نائب الامين العام: التعثر في استعادة الدولة بسبب عدم وجود إستراتيجية موحدة تعمل من إجل إنهاء الإنقلاب مميز

  • حوار- عبدالعزيز المجيدي
  • الاشتراكي نت / الحرف 28

الأربعاء, 22 آب/أغسطس 2018 22:34
قيم الموضوع
(1 تصويت)


أكد الدكتور محمد المخلافي نائب الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني ان التعثر الجاري في استعادة الدولة وانهاء الحرب بسبب عدم وجود إستراتيجية موحدة لكل الأطراف التي تعمل من إجل إنهاء الإنقلاب وإنهاء الحرب وإستعادة شرعية الدولة.

واوضح  في حوار مع موقع  "الحرف 28"  أنه بالإمكان حسم هذه المسألة بشيء من التنظيم، ولكن وفق إستراتيجية مدروسة واضحة ليس عسكرية فقط وإنما سياسية، وأن تكون الجبهة واحدة وموحدة إعلامياً وعسكرياً وسياسياً

وقال وزير الشؤون القانونية السابق ان عدم استعادة الدولة بسبب عدم وجود جبهة موحدة وعدم وجود استراتيجية وعدم وجود جيش حقيقي للشرعية، وإنما جماعات تحصل على دعم وتمويل من هنا وهناك،  وبعضها يحارب بالوكالة عن دول في التحالف. نحن لا نزال نتمسك بأن ماجرى ويجري الى الآن ليس سليماً ولا  صحيحاً

وطالب نائب الامين العام بإنهاء وجود المليشيات أو الجماعات مسلحة وإن كانت في إطار المقاومة، وتحويلها الى جيش وطني يكون تسليحه ودفع رواتبه عبر الحكومة فقط .

ودعا الشرعية والتحالف الداعم لها، لإنهاء حالة القطيعة مع العملية السياسية ومع الأطراف السياسية وأن يعيدوا للسياسة إعتبارها وللأحزاب والقوى السياسية مكانتها، للعب دورها وأن تكون شريكة في القرار بما في ذلك أن تكون شريكة في المفاوضات المتعلقة بالمسار السياسي.

الاشتراكي نت يعيد نشر نص الحوار نظرا لاهميته


* الطريقة التي تدار بها الحرب منذ أكثر من 3 سنوات، هل ترى أنها ستحقق ما يعلنه التحالف العربي من أهداف ؟

- نعتقد أن التعثر الجاري سببه عدم وجود استراتيجية سياسية وعسكرية. الحقيقة الآن الجيش والمقاومة، الذي تمتلكه الشرعية هو أكبر بكثير من إحتياج المعارك والجبهات ..
* مقاطعاً : تقصد على مستوى الأفراد ؟

-  نعم على مستوى الأفراد، وعلى مستوى السلاح، أعتقد أيضاً أن مصادر السلاح متوفرة لهذا الأمر، ولكن غياب الإستراتيجية هي السبب الرئيسي.

أعتقد أنه بالإمكان حسم هذه المسألة بشيء من التنظيم، ولكن وفق إستراتيجية مدروسة واضحة ليس عسكرية فقط وإنما سياسية، وأن تكون الجبهة واحدة وموحدة إعلامياً وعسكرياً وسياسياً. الجبهة ليست موحدة . طرف الشرعية ليس نسقاً موحداً ولسنا طرفاً واحداً في السراء والضراء.. نحن لازلنا نطالب بأن تمثل الأحزاب السياسية ( في المفاوضات ) وتمثيلها يجب أن يكون على أساس واضح، وأن يجري التعامل معها على قدم المساواة دون تمييز من قبل الحكومة.

* هذا سيفتح الباب أيضاً لبعض الأطراف التي تطالب بتمثيل، لدينا المجلس الإنتقالي الجنوبي، هو أيضاً يطالب بتمثيل؟

 - إذاً الحل على الشرعية والتحالف الداعم لها، إنهاء حالة القطيعة مع العملية السياسية ومع الأطراف السياسية وأن يعيدوا للسياسة إعتبارها وللأحزاب والقوى السياسية مكانتها، للعب دورها وأن تكون شريكة في القرار بما في ذلك أن تكون شريكة في المفاوضات المتعلقة بالمسار السياسي.

* أنت قلت في مقابلة سابقة إن التحالف عملياً يقوم بدعم كيانات خارج سيطرة الشرعية، بينما التحالف يتحدث عن مسألة إستعادة الشرعية اليمنية، وهو يقاتل منذ 3 سنوات ونصف من أجل هذا الهدف. في المقابل تتشكل سلطات جماعات مسلحة في مناطق كثيرة من البلاد، وهناك حديث كثير عن أن هذا الشكل من الأداء والسلوك ساهم بانتشار الجماعات الإرهابية، وبعض الجماعات الإرهابية ربما باتت اليوم تحصل على السلاح من خلال مصادر التحالف، إلى أين ستفضي هذه اللُعبة بالبلاد؟

-طبعاً ،الفعل بحد ذاته، خطأً مبدئياً وجوهرياً أن يجري التعامل المباشر مع جماعات مسلحة أياً كانت. الأصل أن يجري التعامل مع حكومة معترف بها شرعياً وبالتالي من خلالها يجري التعامل مع القوات المسلحة التي يجب أن تضم كل هذه الجماعات.

هذه الحالة القائمة هي جزء من الإشكالية التي تعيق إنهاء الحرب. في ذات الوقت هي تخلق مناخ  ملائم لوجود عناصر للتنظيمات الإرهابية، سواء كانت القاعدة أوداعش أو أنصارالشريعة وغيرها. ومن ثم هناك حالة خطرة إذا لم يجر تصحيحها حتى لو إنتهت الحرب الشاملة، ستتحول الى حروب صغيرة سواء من قبل الجماعات المسلحة التي تعمل الآن مع الحوثي، أومن قبل الجماعات المسلحة المنفلتة والتنظيمات الإرهابية التي تهدف أساساً الى عدم قيام الدولة أوعودتها في اليمن.

*المشكلة الآن، التحالف نفسه يصنف أفراداً وجماعات بإعتبارهم جماعات إرهابية وبنفس الوقت يقوم بتسليح هذه الجماعات، كيف نفهم هذا الأمر؟

- كما قلت غياب الإستراتيجية هو يؤدي الى فعل الشيء  ونقيضه، وقول الشيئ ونقيضه، فالحل أن توجد إستراتيجية.

*اليس ذلك دليلاً على وجود إستراتيجية أخرى؟

- لا أعتقد أن الأمر كذلك، أعتقد أنه ليس هناك إستراتيجية موحدة لكل الأطراف التي تعمل من إجل إنهاء الإنقلاب وإنهاء الحرب وإستعادة شرعية الدولة.

*الثابت أن تعز خزان الوجدان الوطني ومعقل الحركة السياسية الوطنية في البلد، وهي تدفع  الثمن والكلفة الأكبر في الحرب الدائرة، لكنها تحظى بتعامل خاص في إطار الحرب كما لو كان هناك قراراً بمنع تحريرها، كما يقول البعض، رغم أن الأمر متاح وممكن  ما هي قراءتك للحالة التعزية في إطار الحرب، ولماذا  تأخر الحسم هناك؟

- أولاً: هناك إشكالية داخلية في تعز، يجب أن نعترف بها، وأطرافها بعض الأحزاب السياسية وبعض القوى المدعومة من التحالف العربي، هذا الأمر ربما يحتل الأولوية الأولى لايجاد الحل له. ونحن في الحزب الاشتراكي، أجرينا مؤخرا تواصل مع قيادات التجمع اليمني للإصلاح لإنهاء حالة الإنقسام الموجودة في تعز، وتمكين السلطات المحلية من ممارسة هذه السلطة وهذا يتطلب..

*مقاطعا : الموقف من تعز ليس وليد اللحظة، اذا كنا نتحدث عن  إنقسام جرى ربما مؤخراً، لكن نحن  نتحدث عن محافظة  تتعرض لتنكيل الحرب منذ قرابة 4 سنوات؟

- نعم نعم، سآتي الى الموضوع التالي الذي ترمي اليه.

أعتقد أننا اذا استطعنا استعادة نشاط الأحزاب والقوى السياسية والوحدة الداخلية في تعز، فهذا  أساس أولي وسيجعل القوى السياسة قادرة على مخاطبة الآخرين بما في ذلك الحكومة والتحالف.

هناك أمر ليس مفهوم لدي. الحقيقة لمسنا عدم الاهتمام بتعز منذ بداية الحرب، من حيث الدعم ومن حيث أيضاً توحيد قواها.

عدم توحد قواها في تعز، لايعني فقط أنه عامل داخلي بحت، أيضاً هناك تغذية خارجية ( للانقسامات ).

السبب .. أنا شخصيا  لا أستطيع تحديد السبب ..(يضحك)..

ربما السبب يعود بالدرجة الأولى إلى نظرة التحالف إلى هذه  المنطقة، إلى دورها في تحرير اليمن من عصابة المحاربين (الانقلابيين).

لأن تعز هي بالأساس، أول من بدأ بكسر مشروع إستعادة النظام القديم والبائد. هي من تصدت لهذه العملية إبتداءً قبل أن تصل المليشيا الى الجنوب. تعز أيضا بثقلها السكاني، عدم نجاح مشروع استعادة النظام القديم في اليمن، يجعل هذا المشروع من الناحية السياسية والمعنوية، مهزوم، وكان بالإمكان أن تكون الخطوة الأولى هي تحرير تعز، لكن يصعب علي أن أقول  لماذا هذا التلكوء فيما مايتعلق بتحرير تعز؟

وهنا أستطيع أن اضع أحتمال رئيس أو سبب رئيس ، هو أن تعز كانت السباقة الى الثورة من أجل التغيير وطرح إقامة الدولة المدنية كجوهر للتغيير، وأعلنت الرفض المطلق لتوريث الحكم، ولعل هذا السبب قد أوجد مصلحة مشتركة لدى القوى المختلفة، لانهاك أبناء تعز وإخضاعهم لعقوبات قاسية تجعلهم يتخلون عن المشروع الوطني في التغيير وإقامة الدولة المدنية، لكن مرور أكثر من أربع سنوات، يكفي لإثبات أن تعز لن تتخلى عن مشروعها.

ولو تمكنا من توحيد قوانا السياسية كأحزاب سياسية، ربما سيجعل هذا علاقتنا أيسرفي التعامل مع الشرعية ومع التحالف العربي الداعم.

* لكن  يادكتور: عملياً كان هناك محافظات ومناطق قواها غير موحدة وتعاني من انقسامات تأخذ صيغ مختلفة سواءً سياسية أو قبلية أومناطقية، مع ذلك  قرر التحالف حسمها وألقى بكل ثقله لتحريرها دون الألتفات لهذي الانقسامات؟

- نعم ربما عامل الحساسية من هذه المناطق لم يكن موجوداً.

انا أشرت، وأوكد، بأنه من الواضح أن تعز لم تعط أولوية من قبل الداعمين (التحالف ) لماذا ؟  لا أدري.. لا أدري على وجه اليقين لكني أتوقع السبب السابق الذي ذكرته.

وربما نجد إجابة على هذا السؤال، لو استطعنا أن نوحد قوانا كأحزاب سياسية وصرنا نتعامل كطرف واحد مع الداعمين للشرعية، ربما نعرف إجابة على هذا السؤال، وربما نساعد للإجابة عليه اذا لم يكن هناك إجابة ..

* هل ترى أن هناك حالة من الإستقطاب تقوم بها بعض دول التحالف مثلاً، أسهمت بتأجيج الوضع داخل المدينة ومفاقمة معاناة المحافظة؟

-الحقيقة هناك بعض القوى اليمنية المتواجدة على الأراضي اليمنية، ليس في تعز وإنما في أماكن مختلفة ومتعددة، صارت تعمل بالوكالة عن بعض دول التحالف، وهذا ليس مفيدا لا لليمن ولا مفيداً للتحالف.

وتعز ليست استثناءً من هذا. ونحن نؤكد وندعو بإستمرار بأن يجري تجاوز هذا الأمر، لأنه في النهاية، سيؤدي الى تفكيك اليمن. وتفكيك اليمن هو مشروع إيراني، لا يخدم اليمنيين ولا يخدم جيران اليمن ولا يخدم أشقاءنا في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي العالم العربي. فنحن ندعوهم بإستمرار أن يتجنبوا مثل هذه المزالق، التي تحقق المشروع الإيراني.

لأن إيران في النهاية، لا يهمها أن توجد دولة حليفة لها بقدر ما يهمها، أن تكون اليمن بؤرة لحروب مستمرة تقلق المنطقة باستمرار وتستخدمها ورقة للمساومة في صراعها مع الغرب.

*مؤخراً كتبتَ عن تفكيك الهوية اليمنية، وتحدثت عن وجود مشروعين: مشروع مليشيا الحوثي في الشمال التي تعمل كذراع لإيران ،المشروع الطائفي الهادف الى إغراق المنطقة في حالة من الإنقسامات الطائفية والتفكيك والإستنزاف، وهناك مشروع تدعمه بعض دول التحالف في الجنوب وهو يعيد سلخ الجنوب حتى من هويته اليمنية، وإعادته الى ماقبل جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وماقبل الإستقلال من الإستعمار البريطاني. في الحالة الحوثية الأمر مفهوم ، لأنه يمثل بحد ذاته هدف لإيران لزعزعة أمن المنطقة . إذا كان الطرف الأول في الشمال يخدم إيران، فمن يخدم الطرف الثاني في الجنوب؟

- الحوثي مشروعه واضح، يتمثل بتنفيذ المشروع الإيراني للتفكيك  ومعه المشروع الصغير للحوثي – استعادة الحكم الكهنوتي، الطرف الثاني ربما أن دافعه الأول في الحديث عن أستعادة أمجاد الجنوب العربي، يأتي لخدمة قوى محلية ماضوية، وهم السلاطين والشيوخ الذين كانوا يتقاسمون أراضي الجنوب اليمني. هذا الإتجاه يدعو بوضوح لإستعادة الجنوب العربي. إتحاد الجنوب العربي كان جزءً من الجنوب، وليس كل الجنوب، ومقسم إلى سلطنات ومشيخات تزيد عن 22 مشيخة وسلطنة. حتى عندما وجد مجلس تشريعي لهذا الإتحاد، أُنتخب فقط في عدن، وبقية المناطق، السلاطين هم من عينوا أعضاء هذا المجلس التشريعي. هذا المجلس التشريعي، أوالحكومة لم تدم أكثر من عام واحد من الناحية الفعلية، وكان المندوب البريطاني وقتها  يدير مايسمى بالمحميات الغربية، إتحاد الجنوب العربي . فهذا ،بدرجة أساسية، أعتقد أنه يقف خلفه ورثة  السلاطين والشيوخ. هؤلاء يعيشون في بلدان عربية مختلفة، ربما لهم تأثيراتهم في هذه البلدان ويجري التعاطف معهم، ولكنه تعاطف ليس في محله، لأنهم يخاطرون بوحدة البلاد، وسيفككونها الى كنتونات ليس بإمكانها أن تدوم وتبقى.

*هذا المشروع  يتلقى دعم مباشر من دولة قوية طرف في التحالف، من يخدم هذا إذا كان التحالف العربي يقول إنه يواجه مشروع ضرب أمن المنطقة، وفي الوقت نفسه التحالف يسند مشروع موازي يبدو كما لوكان مكملاً أيضاً للمشروع الإيراني؟

- وأنا أؤكد بأن هناك خطأ في التعامل مع هذه المسألة وعدم إدراك بأن هذا يخدم المشروع الإيراني، وفي كل الأحوال، فإن القوى التي تسعى الى تفكيك اليمن بشقيها هي قوى ماضوية، تسعى لإرجاء الأوضاع الى ما كانت عليه قبل ثورتي سبتمبر واكتوبر .

* مقاطعاً.. هم عملياً يخدمون المشروع الإيراني؟

 - نعم هم يخدمون المشروع الإيراني، لأن التفكيك سوف يؤدي الى حروب مستمرة في اليمن، وهذا هو المطلب الإيراني، وهذا يتعارض جوهرياً مع هدف دعم الشرعية واستعادتها حتى من الناحية القانونية هذا الأمر يضعنا جميعا حكومة وأحزاباً و دول التحالف في حرج، ويتعارض جوهرياً مع التخويل الذي أعطي لدول التحالف، وبموجبه أُجيز تدخلها في اليمن ودعمها للشرعية، وهو استعادة الشرعية وعودة الدولة الى اليمن.

أنا أعتبر أن سبب هذا الوضع سوء تقدير يرافقه خطأ ذهني، لم يجري التمحص والتدقيق في الأمر، لم يجري التمعن فيه، ونأمل أن هذا ينتهي، لكن من أجل ينتهي نحن بحاجة لأن توجد إستراتيجية موحدة لسلطة الشرعية اليمنية والتحالف العربي والأحزاب السياسية .

*من المعقول أن يكون مثل هذا الأمر الذي يتم منذ سنوات، عبارة عن خطأ ذهني أم أنه شكل ممنهج ومخطط ومدروس؟

- أنا أتمنى أن يكون خطأً ذهنياً !

حروب أطماع النفط وصراع الموانئ  أين تقع اليمن في الخريطة

*تابعت لك مقابلة تلفزيونية في 2013 وكنت تتحدث عن جزء من الملفات التي واجهتم خلالها مشكلة كبيرة تخص ملفات وزارة النقل متصلة بإستعادة ميناء عدن من شركة دبي والتصرف بأراضي الموانئ البحرية والمطارات .. وقبل أسابيع كان هناك دراسة لمؤسسة المعهد العربي للبحوث والسياسات " نواة" تحدثت عن دور الفساد متعدد الجنسيات في إشعال الحرب في اليمن، وتحدثت عن ملابسات متعلقة بأدوار شركات نفطية وأيضا أطماع دول مجاورة في الثروة النفطية وأطماع بموانئ ومواقع إستراتيجة في البلد. هل يمكن أن يكون هناك علاقة بين الترتيب الذي تم أصلاً في البداية، من خلال دعم  صالح والحوثيين للقيام بالإنقلاب ومن ثم  العودة لمواجهتهم وإشعال هذه الحرب في اليمن؟

-بالطبع، ربما تغذية وتشجيع الحرب يكون لها مصادر متعددة. لكن يجب أن نركز على المصدر الرئيسي، وهو مسعى تفكيك اليمن. المصدر الرئيسي هي إيران، والقضية الرئيسية الحالية هي إستعادة الدولة وإستعادة أراضي الدولة من مَن استولوا عليها كجماعات إنقلابية. موضوع الموانئ والشواطئ والمطارات، بالتأكيد اليمن شواطئها وموانئها ربما تغري الكثير ولكن هذه مسألة جزئية. نحن في 2013 نجحنا في إستعادة موانئ عدن.وتم استعادتها بتسوية ودية وقامت بالتسوية لجنة وزارية توليت رئاستها، وكان إنجاز هذه المهمة من الأسباب التي جعلتني مستهدفاً بحملات النظام القديم  ولو تتذكر الحملات الكبيرة ضدي بهذا الشأن (يضحك) كان  سببها إستعادة ميناء عدن وإلغاء العقود.

ولكن هذا كان عقد تجاري، كانت الجهات الحكومية اليمنية والإماراتية ضامنة، لكنه كان عقد تجاري مع شركة موانئ دبي.

* هذه الدراسة تقول أن جزء من أسباب مشاركة الإمارات في الحرب، كان دافعها الرئيسي إستعادة السيطرة على الميناء؟

-هذا تفسير أنا لا أستطيع أن أقوله. لكن نحن بطريقة ودية أستعدناه، وبإتفاق ودي، بعد أن ألغينا ،الحقيقة، العقود التي كانت أبرمت لـ 25 سنة. نحن ألغيناها من طرف واحد ولجأنا الى التحكيم. فقبلت موانئ دبي بالتسوية الودية بدلاً من الحل عبر التحكيم، وأنا لا أستطيع أن أقول شيئ آخر. لكن في ذات الوقت كان هناك مساعي لشراء أراضي واسعة في مناطق الموانئ والسواحل اليمنية، من تجار يمنيين ومن تجار عرب من الخليج.

*هل كانوا هؤلاء التجار يمثلون أذرع لدول؟

-لا أعرف.. لكن كان منهم من هو قادم من عمان ومنهم من هو قادم من الإمارات ومنهم من هو قادم من السعودية وقطر.. نحن حينها اتخذنا تدابير: منعنا التصرف في أي أراضي تقع في الموانئ اليمنية، سواءً كانت في البحر العربي أو البحر الأحمر، جميعها. وشكلنا فريقاً من وزارة الشؤون القانونية ووزارة النقل، للنزول لحصر أراضي الموانئ وحرمها ومحيطها، لكي نتخذ تدابير لإستعادة الأراضي التي جرى بيعها، وجمدنا البناء في هذه المناطق.

الإجراء الثاني: إستحداث محافظة سقطرى. أو بالأصح تشكيل محافظة سقطرى، وأصدرنا قراراً أيضا ً يمنع بيع الأراضي في سقطرى. هذه الظاهرة كانت موجودة من 2013، هل كان وراءها موقف أو طموحات سياسية؟ ربما تكون استثمارات، وربما لا تكون العوامل السياسية بعيدة. لكن نحن أوقفنا يومئذ استغلال حالة انشغال اليمنيين بالإنتقال السياسي، وإستيلاء رجال أعمال يمنيين وعرب على أراضي الشواطئ والموانئ البحرية والجوية.

*لنكن صريحين أكثر، ليس فقط مسألة إيران . إيران كان تدخلها بالتأكيد حاضراً وهي  أستفادت من مجموعة تناقضات وسياسات في المنطقة وأستطاعت في الأخير أن تحوز اليمن كمكسب، دون خسائركثيرة. لكن الكثير من المعلومات التي تكشفت لاحقاً، أكدت بأن عملية الإنقلاب التي تم تدبيرها لمصلحة صالح والحوثي، تم تمويلها أصلا من دولتين خليجتيين، هما الآن على رأس التحالف العربي، هل بالامكان الرهان على نفس الدول التي أوقعتنا في فخ الإنقلاب والحرب، لإنقاذنا من الحرب؟

-  ليس لدينا معلومات مؤكدة بهذا الخصوص لكي نؤكد أو ننفي.

* هذه معلومات مؤكدة ..

- معلومات منشورة؟

*نعم معلومات نشرت وهناك تصريحات لضابط سعودي إسمه أنور عشقي أكد أن أموالاً دفعت للحوثيين وكان هناك تفاهمات سعودية إماراتية أيضاً..

أولاً : نحن لا نستطيع أن نبني مواقف على تقارير أو أخبار تنشر في وسائل إعلامية. نحن ليس لدينا معرفة من مصادر موثوقة بأن دول حليفة الآن للشرعية كانت داعمة للإنقلاب..

*مقاطعاً : لكن أنت نفسك  قلت في مقابلة تلفزيونية، أن الإنقلاب في اليمن له علاقة بالثورة المضادة، من أجل إعادة السيطرة على اليمن والإستحواذ عليها وتفكيكها؟

-أنا قلت حينها وأذكر ذلك، أن الإنتقال السياسي في اليمن خُذل . خُذل من دول الجوار وخُذل من الدول التي يفترض أن تدعم الإنتقال الديمقراطي. وقلتُ أنه خذل بدرجة أساسية فيما يتعلق بالجانب الإقتصادي. كنا بحاجة الى9 مليارات دولار، لكي ننعش الإقتصاد في البلاد وسيتغير وجهها، ولم نستطع أن نحصل على شيئ عدا الوديعة التي قدمتها المملكة العربية السعودية..

* مقاطعا: تحدثت أيضاً عن قوى إقليمية ..

- أنا تحدثت من هذه الناحية بما يخص مجلس التعاون. فيما يخص تفكيك اليمن، لكن هذا لايعني أن الصراع الإقليمي ليس من أسباب الثورة المضادة والحرب ،والاستهداف ليس لليمن وحده ، بل وللعالم العربي ودول الخليج على وجه الخصوص. ماهو ظاهر لي أن إيران هي التي تسعى الى هذا، ولكن هناك بعض الممارسات التي تصدر عن بعض دول الخليج هي تحقق تفكيك اليمن. وأنا آمل ومازلت آمل، أن لا تكون مقصودة وإنما سوء تقدير.

هناك نقطة أود الحديث عنها في هذا المقام: عندما حصل خلاف بين بعض الأحزاب السياسية و الإمارات. نحن تحدثنا بأن خروج أي دولة من دول التحالف حالياً ولاسيما الداعم المباشر للحكومة وللجيش مثل الإمارات، خطأ إستراتيجي، لأننا  لن نصير في مأمن إلا عندما نستطيع أن نستعيد الدولة، ونستطيع أن نستعيد سيادتها..

* لكن ممارسات دولة الإمارات بلغت مستوى أنها منعت رئيس الجمهورية من الهبوط في مطار عدن، وتصرفت بطريقة عدائية أدت الى قصف قوات تابعة للرئاسة.. المطالب، كانت تتحدث عن مجموعة ممارسات مطلوب أيضا تهذيب هذه الممارسات وردعها؟

-أستاذ عبدالعزيز : أنا ألاحظ مجموعة من الإعلاميين اليمنيين موجودين في اليمن وخارج اليمن، يتحدثون عن نوع من المحورة: قطر ضد الإمارات أو مع الإمارات ضد قطر، ومثل هذه المواقف لا تضر ولا تنفع الدولتين المتصارعتين، ولكنها تقلل من إعتبارنا كأصحاب قضية، ويفترض أن ما يهمنا  نحن أن اليمن الآن في مأزق، دولتها منهوبة، جرى الإستيلاء عليها، نريد أن نستعيد هذه الدولة، والأخطاء التي تحصل من هذه الدولة الداعمة أو تلك، يجب أن نناقشها من منظور مصلحة اليمن وليس من منظور الدفاع عن السياسة القطرية او الإماراتية . نحن في الوقت الحاضر بحاجة الى دعم مجلس التعاون والدعم هو يأتي مباشرة  من السعودية والإمارات. نحن لا نستطيع الآن أن نؤمن حتى مناطقنا المحررة إلا بدعم منهم..

* أنتم كحزب إشتراكي كنتم أول من بادر في بيان في أكتوبر 2017 بالمطالبة بعلاقات متكافئة وندية مع التحالف ..

- مقاطعا: بالضبط.. بالضبط

* هذا المطلب جاء إنطلاقاً من شعور الحزب بأن هناك شكل من أشكال التبعية اليمنية والهيمنة للتحالف، أليس كذلك؟

-نعم، ونحن  لازلنا نكرر هذا المطلب. يجب أن تكون العلاقة بين التحالف والشرعية اليمنية ممثلة بحكومتها وبأحزابها السياسية، علاقة ندية وأن يكون هناك شراكة في أي قرار يتخذ ومن المعيب أن يتخذ قرار بعيداً عن مشاركة القوى اليمنية سواء كانت حكومة أو أحزاب سياسية. نحن ندعو الى هذا التعاون من أجل إنهاء انتهاك السيادة اليمنية وليس العكس. لكننا نحن لا ندعو الى تفكيك التحالف العربي، لأن تفكيك التحالف العربي هو مطلب إيراني، وتفكيكه يعني تفكيك اليمن وتركه لمصير مجهول.

* مقاطعاً:لا أحد يطالب بتفكيك التحالف، الناس يطالبون منذ البداية بضبط علاقة التحالف ووضع حدود لممارسات التحالف في علاقته مع السلطة الشرعية..

- مقاطعاً .. هذا الامر لا نختلف فيه.

*لماذا إذا عندما يتم المطالبة بهذا الأمر، مباشرة يتم دفع الآخرين باتجاه قطر وإلقاء قطر في المسألة.. الذي يدير المشهد في اليمن عملياً هو التحالف العربي، وليس قطر .. قطر ربما تحاول أن تعبث بشكل أو بآخر، لكن التحالف هو من يدير كل شيء؟

- مقاطعاً..أستاذ عبدالعزيز: أنا أقول لك طريقة الخطاب والإستعداء المطلق للتحالف، والدعوة الى مغادرته اليمن، لا يخدم اليمن في هذه الظروف.

*إذا كان هذا التحالف بسياساته قد يؤدي الى مخاطر أكبر على البلد، ما المانع بأن يتم طلب مغادرة الطرف الذي يقوم بالتسبب بإشكاليات ومخاطر كبيرة للبلد؟

-  أصلاً نحن حالياً لا زلنا نسعى، حكومة وأحزاب، لاستعادة الدولة بدعم هذا التحالف. نحن لم نصل الى مرحلة أننا غادرنا هذا الموقع. والمغادرة الى أين.. بدون الداعمين، ستكون بالتأكيد الى الإنقلاب ،أي الى المجهول والحرب التي لا نهاية لها بعد أن يترك اليمن وشأنه وتصير الحرب اليمنية حرب منسية.

*مع بداية الحرب بدا الحزب الإشتراكي كما لو كان مرتبكا في التعامل مع الأحداث..في البدء طالب بوقف الحرب؛ ووقف التمدد الحوثي ووقف التحالف للضربات الجوية... ,لاحقا التحق بالشرعية واصبح جزء كبير من القيادات في السعودية.. ماتفسيرك لهذا التحول خلال تلك المرحلة،  وهل تعتقد انه كان  موقفا متعقلا بالنظر الى ماحدث لاحقا في الحرب أم انه كان مرتبكا ولديه سوء تقدير للوضع ؟

-  هناك قراءات في الغالب  مغرضة  لموقف الاشتراكي . كنا من الوهلة الأولى في الحزب، نعتبر إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني والخروج بوثيقة  الحوار والتي جوهرها وأساسها الدولة المدنية، بأنها تحقق  مشروعنا أصلاً، وبالتالي أي عمل إنقلابي ضد هذا المشروع، نحن أيضاً نعتبره موجه، ليس ضد اليمن ونحن جزء منها، وإنما موجه ضد مشروعنا كحزب، وبالتالي ليس بالإمكان أن يكون الحزب مع  إنقلاب على مخرجات الحوار والوطني وعلى العملية السياسية ومنع الإنتقال الديمقراطي. والحقيقة لم يصدرأي شيئ يدل على هذا. هناك تفسيرات ..

*مقاطعاً .. لكن صدر بيان تحديدا في 29 مارس 2015 بهذا الخصوص...؟

-  نعم  صدر تصريح من الناطق الرسمي للحزب  يطالب بإيقاف (اجتياح) المليشيات للجنوب ..

* مقاطعاً .. وطالبتم أيضا بوقف التحالف للضربات الجوية ؟

- يوم دخلت المليشيات الى صنعاء، لا أحد أعلن موقفاً و نحن  (في الحزب) أعلّنّا في اليوم التالي موقفاً  وسمينا ما حدث يوم 21 سبتمبر 2014 (يوم إقتحام صنعاء)  أيلول الأسود ونزل هذا في صحيفة الثوري ..

الحقيقة بالنسبة لنا (إعلان التحالف العربي) والضربات الجوية كانت مفاجئة لنا.

نحن كان يجري التشاور معنا عبر مجلس التعاون في القاهرة وأنا كنت  ممثلاً عن الحزب ..

إذ كان يجري التشاور مع الأحزاب السياسية من قبل مجلس تعاون دول الخليج العربي حول جمع جميع الأطراف اليمنية، للبحث عن حلول، بما في ذلك عقد مؤتمر وطني لليمن، تدعمه وتموله وترعاه السعودية، ليبحث اليمنيون عن حل، وبالتالي نحن لم يجر الحديث معنا بأنه سيكون هناك تدخل عسكري.

عندما حصل التدخل، كان  مفاجئاً لنا، ولم نكن لنعرف في أي  إتجاه  سيصير اليه هذا الأمر.

وبغض النظر عن رغبتنا في التدخل من عدمه.. مسارنا صار باتجاه دعم الشرعية، باعتبار أن هذه الشرعية، هي شرعية دستورية، أولاً، ونحن لسنا مع أي  إنقلاب عسكري على الشرعية الدستورية، وثانيا: هي  شرعية توافقية أدت الى عملية انتقال ديمقراطي وهذا ما كنا نسعى اليه ونأمله.

هناك أحياناً أخطاء تحصل من قبل التحالف في الضربات الجوية تسبب ضرر للمدنيين ولأعيان ثقافية، فمن الطبيعي أن نقول بأن هذا خطأ وفيه ضرر على اليمن.

ليس من العيب أن نكون مع إستعادة الدولة، ومع إستعادة الشرعية وفي نفس الوقت ننقد أي سياسات نراها خاطئة.. نحن منذ الوهلة الأولى كان لدينا رأي، بأنه لا بد أن تكون هناك استراتيجية واضحة  للتعامل مع أطراف الشرعية، وللتعامل  أيضا بين التحالف والشرعية، ولم يكن يختلف معانا أحد من الأحزاب، وتقدمنا بورقة مشتركة لهذا الغرض أسميناها استعادة الدولة وإدارتها.

*في بداية الحرب كان الكثير من قيادات الحزب في صنعاء لدرجة  أنه عندما تم تشكيل وفد للحوثيين في المفاوضات الأولى بسويسرا جاء الأمين العام للحزب الاشتراكي مع هذا الوفد الى جنيف، وهذا أثار الكثير من اللبس في ما يتعلق بموقف الحزب من الحرب .. ما أقصده هل كان لدى  الحزب  تقدير خاص وقراءة مختلفة  لمسألة الحرب؟

- أولا : فيما يتعلق بجنيف، الأمين العام للحزب الاشتراكي لم يظهر ضمن وفد الحوثيين . ثانيا :(ماحدث) هو أنه جرى التواصل مباشرة من قبل مبعوث الأمم المتحدة مع الحزب الاشتراكي، وطلب بأن يأتي الحزب الإشتراكي كواحد من  الأطراف، وليس ضمن طرف من الأطراف.

ثالثاً : كان لدينا حينها وجهة نظر: فيما يتعلق بالجانب العسكري والأمني فهذا  يعني طرفين: الحكومة وهي ممثلة للشرعية ونحن ضمنها والإنقلابيين.

لكن فيما يتعلق بالجانب السياسي، فالأحزاب السياسية هي التي يفترض أن تقوم بالحوار للعودة الى العملية السياسية، ولم يكن لدينا لبس في هذا الجانب .. صحيح أن هذا أوجد لبساً عند الآخرين، وفهموا أنه طالما الأمين العام قدم من صنعاء، فمعنى هذا أنه ضمن وفد الحوثي، والحقيقة ليست كذلك.

فيما يتعلق بقيادات الحزب المتواجدة في صنعاء، نحن حرصنا ولا زلنا نحرص إلى الآن، أن تتواجد قياداتنا في صنعاء أو جزء منها وفي كل مكان من اليمن.

لازال الى الآن جزء من قياداتنا موجود في صنعاء وهذا ليس عيبأ .

* مقاطعا : هذه القيادات موجودة ولديها نشاط سياسي وقد أقيمت فعاليات حزبية في صنعاء قبل أشهر، في وقت صادرت فيه المليشيا المجال السياسي وكتمت أنفاس الجميع..؟

- نشاط محدود وبحسب المتاح وفي إطار مقراتنا، ولا يوجد لدينا نشاط في الشارع ولا نستطيع ولكنك لم تذكر هنا أن إعلامنا موقف في صنعاء موقع وصحيفة.

نحن موقفنا علني من الإنقلاب .. نحن ضد الانقلاب جملة وتفصيلا. نحن شاركنا في العمل السياسي الذي أتيح للأحزاب ولا زلنا نطالب بإستعادة دور الأحزاب، وإنهاء تهميش الحزب الإشتراكي وعودة فاعليته في صفوف الشرعية، وكانت مشاركتنا في بداية الأمر فاعلة، ومن ذلك  مشاركتنا في مؤتمر الرياض ووثائقه واضحة من الإنقلاب، ووثائقنا نحن واضحة من الإنقلاب أيضاً، وبالتالي من غير المنطقي أن يُطلب إفراغ  اليمن من تواجد الأحزاب، ونشاطنا في حدود ما نستطيع، وليس في ذلك مصلحة إلا للعصبيات المدمرة لليمن وتجار الحروب. نحن ننشط في العاصمة صنعاء بين جدران مقراتنا ولو أتيح لنا الخروج للنشاط في الشارع لفعلنا.

*هناك انتقادات للحزب دائما ما توجه من قبل مثقفين وكتاب  وناشطين إشتراكيين، باعتباره حزب طليعي ثوري، وجاءت لحظة ما يمكن تسميته بالمفهوم الثوري، بالكفاح  المسلح، لكن الحزب كما يقولون بعيد عن تعبئة القطاعات الشعبية كما يفترض وقيادة وتوجيه  الجبهات والعمليات الحربية على الأرض. السؤال: أين موقع الحزب الاشتراكي، في جبهات القتال والمقاومة الشعبية بشكل عام في مواجهة الانقلاب؟

- نحن من اللحظات الأولى، درسنا موضوع الحرب والمواجهة العسكرية، وجدنا أن العمل العسكري ربما إستمراره سيكون قاتلاً للأحزاب والقوى السياسية، هذا ليس دورها. هي ممكن أن  تكون داعمة إعلامياً وداعمة سياسياً، لكن ليس دورها أن تخوض الحرب .

*لكن اليمن انكشفت عن جيش لا ينتمي للبلد وصار جيشاً لجماعة طائفية، فكان واجباً على القوى السياسية ، كما يرى البعض، أن تكون جزءً من المعركة ؟

- نعم نعم.. هذا لا يعني أننا ضد المقاومة، نحن على العكس. نحن أعلنا لمنظماتنا (منظمات الحزب) في اليمن كلها، بأن المنظمات التي تستطيع أن تنخرط في جيش وطني وتقاتل فليقاتلوا.

لكن الأمر الذي يجعلنا كأحزاب نلجأ الى قوى اقليمية، أو قوى داخلية، تمولنا بالسلاح والمال، من أجل أن نحارب وتفقدنا قدرتنا السياسية واستقلالنا، ليس مقبولاً لدينا  وتجنبناه، على الرغم من معاناة أعضاء الحزب المنخرطين في المقاومات المتحكم بها من أحزاب أخرى، ولا سيما مواجهة مشكلات عوائل الشهداء والجرحى.

نحن نقدم تضحيات في كل الجبهات ونتحمل تبعات ما يترتب على ذلك ونفتقد لإمكانية مواجهتها، والمنخرطين من صفوف الحزب في المقاومة في الغالب هم  من العسكريين المبعديين منذ حرب 94 وحينها عادوا الى صفوف الحزب،  ومن مختلف المحافظات خاصة عدن، الضالع ولحج وأبين وتعز ومأرب وذمار والجوف، علاوة على المدنيين الذين تطوعوا وانخرطوا في صفوف المقاومة وفي الغالب هم من القيادات الوسطى للحزب.

معظم القتلى في مأرب من العسكريين، هم عسكريين سابقين من الإشتراكي وبالذات من مناطق ريمة وعتمة، وُسرحوا من الجيش ثم عادوا الى الحزب وأثناء الحرب انتقلوا  إلى مأرب والى الجوف وأيضا إلى محافظات أخرى وخاصة  منطقة الساحل، ولكنهم لا يعملون  تحت راية الحزب الاشتراكي اليمني وإنما تحت راية الجيش الوطني ، ونحن نبارك هذا ونؤيده. كما قلت لك نحن ضد أن تتحول الأحزاب السياسية الى قوى عسكرية...

* البعض يرى أن انكفاء ما يسمى بالقوى الثورية المفترضة،  عن تنظيم عملية حمل السلاح والإنخراط في مواجهة الانقلاب، أدى الى اكتساح جماعات سلفية  ودينية متشددة للعمل المسلح؟

-ليس السبب أن الأحزاب لم تخض هذه الحرب مباشرة، وهناك   أحزاب تلتحم بشكل مباشر، إنما السبب تعامل الدول الداعمة لهذه الحرب مع قوى محاربة بالوكالة.

نحن قلنا منذ البداية وطرحنا للتحالف العربي، في وقت مبكر عام 2015 ، بأنه من الخطر بمكان، أن يجري دعم جماعات مسلحة، تتحول الى مليشيات وإن كانت مقاومة، ومن الأفضل أن يتم دمج هذه المقاومة في جيش وطني وان يتم الدعم عبر الحكومة وحدها، وليس عبر الأحزاب أو قيادة الجماعات المسلحة، أياً كانت هذه الحكومة، سواءً كنا فيها أو لم نكن فيها.

الآن، الواقع  يُظهر أن طريقة الدول الداعمة للشرعية كان خطأً، وأن إستمرار هذا الخطأ ضار وعقد عملية استعادة الدولة.

 عدم استعادة الدولة ليس بسبب العصابات المحاربة الى جانب عائلة الحوثي ، وإنما سببها عدم وجود جبهة موحدة وعدم وجود استراتيجية وعدم وجود جيش حقيقي للشرعية، وإنما جماعات تحصل على دعم وتمويل من هنا وهناك،  وبعضها يحارب بالوكالة عن دول في التحالف. نحن لا نزال نتمسك بأن ماجرى ويجري الى الآن ليس سليماً ولا  صحيحاً ونطالب بالآتي:

أولاً : إنهاء وجود مليشيات أو جماعات مسلحة وإن كانت في إطار المقاومة، وتحويلها الى جيش وطني يكون تسليحه ودفع رواتبه عبر الحكومة فقط .

ثانيا : أُفرغت الساحة السياسية ومُلئت بجماعات وقوى مسلحة، ونحن نرى بأن هذا أيضاً لا يضمن إستعادة دولة حقيقية في اليمن ونطالب بإستعادة الأحزاب السياسية لدورها، ودورها في المعركة، ليس بالضرورة في حمل السلاح، دورها في العمل السياسي وفي العمل الدبلوماسي وفي العمل الإعلامي.

نحن أيضا لسنا مع الجبهات المجزأة، ولسنا مع أن يتم العمل بشكل غير منسق، ليس في إطار استراتيجية موحدة، وتجمع قوات الحكومة والمقاومة  في إطار قوات الحكومة أيضاً الى جانب دعم التحالف.

* اليوم وسط هذه الحرب، هناك حمى تعيينات في الجهاز الحكومي المعطل، بينهم أبناء مسؤولين وأقارب مسؤولين، وتعيينات جديدة حتى في مواقع، لسنا بحاجة لها الآن، بينما البلد في حالة انهيار، والتقارير تتحدث ، بأن قيمة رواتب مسؤولي الشرعية، تصل الى15 مليون دولار شهرياً.. إلى أين نحن ذاهبون وماذا تفعل السلطة الشرعية بالضبط ؟

- الحقيقة ، الأحزاب السياسية كانت قد تنبهت لهذا الأمر بوقت مبكر في 2015 وأنا كنتُ لا زلتُ وزيراً في الحكومة، وحينها شكلت لجنة من الأحزاب والقوى السياسية التي كانت في الرياض، وأختاروني رئيساً لهذه اللجنة، ووضعنا رؤية أسميناها ورقة إستعادة الدولة وإدارتها. وكرس  جزء منها لوضع تصور حول إدارة المناطق التي يجري تحريرها، والجزء الآخر بشأن إستعادة الشراكة في القرار السياسي والتنموي، والجزء الثالث، كان يتعلق بإصدار قرارات التعيين في الوظيفية العامة، ووضعنا تصوراً،بما يعني العودة الى الدستور والقوانين، وليس تصور إستثنائي، لأنه لم يحصل إجراء إستثنائي، فالحرب ماضية والدستور نافذ والقانون نافذ، وبالتالي لا بد من الإلتزام بالدستور والقانون.

 هذه الورقة وافقت عليها كل الأحزاب، وأرسلت الى الحكومة وحينها كان لايزال بحاح رئيسا للحكومة، وأرسلت الى رئيس الجمهورية. وكان ينتظر أن الأحزاب السياسية والحكومة ورئيس الجمهورية، يتفقون على هذه الورقة خاصة فيما يتعلق بالتعيينات خارج القانون، وخلاف للدستور، بمافي ذلك تعيينات الوزراء ، وما في حكمهم بعيداً عن الشراكة ، والتعيين في الوظيفة العامة خارج قانون الخدمة المدنية والعسكرية،  ولكن مع الأسف هذه الورقة أُهملت ولم يجر الإلتزام بما جاء فيها أو التوافق عليها مع الحكومة. أُعيد من جديد هذا الأمر وطُرح في البرنامج التنفيذي للتحالف المزمع إنشاؤه، لكن التحالف السياسي الى الآن تقف عوائق أمام اشهاره. الحقيقة هذا الأمر ( التعيينات) يرتب إشكالات كثيرة على الدولة. أولاً: الخروج على الدستور والقانون، هذ الأمر يضعف القرارت الصادرة عن الحكومة الشرعية. الأمر الآخر أيضاً، عدم الإلتزام بالدستور والقانون، خلق فرص لجماعات قد تكون بالأساس مجرد منتفعة من الشرعية ، فتأتي من كل حدب وصوب، من أجل الحصول على الوظيفة العامة..

* لكن هذا الأمر يحدث أساساً من قبل المسوؤلين وكبار رجالات الشرعية، يعمل هؤلاء على إستصدار قرارات لتعيين أبنائهم، وأصبحت ممارسات  فجة، لم تكن تحصل حتى في عهد علي عبدالله صالح؟

-  (يضحك)..هذه من الظواهر الصادمة التي أضعفت صورتنا كشرعية وكأحزاب سياسية، لكن هذا حدث كظاهرة لا ندري كيف طرأت على الحكومة، والمطلوب تصحيح هذا الأمر لإستعادة الشرعية لرونقها وذلك بإلغاء القرارات غير القانونية عبر القضاء الإداري ،وفقاً لقانوني الخدمة المدنية والعسكرية.

*دكتور محمد، أنت كنت أحد المهندسين الرئيسيين لمشروع قانون العدالة الإنتقالية.. بالَإضافة لمراحل الصراع السياسي والجرائم السابقة.. الآن لدينا مشكلة حرب عمرها يقترب من 4سنوات، أفرزت تصدعات أكثر وانقسامات أكثر، وهناك متورطون بارتكاب جرائم أكبر وأفظع.. نتحدث عن طرف جماعة صالح وورثته، وجماعة الحوثيين الذين كمنفذين لجريمة الإنقلاب، وتسببوا بكل هذه المأساة.. في نفس الوقت يتم الآن إعادة بناء قوات للمتورطين بالإنقلاب وجرائم سابقة على صلة بانتفاضة 2011م،كيف يمكن معالجة هذه الخلطة العجيبة  في أي تسوية قادمة؟

- بالطبع لو تتذكر، هناك مشروع قانون أُعد قبل إنعقاد مؤتمر الحوار الوطني. هذا المشروع لم يجر التوافق عليه، في الحكومة بسبب أن النظام القديم كان يمتلك نصف الحكومة. فوفقا لآلية نقل السلطة، أحيل المشروع الى رئيس الحكومة والى رئيس الجمهورية لإقراره وإحالته الى مجلس النواب، وتفاجأنا حينها أن المشروع جرى إحالته بعد إفراغه من محتواه من قبل رئيس الجمهورية دون علم رئيس الوزراء وبإجراءات غير قانونية، إذ لم يتم من خلال الوزارة المعنية، وهي وزارة الشئون القانونية، فصارعفو فوق العفو لعلي عبدالله صالح ومن معاه، وحينها حدثت أزمة وأنسحب اللقاء المشترك من مجلس النواب، وتوقف مجلس النواب عن الجلسات لمدة شهرين تقريبا وتوقف هذا المشروع .

ثم أعد مشروع آخر من قبل وزارة الشئون القانونية بعد صدور وثيقة الحوار، وجرى إعادة النظر في المشروع السابق بناءً على مخرجات الحوار. المشروع الجديد يستوعب هذه الحالة من ناحيتين: من ناحية أن المشروع الجديد تم بناءً على مخرجات الحوار الوطني، ونص على عدم سريان العفو على من يكرر الانتهاكات وعلى من يرفض الإقرار والاعتراف. وعلى كل حال ، أقرينا في مجلس الوزراء بالإجماع على إحالته المشروع الى رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من جديد بسبب الخلاف و لإستخدام صلاحيتهما وإحالته الى مجلس النواب، وقامت الحرب ولم يحصل ذلك .هذا المشروع موجود وعند استعادة الدولة سيكون العدالة الانتقالية واحدة من مهام ما تبقى من الفترة الانتقالية التي لها أولوية، وسيعاد النظر بالتأكيد في مشروع القانون وسيتم استيعاب ما أُستجد  في هذه الحرب وهي جرائم أكثر من السابقة بكثير ..

*مقاطعاً..على مستوى الأرض، يتم الترتيب لكثير من المتورطين بجرائم ببناء قوات جديدة وتمكينهم من مواقع رسمية، بينما الثابت في مبادئ العدالة الإنتقالية، الإصلاح المؤسسي وإبعاد الأشخاص المتورطين بارتكاب جرائم عن أي مهام رسمية..؟

-  ضمن مشروع القانون الحالي (قبل الحرب)، الإصلاح المؤسسي عنصر أساسي، وكانت إعتراضات المؤتمر الشعبي، بدرجة أساسية أيضاً على الإصلاح المؤسسي وحفظ الذاكرة الوطنية، وأي انتقال ديمقراطي، بعد إنهاء الانقلاب والحرب واستعادة الدولة في اليمن وتحقيق إنتقال ونقل السلطة لن يكون إلا بعدالة إنتقالية.. كل البلدان التي شهدت نزاعات وحروب في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وفي آسيا، لم تتجاوز صراعات الماضي الا بالعدالة الانتقالية، وهي ليست موضوع يتعلق بالثأر، كما فهمه علي عبدالله صالح ومجموعته، (قبل الحرب) على العكس،العدالة الإنتقالية تنهي حالة الثأر، لكن برضى وقبول الضحايا.. وأيضا بجبر ضرر الضحايا بالإعتراف  والإعتذار وتخليد ذكراهم والإصلاح المؤسسي، الذي يستبعد كل من مارسوا الانتهاكات.

* هذه الحرب بدت كما لوكانت أطلقت رصاصة الرحمة على اللقاء المشترك.. شاهدنا تبادل إتهامات بين مكونات هذا التكتل، ثم لاحقا جرى الحديث عن تحالف ثنائي بين الحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري ثم حديث ومساعي أخرى عن تحالف واسع مساند للشرعية.. الى أين انتهت كل تلك الترتيبات بشأن التحالف الثنائي أو الآخر الموسع؟

-  طبعاً اللقاء المشترك، الحقيقة، شهد حالة من الخذلان من قبل الأحزاب المنضوية فيه، وكل الأحزاب المكونة للتكتل تتحمل المسؤولية، لكن المسؤولية الأكبر يتحملها التجمع اليمني للإصلاح والحزب الإشتراكي اليمني، باعتبار أن تواجدهما كنقيضين في هذا الإئتلاف قد بعث فيه الحيوية وجعله يمثل شجرة فريدة في عالمنا العربي، وحقق لهما من الفاعلية الكثير.

 حدث الخذلان عقب تشكيل حكومة التوافق الوطني. ربما كان هذا واحداً من الأسباب التي سهلت للنظام القديم بزعامة علي عبدالله صالح وعائلته وعائلة الحوثيين القيام بالإنقلاب،أي أن الخذلان يمثل واحداً من الأسباب الرئيسية التي أدت للانقلاب، وبالتالي أتت الحرب ووضع اللقاء المشترك ليس على مايرام، بل كان في أسوأ حالاته، مع أنه كان تحربة نفخر فيها وسنظل نفخر فيها ونحاول العمل لإستعادتها بصورة أوسع، إذ سعينا لاحقاً مع الأحزاب الأخرى إلى جانب الموجودة في اللقاء المشترك، أن نجعل من اللقاء المشترك، نواة لتحالف أوسع في الظرف الجديد، ضمن حلف ومهام جديدة لاستعادة الدولة.

كنا نريد (قبل الحرب) أن نبني الدولة، لكن المهمة تغيرت، فصارت إستعادة الدولة وإستعادة أراضي الدولة وحماية سيادة الدولة، الى جانب إقامة الدولة الإتحادية المدنية، وهذا يعني أن مهمة الأحزاب صارت أعقد وأوسع، فسعينا الى إيجاد تحالف أوسع، لكن لا يلغي اللقاء المشترك، كنواة في إطار هذا التحالف، ووضعنا وثائقاً وسكتنا على اللقاء المشترك.

كان المؤتمر الشعبي يسعى الى أن يُنَص على إلغاء اللقاء المشترك، لكننا رفضنا.. قلنا: إن هذا التحالف الجديد، ربما يكون مداه قصيراً، لكن اللقاء المشترك ربما يكون مداه أطول إذا عدنا الى حالة طبيعية.." يبتسم.  "...

 هذا حدث بعد الحرب عندما صرنا خارج البلاد. عام 2015 أُعدت وثائق تحالف سياسي يشمل  كل الأطراف السياسية التي تقف مع الشرعية وهي جزء من الشرعية.

*لكن لاحقاً تم الإعلان في القاهرة عن تحالف ثنائي مع الناصري؟

- نحن كنا قد حجزنا قاعة لعقد المؤتمر الصحفي في الرياض لإشهار التحالف السياسي الجديد، وأنا كنت رئيساً للجنة التي أعدت البيان الختامي للإعلان .. ولكننا فوجئنا بعدم السماح لنا بالإعلان.

*من الذي حال دون إعلان هذا  التحالف السياسي للقوى المساندة للشرعية؟

- الحقيقة لا نعرف مَن بالضبط، ولكننا أُبلغنا من الفندق الذي حجزنا فيه، بأن حجزنا أُلغي (يضحك)..

بالتاكيد طرف يمني ،أو ربما طرف التحالف، لكن على أيّ حال، لم يكن هناك إعتراض علني لا من الرئاسة اليمنية،ولا من الحكومة ولا من  التحالف العربي أيضاً ولا من السلطات السعودية.. لم يكن هناك إعتراض رسمي، فتوقفت العملية ..

