النقيب: تعثر ثورة 2011م والتحايل على مؤتمر الحوار الوطني أديا إلى هذه الأزمة الراهنة

  • الاشتراكي نت / خاص

الأحد, 21 أيلول/سبتمبر 2014 22:00
قيم الموضوع
(1 تصويت)

 

ضمن برنامج "بالعربي" الذي تقدمه إذاعة راديو شيفيلد لايف باللغة العربية، كل خميس استضاف الإعلامي البريطاني ذو الأصول اليمنية وجدي راوح، يوم الخميس 18 سبتمبر وهو يوم الاستفتاء على بقاء أو انفصال إسكتلندا عن المملكة المتحدة البريطانية، د عيدروس نصر ناصر العضو الاشتراكي في البرلمان اليمني المنتهية ولايته ، وجرت مناقشة عدد من القضايا الساخنة على الساحتين البريطانية واليمنية، حيث كرس الجزء الأول لمناقشة الاستفتاء الذي جرى يوم الخميس (أي يوم إجراء المقابلة) وكيف يمكن إسقاط الوضع في اسكتلندا على الوضع في الجنوب وعلى القضية الجنوبية، وكرس الجزء الثاني من اللقاء لتناول الوضع على الساحة اليمنية والأزمة الراهنة والتي بلغت ذروتها في احتلال مداخل صنعا من  المعتصمين المؤيدين للحركة الحوثية وما يصاحب ذلك من مناوشات عسكرية هنا وهناك بما في ذلك في ضواحي العاصمة صنعاء (المقابلة أجريت قبل التطورات الأخيرة التي شهدتها صنعا يومي السبت والأحد 20ـ 21/ سبتمبر 2014).

نص اللقاء:

س. كيف تقرأ لمشهد الراهن في بريطانيا في ظل الاستفتاء الجاري بشأن مصير إسكتلندا والمطالبة بالانفصال عن المملكة المتحدة البريطانية، وكيف يمكن إسقاط هذا الوضع على القضية الجنوبية في اليمن؟

د عيدروس: اليوم يستفتى الاسكتلنديون حول مصير ما إذا كانت اسكتلندا ستبقى جزءا من المملكة المتحدة أم ستنفصل عنها، وهنا لا بد من التأكيد على جملة من الحقائق أهمها:

إن إسكتلندا كانت على مدى التاريخ الحديث والمعاصر جزءا من المملكة المتحدة البريطانية وذلك منذ ما يزيد على 300 سنة.

إن بريطانيا (أو إنجلترا) لم تدخل اسكتلندا بقوة السلاح ولم تسقط فيها دولة بقوة الحرب، بل نشأت المملكة المتحدة من اتحاد مجموعة من الولايات والأقاليم أحدها اسكتلندا أتحادا طوعيا وقد انضمت سكتلندا إلى المملكة المتحدة البريطانية يوم 1 مايو 1707م في اتفاق بين مملكتي إنجلترا واسكتلندا، وطبعا دخل في ذلك بقية أقاليم بريطاني العظمى وإيرلندا الشمالية.

وكما نلاحظ فإن هذا الاستفتاء قد جاء نتيجة لتنامي النزعة الانفصالية لدى أوساط عديدة من الاسكتلنديين، لكن لا بد من ملاحظة، إنه لا الاسكتلنديين يتهمون انجلترا بالاحتلال، ولا الإنجليز وأنصار بقاء المملكة المتحدة يتهمون أنصار الانفصال بالخيانة والانفصالية. وهذا مؤشر على نضج الوعي الديمقراطي لدى الطرفين (أنصار انفصال اسكتلندا، وأنصار بقائها في إطار المملكة المتحدة البريطانية).

 وهذا هو الأهم إن عملية الاستفتاء هذه تسير في أجواء طبيعية، لا يشوبها تحريض أو عدائية أو استنفار، وما يزال أنصار الموقفين متعايشين  يلتقون ببعضهم البعض ويتعايشون مع بعضهم البعض ومن المؤكد أنهم سيحترمون إرادة الناخب الاسكتلندي ويقبلون بنتائج الاستفتاء

طبعا لا يمكن إسقاط الوضع على اليمن إسقاطا ميكانيكيا، فمن ناحية المشكلة الجنوبية لم تأت نتيجة لرغبة المواطنين في الانفصال فقط بل جاءت نتيجة لحرب اجتياح نجم عنها إسقاط دولة واحتلال أرض وتدمير مؤسسات، ونهب الأرض والثروات وإقصاء أبناء الجنوب من كل حقول السياسة والخدمات والوظيفة الحكومية المدنية والعسكرية والتعامل مع الجنوب كغنيمة حرب، لكن بالمقابل لا بد من الملاحظة أن من يدير عملية الاستفتاء في اسكتلندا هو دولة عريقة لها خبرة قرون من الممارسة الديمقراطية، وهي لم تخوِّن (بكسر وتشديد الواو) المواطنين الذين يطالبون بانفصال اسكتلندا بل احترمت إرادتهم ودعتهم للاستفتاء، هذا ليس له وجود عندنا في اليمن فلا مستوى وعي الناس يستوعب متطلبات عملية الاستفتاء لا في الشمال ولا في الجنوب، ولا  لدى اليمنيين المنظومة الضامنة لقيام استفتاءات آمنة ومضمونة النتائج بغض النظر لمصلحة من ستكون النتيجة، أعرف جيدا أن الغالبية السكانية في الجنوب تمقت الوحدة ولا تؤمن بها ولو أجري الاستفتاء اليوم لصوت أكثر من 80% منهم لصالح الانفصال، لكن الخطورة لا تكمن هنا، الخطورة أنه لا النظام القائم مؤهل لحماية دولة يمنية موحدة تعبر عن تطلعات المواطنين، ولا القوى السياسية الجنوبية جاهزة لاستلام الدولة المدنية التي يتطلع لها الجنوبيون، وعلينا أن لا ننسى أنه عندما تصاعدت ثورة الحراك السلمي الجنوبي واندلعت الثورة الشبابية في اليمن كان أول شيء فعله علي عبد الله صالح هو تسليم محافظات جنوبية لتنظيم القاعدة ونسخته اليمنية (أنصار الشريعة) في محاولة منه لخلط الأوراق ووأد الثورة الجنوبية التي كانت قد راكمت خبرة أربع سنوات من النضال السلمي.

لكن أوجه الشبه بين القضيتين الاسكتلندية والجنوبية هو وجود رغبة عارمة بالانفصال وشعور الكثير من المواطنين بأن الدولة القائمة لا تعبر عنهم ولا تجسد مصالحهم رغم أن المواطنين الاسكتلنديين يتمتعون بكل ما يتمتع به أكبر سياسي في لندن أو أدنبره من الحقوق الدستورية والخدمية والسياسية والاجتماعية، بعكس الوضع في الجنوب الذي ما يزال في العسكري الجنوبي الذي خدم عقدين ويزيد مبعدا عن عمله منذ عقدين أيضا.

س. ما مدى قدرة اليمنيين على الاستفادة من تجربة الاستفتاء في إسكتلنداـ  حيث إن معظم المتابعين لهذا القضية من اليمنيين ينقسمون بين من يرفض هذه التجربة رفضا مطلقا وبين من يطالب بنقلها نقلا فوريا لتطبيقها على الواقع اليمني في معالجة القضية الجنوبية.

ج. الإعجاب المطلق بتجربة الاستفتاء في اسكتلندا له ما يبرره عند الكثير من المواطنين الجنوبيين، لكن هؤلاء المعجبين ينسون التفاوت الكبير بين ظروف بريطانيا كدولة عظمى ذات تجربة ديمقراطية موغلة في القدم، واليمن كدولة أقرب إلى الدولة الفاشلة، وكذا التفاوت بين ظروف جنوب اليمن كمنطقة سقطت بالاجتياح العسكري وتعاني من أسوأ مظاهر التخلف والظلم والاستبعاد وغياب الدولة واسكتلندا التي تتمتع بمقومات دولة جاهزة من برلمان وأحزاب وحكومة ومؤسسات وتقاليد ديمقراطية عمرها قرون، ولم ينقصها من مقومات الدولة إلا وزارة دفاع ووزارة خارجية.

الرفض المطلق لقراءة التجربة أو الاستفادة مما فيها من دروس وعبر يعبر عن حالة قطيعة مع العالم وتعصب أعمى لواقع أثبت فشله، بل وانغلاق على النفس وسد النوافذ والأبواب أمام أي نسمة هواء يمكن أن تنظف الجو الملوث وتلطف المناخ المسمم، وهو أيضا موقف لا يعبر عن قدرة على استيعاب المتغيرات في الساحة المحلية والإقليمية والدولية،

أما الموقف المطلوب فهو يتمثل في متابعة هذه التجربة بغض النظر عن نتائجها، ففي هذه التجربة العديد من العبر المهمة أهمها: احترام إرادة الشعب، عد الخلط بين المواقف السياسية وبين القيم الأخلاقية، فالوحدويون لا يدينون دعاة الانفصال، والانفصاليون لا يجرمون أنصار المملكة المتحدة، لأن الموضوع قناعة سياسية وليس موقفا أخلاقيا، والعبرة الثالثة هي احترام نتائج التصويت، فبالرغم من عدم ظهور النتائج لكنني على يقين أنه لا الانفصاليون سيرفضون النتائج إذا ما جاءت لصالح الوحدة، ولا الوحدويون سيتمردون على نتائج هذا الاستفتاء إذا ما جاء لصالح الانفصال.

س. وماذا عن المغريات التي يعلن عنها الزعماء السياسيون البريطانيون لإسكتلندا والاسكتلنديين في حالة التصويت لصالح الوحدة؟

ج ـ د عيدروس: علينا أولا أن نلاحظ أن القوى السياسية البريطانية، وأنا أقصد هنا المتمسكون بوحدة المملكة المتحدة يعتمدون المنهاج الديمقراطي لحل إشكالية بقاء إسكتلندا جزءا من المملكة أو الخروج منها، إذ إن مجرد القبول بالاستفتاء على هذه القضية يعتبر قمة الممارسة الديمقراطية، وذروة احترام إرادة المواطن، ولو في جزء من الكيان البريطاني، ولقد استمعت إلى العديد من قادة الأحزاب السياسية البريطانية، وعلى الأخص أحزاب  العمال والمحافظين والأحرار، وهم يخاطبون الناخب الاسكتلندي ويعدون بتقديم المزيد من المصالح للمواطنين الاسكتلنديين إن هم صوتوا لصالح الوحدة، من حيث منح المزيد من الصلاحيات للإقليم وحكومته، وتقديم المزيد من الخدمات للمواطنين ورفع المخصصات المالية لصالح الإقليم وهو ما يؤكد أن السياسيين البريطانيين يخاطبون المواطن من خلال مصالحه ويحافظون على وحدة بلدهم وجعل منها وسيلة لرفع مكانة ومصلحة ورفاهية المواطن ولم نستمع مفردة واحدة من مفردات التهديد والوعيد والتخوين والتكفير، أعتقد أن هذه الوعود ستجد طريقها إلى التنفيذ بمجرد إعلان النتائج إذا ما جاءت لصالح الوحدة.

س. كيف ترى الأزمة اليمنية الراهنة في ظل حصار جماعة الحوثي للعاصمة اليمنية صنعاء.

ج . الأزمة الراهنة في اليمن ليست بسبب رفع الدعم عن المشتقات النفطية ولا بسبب فساد الحكومة وفشلها، كما يعلن الحوثيون في شعاراتهم الرئيسية التي يضيفون إليها شعار تنفيذ مخرجات الحوار الوطني،  أسباب هذه الأزمة تعود إلى العام 2011م عندما تم إجهاض الثورة الشبابية السلمية، وتم الاحتيال عليها من خلال المبادرة الخليجية، إن فشل الثورة الشبابية السلمية قد أنتج لنا هذه الثورة المشوهة التي يختلط فيها السياسي بالطائفي بالحزبي والداخلي بالخارجي، إن الملايين (وأشدد هنا على الملايين) الذين يؤيدون الحركة الحوثية لا يدعمونها حبا في عبد الملك الحوثي، بل إنهم يفعلون ذلك رفضا للحكومة التي لم تفعل شيئا من أجل الشعب كما يفعلون ذلك شعورا منهم بالإحباط بسبب فشل ثورة 2011م التي عبرت عن توقهم إلى الحرية والكرامة والتنمية والعدالة والخدمات والأمن وهو ما لم توفره لهم حكومة الوفاق.

لقد دفع الفشل الذي أظهرته الحكومة الناس إلى اليأس وصار تردي الخدمة الطبية والكهرباء والماء النظيف وغياب الأمن وتلوث البيئة، سببا في إحباط المواطنين، وهو ما أخرج ملايين اليمنيين ضد هذه الحكومة ، وقد التقط الحوثيون الذين لا يشاركون في الحكم، التقطوا هذه المعاناة ليعلنوا أنفسهم معبرين عن مصالح كل المواطنين وهذا حقهم، بغض النظر عما هي المقاصد الحقيقية التي يضمرونها، فالناس لا يحاكمون النوايا ولكنهم يأخذون الأمور بظاهرها، والحوثيون أجادوا اللعبة السياسية في حين يتعامل الإعلام الرسمي بغباء شديد من خلال إخافة الناس عن المصير الذي يتهدد الجمهورية والوحدة، وهي مفاهيم لا تعني المواطن الجائع المحبط العاجز عن توفير الدواء والماء النظيف والأمان و قرص الخبز.

وكما فشلت الثورة فشل مؤتمر الحوار الوطني، وهو الذي قالوا أنه سيدخل اليمن إلى المستقبل، لقد تم الهروب من أهم قضية قال المتحاورون أنهم سيعالجونها وأنها المدخل لحل الأزمة اليمنية، وأقصد القضية الجنوبية، فبرغم كثرة الهراء والرغي عن القضية الجنوبية داخل قاعات مؤتمر الحوار وجلسات اللجان وفي الحوارات التلفيزيونية، لم يتم تنفيذ نقطة واحدة من النقاط العشرين أو الواحدة والثلاثين، التي تقدمت بها بعض القوى السياسية ومنها الحزب الاشتراكي اليمني، مع العلم أن بعض القرارات لا تستدعي أكثر من قرار لا يستغرق نصف صفحة فول سكاب، وعند الوصول إلى مخرجات الحوار وبدلا من الحل السليم الذي يرضي كل اليمنيين وهوم نظام الدولة الاتحادية بإقليمين جرى كلفتة القضية من خلال تقسيم الجنوب وتقسيم الشمال (وكأن اليمن ناقص تقسيم) . . . كان يمكن لنظام الإقليمين أن يعيد الثقة إلى اليمنيين بوحدتهم وأن يعطيهم أمل في التعايش، وكان يمكن أن يقنع بعض الجنوبيين (وليس كلهم) بجدية صناع القرار في السير نحو دولة كل المواطنين اليمنيين، ولم يكن ليبعث الحركة الحوثية لتطالب بتوسيع إقليم أزال، أما الجنوب فإن تقسيمه هو احتيال من أجل نقل الصراع من صراع بين الجنوبيين وناهبي حقوقهم إلى صراع جنوبي ـ جنوبي يتواصل فيه نهب الجنوب من قبل الوافدين .

إن فشل الثورة الشبابية وفشل الحوار هو ما خلق هذه الأزمة.

س. هل تعتقد أن هناك أطرافا دولية أو إقليمية لها أيادي في الأزمة الراهنة في اليمن؟

من غير الممكن فصل ما تشهده اليمن عما يجري في المحيطين العربي والدولي فنحن جزء من هذا العالم نتأثر ونؤثر به سلبا وإيجابا، وشخصيا أتفق مع منن يقولون أن ما تشهده اليمن من أزمة راهنة هو عبارة عن حرب بالوكالة، بين أطراف إقليمية ودولية لكن للأسف وقود هذه الحرب هي الدماء والأرواح والموارد اليمنية، بيد إنه من الطبيعي ونحن نتحدث عن المؤثرات الخارجية أن لا ننسى أن وضعنا الداخلي المهترئ هو من وفر البيئة لتمدد الأصابع الخارجية إلى الداخل اليمني، وأنا دائما ما أكرر: أن الرياح المسمومة لا تتسرب إلا إلى الديار المتصدعة، ونحن لدينا عشرات التصدعات في البيت اليمني، تصدعات كان يمكننا ترميمها قبل أن تتحول إلى مصدر دمار لكن الحكام انشغلوا بترميم قصورهم وأهملوا ترميم البيت الكبير وصارت الصدوع اليوم عصية على الترميم والصيانة.

س. ما مدى تأثير الرئيس السابق علي عبد الله صالح على سير الأزمة الراهنة في اليمن، وهل يمكن أن تصدق الأنباء عن دعمه للحوثيين؟

ج, في تصوري أن علي عبد الله صالح وأنصاره ما يزالون يشعرون بمرارة الهزيمة مما جرى في العام 2011 رغم مشاركتهم بنصف الحكومة وأكثر من ثلاثة أرباع الجهاز التنفيذي والأمني والعسكري، هذا الشعور يدفعهم إلى مواصلة التفكير بالانتقام من الوضع القائم من خلال محاولة إثبات فشل الرئيس هادي وحكومة الوفاق (حتى وهم يشاركون بأكثر من نصفها كما قلت)، ومن هنا تأتي كل المحاولات التي نراها بدءا بتسليم بعض المحافظات للجماعات الإرهابية مرورا بقصف أبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط  وانتهاء بدعم أي طرف يتمرد على الحكم القائم، إن علي عبد الله صالح ما يزال يعيش وهم حلم العودة لحكم اليمن، ولم يستوعب لا هو ولا أنصاره أنهم صاروا جزء من الماضي، إنهم يحاولون إثبات أنه لا يصلح لحكم اليمن إلا هم وحدهم . . .وهم يعتقدون أن سقوط حكومة الرئيس عبدربه منصور سيعني عودتهم للتحكم في شئون البلد وينسون أن اللاعبين الجدد مختلفون عن لاعبي الأمس وأن المعادلات تتغير بسرعة يصعب عليهم متابعتها وإنهم حتى وإن ساهموا بإسقاط الوضع الراهن سيظل الشعب اليمني ناقما عليهم لأنهم سبب كل الويلات التي حلت به، بما في ذلك الأزمة الراهنة.

س. في ضوء كل هذا إلى أين تتجه اليمن؟؟

ج اليمن أما خيارات عديدة أسهلها صعب، فالخيار الأقرب والأسهل هو تنفيذ مخرجات الحوار الوطني مع بعض التعديل في خيارات الأقاليم والقبول بالدولة الاتحادية بإقليمين، (شمال ـ جنوب) أو ثلاثة أقاليم (شمال ووسط وجنوب) لكن هذا الخيار تعترضه عشرات العوائق أهمها ما ستفتعله القوى التقليدية الرافضة لبناء الدولة المدنية والنظام الاتحادي والعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية من معوقات، ولعل هذه الأزمة التي تشهدها البلد هي في جزء منها إعاقة لتنفيذ مخرجات الحوار، فالقوى التي لها مصالح ترتبط بالفوضى والعشوائية وغياب الدولة لا تسمح ببناء دولة النظام والقانون ناهيك أن سترفض وقد رفضت مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وترفض الدولة الاتحادية بإقليمين، والخيار الآخر هو استمرار التوازن وتلبية بعض مطالب الحوثيين وبالتالي رفع اعتصاماتهم ومشاركتهم في الحكم لكن هذا لن يعني نهاية الأزمة لأن الفشل الاقتصادي والأمني والتنموي والخدمي سيزداد حتى وإن شارك الحوثيون في الحكم، وبالتالي ستذهب الأمور نحو مزيد من الفشل وربما الانهيار، والخيار الثالث هو خيار الحرب وهو خيار مدمر للمنتصرين والمهزومين على السواء، لأنه لن يكون هناك كاسب وخاسر، فالمنتصر هو أيضا خاسر، وكنت منذ أيام قد نشرت مقالا شبهت فيه اليمن بمستودع بارود يخشى أن يشعل أحدهم عود ثقاب على بوابته فينفجر ويحرق كل شيء، وأخشى أن تكون المناوشات التي تشهدها أطراف صنعاء وبعض أحيائها هي عود الثقاب الذي لن يحرق صنعاء وحدها، بل ربما كل اليمن.

يعتقد الحوثيون أنهم متفوقون عسكريا وهذه حقيقة فلديهم مقاتلون أشداء وعقيدة قتالية عالية، لكنهم لا يدركون أن حكم البلدان ليس كإدارة المعارك، وإنهم إن أسقطوا صنعا فإنهم سينتقلون إلى موقع الحاكم الذي مطلوب منه أن يلبي المطالب التي فشل سلفه في تلبيتها، ولا أظنهم قادرين على النجاح في هذه المهمة بمفردهم.

اليمن إذن بحاجة إلى توافق وطني حقيقي (يختلف عن التوافق القائم اليوم، الذي يحمي المجرمين واللصوص من المساءلة) واستكمال فترة انتقالية محددة زمنيا يتم بعدها الانتقال إلى الدستور الجديد لدولة اتحادية بإقليمين (أو ثلاثة) ونظام عادل يعبر عن تطلعات كل الشعب ويحمي الضعفاء من سطوة الأقوياء المتسلطين.

*

أجريت المقابلة قبل إعلان نتائج الاستفتاء على مصير سكوتلندا, قبل التطورات الأخيرة في صنعا وسيطرة الحوثيين على بعض المواقع الهامة في صنعاء (تلفيزيون صنعاء وغيره،) وقبل ما قيل عن اتفاق سيوقع اليوم الأحد.

 

قراءة 3019 مرات

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة