الدكتور محمد صالح: الاشتراكي أمام صياغة ملامح رؤية سياسية جديدة

  • الاشتراكي نت / الثوري / حاوره - خليل الزكري

الأربعاء, 03 أيلول/سبتمبر 2014 11:36
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

تشهد الحياة السياسية اليوم تعقيدات عدة أمام مسارها العملي، حيث تسعى قوى عديدة إلى الانحراف بهذا المسار إلى ما هو أنكى على هذه البلاد، وهو الاحتراب والاحتشاد الطائفي بصورته المقيتة، هروبا من تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي علق اليمنيون عليها كل الآمال للخروج بالبلاد من هذا الوضع نحو بناء الدولة الوطنية الضامنة.

«الاشتراكي نت» وصحيفة «الثوري» أجريا مع رئيس الدائرة السياسية بالأمانة العامة للحزب الاشتراكي وعضو مجلس النواب الدكتور محمد صالح علي هذا الحوار ليضعنا فيه أمام الصورة الجلية لما يعتمل على الساحة الوطنية، وما يتوجه إليه الحزب الاشتراكي اليمني في مسيرة نضاله الوطني خلال المرحلة القادمة ، من خلال عقد مجلسه الوطني الحزبي:

حاوره: خليل الزكري

• الحزب اليوم ذاهب نحو انعقاد المجلس الحزبي الوطني ويعد هذا المجلس محطة مهمة لتحديد رؤية الحزب السياسية بعد كل المتغيرات التي مرت بها البلاد، ما ملامح رؤية الحزب الجديدة للمرحلة القادمة من وجهة نظرك؟

- يكتسب المجلس الوطني الحزبي الأول أهميته الاستثنائية كونه يأتي في ظل ظروف انتقالية فارقة في تاريخ حزبنا وبلادنا، تفرض بالضرورة على المجلس الوطني الحزبي النهوض بمهام انتقالية ملحة وعاجلة، تأتي في طليعتها مهمة إعداد الحزب وتهيئته سياسيا وتنظيميا، للاضطلاع بجدارة بالدور التاريخي المناط به في هذه المرحلة الانتقالية التي تمر بها بلادنا. وتأتي في مقدمة هذه المهام الملحة صياغة ملامح رؤية سياسية جديدة للحزب تواكب المستجدات على الساحة السياسية والوطنية، وعملية التحول في نشاط الحزب ودوره النضالي من موقع المعارضة الى مواقع المشاركة في السلطة، ولا سيما بعد ان غدت الأهداف والمهام والسياسات البرنامجية التي ناضل من أجلها الحزب خلال الفترة المنصرمة منذ المؤتمر العام الخامس وحتى اليوم جزءا لا يتجزأ من البرنامج النضالي الوطني العام، المتجسد نظريا في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل. الامر الذي يفرض على الحزب وكل القوى السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل وفقا لمبدأ " شركاء في وضع الأسس، شركاء في التنفيذ "تحديد أهدافها ومهامها السياسية المستقبلية بما يتسق ومتطلبات تنفيذ وإنجاز مهام استكمال عملية التغيير والنقل السلمي للسلطة وبناء أسس الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة والعادلة المتوافق عليها في إطار مخرجات الحوار، والقادرة على حماية الحقوق والحريات، والضامنة للانتقال الآمن الى الديمقراطية، وستشكل هذه المهام - ولا شك في ذلك - أهم ملامح الرؤية الاستراتيجية السياسية للحزب والتي ينبغي ان ينهض بصياغتها الحزب، لتغطي مرحلة التحول التاريخية المقبلة كاملة، مستوعبة لمهام المرحلة الانتقالية من ناحية، ومهام بناء الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة والعادلة (تأخذ بالاعتبار تحفظات الحزب بشأن قضية الأقاليم) من ناحية أخرى.

• كان للحزب حضور سياسي بارز سواء من خلال ادائه في اطار اللقاء المشترك أو من خلال العملية السياسية ككل خاصة بعد 2011 لكن بالمقابل هناك من يقول إن الحزب لم يستفد من هذا الحضور على مستوى أدائه الجماهيري والتنظيمي كيف تفسر ذلك؟

- هذا التساؤل على قدر كبير من الحيوية، وهو مطروح بإلحاح على جدول أعمال المجلس الوطني الحزبي، وستجيب عليه -ولا شك في ذلك- الأوراق السياسية والتنظيمية والرقابية المقدمة للمجلس، وستثريها مناقشات ومداخلات المندوبين وفي اعتقادي ثمة حاجة ألي إعادة النظر فى Members 'Body العمل التنظيمية التقليدية المتقادمة، الكابحة لفاعلية وحيوية الأطر التنظيمية والمؤسسية للحزب، المعتمدة حاليا في العمل الحزبي التنظيمي وفي النظام الداخلي للحزب. وذلك في إطار عملية اصلاحية واسعة للتصدعات ومواطن الضعف والقصور في البنية الهيكلية التنظيمية والادارية والمالية والقيادية للحزب، وإعادة تموضع وتوازن السلطات داخل الحزب على مستوى المركز وفي المحافظات أو التقسيمات الإدارية والانتخابية الجديدة وفتح فرصة واسعة لإشراك المرأة والشباب للإسهام في قيادة الحزب، بما يمكن الحزب من امتلاك آلية عمل ديناميكية متجددة، قادرة على تجاوز محددات القصور الذاتي التي يعانيها الحزب في نشاطه الاداري والتنظيمي. تفعل في إطارها الدور المؤسسي للهيئات القيادية للحزب ، وتشاع آليات الممارسة الديمقراطية النشطة، وعملية التجديد في بنية الحزب، والتدوير المنتظم للمواقع القيادية من الأمانة العامة والمحافظات والمديريات الى الدوائر الانتخابية بما يكفل تحفيز نشاط الحزب وانتظامه وتكامله على المستويين السياسي والتنظيمي وعلى مختلف المستويات والأطر القيادية، للارتقاء بأداء الحزب الى مستوى تحديات المرحلة القادمة الأشد صعوبة والأكثر تعقيدا.

• دكتور باعتقادك في هذه المرحلة ما القضية السياسية الرئيسة التي يناضل من اجلها الحزب وكانت سابقا كما هي محددة في برنامجه السياسي (إصلاح مسار الوحدة وإزالة آثار حرب صيف 94) لكن هناك متغيرات هل فرضت على الحزب إعادة النظر في قضيته الرئيسة أم ما زالت هي نفسها ؟

- المرحلة الراهنة التي تمر بها بلادنا هي مرحلة انتقالية هشة، القضية الرئيسة الملحة فيها تكمن في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، التي تضمنت معالجات وطنية توافقية شاملة لمختلف القضايا الوطنية بما في ذلك إصلاح مسار الوحدة، والحل العادل للقضية الجنوبية، وإزالة آثار حرب صيف 94 وكل الحروب والصراعات الدموية الأخرى، في إطار خارطة طريق شاملة ترسم ملامح المستقبل المنشود، وهي بكل تأكيد مهمة شاقة ومعقدة، تعترضها الكثير من التحديات الحقيقية، تفرض على كل القوى السياسية والاجتماعية اليمنية، -وفي المقدمة منها حزبنا وشركاؤه السياسيون من القوى الوطنية الديمقراطية ذات المصلحة الحقيقية في التغيير السلمي الديمقراطي- حشد كل الجهود والطاقات الوطنية المتاحة لمناهضة القوة والعنف، وتجريم نهج الحرب وآلياته المنفلتة، للحيلولة دون جر البلاد مجددا الى الحروب والصراعات الدموية بعيدا عن روح ومخرجات الحوار الوطني، والوقوف بحزم دون تمكين عوامل وأدوات القوة والعنف من تعطيل العملية السياسية، أو استدراج البسطاء ومعاناتهم اليومية في اصطفافات انقسامية متصارعة، أو جرهم الى تصفية حسابات ماضوية -ثأرية وانتقامية بأبعاد وخلفيات عصبوية مناطقية ومذهبية- ما قبل وطنية، وذلك من خلال العودة الى مخرجات الحوار وتنفيذ المعالجات والإجراءات التوافقية الضامنة إخراج السلاح من المعادلة السياسية، وتهيئة الأجواء والمناخات الملائمة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني -الطريق السلمي الوحيد المتاح أمام اليمنيين- للخروج من أزماتهم، وإنجاز مشروعهم الوطني الديمقراطي الذي توافقوا عليه جميعا، بتفاصيله ومضامينه الشاملة التي نصت عليها وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل، وفي المقدمة منها بناء الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة، القادرة على درء تغول السلطة، وحماية الحقوق والحريات، والضامنة للانتقال الآمن إلى الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وتحقيق نهضة تنموية شاملة، تنقل اليمن الى مصاف البلدان المتقدمة، وتلبية التطلعات المشروعة لليمنيين في حياة معيشية حرة وكريمة.

• دكتور اليوم تشهد البلاد احتقانا سياسيا شديدا ويجري الاحتشاد وبصورة تبعد عن التعبيرات الوطنية ويمكن ان تؤدي الى فرز طائفي .. الحزب بدوره أطلق نداء لكل الأطراف وقدم 6 نقاط لاحتواء الأزمة هل ينوي الحزب أن يقوم بدور الوساطة كما فهم البعض وهل بالإمكان ان تعطينا كيف يمكن للحزب الإسهام في احتواء هذا الوضع الكارثي بعد هذا النداء؟

- لقد جاء النداء الذي أطلقه الحزب الاشتراكي اليمني لاحتواء الأوضاع المتفاقمة في البلاد وليد تلك اللحظة التي تداعت فيها الأوضاع وبصورة فجائية يوم الأحد ال 17 من أغسطس المنصرم، عقب مغادرة اللجنة الرئاسية محافظة صعدة، وإعلان فشل عملية التفاوض مع زعيم أنصار الله عبدالملك الحوثي بشأن احتواء التصعيد الاحتجاجي في العاصمة صنعاء والضاغطة باتجاه تنفيذ المطالب الثلاثة المعلنة «إسقاط الجرعة، إسقاط الحكومة، تنفيذ مخرجات الحوار».

الأمر الذي بدد حالة التفاؤل الحذر الذي كان قد تم تسريبه بشأن الاتفاق على حلول مبدئية للقضايا الثلاث المعلنة، ليعيد الاحتقان مجددا الى الشارع السياسي والاجتماعي، متزامنا مع حشود وحشود مضادة وحملة إعلامية - تحريضية واسعة بين الأطراف المحتشدة على مستوى الإعلام الرسمي والحزبي، خالقة أجواء منذرة بالحرب والانقسام الاجتماعي، وحالة حقيقية من الرعب داخل العاصمة صنعاء.

وعند هذه اللحظة من التوتر والقلق والخوف المتعاظم جاء نداء الاشتراكي بمضامينه السياسية السلمية العقلانية المتوازنة، المناهضة لتسريبات اليأس وغلق أبواب الحوار، وأحاديث الحرب اللامسوؤلة، معيدة الى الاذهان حقيقة فشل الحروب في إنتاج أي حلول سياسية قادرة على الحياة ناهيك عن المخاطر التدميرية المنذرة بها، منبها في الوقت ذاته الى الممكن السياسي المتاح، الذي لم يستنفذ بعد، كآلية سلمية وحيدة للوصول الى حلول توافقية، تطوق الأوضاع المتفاقمة وتحتوي تداعياتها، وذلك عبر المزيد من التفاوض والتفاهم بصبر ومسؤولية وطنية عالية، مع توفير بيئة ملائمة لنجاح هذه الجهود على قاعدة مخرجات الحوار الوطني ، كأساس حقيقي لشراكة وطنية قابلة للحياة.

وفي السياق ذاته تضمن نداء الاشتراكي خارطة طريق من ستة بنود لاحتواء الأوضاع المتفاقمة، والحيلولة دون انزلاق البلاد الى العنف والحروب الكارثية، والعمل بجد ومثابرة مع الأطراف السياسية والمجتمعية المختلفة، ومع مؤسسة الرئاسة، لتطويق تداعيات التصعيد السياسي والإعلامي المتفاقم، والوقوف على مقترحات عملية تقر بالمطالب المشروعة والعادلة، والتي أضحت مطالب وطنية لجل الأحزاب السياسية والقوى الاجتماعية، ولا سيما فيما يتعلق بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وتغيير حكومة الوفاق، بحكومة كفاءات تضمن شراكة وطنية واسعة في اتخاذ القرار، مع معالجة تداعيات القرار الحكومي برفع الدعم عن المشتقات النفطية في إطار الحلول والمعالجات المقترحة بشأنه من مختلف القوى والأحزاب السياسية، وبما يضمن تخفيف معاناة المواطنين والفئات الفقيرة ومحدودة الدخل على وجه الخصوص.

وباعتقادي شخصيا إن حالة الاحتقان القائمة اليوم على المستوى السياسي والاجتماعي، ينبغي ان تبدد ليس فقط بتوافقات وطنية حول القضايا الساخنة، بل بتحويلها الى إجراءات وقرارات رئاسية نافذة دون إبطاء أو تأخير بعد أن صارت محل إجماع وطني، وفي المقدمة منها تشكيل لجنة اقتصادية متخصصة من مختلف الأطراف لإعادة النظر في رفع الدعم عن المشتقات النفطية، بهدف تخفيف معاناة المواطنين، ويكون قرارها ملزما للجميع. يترافق ذلك مع العودة الفورية للقوى والأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني للتشاور حول تشكيل حكومة الشراكة الوطنية وفقا لمعايير الكفاءة والنزاهة المتوافق عليها. والشروع في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وفي المقدمة منها تصويب وضع الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار كما وردت في وثيقة المخرجات. كإجراءات عملية عاجلة، تستعيد ثقة الناس، وتخفف من حدة الاحتقان في الشارع العام.

• دكتور مرد هذا الاحتقان هو الجرعة، أو كانت الذريعة التي ساهمت على تفجيره بين جماعات الحوثي والسلطة، وهناك قوى تستغل هذا الوضع المأزوم بما يخدم مصالحها، بالمقابل هناك من يعتب على الحزب موافقته على تمرير رفع الدعم على المشتقات النفطية؟

- للحكومات المتعاقبة سمعة سيئة في التعاطي مع قرارات رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية، أو المواد الغذائية، وتحويلها الى مجرد (جرع سعرية) لم يلمس لها سوى الآثار السلبية، واشتداد معاناة الفقراء ومحدودي الدخل وصغار المنتجين، بفعل استشراء الفساد في الجهاز الحكومي، والاستنزاف المتواصل لموارد الدولة. ولذلك كان الحزب يرفضها ويتصدر لمناهضتها.

إلا أن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي اتخذته حكومة الوفاق، قد جاء لأسباب وفي ظروف مختلفة، حيث تواجه التسوية السياسية وعملية التغيير برمتها-وعلى وجه الخصوص مخرجات الحوار الوطني- تحديات حقيقية، ومقاومة شديدة ومتعاظمة من قوى الفساد والنفوذ التقليدية، التي تقاطعت مصالحها اللامشروعة عند مناهضة عملية التغيير، ومحاولة إجهاض وتعطيل مخرجات الحوار، عبر عملية ممنهجة ومتواصلة من العرقلة والتخريب والتهريب وقطع إمدادات الكهرباء وتفجير انابيب النفط، وأعمال القتل والعنف وقطع الطرق وتهريب المشتقات النفطية ونهب المال العام، وتشجيع ودعم أعمال القاعدة والعمليات الإرهابية البشعة، وإعاقة عمل حكومة الوفاق الوطني ومحاولة إفشالها بشتى السبل.

نعم، لقد نجحت هذه القوى في إنتاج كل هذه الأعمال المستنزفة للموارد المتاحة للدولة، وفي إنتاج وضع مالي واقتصادي مشارف على الانهيار، وصلت معه المالية العامة للدولة الى العجز عن دفع مرتبات موظفيها، في مؤشر بالغ الخطورة على حالة الانهيار الاقتصادي المقدر له أن يفضي الى تداعيات كارثية تطال بنتائجها الجميع.

الأمر الذي دفع بالدولة في وضعها الهش الراهن، الى اتخاذ القرار الصعب برفع الدعم عن المشتقات النفطية كضرورة إنقاذية لا بد منها، دون دراسة دقيقة للبدائل والأولويات، أو اتخاذ الإجراءات التمهيدية الضرورية، أو الاستعداد بحزمة متكاملة مرافقة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية المخففة للأعباء السلبية للقرار ، وتوقيف الاستنزاف والهدر المتواصل للمال العام، وتجفيف منابع الفساد، وترشيد الإنفاق وتنمية الموارد.

وهو الموقف الذي عبر عنه حزبنا في هذا الصدد، وعمل مع شركائه في المشترك الى تقديم مصفوفة من الاصلاحات والاجراءات العاجلة المزامنة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية. التي رأيناها ضرورية لإسناد تلك الإجراءات والتوجيهات الرئاسية لترشيد الإنفاق الحكومي وتخفيف الأعباء السلبية للقرار، التي كان قد اتخذها الأخ الرئيس قبل إصدار القرار وبعده.

إن إعادة النظر بقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية من قبل خبراء اقتصاديين وسياسيين من مختلف القوى السياسية على ضوء المقترحات المقدمة بهذا الشأن قد بات اليوم مطلبا وطنيا، ومحل إجماع مختلف الاطراف السياسية والقوى الاجتماعية، لاتخاذ الموقف المناسب بشأنه، في إطار مصفوفة متكاملة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، بإجراءات تنفيذية عاجلة ومزمنة، تساهم في تخفيف معاناة الشعب وعلى وجه الخصوص الفقراء ومحدودو الدخل وصغار المنتجين، وتجفيف منابع الفساد، وترشيد الإنفاق الحكومي، وتنمية الموارد، ووضع البلاد على طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي والمالي والإداري الشامل.

• دكتور في ما يخص التحالفات السياسية هل للحزب الآن رؤية نقدية لتجربة اللقاء المشترك؟ وهل يعمل على إعادة صياغة هذا التحالف مع بقية الأطراف؟ بمهام تخدم متطلبات المرحلة القادمة وبناء الدولة اليمنية المنشودة؟

- لقد كانت وما تزال قضية التحالفات متمثلة في تجربة اللقاء المشترك من القضايا الحيوية التي تحظى باهتمام الحزب وهيئاته القيادية، وتأخذ حقها في التقييم والنقد في مختلف المحطات السياسية على المستوى الحزبي الداخلي من ناحية، وعلى مستوى المشترك وهيئاته القيادية من ناحية أخرى.

فقد كانت تجربة المشترك موضع تقييم تحليلي وجاد في محطتين أساسيتين:

المحطة الأولى / قبل الثورة: حيث كانت موضوعا للندوة الخاصة التي نظمتها الهيئة التنفيذية لأحزاب اللقاء المشترك إحياء للذكرى الثامنة لاستشهاد المناضل الوطني الكبير الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني جار الله عمر، بعنوان «تجربة اللقاء المشترك - الماضي- الحاضر- وآفاق المستقبل» وذلك في صنعاء 29-30 ديسمبر 2010، شارك فيها قيادات أحزاب اللقاء المشترك ونخبة من الاكاديميين في جامعة صنعاء.

المحطة الثانية / بعد الثورة: حيث وقفت الهيئة التنفيذية ومن ثم المجلس الأعلى للمشترك وقفة نقدية تقييمية داخلية أولية أمام تجربة المشترك بعد الثورة، وشراكته في السلطة وحكومة الوفاق الوطني، سلبا وايجابا، وذلك خلال الفترة من نهاية العام 2013 ومطلع العام عام 2014 وما يزال استكمال عملية التقييم النقدي مطروحا على جدول أعمال الهيئات القيادية للمشترك حتى اليوم.

وتزامنا مع ذلك يتوج الحزب الاشتراكي تقييمه لتجربة المشترك في سياق التقرير السياسي المقدم للمجلس الوطني الحزبي، بقراءة نقدية تحليلية، ستحظى - ولا شك في ذلك - باهتمام أعضاء المجلس ومناقشاتهم وملاحظاتهم، والتي ستثري هذه الرؤية، وستؤسس لمخرجات وموجهات عامة لطبيعة التحالفات القادمة للحزب، وإجمالا يمكن القول بأن العملية التقييمية النقدية لتجربة المشترك على مختلف المستويات قد أفضت الى النتائج التالية:

1- مثلت تجربة اللقاء المشترك في مرحلة ما قبل الثورة الوجه المشرق في الحياة السياسية اليمنية المعاصرة، حيث استطاع في غضون سنوات معدودات منذ الإعلان عن برنامجه النضالي نهاية عام 2005 الارتقاء بأداء المعارضة اليمنية من معارضة شكلية ديكوريه، الى معارضة جادة، تقدم نفسها كبديل للسلطة ، وقائدة لعملية التغيير. وتمكنت خلال السنوات اللاحقة من قيادة النضال السلمي الديمقراطي والاحتجاجات الشعبية، ومراكمة شروط التغيير، حتى تحقيق أهدافها النضالية وإسقاط النظام السابق في نتائج الانتفاضة السلمية للحراك الجنوبي والثورة الشبابية الشعبية السلمية 11 فبراير 2011، واضعة البلاد على طريق التغيير والإصلاح السياسي والوطني الشامل. وبذلك استطاعت ان تثبت جدارتها كتجربة نضالية تحالفية متميزة حظيت باهتمام وإعجاب وطني وإقليمي ودولي واسع.

2- ان تجربة اللقاء المشترك في مرحلة ما بعد الثورة والشراكة في السلطة، شكلت الوجه الآخر في التجربة، حيث بدأ دور المشترك وأداؤه بالتراجع تدريجيا، مترافقا مع حالة الانتقال من مواقع المعارضة الى مواقع السلطة، حيث شكلت الاستحقاقات السياسية للشراكات التقليدية «القبلية، العسكرية والدينية »الطارئة على الثورة، والمنتقلة بخصوماتها ومصالحها ومشاريعها الذاتية، كلفة بالغة الثمن، دفعها المشترك سلفا، خصما من رصيده السياسي، وشكلت نقطة البدء في حالة التراجع في أداء المشترك ودوره ومكانته السياسية. الأمر الذي خفض من سقف الآمال المراهنة على المشترك كبديل سياسي للسلطة ، بعد ان تراجع مشروعه الوطني الديمقراطي الكبير في وعي الناس، وتحول الى مجرد شريك للشركاء مع بقاياها.

وهو ما بات محل تقييم ونقد شديد داخل أطر المشترك العليا والدنيا، والتي تراهن على تصحيح الوضع المختل في المشترك، وإعادة الاعتبار لهيئاته المؤسسية، ومشروعه الوطني الديمقراطي، كمشروع سياسي بديل لمشروع القوة والعنف الذي بات يهدد العملية السياسية برمتها.

3- ان الحزب الاشتراكي اليمني وهو على أعتاب انعقاد المجلس الوطني الحزبي، معني اليوم أكثر من أي وقت مضى بإعادة تقييم سياسة التحالفات والشراكات الوطنية، والعمل على تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية والجمعية مع القوى السياسية الوطنية ذات المصلحة الحقيقة في التغيير، عبر تمتين أواصر العلاقة المتبادلة مع قوى اليسار، وتوحيد جهودها ونضالاتها المشتركة، وتصحيح وتصويب الأوضاع المختلة في إطار تكتل المشترك، وتوسيع قاعدة التحالفات مع قوى التغيير والقوى السياسية المدنية والديمقراطية التي شاركت في مؤتمر الحوار، وتلك التي لم تشارك فيه من القوى الاجتماعية والأحزاب السياسية، على قاعدة الأهداف والمهام البرامجية الوطنية والديمقراطية الكبرى، المتضمنة في مخرجات الحوار الوطني، والتي تؤسس لشراكة وطنية واسعة، في إطار كتلة سياسية - اجتماعية، قادرة على النهوض بمهام بناء الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة والانتقال الآمن الى الديمقراطية.

• ينتظر من المجلس الوطني ان يكون وقفة جادة للتغيير والتشبيب في قيادة الحزب، ما المنظور أمام قيادة الحزب حاليا في عملية إشراك الشباب والمرأة في الحياة الحزبية؟

- باتت عملية إشراك الشباب والمرأة في الهيئات القيادية للحزب هدفا رئيسا لعقد المجلس الوطني الحزبي كأحد أهم الآليات المراهن عليها لتفعيل دور الحزب وأدواته التنظيمية والسياسية والجماهيرية، ولم يعد اليوم موضوع نقاش داخل الهيئات القيادية للحزب، بل صار أحد مشاريع القرارات المقترحة على اللجنة المركزية، والتي تنص على تخصيص ما نسبته 70٪ من إجمالي العدد المقرر انتخابه من نشطاء ومناضلي الحزب «للشباب والمرأة»، كإضافة أو إحلال في المواقع الشاغرة للهيئات القيادية للحزب، ولن يسمح بالانتقاص من هذه النسبة أو الالتفاف عليها بأي شكل من الأشكال.

كلنا أمل بأن نرى شباب الحزب (ذكورا وإناثا) وهم يساهمون بنشاط وفاعلية في قيادة الحزب، وتطويره والارتقاء به على مستوى المركز وفي مختلف محافظات الجمهورية اتساقا مع روح العصر ومواكبة لعملية التغيير التي تشهدها البلاد باعتبار الشباب هم المستقبل، والمستقبل للشباب.

قراءة 3319 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 03 أيلول/سبتمبر 2014 11:44

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة