيكون أكثر تفصيلاً مما سيأتي وشمولاً.

هل سيتم استيعاب القانون في القوانين القادمة؟

بالضرورة يجب استيعابه؛ لأن لجنة إعداد الدستور ملزمة بمخرجات الحوار الوطني.

في حال استمر الخلاف والرفض وتم إحالة القانون إلى رئيس الجمهورية للبت فيه، هناك تباين بين الصيغ التي تطرحها وزارة الشؤون القانونية كجهة معنية بهذا الأمر وبين ما يطرحه الرئيس، كيف سيتم حل هذا الإشكال؟ هل سيتم التعامل بنفس الطريقة السابقة حين تم دعوتك إلى الجلوس مع رئيس الجمهورية لوضع صيغة توافقية؟

حينذاك لم تكن هناك قواعد قانونية مُلزمة لكي لا يأتي القانون مخالفاً لها، أما اليوم نحن في ظل وضع جديد وهو مخرجات الحوار الوطني ورئيس الجمهورية هو المعني الأول بتنفيذها واعتقد بأن لديه من التجربة ما يكفي بأن لا يسمح بالخروج عن أي قرار من قرارات مؤتمر الحوار الوطني؛ لأن الخروج عن أي مبدأ أو أساس من أسس المخرجات يعني فتح الباب لعدم تنفيذ هذه المخرجات، وبالتالي لا اعتقد بأن رئيس الجمهورية سيتخذ أية خطوة أو إجرا ء يتصادم مع مخرجات الحوار الوطني.

بعض الملاحظات التفصيلية في مشروع القانون

ما هي المعايير والتجارب التي اعتمدتم عليها في صياغة هذا القانون؟

نحن أولاً اعتمدنا معايير حقوق الإنسان، وهي المعايير العامة لحقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بالصكوك التي تلتزم بها اليمن بدرجة أولى، وهي تكفي لتحقيق العدالة الانتقالية، وهي مبادئ عامة واردة في الإعلان العالمي في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وهي مبادئ عامة.

ثم استفدنا من التجارب التي تمت في البلدان الأخرى، وبدرجة رئيسية من تلك التجارب التي قامت على الصفح والعدل لتحقيق السلام عبر المصالحة الوطنية، وليس التجارب التي قامت على الثأر من المهزومين أو الخصوم السياسيين، وهذه التجربة الجديدة للعدالة الانتقالية بهذا الثلاثي الصفح والعدل من أجل تحقيق السلام نجحت منذ التسعينات وبالذات في أمريكا اللاتينية وبعض الدول الأفريقية كجنوب أفريقيا والبلد العربي الوحيد هي المملكة المغربية.

هل نموذج العدالة الانتقالية الذي نجح في هذه البلدان هو نفس النموذج اليمني؟

النماذج متباينة، ونحن سعينا في وضع النموذج اليمني حرصنا ألاّ يختلف في أسسه ومبادئه العامة عن النماذج الأخرى، ولكنه يختلف في التفاصيل.

هناك من يتحدث عن أن مشروع القانون الحالي حدثت فيه عملية سلخ وتشويه لمبدأ «الكشف عن الحقيقة»، إذا كان هذا صحيحاً، فكيف سيتم تحقيق العدالة في ظل غياب الحقيقة أو حقيقة مشوّهة؟

عناصر الكشف عن الحقيقة متوفرة كاملة. نحن في المشروع السابق كُنا قد تجاوزنا الاستماع للمنتهكين أو المشتبه بهم في الانتهاك ولإلزامهم بالإقرار والاعتذار، ولكن بعد أن أكدت ذلك مخرجات الحوار الوطني صار الكشف عن الحقيقة يشمل الاستماع للضحايا، الاستماع للشهود، التحقيق والعودة إلى الأرشيف، الإقرار والاعتذار من قبل المنتهكين. وبالتالي عناصر الكشف عن الحقيقة متوفرة كاملة في هذا المشروع.

ألم يتم اختزال العدالة في عملية تعويض وتخليد للذاكرة في هذا القانون؟

هناك أربعة عناصر للعدالة الانتقالية في كل البلدان التي حدثت فيها، لكن مضمونها اختلف من بلد إلى آخر.

العنصر الأول هو الكشف عن الحقيقة أو الحق في معرفة الحقيقة، وفي بلدان أخرى قد توجد بنفس هذا المستوى أو بشكل أقل منه، فعلى سبيل المثال في المغرب «القانون أو المرسوم الملكي لم يُلزم المنتهكين أو المشتبه بارتكابهم انتهاكات أن يعترفوا وأن يعتذروا»، هناك بلدان أخرى  مثل تشيلي اكتفت بالأرشيف بالدرجة الأولى والاستماع إلى الضحايا وأهاليهم. هناك بلدان أخذت بهذه العناصر مجتمعة مثل جنوب أفريقيا لم يحال أحد للمحاكمة إلا إذا رفض -وفقاً للقانون- الاعتراف والاعتذار، وكانوا هناك قلة جداً من رفضوا ذلك، وغادروا جنوب أفريقيا، وبالتالي لم تحدث محاكمة في جنوب أفريقيا.

العنصر التالي وهو العدل وفيه جانبان، جانب المساءلة وجانب جبر الضرر، بالنسبة للمساءلة ما يتعلق بالاعتراف والإقرار. الاعتذار هو مساءلة لهؤلاء الأشخاص، فيما يتعلق بالعقوبات الجنائية نحن التزمنا بما جاء في مخرجات الحوار، حيث ورد في المخرجات ثلاثة نصوص:

النص الذي يشير إلى أنه لا يجوز الإفلات من العقاب، ونص آخر حدد هذا العقاب في حالة رفض الأشخاص الخضوع لإجراءات وتدابير هيئة العدالة الانتقالية أو يعيقون عملها أو في حالة استمرار الانتهاكات. فنحن التزمنا في هذا الجانب بما ورد في مخرجات الحوار الوطني، العنصر الثالث حفظ الذاكرة الوطنية، ومضمونه متعدد ومختلف من بلد إلى آخر، ثم اتخاذ التدابير التي تمنع انتهاكات حقوق الإنسان في المستقبل، ومنها تدابير بداءنا بها قبل صدور القانون.

هل صادر القانون حق الضحايا في اللجوء إلى القضاء من خلال حصر تقديم الشكاوى إلى هيئة العدالة الانتقالية؟

 لا يوجد نص يمنعهم من اللجوء إلى القضاء والأصل في التقاضي هو أصل من أصول الدستور ولا يتطلب السماح به، ولكننا لم نحضره فهذا حق لكل مواطن نحن لم نمسّ فيه.

هناك من يقلل من شأن العدالة الانتقالية وأن المساءلة هي تصالح وتسامح وعفو ونسيان الماضي؟

العفو والصفح لا يعني نسيان الماضي؛ لأن نسيان الماضي يجعل الأجيال القادمة تكرر ما حدث من الأجيال السابقة، ومن أجدادهم وآبائهم، ولا يتخذون عبرة من ذلك، ولهذا الكشف عن الحقيقة سيوجد سجلاً وطنياً بالانتهاكات والمنتهكين، ويوجد تدابير للمستقبل. حفظ الذاكرة الوطنية هو تسجيل وتخليد لذكرى الضحايا.

التدابير المستقبلية، ومنها الإصلاح المؤسسي يجب أيضاً أن تمنع الهياكل والعناصر التي أدت وساهمت في انتهاكات حقوق الانسان وبالتالي العفو لا يعني النسيان بل يُجمع مع حفظ الذاكرة ومع حماية المستقبل.

على ذكر حظر المنتهكين لحقوق الإنسان من الترشح لشغل مناصب في الهيئات العامة، نص مشروع القانون فقط على مجلس الوزراء والبرلمان، هل تدخل الرئاسة ضمن هذا أيضاً؟

فيما يتعلق بالرئاسة هناك نصوص سيتضمنها الدستور، وهي واردة ضمن قواعد الحُكم الرشيد في مخرجات الحوار الوطني، وفيها تفصيل. وضمن هذا التفصيل ألاّ يكون المرشح للرئاسة أو رئاسة الحكومة أو البرلمان ممن يشتبه ارتكابهم انتهاكات حقوق الإنسان، ويمكن تطبيق ذلك من الآن، والدستور سيكون أشمل ودائماً، بينما العدالة الانتقالية عادة ما تكون «مرحلية وآنية».

ورد في مشروع القانون ذكر الإصلاح المؤسسي للأجهزة المسؤولة عن انتهاكات، هل تدخل الملاحقة القانونية في هذا الإصلاح؟

الإصلاح المؤسسي يقصد به إعادة هيكلة كافة الأجهزة التي يعتقد بأنها ارتكبت انتهاكات حقوق الإنسان وتغير الهيكلة التي مكنتها من ارتكاب الانتهاكات، ومنها التبعية وعدم إمكانية المساءلة والمحاسبة. الأمر الثاني إيجاد سجل للعاملين في هذه الأجهزة، ومن خلال السجل يمكن لأصحاب المصلحة أن يتقدموا إلى القضاء في حالة الترشح مثل هؤلاء للمناصب العامة أو يمكن اتخاذ إجراءات للتغيير أو الحرمان من الوظيفة العامة. في إطار ذلك السجل الذي يأتي في إطار الإصلاح المؤسسي، في إطار الإصلاح المؤسسي واضح أن هناك إجراءات قد بدأت فيما يتعلق بالأجهزة العسكرية والأمنية، لكن لا ندري كيف ستكون المخرجات لأننا كُنا قد بدأنا بالمشاركة ثم صرف النظر عن مشاركتنا؛ بمعنى تم استبعادنا. فيما يتعلق بالقوانين هناك سبعة قوانين سيتم إعادة النظر فيها، فيما يتعلق بالإصلاح المؤسسي في المجال المدني.

هل ستدخل الملاحقة القانونية في عملية الإصلاح المؤسسي؟

الملاحقة القانونية مجالها آخر، وهو المساءلة والمحاسبة، وقد أشرت أنا إلى أن المساءلة والمحاسبة قد حصرناها وفقاً للمخرجات في حالتين، في حالة إعاقة عمل الهيئة، وفي حال استمرار الانتهاكات، نظراً لوجود قانون عفو أو حصانة.

وزارة الشؤون القانونية ولجنة صياغة الدستور

مخرجات الحوار الوطني تضمّنت إجراء إصلاحات قانونية في العديد من المؤسسات، هل ستضطلع وزارة الشؤون القانونية بدور مُعين في هذه الإصلاحات؟

الوزارة عملها عمل تكاملي مع كل الوزارات مع كل المؤسسات والوزارات وهيئات الدولة الأخرى. هناك قوانين نحن قد نبادر ونرى أنها ذات أهمية خاصة، ونضع لها مشاريع، لكن الأصل أننا نقوم بعملية مراجعة وصياغة نهائية لمشاريع القوانين أو التشريعات الأخرى كاللوائح وغيرها التي تقوم بإعدادها، الجهات المعنية الأخرى. نحن قد نشارك ابتداءً من خلال فريق فني مشترك مع هذه الوزارة أو تلك أو نتلقى مشروعاً ثم نقوم بمناقشته مع هذه الجهات، وبالتالي مراجعته وصياغته واتخاذ الإجراءات اللاحقة لإصداره من مجلس النواب..

ما هي أبرز التعديلات القانونية التي ستحدث قريباَ في إطار هذه الإصلاحات القانونية؟

حالياً يجري العمل على مجموعة تعديلات يتطلبها الانتقال إلى الدولة الجديدة، ولكن لن يجري إعدادها إلا بعد الاستفتاء على الدستور، منها قانون الانتخابات، وقانون الأقاليم من حيث الصلاحيات والعلاقة إلى آخره، والقوانين الخاصة بالمؤسسات الرئيسية للدولة الاتحادية كالخدمة المدنية والقضاء والجيش والأمن وغيرها. وبالتالي هناك جزء من هذه القوانين يجري العمل عليها الآن، لكن لن يتم إصدارها إلا بعد أن يصدر الدستور، لأنها مرتبطة بصورة كلية بالدستور، بعد صدور الدستور كل المنظومة التشريعية ستتطلب تغييراً دونما استثناء، وهذه عملية ستأخذ سنوات، القوانين التي تتطلبها العملية الانتخابية والانتقال إلى شكل الدولة الجديدة هذه قوانين سيتم مباشرة التصدّي لها بعد صدور الدستور.

من خلال هذه المهمّة التي ستقومون بها، هل  سيوجد هذا تداخلاً بين مهمتكم وعمل لجنة صياغة الدستور؟

قرار رئيس الجمهورية أعطى صلاحية للجنة صياغة الدستور بإعداد بعض القوانين؛ منها قانون الانتخابات وقانون الأقاليم، ولكن هذا الأمر أنا لا أدرى ما هو مردّه، لا يوجد له أساس لا  في المخرجات ولا في الدستور، وهذه لجنة مهمتها إعداد الدستور ليس أكثر، وهي لجنة فنية وليس لديها صلاحية في أن تقدّم مشاريع قوانين، ولا أتوقع أن الدستور القادم سيعطي مثل هذه المهمّة للجنة إعداد الدستور؛ لأنها لجنة مؤقتة، سنرى. نحن لن ندخل في منازعة اختصاصات، لكنّي أعتقد بأن هذا اختصاص في غير مكانه.

أهمية القانون وموقف المجتمع الدولي منه

ما أهمية هذا القانون في إنجاح العملية الانتقال السياسي في اليمن؟

العدالة الانتقالية هي نتاج عصري أتى لكي يحقق السلام في البلدان التي تمر بمرحلة انتقال من الديكتاتوريات أو الأنظمة  التسلطية إلى النظام الديمقراطي أو من الحروب والصراعات السياسية التي حدثت فيها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، هذه العملية توفر جزءاً رئيسياً وهاماً من المصالحة الوطنية، المصالحة السياسية هي الأساس التي يجري فيها الاتفاق على المستقبل من حيث النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لكن من حيث المصالحة المجتمعية وإرضاء المجتمع والفرد والأسرة فهذه تحققها العدالة الانتقالية، ولهذا المصالحة السياسية دون المصالحة المجتمعية لا تحقق الغاية المقصودة، وهي تحقيق السلام؛ لأن السلام يتطلب قبولاً ورضا من الجزء الأساسي والرئيسي في المجتمع، ولاسيما ذلك الجزء الذي تعرّضت حقوقه للانتهاكات.

ما هو دور المجتمع الدولي في قانون دعم العدالة الانتقالية في اليمن؟

إعاقة إصدار القانون فوّتت على اليمن فرصة ثمينة لدعم العدالة الانتقالية، كان هناك حماس شديد من المجتمع الدولي لدعم العدالة الانتقالية في 2012، لايزال هناك حماس لكن ليس بنفس ذلك القدر الذي كان عليه في 2012. فيما يتعلق بالموقف من العدالة الانتقالية، قُدمت لنا آراء ومشورات من قبل جهات الأمم المتحدة من بينها مكتب الأمم المتحدة الخاص باليمن، المفوضية السامية لحقوق الانسان، منظمة اليونيسف والجهاز الخاص بحماية حقوق المرأة وعدد من المنظمات في الأمم المتحدة قُدمت لنا مشورات وآراء حول المشروع، وفي كل مسودة كانوا يقدمون لنا مقترحات وآراء...

لكن ما هو موقف المجتمع الدولي من قانون العدالة الانتقالية بصيغته الحالية، هل توجد لديه ملاحظات عليه؟

بالنسبة لموقف المجتمع الدولي هو داعم للعدالة الانتقالية، وذلك واضح من خلال قرارات مجلس الأمن.  فالقرار 2051 لعام 2013 أكد على إلزام اليمن بسرعة إصدار قانون العدالة الانتقالية، آخر قرار هو 2140 الصادر في 2014 ألزم اليمن بسرعة إصدار هذا القانون، وعدم إضاعة المزيد من الوقت. هذا يعني أن المجتمع الدولي يدرك أن السلام في اليمن لا يمكن أن يتحقق دون إرضاء الضحايا وإزالة آثار الماضي من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، سواء كانت بسبب الحروب والصراعات السياسية، وهناك قبول واضح بالقانون بصيغته الحالية..

أخيراً، أود أن أختم هذا اللقاء معك بسؤال: أين وصلتم في قانون استراد الأموال المنهوبة؟

تم الوقوف أمامه قبل حوالي شهر، وجرى الموافقة عليه، ولكن طلب بعض الوزراء من رئيس الوزراء أن يعيد القانون إلى اللجنة الوزارية المُشكلة للقانون، لكي تصيغ الملاحظات المطروحة عليه وأعيد من جديد إلى اللجنة، ولكن اللجنة لم تتلقّ إلى الآن أية ملاحظات عليه، وبالتالي فقط اللجنة صاغت  الملاحظات التي طرحت اثناء الجلسة. واعتقد أن عدم تقديم الملاحظات عليه هو بسبب الرغبة في الرفض المبدئي للقانون، وهو مطروح على جدول الأعمال، وكان يفترض أن يُناقش في الجلسة السابقة. والآن يفترض أن يُناقش  في الجلسة القادمة، لكني اعتقد بأن ذات الجهة لها نفس الموقف من العدالة الانتقالية؛ لأن مخرجات الحوار الوطني نصت  على هذه التدابير والإجراءات فيما محاور مختلفة -فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية- نصت على أن يُدرج استرداد الأموال المنهوبة الخاصة في العدالة الانتقالية، ونصت على أن الأموال العامة ستُشكل هيئة خاصة لاستردادها، وبالتالي هذا جزء من العدالة الانتقالية، فإنه سيلقى نفس الرفض من النظام القديم ومن يمثله في  أجهزة الدولة، وجل أجهزة الدولة لازالت مُوالية للنظام القديم أو مخالباً له.

قراءة 2882 مرات

من أحدث