بعدها أعلنا، التنسيق والعمل المشترك ، ثنائي، مع التنظيم الناصري، ثم إلى جانب الحزبين حزب العدالة والبناء، وإتحاد القوى الشعبية،وحينها طلب منا أن نعود من جديد الى البحث في موضوع  التحالف الواسع، وعدنا، من جديد، وأيضاً جرى الإتفاق على وثيقة جديدة، هي البرنامج التنفيذي للتحالف السياسي إلى جانب وثيقة التحالف التي كان قد تم إقرارها عام 2015، وصارت كافة الوثائق جاهزة ومعدة..

*لماذا لم يتم إعلانه حتى اللحظة؟

-  ربما لأن مشكلة المكان سبب رئيسي. الأحزاب تريد أن تعلن التحالف في أرض يمنية، وهناك صعوبة الى الآن  بهذا الشأن.

لكننا نعتقد أن هذا التحالف إذا أنجز، وبعودة العملية السياسية ومشاركة الأحزاب في القرار، ربما يجعل طرف الشرعية أقوى سياسيا وإعلاميا وعسكريا.

* مؤخرا حصل شكل من التقارب بين الإصلاح وجناح مؤتمر صالح الذي كان شريكاً للحوثيين في الإنقلاب.. وهناك معلومات عن مساعي بذلتها بعض أطراف التحالف لجمع أتباع صالح والإصلاح وحدث  شيئ من الغزل بين الجانبين.. كيف ينظر الحزب الاشتراكي لهذا الأمر، وهل تعتقد بأن المؤتمر الشعبي، تركة صالح، لازال لديه ما يقدمه للشرعية بشكل مؤثر في مسار المعركة مع الحوثيين بشكل عام؟

-  طبعا ..نحن كحزب اشتراكي لناعلاقة بالمؤتمر الشعبي العام، ولكن المؤتمر الشعبي  الذي يقف مع الشرعية .

هناك أجزاء متعددة الآن من المؤتمر الشعبي، ونرى أنه من الإيجابي المحاولة للعمل معها لمغادرة موقع الإنقلاب.

ولكن أي تنسيق أو تحالف، يجب أن يكون على أساس مشترك وأرضية واحدة وهو استعادة الدولة.

فأطراف المؤتمر الشعبي التي مازالت مع الإنقلاب، ليس من الصواب مغازلتها ولا دعمها معنويا وإعلاميا.

لا أدري ما طبيعة التواصل الذي تقصده هنا، لأنه ليس لدينا معلومات بأن هناك تحالف للتجمع اليمني  للإصلاح مع مؤتمر صالح ،والحرب الإعلامية بين التجمع اليمني للإصلاح وخصومها في وسائل التواصل الاجتماعي أدى الى إعلام مضلل وكاذب وضار وغير نافع بكل المقاييس، ومن قبل كل الأطراف المشتركة فيه، وصار إعلاماً لا يحقق غير إثارة الكراهية الدينية والوطنية، ويمزق صفوف قوى الشرعية، وهذا يمثل واحدة من المعضلات التي يقع على قوى الشرعية العمل على وضع حد لها.

* قلتُ أنه ربما تقارب؟

- ربما يكون هناك تواصل، والتواصل لا يعيب .. والعبر بالنتيجة، من الذي سيأتي الى موقع الآخر ( يضحك )..هل سيأتي المؤتمر الى موقع الشرعية أم سيذهب الإصلاح الى موقع الانقلاب، وهذا ما لا أعتقده ولا نرجوه لأنه ليس في مصلحة اليمن أرضاً وشعباً.

* بعض المعلومات تتحدث عن لقاءات تمت بمدينة سعودية بترتيب من المملكة .. السؤال: هل مايزال لدى مؤتمر صالح ما يقدمه أصلاً للشرعية أو يغير موازين القوى على الأرض؟

- إذا كانت المراهنة على قوى سياسية، فالمؤتمر الشعبي كقواعد موجودة في اليمن، بإمكانه أن يلعب دور شأنه شأن  أي حزب آخر، ولكن ليس هو الذي سيستعيد الدولة ،اذ كان أحد الأدوات التي استخدمها الإنقلاب لتدمير الدولة ومن عناصره في أجهزة الدولة، بما في ذلك مجلس النواب والمجالس المحلية. الدولة ستستعاد بالشرعية وبكل القوى السياسية العابرة للطائفية المذهبية السلالية والمناطقية.

ثمة أمر آخر يجب أخذه بالإعتبار، هو أن هناك قوى قامت بالإنقلاب يجب التعامل معها بشكل آخر، ولكن هناك جزء واسع من المؤتمر الشعبي لم يكن له علاقة بالانقلاب، وبالذات في إطار قواعده، وجزء من القيادات الذين انضموا مبكراً من المؤتمر الشعبي للشرعية، نحن مع أن يكون هذا الجزء من ضمن أي تحالف مستقبلي.

والإعداد الذي جرى لإيجاد تحالف سياسي واسع، يشمل المؤتمر الشعبي، ولكن أؤكد هنا أن المؤتمر الشعبي المعني هو المؤتمر الذي يرفض الانقلاب ويقف مع الحكومة الشرعية، ومع الشرعية الدستورية والتوافقية، ومرجعيات الفترة الإنتقالية التي تمثل الأساس التوافقي للتغيير وللشرعية الداخلية والخارجية..

* مقاطعا .. حتى لو كانت الترتيبات تتضمن منح عائلة صالح دوراً قيادياً؟

- الى الآن عائلة صالح، لا يوجد أحد منهم تبرأ من مشاركته في الإنقلاب  والعمل معه أو إعتذر عن ما أرتكبها من جرائم عام 2011 وفي الحرب الجارية و لكل حالة  حديثها الخاص.

عندما يعلنوا بأنهم تبرأوا من الإنقلاب ،وتخلوا عنه، وأنهم مع الشرعية وإستعادة الدولة، سيكون أمراً آخر..

* هكذا ببساطة، بالامكان  الإنتقال من حالة الإنقلاب والمشاركة في الجرائم الى صفوف الشرعية؟

- أنا أقول الحديث في هذا الموضوع سابق لأوانه. هم إلى الآن لازالوا في صف الإنقلاب.

الانقلاب ليس بالضرورة أن يكونوا مع الحوثي. من لم يعلن بأنه تخلى عن الإنقلاب فهو لا يزال في صف الإنقلاب، وبالتالي من غير المناسب الحديث الآن كيف يمكن التعامل معهم فيما إذا غادروا صفوف الإنقلاب وصاروا جزءً من الشرعية،لا يمنع وجود رؤية بهذا الشأن من الآن، لكن ليس من الصواب إعلانها في غير أوانها.

* مطلع هذا العام قلت في مقابلة أنه لولا اللقاء المشترك لما تمكن الشعب اليمني من الحصول على إعتراف العالم بحقه في التغيير...في نفس الوقت كثير من الأطروحات النقدية الموجهة للمشترك تتهم القيادات بأنها أهدرت اللحظة الثورية وساعدت على الالتفاف على الثورة من خلال القبول بالمبادرة الخليجية، ومهدت لهذا المآل الكارثي.. ألا تعتقد أن القيادات السياسية التي أهدرت لحظة الثورة، هي نفسها، التي ستهدر جهود وتضحيات الكفاح المسلح؟

- ماقلته وقتها، أعتقد بأنه مازال صحيحاً.. لولا اللقاء المشترك لما كان تم النجاح في الحصول على إعتراف  فعلاً عالمي وداخلي بأن التغيير ضرورة، وأن يفضي الى إقامة دولة حديثة ديمقراطية.. و توصلنا الى رؤية وتصور لهذا الإنتقال الديمقراطي والمتمثل بآلية نقل السلطة والتي كانت ولا زالت هي الأساس للفترة الإنتقالية بناء على المبادرة الخليجية.

*لكن هذا كله في النهاية أفضى الى الحرب التي قلتم أنكم نجحتم في تجنبها بالتسوية؟

- أفضى الى حرب، لأن هناك أطرافاً لم تكن قادرة على أن تقبل بالتغيير الديمقراطي، وغير قابلة للتسليم بأن السلطة ليس ملكاً لها، وليست شيء تتوارثه عائلة، هذه إشكالية أخرى، كانت مصداً لتحالف النظام القديم والبائد وكل طرف يعتقد أن عائلته الأوفر حضاً لامتلاك السلطة ، وتوريثها عائلياً.

* لماذا تتحدث عن تغيير ديمقراطي، بينما الناس خرجوا في ثورة، و الثورة لا تعترف بفكرة اعتراف السلطة التي قامت الثورة ضدها . ألم يكن القبول بالمبادرة الخليجية، مقدمة للثورة المضادة التي امتطت ظهر التسوية السياسية وقبلت بها الأحزاب؟

-  لقد عملت أحزاب اللقاء المشترك على تجنيب اليمن حرب أهلية وبذلت كل جهدها لتحقيق إنتقال سلمي للسلطة وإحداث تغيير بدون أن يدفع اليمنيون ثمناً  باهضاً من أرواحهم واستقراراهم، ومن هذا المنطلق فصل الإنتقال الديمقراطي على قاعدة التوافق، وما كان هذا هو السبب في نجاح الثورة المضادة، الثورة المضادة حصلت بسبب عدم نقل السلطة طبقاً لآلية تنفيذ العملية الانتقالية، وحصلت بإمكانيات الجيش اليمني الذي كان قائماً عام 2011،  وكان يفترض منذ بداية الفترة الإنتقالية نقل السلطة وأن يعالج وضع الجيش القائم،وهذا الذي لم يتم، بسبب أن اللقاء المشترك لم يظل بالتنسيق الذي كان قائماً عام 2011 الى أن تشكلت الحكومة.

هو (المشترك) مارس سياسة الخذلان وأستمرت  إستراتجية النظام القديم- إستراتيجية الفشل، أي إفشال الثورة بإيجاد ثورة مضادة. كان بإمكان اللقاء المشترك والحكومة التي يشارك فيها ورئيس الجمهورية أن يمنعوها بنقل السلطة و بتغيير وضع الجيش ، وكان ذلك متاحاً خلال عامي 2012 و2013م وبدون ثمن باهض.

*وهل كان هناك إمكانية لتغيير وضع الجيش وقتها؟

نعم كان هناك إمكانية .. أولاً : نحن أصدرنا قرارات بإلغاء الهيكلية القائمة للجيش وتوزيعه وفق التقسميات  التقليدية للجيوش المتعارف عليها، وبالتالي كان يفترض تغيير مواقعه وتغيير مكانه وتغيير قيادته. هذا لم يحدث، وأكتفى بتغيرات رمزية: تغيير قائد الحرس الجمهوري أو قائد القوات الجوية أو قائد الأمن المركزي ، وترك بقية القيادة،على ما هي عليه،وبالمقابل تعيين قيادات سابقة موالية للنظام القديم، في أخطر المواقع التي فتحت الطريق أمام العصابات المقاتلة والدخول الى العاصمة .

*  هل كان هذا متاحاً بالنسبة للرئيس..؟ الرجل في بعض الأوقات عندما كان يصدر القرارات يلجأ للإستعانة ببعض الدول لإنفاذها؟

- كان الأمر متاحاً في 2012 و2013 . حين أُبعدت القيادات العليا، كان متاح أن يجري تغييركل القيادات الأخرى، لكن جرى الإطمئنان إلى قيادات هي أصلاً مع النظام القديم .

*  يرجع ذلك الى سوء تقدير، برأيك، أم أن المسألة تمت بتفاهم مع النظام السابق ؟

-  لا .. أنا أعتقد أنه سوء تقدير.. الأمر الآخر، وفقاً لقرار مؤتمر الحوار الوطني، كان بالإمكان وبسرعة وأثناء المؤتمر وقبل أن ينتهي المؤتمر، إيجاد توزان داخل الجيش بإعادة القوات التي أُبعدت وسُرحت بعد حرب 94م، والحقيقة أن هذا الملف كان بيد الرئيس هادي، والأحزاب السياسية ،عدا الحزب الاشتراكي، لم تبذل جهداً في هذا الجانب، مع أنه كان بالإمكان لو بذل جهد أن تصل الى نتيجة.

*أتذكر أن الحزب الإشتراكي وقتها كان قد طرح مجموعة نقاط كشرط للبدء بحوار وطني وكان من جملة هذه الشروط ، تلك المتعلقة بإعادة المسرحين من وظائفهم، لماذا قبل الحزب الدخول في الحوار الوطني، وهو كان قادراً على الضغط للمضي بهذه النقاط؟

- طبعاً النقاط العشرون التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني،هي كانت ضمن وثيقة تقدم بها الحزب الإشتراكي، ولكن الحزب بمفرده لم يكن لديه القدرة  للضغط على السلطة، لأن تقبل بهذا.هي قبلت شكلياً، في مؤتمر الحوار ولكن في الممارسة الواقعية لم يحدث هذا. يعني تم إعادة أشخاص على عدد أصابع اليد وعددهم محدود جداً من قيادات الجيش اليمني الذين كانوا من قيادة الجيش الجنوبي، أو من رفض الحرب عام 1994م من القيادات الشمالية، وبالتالي الإنقلاب ما كان بالإمكان أن يحدث، لو حدث تغيير في الجيش و بترت أيادي علي عبدالله صالح منذ البداية،  قبل أن تتمكن من الإعداد للثورة المضادة، اذ كان في 2012  لا يزال الناس في الساحات. الحقيقة في البداية كنا نعتقد بأن الأحزاب جميعها ستتحمس لهذا الموضوع لكن للاأسف هذا لم يحصل. هذه أخطاء أدت الى مأساة، يجب أن نستفيد من دورها الآن ولا سيما الأخوة في قيادة التجمع اليمني للإصلاح  للخروج من المأزق وعدم تكرار الأخطاء، أو تدارك الأمر بالتوقف عن تكرارها الحاصل الآن.

* تعز من  أهم معاقل الحزب الاشتراكي من حيث الجمهور على مستوى اليمن، ولديها مظلمة تاريخية كما بقية المناطق الوسطى والسهل التهامي، مرتبط بقرون من الإقصاء والتهميش وهيمنة المركز.مع ذلك ظل الحزب متمسكا بخيار الإقليمين لشكل الدولة اليمنية كما لو كان متحيزاً لنشأته الجنوبية كحزب، ألا يرى الإشتراكي أنه يضر هذه المحافظات بهكذا طرح. ماهو الحل من وجهة نظر الحزب  لهذه المناطق في أي تسوية مستقبلية تتعلق بشكل الدولة؟

- موضوع الدولة الاتحادية، ربما أن الحزب الإشتراكي هو صاحب هذه الفكرة من وقت مبكر عندما بدأ الصراع قبل حرب 94 وبعد الحرب، إستمر بطرح هذا الأمر.

كان مبعث هذا الطرح هي مشكلة الجنوب والشمال، وهي أساس المشكلة وإلاّ كان بالإمكان أن يطرح حلولاً أخرى.

لكن هذا الإنقسام الحاد الذي حدث بين الشمال والجنوب، هو الذي كان سبباً في طرح موضوع الفيدرالية.

عندما عقد مؤتمر الحوار الوطني، كان هناك هم أساسي هو بناء الدولة الحديثة – دولة القانون- لكن من حيث مشكلة الإنقسام الوطني، كان لدينا الإنقسام الأساسي : الشمال والجنوب. وبالتالي الفكرة نفسها قامت على هذه الإشكالية، أي فكرة الدولة الاتحادية، لكن الفيدرالية لا تعني الأقاليم فقط.. وإنما أيضاً التقسيمات ما دون الأقاليم. ووزعت السلطات على أربعة مستويات وهو توزيع لم يعد توزيع أو تفويض إداري، وإنما لا مركزية سياسية في كل مستويات الدولة.. وحينها لم تكن الحرب قد إندلعت بعد وجعلت الإنقسام في كل اليمن.

*لكن الوضع في هذه المناطق المعروفة بالسفلى من شمال اليمن، مظلمتها  تاريخية وليست ناشئة عن الحرب القائمة؟

- نعم نعم، لديهم  مظلمة. لكن لم يكن الإنقسام بهذه الصورة التي أدت اليها الحرب  2015م.

نحن  تقدمنا بمقترح الإقليمين الى مؤتمر الحوار، وبناءً على ما تم التوافق عليه في المؤتمر، صدر قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة الأقاليم، وتضمن الخيارات: 6 أقاليم أو إقليمين أو ما بينهما.

انا شخصياً أبلغتُ رئيس الجمهورية بتكليف من قيادة الحزب، بأن وجهة نظرنا، أن خيار الإقليمين سيكون أفضل لإنهاء الإنقسام الموجود في البلاد بين الشمال والجنوب،وينهي القلق والخوف الذي سببته ممارسات الماضي للجنوبيين وخاصة الممارسات التي ترتبت على حرب 1994م.

ولكن ما سيجري التوافق عليه في إطار وطني، نحن لن نشذ عنه. نحن سنتمسك بوجهة نظرنا لكن لن نقف أمام أي تفاهم أو إتفاق وطني شامل يتم التوصل اليه.

وطلبنا حينها بإعطاء هذه اللجنة فرصة كافية لدراسة  موضوع  الأقاليم  وإعمال المعايير العالمية المتعارف عليها لتحديد خيارها..

وفقاً لهذه المعايير، فلتخرج اللجنة بإقليمين أو ثلاثة أو أربعة أو أي خيار، على أن يقولوا لنا : لماذا قرروا خياراً بعينه، ويجري النقاش والتوافق عليه سياسياً ، بين كل الأطراف السياسية، ويشمل ذلك مكونات الحراك الجنوبي الوازنة، وعندما تحدثت مع رئيس الجمهورية، كان حاضراً اللقاء السيد جمال بن عمر، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يومئذ، فأعرب عن تأييد الأمانة العامة للأمم المتحدة لأن يعطي للجنة الوقت الكافي لدراسة الخيارات وتطبيق المعايير، وكان رد الرئيس بالموافقة على طلبنا. ِ

قراءة 11318 مرات آخر تعديل على الخميس, 23 آب/أغسطس 2018 18:45

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة