المخلافي: الدولة الاتحادية تمثل حلا للقضية الجنوبية، ومبدأ الشراكة مرتبط بعدالة توزيع السلطة والثروة

  • قال: وضع الأقاليم ضمن الدستور سيشكل قيدا صعبا ويضع امامنا عقبة في المستقبل
  • الاشتراكي نت/ صنعاء

السبت, 31 كانون2/يناير 2015 14:52
قيم الموضوع
(0 أصوات)

 

أجرت "مبادرة الاصلاح العربي" مع وزير الشؤون القانونية في الحكومة المستقيلة ونائب الامين العام للحزب الاشتراكي اليمني الدكتور محمد المخلافي* هذا الحوار في شهر مارس من العام الماضي ونشرته في نهاية العام الماضي، تحدث فيه عن المسار السياسي وما واجه العملية السياسية من تعقيدات.

يوضح الحوار التالي الكثير من الغموض في فهم المأل السياسي القائم اليوم لذا ارتئينا اعادة نشره نقلا من موقع مبادرة الاصلاح العربي لما يقدمه من تفسيرات عميقة لما آلت اليه الاوضاع في البلاد، فإلى تفاصيله.

أجراه/ بسمة قضماني وسلام الكواكبي

ما هو شكل الدولة الذي تحاولون الوصول إليه في المؤتمر الوطني ؟

فيما يتعلق بشكل الدولة، كانت هذه القضية هي الأكثر صعوبة في التعامل معها في اطار مؤتمر الحوار الوطني قبل انعقاده. وفي البدايات الأولى، لم يكن مطروحا شكل الدولة الاتحادي الا من قبل الحزب الاشتراكي. وكانت معظم القوى ترفض هذا المفهوم أو هذا الشكل للدولة. أثناء انعقاد المؤتمر، حصل تغيير في المواقف، بما في ذلك من كانوا حلفاء الحزب الاشتراكي مثل التجمع اليمني للإصلاح ثم المؤتمر الشعبي. لكن المؤتمر الشعبي قاوم حتى طرح الموضوع للتصويت وبالتالي رفض التصويت على شكل الدولة الاتحادي في المؤتمر. ولهذا جرى التصويت بصعوبة وتم التوقيع في مكتب رئاسة الجمهورية.

ما هو موقف المؤتمر الشعبي بالضبط ؟

كان يرفض موضوع الدولة الاتحادية ويريد أن تبقى الدولة بسيطة. وكان التجمع اليمني للإصلاح أيضا يرفض هذا. لكن جرى الاتفاق مع التجمع من قبلنا، في الحزب الاشتراكي والأحزاب الأخرى في اللقاء المشترك، بأن يُقبل بالفدرالية مقابل شيئين: الأول ألا نعترض على أن تكون الشريعة الاسلامية مصدر كل التشريعات، والأمر الثاني أن يتم تحديد الأقاليم. فيما بعد قبلوا. لكن نحن أيضا حصل عندنا تطور أثناء المناقشات في الحزب الاشتراكي وغيرنا رأينا في أن يكون اقليمين بدل من أقاليم وهي اشكالية ما زالت قائمة.

فيما يتعلق بوثيقة أو مقررات مؤتمر الحوار الوطني، فقد وضعت اسس في عدد من المحاور، وبدرجة رئيسية في مبادئ الدستور أو بناء الدولة. ولقد انطلقت من عدد من المبادئ: المبدأ الأول يتمثل في الشراكة، بمعنى أن يصير الجنوب تحديدا شريكا للشمال ابتداء من بناء الدولة ثم في ادارتها. ومبدأ الشراكة يترتب عليه الالتزام من الأطراف السياسية بأن يشارك الجنوب في الفترة الانتقالية التالية أي بعد وضع الدستور واجراء أول انتخابات وتكون الشراكة مناصفة في ادارة الدولة.

أي في الهيئات التمثيلية التي تنتخب (مجلس الاتحاد والمجلس النيابي)  ثم في شغل الوظائف التي تتم بالتعيين بقرارات من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء. يعني في النظام الحالي مستوى وكيل وزارة ومدير عام وهذا المستوى يندرج ضمن الوظيفة العامة، ثم يأتي نائب وزير ووزير، وهذه وظيفة سياسية. في هذه الأربع وظائف يكون لهم نصف الوظائف. مبدأ الشراكة تم اسناده بمبدأ آخر وهو عدالة توزيع السلطة والثروة وتقسيم السلطة بين مركزية اتحادية وبين البرلمانات والحكومات التي ستقوم في الأقاليم.

ما هو شكل الحكم الإقليمي ؟

هناك مهام رئيسية اعطيت للدولة الاتحادية فيما يتعلق بالسياسة والخطط التنموية والسياسة الخارجية وادارة الدفاع والمشروعات التنموية في البلد. وما عدا هذا فهي سلطات للأقاليم. والأقاليم ايضا تتوزع فيها السلطات بينها وبين ما هو دون الأقاليم والتي سميت بولايات الحكم المحلي ـ أي حاليا ما يسمى بالمحافظات. وقد تم توزيع السلطة على ثالثة مستويات: الولاية وهي الوحدة الإدارية الأصغر يليها الإقليم ثم الدولة الاتحادية. لكن لم ترد كل التفاصيل بالوثيقة. فالوثيقة مجرد مبادئ إلى أن يتم وضع الدستور، حينها ستوضع التفاصيل بصورة اوسع.

فيما يتعلق بالثروة، تم الاتفاق على وضع مبادئ لتوزيع الثروة تتمثل بأن يكون ثمة نصيب للولايات التي تنتج الثروة ويكون لها نسبة من الإنتاج. ثم ما تبقى من الثروة يذهب الى الدولة الاتحادية لتعيد توزيعه على الأقاليم. الى الآن، الثروة التي يجري الحديث عنها هي النفط والغاز، وهي الثروة الناضبة. لكن يوجد في اليمن مناطق زراعية غنية والى الآن لا ينظر الى مثل هذه الثروة، وأيضا الثروة السمكية الكبيرة الموجودة في اليمن والآن يجري نهبها والسطو عليها من الشركات الكبرى والدولة منشغلة عنها. وقد تم الاتفاق على أن يأخذ بمبدأ "التكامل" بدلا عن مبدأ "الاكتفاء الذاتي"، لأن الاكتفاء الذاتي ممكن ان يكون مغريا لدعوات الانفصال، بينما التكامل يجعل هذه الاقاليم محتاجة لبعضها البعض.

فيما يتعلق بتقسيم الاقاليم، كان طرح فكرة الفيدرالية وتقديم وثيقة الى المؤتمر، بمبادرة من الحزب الاشتراكي. وحينها طرحنا بأن يتم تقسيم اليمن الى اكثر من اقليم وكان عندنا اكثر من خيار في التقسيم الى اقليمين أو ثلاثة أو خمسة أقاليم. وقد تركنا لأنفسنا المساحة بأن لا نقرر حتى يكون لدينا مرونة في المؤتمر للتعامل ويبقى الباب مفتوحا. لكن في اجتماع اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي جرى اقرار بأن يكون الجنوب وحدة سياسية موحدة وأن لا يقسم الجنوب. هذا لا يعني ان يكون هناك اقليمين فقط، فمن الممكن ان يكون الجنوب اقليم واحد والشمال اقليمين أو ثلاثة وهذا ما كنا ملتزمين به أمام الحزب. في اطار مؤتمر الحوار، كان هناك شيء من سوق المزايدات وكان تحصل تطورات ليست مدروسة.

لكن ألا تظن بأن هذا موضوع جوهري ؟ أي أن قيام اقليمين هو مشروع للتقسيم؟

من الصعب أن أعطي رأيي في الوقت الحالي، لأن الانقسام الوطني موجود وحاد، ولا يوجد مكان ليس فيه هذا الانقسام. وهناك مخاوف لدى البعض يجب أن تُقّدر. الآن ما حدث هو أن الرئيس سعى إلى الخيار الذي يريده، وهذا لم يكن ايجابيا والطريقة لم تكن ايجابية ايضا. يعني كان ممكنا ان نصل الى هذا الخيار بطريقة اخرى عبر حوار يأخذ وقته. كأن يستمر الحوار مثلا بعد انعقاد المؤتمر لمدة سنة فيما يخص 3 الأقاليم. ليس بالضرورة أن تكون الأقاليم ضمن الدستور لأنه لو وضعناها ضمن الدستور سيشكل ذلك قيدا صعبا ويضع امامنا عقبة في المستقبل.

كيف ممكن أن يكون للنص قوة قانونية اذا لم يكن في الدستور؟

شكل الدولة الاتحادي في الدستور. لكن ذكر الأقاليم ممكن ان يكون بموجب قانون اتحادي.

يعني أن تلحقها بالدستور ؟

من وجهة نظري ليس ذلك بالضرورة، لآنه اذا كان هنالك تعديل في الدستور، فإن أي تغيير سيواجه بمشكلات كبيرة من أجل تعديل الدستور والاستفتاء عليه و ممكن لأي طرف أن يعيقه. أما بموجب القانون فأي مشكلة تعيقنا بموضوع الأقاليم ممكن حلها بإجراءات بسيطة أو من خلال تعديل القانون.

الأمر الثاني، كان أمام اللجنة التي ترأسها الرئيس ثالث خيارات: خيار الستة اقاليم ومعه الأغلبية. خيار الإقليمين ومعه الأقلية. وايضا طرح للجنة خيار ثالث، وأنا شخصيا تحدثت مع الرئيس، وبتكليف من الآمين العام للحزب الاشتراكي، بأن تُعطى اللجنة مساحة من الزمن سنة كاملة وأن يظل الباب مفتوحا للنقاش والتوافق، ألن الوضع السياسي متغير ومتطور. لكن الرئيس تمسك برأي الأغلبية الذي خلق مشكلة جديدة. وكانت النتيجة أن اللجنة أقرت خيارا واحدا خلال شهر، ولم يطرح في الاعلام الا ذلك الأخيار. والحديث كان عن ستة أقاليم. وبالتالي كان هذا خيار اللجنة واعترض شخصان من أعضاء اللجنة فقط، وهما لا يمثلان أي نسبة من نسبة التصويت. وهما ممثل الحزب الاشتراكي وممثل أنصار الله ـ الحوثيين. وباقي القوى صوتت كلها الى جانب الأقاليم الستة.

نحن لن نرفض أي قرار فيه توافق أو اغلبية. لكن الاحتجاج تم على الطريقة لأن هناك تغليب لخيار بصورة ارادية. بمعنى انه طرح خيار واحد للإعلام وجرت مناقشة خيار واحد. لكن ليست هذه المشكلة الرئيسية، لقد كانت المشكلة هي في شكل الدولة. وحاليا الأمر محسوم وسوف يحدده الدستور من حيث المهام والاختصاصات.

هل نجحت بأن لا يتضمن الدستور تفصيل الستة اقاليم المتفق عليه ؟

لازلت اسعى إلى هذا وكان ممكن أن يكون ضمن الدستور لو كان هذا الخيار محل توافق ولم يكن هناك اعتراضات والكل متوافق عليه. لكن في المستقبل ممكن أن يصطدموا مع الناس في الميدان أثناء التقسيم.. هذا رأيي وقد يكون مصيبا أو لا يكون.

يعني أن يحدد شكل الدولة في الدستور ؟

نعم دولة اتحادية، ومن ثم كيف نقسم هذه الأقاليم وما حدودها وكم عددها. أنا برأيي أن تترك للقانون حتى يكون هناك مرونة بالتعامل. وفي وثيقتنا قلنا أنه لا مفاضلة بين الدولة "البسيطة" والدولة الاتحادية. لكن الدولة الاتحادية، بدرجه أساسية ، تمثل حلا للقضية الجنوبية.

ماذا تقصد بمصطلح "الدولة البسيطة"؟

أي دولة غير مركبة. فالدولة البسيطة لديها برلمان وحكومة موحدة، أي أنه ليس هناك تعدد. بينما الدولة الاتحادية دولة مركبة، أي هناك حكومة وبرلمانا في مستويات مختلفة. وتقسم السلطة بين الاتحاد والأقاليم  طبقا للدستور والقوانين المفصلة له. فيما يتعلق بموضوع الجيش والأمن، وجدت مبادئ أساسية لإصلاح الجيش والأمن تقوم على مبادئ رئيسية هي تغيير عقيدة الجيش والأمن، بحيث تأتي عقيدة جديده تنهي الولاء للأشخاص والجماعات والقبائل ويكون الولاء لحماية الدولة والمجتمع وحماية حقوق الإنسان. وانهاء احتكار قيادة الجيش والأمن وحصر الانتساب الى المؤسستين على مناطق معينة أو نفوذ معين. إضافة إلى وجوب الفصل بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية والأمنية، بحيث لا يجوز للرؤساء الثلاثة، رئيس الدولة ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء، أن يحوزوا على صالحية تولي مناصب قيادية في هذه المؤسسات لا هم ولا أقاربهم الى الدرجة الرابعة. ( ما عدا أن يكون رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة) وفيما يتعلق بالجيش، فيجب أن يكون جيشا اتحاديا. أما في مجال الأمن، توزع السلطات بين الاتحاد والسلطات الأدنى سواًء كانت الأقاليم أو غيرها.

هناك تسعة محاور للمؤتمر أحدها هيكلة الجيش والأمن. وقد تم التوصل الى تحديد الصلاحيات بين الدولة الاتحادية والأقاليم. وفيما يتعلق بالإجراءات العملية التي تتم لإعادة هيكلة الجيش والأمن هناك لجنتان: لجنة تابعة لوزارة الداخلية برئاسة أحد الضباط الكبار، ولجنة تابعة لوزارة الدفاع برئاسة أيضا احد الضباط الكبار هو المفتش العام. والحقيقة الى الآن الهيكلة لا تسير بصورة ايجابية.

هذا يعني عدم مشاركتكم بإعداد الأسس والمبادئ للهيكلية ؟

نحن كان لدينا رؤية أخرى تتفق مع المبادئ التي أصدرها المؤتمر ونعتبرها محددات لا يجوز مخالفتها.

منذ متى شكلت هذه اللجان ؟

شكلت هذه اللجان منذ أن تشكلت حكومة الوفاق الوطني لكنها مازالت في طور العمل ولم تنته. وقد تم العمل على هيكلة أولية. قبل استصدار القوانين لم يكن فيها شيء يغير في عقيدة وبنية القوات المسلحة والأمن وكانت مجرد تغييرات للمواقع. على سبيل المثال في وزارة الداخلية، حيث كنا في الأساس نسعى لأن تكون كل الأجهزة الأمنية تابعة لها، بما في ذلك الاستخبارات، وعلى الرغم من أننا عملنا هيكلة وأصدرناها كهيكلة مؤقتة فإن كل أجهزة الاستخبارات ظلت تتبع الرئيس كما في السابق.

وهناك فقرة رئيسية ضمن المقترحات تنص على أن يتم نقل الأمن المركزي إلى القوات المسلحة لأن بنيته هي بنية شبه عسكرية وأنا تجندت فيه وأعرفه تماما. الذي حصل أنه بقي كما هو وغيرت تسميته من الأمن المركزي الى قوات خاصة. كان رأيي إما أن يُدمج في الجيش أو يوزع على قوات أمنية أخرى، أما أن يبقى هو كجهاز فصعب السيطرة عليه من قبل الحكومة الحالية، لأنه كان كليا تابع لعائلة الرئيس السابق. قبل يوم من مجيئي الى هنا، اعترضني أفراد منه في الطريق ودخلت معهم بإشكال ورفضوا أن يتكلموا مع وزير الداخلية، حيث أن ولائهم ال يزال للقيادات السابقة. بمعنى آخر، فالهيكلة الحالية لم تغير في البنية السابقة.

كنا نتحدث بأن هناك قوى، لا هي أمنية ولا هي عسكرية، وبالتالي لا تخضع لأي من النظامين، وتخضع للرئيس السابق وعائلته فقط. وكان منها :الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والحرس الخاص. والفرقة الأولى هي جيش لكن وضعها ليس مرتبط بالجيش. الذي تم هو حل هذه الوحدات وجرى تقسيم الجيش الى الوحدات التقليدية : جيش بري وجيش جوي وجيش بحري. وهذه خطوة ممتازة، بيد انها خطوة ورقية ولم تتحقق في الواقع وظلت القيادات الميدانية السابقة ولم يحصل أي تغيير عليها.

من تقصد بالقيادات الميدانية ؟

القيادات الميدانية العسكرية هي قيادة الوحدات وقيادة الكتائب وقيادة الألوية ، وحتى قيادات المناطق.

هل كان هذا التغيير جزء من التوافق على الحل بالخطة الخليجية ؟

لا لم يكن كذلك. الرئيس ووزير الدفاع ربما يخشون أن يتابعوا في التغييرات هبوطا الى التعيينات الدنيا ويحصل تمرد. وربما الخشية لدى الرئيس بالدرجة الأولى . ربما الرئيس كان يخشى في هذه الفترة وقوع انقسامات غير ان هذا الوضع جعل جزء من القوات المسلحة مخطوفا بيد القيادات السابقة ومن ثم، فإن بيد النظام القديم مجلس النواب والمجالس المحلية المنتهية واليتها وجزء من الجيش والآمن مما قد يشجع النظام القديم على الإقدام على مغامرات انقلابية.

في أي مناطق تحديدا ؟

بدرجة اساسية في محيط العاصمة وبعض المناطق العسكرية، لكن بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطني يفترض من الحكومة والرئيس بأن يضعوا خطة رئيسية لمقررات المؤتمر ويسيروا الى الأمام، وبالتالي هذا سيسهل التغييرات في الجيش والأمن.

الأحزاب السياسية كانت تضغط لكي يكون هناك خطة لهذه التغييرات؟

الأحزاب السياسية تضغط بشدة. كنا نحن قبل انعقاد المؤتمر اشترطنا بأن لا ينعقد المؤتمر قبل أن تتم الهيكلة الكاملة للجيش، وكان عندنا تأييد واسع حقيقة، حتى من الأحزاب الأخرى. لكن فيما بعد، ولما تلكئ الرئيس وتباطء وتأخر المؤتمر قبلنا بأن يتم هذا. على أن يجري الآن مباشرة البدء في تنفيذ قرارات مؤتمر الحوار الوطني التي التزمت فيها كل الأطراف، بما في ذلك أن يكون السلاح والقوات المسلحة بيد الدولة فقط. هذا ضمن مقررات مؤتمر الحوار الوطني بما في ذلك محور القضية الجنوبية ومحور صعدة.

لكن على الأقل على مستوى الالتزام "النظري" على الورق؟

هي مقررات من قبل الجميع كأطراف سياسية. لا يوجد طرف سياسي إلا وصادق عليها، باستثناء الأطراف التي لم تشارك، وهي مجموعات من القوى الجنوبية. هذه العملية ستساهم بدرجة كبيرة في إصلاح الأمن والجيش عندما تصير الدولة محتكرة لاستعمال القوة وحين يصبح السلاح في يد الدولة فقط. مما سينعكس ايجابا على الجيش والأمن.

بالتأكيد هذا فعلاً نظري، منذ متى كانت الدولة في اليمن في يدها كل السلاح والأمن والجيش؟

حينما وجدت الدولة في الجنوب كانت هي الوحيدة المحتكرة للسلاح. أما الشمال فقد كانت الدولة مسيطرة في فترة واحدة وكانت قصيرة بين 1973م  إلى 1977م. وتغير الأمر بعد تولي علي عبد الله صالح السلطة، لأنه لم يكن واثقا بأنه حاكما حقيقيا وبالتالي ظلت السلطة مقسمة، وكان همه أن يأخذ الثروة ويتحكم بها.

وكان يأتي بشيوخ القبائل ليقدموا له الولاء والطاعة مقابل الأموال ما عدا ذلك لا يهمه شيء اخر. وبالتالي، وبالنسبة للجنوب، فإن عملية العودة الى تفتيت السلطة مباشرة بعد الوحدة، جرت بصورة ممنهجة. بل إن القوى التقليدية في ذلك الحين كانت تعلن اعادة تأسيس القبائل في الجنوب.

مشروع توحيد ووضع كل الأسلحة في يد النظام المركزي ؟

لا بد أن نسير في هذه الخطوة من أجل بناء الدولة. لكن هذا ينفذ على خطوات : الخطوة الأولى، سحب السلاح الثقيل، وهذا محدود وموجود حاليا لدى الحوثيين وبعض شيوخ حاشد الذين هزموا في الحرب مع الحوثيين. وربما هذا سيسهل سحب السالح الثقيل تلقائيا، لأنهم لم يستطيعوا أن يواجهوا السلاح الثقيل الموجود لدى الحوثيين. ويبقى لدينا مشكلة الحوثيين ولابد لنا من مواجهة هذه القضية بسرعة لأننا لا نستطيع بناء دولة وهناك قوى لديها سالح ثقيل. الخطوة الثانية هي سحب السالح المتوسط. وتبقى الخطوة لدى كل الناس وهذه الخطوة تأتي بعد بناء الدولة. وتبقى الخطوة الأصعب سحب السالح الفردي ألنه موجود تقريبا لدى كل الناس وهذه الخطوة تأتي بعد بناء الدولة.

الآن يفترض أن الرئيس والحكومة لهم مهام مشتركة وبدءوا بإخراج مقررات مؤتمر الحوار الوطني، وتحويلها الى مصفوفات تنفيذية للتشريع للدستور للسياسات. أنا طرحت هذا منذ حوالي اسبوعين أمام مجلس الوزراء لكن لم أجد لديهم المبادرة وينتظرون أن يقول لهم الرئيس افعلوا.

انت تنتظر هذه المبادرة من اللجان المشكلة نفسها أم ماذا ؟

لا أنا كنت قد اقترحت تشكيل فريق وزاري من مجلس الوزراء ويرأسه أحد الوزراء من الوزارات المعنية مباشرة، لتستطيع أن تساهم وتبدأ في تحويله الى مصفوفة للتنفيذ ونقوم بتنفيذ خطوات بما يخص الأمن والسلاح وغيره. نحن سنبقى نحاول بهذه الطروحات والآليات ما لم نضطر إلى أن نقف عند بعض المسائل التي لنا بها عالقة من قريب أو من بعيد، سنقدم مصفوفة باسم وزارة الشؤون القانونية.

هل تم استيعاب المقاتلين أو هناك تفكير باستيعابهم في الأجهزة ؟

حاليا لم يعد هناك مقاتلين أو مليشيات رسمية إلا عند الحوثيين ـ أنصار الله وهناك شيوخ لديهم ميليشيات لكنها تقليدية والقبيلة المتماسكة هي القوات المسلحة. ولا توجد معسكرات إلا لدى الحوثيين، ومن ضمن مقررات قضية صعدة استيعاب المقاتلين في اطار الجيش.

هل طرح استيعاب المقاتلين ومن ذهب منهم الى سوريا ؟

لا لم يطرح ، وستكون هناك مشكلة ان نستوعبهم. لأن هذا ما حدث في قضية افغانستان. فالأمريكان والأوربيون اتفقوا مع علي عبد الله صالح، دون علمنا على الرغم من اننا كنا حينها في الحكومة وبرئاسة البرلمان، وجاءوا بكل العرب الذين كانوا في أفغانستان والنتيجة ماثلة أمامنا.

والسعودية أيضاً فرضت عليكم قبولهم ؟

لكن هذا كان بالاتفاق مع جزء من السلطة (علي عبد الله صالح ومجموعته)، وهذه المشكلة نحن عالقين فيها الى الآن. فهؤلاء بعد عشرين سنة كبروا وعقلوا وأصبح لديهم أموال ولم يعودوا الى القتال وأتت ورائهم أجيال. الآن "القاعدة" هي جيل آخر، فهي ليست "القاعدة" المعروفة حينذاك. أنا لدي قناعة قديمة وشاركت بها في كتاب مع فريق من المحامين عام 2004م، وكان عبارة عن مرافعات قدمناها الى المحكمة ومضمونها هو أن الحديث عن الإرهاب بسياق منفصل عن الدولة في اليمن في ذلك الوقت أمر غير صحيح. الإرهاب هو ارهاب مختلط وحصلنا على وثائق تدل على هذا. ومنها مثلاً ملف سلم إلينا تضمن تحقيقات تظهر ان هذه الجماعات عندما عادت من أفغانستان تم تجنيد جزء منها وادمجوا في الجيش والأمن والمؤسسات التعليمية وغيرها. لهذا اطلقنا تسمية على هذه الحالة بالإرهاب المختلط يعني ليست تنظيمات منفصلة تماما عن الدولة. هؤلاء كانوا متحالفين مع النظام السابق تحالف فكري سياسي وليس ديني. بمعنى الحفاظ على التخلف وألا يتم بناء دولة. وهذا التحالف مستمر الى الآن والنظام لم ينته بعد وأنا اسميه النظام القديم وليس السابق. النظام القديم مازال يستطيع دفع الأموال والتسهيل لأعمال الإرهاب. لم يعودوا أغلبية كبيرة في البرلمان لكنهم كتلة متماسكة واحدة، وهناك ستة كتل اخرى تتفق وتختلف.

تقصد كما حصل في وزارة الدفاع ؟

حصل في وزارة الدفاع وفي قيادة المعسكر في الجبل (تأتي سيارة ممكن أن تراها على بعد 10 كيلو وتدخل وتقتل ويهربوا). استطعنا منعهم من القتل داخل المعسكرات نفسها، فاتخذوا طريقة ثانية بالاستهداف من خارج المعسكرات. هذه العمليات ممكن التغلب عليها اذا استطعنا أن نجد قوة فاعلة لتنفيذ مقررات مؤتمر الحوار الوطني. في الحقيقة جبهة التغيير ضعفت ولم نعد قوة واحدة، ومن المفروض أن تتسع جبهتنا لكنها تقلصت ليس رسميا بل عملياً رسميا لازلنا المجلس الوطني لقوى الثورة، ولايزال المحور الرئيسي أحزاب اللقاء المشترك، لكن من الناحية العملية هذه الجبهة تخاذلت. فنسعى الآن لاستعادة "النواة"، وهو اللقاء المشترك وشركائه لكي نستطيع أن ننفّذ هذه المفردات. نحن نجحنا ربما  بكثير من مواقفنا السابقة بأن تمر عبر الحوار الوطني لكننا متفردين وكل مجموعة لوحدها ولم نكن في مجموعة واحدة.

وهل كتلة علي عبد الله صالح كتلة واحدة؟

أولاً، يخشى أصحابه التغيير. ثانيا لديه من المال أكثر من الدولة. لكن نحن نسير الآن الى الأمام ولدينا امكانية كبيرة للتغيير، دون المزيد من الحروب،، ولازال المجتمع الدولي يدعمنا سياسيا لكننا إلى الآن لم نحصل على أموال حقيقية وليس لدينا المال لاستعادة التنمية.

ألم يكن هناك طريقة لإعادة تأهيل أعضاء المؤتمر الشعبي الذين لم يكن لهم علاقة مباشرة بالانتهاكات وكسبهم باتجاه العملية الانتقالية الاصلاحية؟ والكتلة الموجودة الآن في البرلمان هل كانت كلها مستفيدة من النظام السابق؟

الذين كانوا بالبرلمان بالتأكيد لم يكونوا كلهم مستفيدين، وهناك القاعدة الواسعة غير مستفيدة. وبالتالي المؤتمر منقسم الآن إلى قسم مع الرئيس الحالي وقسم مع الرئيس السابق الذي هو الأكثر استماتة على أن يستمر النظام.

هل كان في الاتفاق عبر المبادرة الخليجية للحل شرط ترك اموال الرئيس السابق ومنع ملاحقته أو مقاضاته ؟

بالنسبة للمبادرة الخليجية عملت حصانة للرئيس السابق وكل من عمل معه وكانت الحصانة مطلقة. لكن فيما بعد، عندما بدأنا بتشريع القانون، سحبنا قانون الحصانة وأعدنا صياغته ليشمل فقط شخص علي عبد الله صالح. وأعطى من عمل معه العفو من الملاحقة الجنائية في الأفعال التي ارتكبت أثناء أداء الوظيفة أو بسببها. بمعنى اننا نستطيع مطالبة الجميع بالأموال. أنا قدمت مشروع قانون الى مجلس الوزراء لاستعادة الأموال المنهوبة وهناك مشروع قرار لمجلس الأمن تأييدا لهذا القانون. وقد شكلت لجنة برئاستي من مجموعة من الوزراء والهيئات المستقلة كهيئة مكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ووزير المالية ووزير التخطيط. مر هذا في مجلس الوزراء ولم يعترضوا عليه ولم يوقفوه لكن أنا كنت أعلم ان مجموعة علي عبد الله صالح اجتمعوا في اليوم الأول وتشاوروا وقالوا "اذا وقفنا ضده في مجلس الوزراء سيفهم أننا نقر بأن لدينا أموال"، وقرروا أن يشاركوا في اللجنة وأن يقبلوا ويكونوا في اللجنة ويعيقوها. لكن لدينا نصوص من مقررات مؤتمر الحوار الوطني سنستخدمها والآن اذا صدر قرار مجلس الأمن واستمر بمضمونه الحالي سيمثل دعما للقانون.

في المبادرة الخليجية كانت النقطة التي انجحت الخطة هي أن يُعطى علي عبد الله صالح ومن معه الحصانة بشرط ألا يتدخل في السياسة ؟

الحصانة مقابل السلام. وهذا يعني أن يغادروا السلطة. وكيف سيكون هناك سلام اذا كانوا مستمرين في السلطة والانتهاكات. لكن في المبادرة الخليجية لا يوجد شيء واضح بهذا الخصوص. هذا الأمر نحن وجدنا له الحل من خلال مقررات المؤتمر الوطني بصورة ضمنية وليست مباشرة. وحصلت خلافات وانقسامات داخل المؤتمر وكاد أن يغادر المؤتمر الشعبي مؤتمر الحوار وجرت مساومة تؤدي الى تحقيق الغرض.

كيف ممكن أن تؤدي الغرض؟

تم النّص على أن من يرشح لرئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء أو رئاسة البرلمان، لا يكون قد قضى فترتين في البرلمان أو الحكومة أو الرئاسة أو غيرها. وألا يكون قد تولى قيادة عسكرية ولم يمض عليه عشرة سنوات من ترك منصبه، وألا يكون قد تولى رئاسة حزب سياسي خلال السنوات العشر الأخيرة، وألا يكون مشتبه فيه بارتكاب انتهاكات لحقوق الأنسان، وألا يكون متهم بجريمة مخلة بالشرف أو مشتبه فيه بمشاركته بالفساد. وهكذا صيغت شروطا تجعل علي عبد الله صالح وجزء ممن معه من القيادات العليا غير قادرين بأن يتولوا لا قيادة الأحزاب ولا قيادة البرلمان ولا الحكومة ولا رئاسة الدولة.

هذا كله مرتبط وموجود بقانون العدالة الانتقالية؟

فيما يتعلق بالعدالة الانتقالية، هناك قانون حّصن جزء ممن كانوا مع علي عبد الله صالح أو ضمن لهم العفو. لكن مشروع القانون المطروح يعبر عن مسعى لتجاوز الماضي وإنصاف الضحايا. فيما يتعلق بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني، فقد دخلت مجموعة علي عبد الله صالح بنية احباط عملية العدالة الانتقالية، ووجدنا انهم اغلبية في الفريق.

هل هناك ضمن القوى الجديدة توزيع مناطقي للوزارات ؟

في الحكومة كان هناك خيار ضمن المرحلة التأسيسية، فإلى جانب تكميل مهام الفترة الانتقالية، هناك مهمة جديدة وهي بناء الدولة وايجاد مؤسسات الدولة الفيدرالية، ومن ثم ننتقل الى الانتخابات. وهذا يعني أن نعمل برلمانا جديدا غير منتخب يحل محل البرلمان الحالي (جمعية تأسيسية) وأن تشكل حكومة جديدة تستوعب كل القوى التي شاركت بمؤتمر الحوار، بما في ذلك القوى التي لها طابع جغرافي كالحراك الجنوبي أو الحوثيين. لكن المبادئ التي وضعها مؤتمر الحوار الوطني كمبادئ دستورية تحظر أي تجمع سياسي على أساس مناطقي أو مذهبي أو ديني، لكن هذه المكونات موجودة في الواقع. بالنسبة للبرلمان، تم رفض مقترحنا هذا وجرت الموافقة على توسيع مجلس الشورى وهو مجلس له صلاحيات تشريعية محدودة جدا في حالات معينة كالسلام والحرب والحدود. فيما يخص الحكومة، صدر نص بتكليف رئيس الجمهورية احداث تغيير فيها وفقا لثلاثة معايير: معيار الكفاءة، معيار النزاهة، معيار الشراكة. بمعنى اشراك القوى السياسية والاجتماعية التي لم تكن مشاركة في الحكومة، وهناك تكتلين رئيسيين معروفين هما الحراك الجنوبي والحوثيين.

الحراك الجنوبي أقرب الى اللقاء المشترك من المؤتمر الشعبي؟

بالتأكيد هم بالغالب يلتقون مع اللقاء المشترك بهدف التغيير وبناء الدولة المدنية الحديثة، وجزء من قياداتهم ينتمون إلى أحزاب في اللقاء المشترك خاصة الحزب الاشتراكي.

يعني حزبكم هو صمام الأمان لاستمرار الدولة؟

نحن بقينا الرابطة الاختيارية الوحيدة منذ حرب 1994م. المتواجدين في الأحزاب الأخرى هم فيها لمصالح. والمتواجدين في الحكومة هناك مصالح أيضا نحن الرابطة الوحيدة الاختيارية التي لا يوجد لديها مصالح.

فإذا قطعت هذه الرابطة لن يكون بين الجنوب والشمال رابطة اختيارية تجمعهما. يعني لا يريدون أن يفهموا أن هذا الحزب أصبح مصير اليمن مرتبطا به.

وماذا عن التجمع اليمني للإصلاح ؟

التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي حاربوا في الجنوب، لكن هذا لا يعني أن وضعنا سهل بل أكثر تعقيدا. ونواجه المشكلة داخل الحزب نفسه.

لكن حتى الآن حافظتم على وحدة الحزب ؟

حافظنا عليه بتجاوزات للنظام الداخلي.

أين سيكون اليمن بعد خمس سنوات ؟

أنا أقول أن بعد سنتين سنحقق التغيير وسط كل هذه التحديات.

بما فيهم حل القضية الحوثية ؟

بما في ذلك حل قضية صعده.

-------------------------------

عن محمد المخلافي:

وزير الشؤون القانونية في الحكومة اليمنية برئاسة محمد باسندوة التي استقالت في 21 سبتمبر/أيلول 2014، بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء. ومن ثم في حكومة خالد بحاح، وهي حكومة كفاءات تم الإعلان عنها في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2014. حاصل على الدكتوراه في القانون وهو محامي مترافع وباحث أول وأستاذ في مركز الدراسات والبحوث اليمني واحد مؤسسي المرصد اليمني لحقوق الأنسان ورئيس سابق له. عضو الهيئة الإدارية لمركز المعلومات والتأهيل ونقابة المحاميين اليمنيين. وهو خبير في مجال الملكية الفكرية و مدرب في مجال حقوق الإنسان. قام بتأليف ونشر العديد من الكتب والدراسات والأبحاث العلمية، كما وشارك في اعداد العديد من التقارير العلمية.

عن مبادرة الإصلاح العربي:

تأسست "مبادرة الإصلاح العربي" عام 2005م  كشبكة مستقلة من مراكز ومعاهد بحثية عربية وأوربية وأمريكية. ورسخت المبادرة منذ تأسيسها انطباعا قويا في الأوساط البحثية ودوائر صنع القرار باعتبارها منتجة للمعرفة، من خلال الأبحاث، وبناء مجموعات عمل في دول مختلفة، وتطوير شبكة واسعة من الباحثين والنشطاء ممن يتقاسمون الرؤى الإصلاحية.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

* نقلا عن موقع "مبادرة الاصلاح العربي - أجراه بسمة قضماني وسلام الكواكبي

قراءة 2465 مرات آخر تعديل على الإثنين, 02 شباط/فبراير 2015 19:05

من أحدث

رأيك في الموضوع

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة